البث المباشر

علاقة كربلاء المقدسة بتأريخ الانبياء (عليهم السلام)

السبت 25 مايو 2019 - 15:38 بتوقيت طهران

إن الذي قد حلَّ عرصة كربلا

بحر... ومنه أولو المكارم تغرف

السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا خالصة الله، السلام عليك يا قتيل الظماء، السلام عليك يا غريب الغرباء، لا جعله الله آخر العهد من زيارتك، ورزقني العود الى مشهدك، والمقام بفنائك، والقيام في حرمك.
من الاسماء التي اطلقت على كربلاء، وكثير استخامها لا سيما في الشعر العربي اسم (الغاضرية) فمثلاً جاء في عينية السيد الصالح القزويني قوله:

يا كوكب العرش الذي من نوره

الكرسي والسبع العلى تتشعشع

كيف اتخذت الغاضرية مضجعاً

والعرش ودّ بأنه لك مضجع

قال ياقوت الحموي في (معجم البلدان): الغاضرية ـ نسبة الى غاضرة بني اسد، وهي قرية من نواحي الكوفة قريبة من كربلاء. وظهر أن الغاضرية ليست قديمة في التاريخ، فهي انشئت بعد انتقال بني اسد الى العراق في صدر الاسلام. وهي ارض منبسطة، وتقع اليوم في الشمال الشرقي من مقام ـ او شريعة ـ الامام جعفر الصادق (عليه السلام) على العلقميّ بأمتار، وتعرف بأراضي الحسينية.
وقد روى الميرزا حسن النوري في (مستدرك الوسائل) عن الامام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قوله: "الغاضرية، هي البقعة التي كلم الله فيها موسى بن عمران، وناجى نوحاً فيها، وهي أكرم أرض الله، ولولا ذلك ما استودع أولياءه وأنبياءه، فزوروا قبورنا بالغاضرية".
انتهى احباءنا اذاعة طهران نص حديث الامام الباقر (عليه السلام) وفيه اشارة الى ما ورد في عدة من احاديث العترة المحمدية الطاهرة عليهم السلام فيها تصريحات بارتباط أرض الحسين (عليه السلام) بتأريخ الانبياء (عليهم السلام).

*******

نظرة اجمالية لهذه العلاقة نستمع اليها من خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني في الحديث الهاتفي التالي:
المحاور: ارتباط ارض الحسين (عليه السلام) بتاريخ الانبياء عليهم السلام، نظرة اجمالية لهذه العلاقة نستمع اليها من خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني، سماحة الشيخ كيف نفهم ما ورد في الروايات عن علاقة كربلاء المقدسة لتاريخ الانبياء عليهم السلام؟
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، اولاً نحن لا نعرف بالتفصيل امجاد بقاع الارض التي عاش فيها الانبياء عليهم السلام، لكن الذي وصلت اليه ان آدم وحوراء سلام الله عليهم نزلاً في مكة، على الصفا والمروة واحاديث صحيحة، والكعبة كانت موجودة في الارض قبلهما، وكأنه استراتيجية الله عز وجل ان تكون في كل ارض كعبة وفي كل سماء كعبة، هذه الكعبة في الارض مقابل الضراح وهو البيت المعمور كعبة الملائكة، آدم وحوراء نزلا هناك، يظهر ان امتداده الفرات ودجلة، هذه المنطقة البصرة ويشملها الجزر المحيطة بها وعبادان، هذه الجزر ايضاً كانت مركزاً لاولاد آدم هم بعد ذلك مشو في وادي الرافدين، وادي الرافدين فيه قداسة قديمة، عندنا نص وهو صحيح السند وهو عندما اسري بالنبي صلى الله عليه وآله جبرائيل قال له وصلنا الى ارض كوفة بيت ابيك آدم ومصلى ابيك نوح انزل حتى تصلي فيه، كوفان بيت آدم لعله آدم بعدين انتقل من مكة الى الكوفة ومصلى نوح هذه كوفان، كوفان كانت معروفة منطقة اثرية حتى في الجاهلية ايضاً، كشف النبي واهل البيت عليهم السلام ان هذه المنطقة مقدسة، كربلاء عندما جاء جبرائيل بقبضة التراب للنبي صلى الله عليه وآله معناه قدسية تربتها وارتباطها بالامام الحسين (عليه السلام) ووضع هذا التراب في زجاجة يوم عاشوراء بمجرد ان قتل الامام الحسين (عليه السلام)، يعني يمكن سقطت قطرة من دمه على تراب كربلاء تغيرت التربة في الزجاجة في المدينة على بعد ۱٥۰۰ كلم، هذه ايضاً لها خصوصية، عندنا مثلاً نلاحظ جبل النجف وفي الربوات المرتفعة تسمى الذكوات البيض تسمى الطارات مثل الطور، ثم من الثابت عندنا ان نوح على نبينا و(عليه السلام) كان هناك ابراهيم الذي هو وارث نوح والمسافة الزمنية بينهم يمكن تكون ۲۰ الف سنة وربما اكثر وباعتقادي ان ذو القرنين لا يمكن ان ينطبق على ذو القرنين المقدوني، شخص بعد نوح بين نوح وابراهيم سلام الله عليهم، نبي الله ابراهيم زار كربلاء واشترى هذه البقعة بسبعة نعاج، وهو الذي سماها كربلاء او كربولو باللغة السريانية التي كانت في زمن ابينا ابراهيم كربولو او كربوئيد يعني رجل القربان او قربان الله، هذه ايضاً ملفتة.
شكراً لضيف البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني على ما تفضل به، وشكراً لكم اعزائنا على طيب المتابعة لهذه الحلقة وهي الثالثة من برنامج "ارض الحسين (عليه السلام)".

*******

نبقى مع علاقة كربلاء المقدسة بتأريخ الانبياء (عليهم السلام) فما هو المنشأ الاساسي لحضور هذه الارض المباركة في الرسالات النبوية؟
إن في شؤون آل الله، من الانبياء والرسل والاولياء، والائمة الهداة الامناء، عنايات ربانيّة خاصة؛ لانهم صلوات الله عليهم اختيارات الهية خاصة، أرادهم الله تعالى أعلاماً لهدايته، وقد اغدق عليهم هباته الكريمة، وملكاته المباركة، وكراماته الشريفة وكان من ذلك أن عيّن قبورهم الطاهرة في بقاع طاهرة، حتى روى الشيخ المجلسي في الجزء السادس والثلاثين من (بحار الانوار) عن عبد الله بن ربيعة، وهو رجل من اهل مكة، عن ابيه، وكان يعمل مع عبد الله بن الزبير في الكعبة، وقد أمر وجماعة معه بحفر الارض، قال: فبلغنا صخراً أمثال الابل، فوجدت على بعض تلك الصخور كتاباً موضوعاً فتناولته وسترت امره، فلما صرت الى منزلي تأملته وكان كتاباً طويلاً جاء فيه: باسم الاول لا شيء قبله الى ان ورد: وجعلهم شعوباً وقبائل وبيوتاً، ثم جعل من تلك القبائل قبيلة مكرمة سماها قريشاً، وهي اهل الامانة، ثم جعل من تلك القبيلة بيتاً خصه الله بالنبأ، والرفعة، وهم ولد عبد المطلب، حفظة هذا البيت وعمارّه وولاته وسكانه، ثم اختار من ذلك البيت نبياً يقال له (محمد) ويُدعى في السماء (احمد). يعطيه الله النبوة بمكة، والسلطان بطيبة، له مهاجرة من مكة الى طيبة، وبها موضع قبره. ثم يذكر ذلك الكتاب شيئاً من احوال الائمة عليهم السلام من أمير المؤمنين الى الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه، مع ذكر قبورهم، ففي الامام علي (عليه السلام) جاء: يقبضه الله عزوجل شهيداً بالسيف مقتولاً، وهو يتولى قبض روحه، ويدفن في الموضع المعروف بت (الغريّ)، يجمع الله بينه وبين النبيّ. ثم القائم من بعده ابنه الحسن سيد الشباب وزين الفتيان، يقتل مسموماً، يدفن بأرض (طيبة) في الموضع المعروف بالبقيع. ثم يكون بعده الحسين إمام عدل، يضرب بالسيف، ويقري الضيف، يُقتل بالسيف على شاطئ الفرات، في الايام الزاكيات يقتله بنو الطوامث والبغيّات، يُدفن بـ (كربلاء)، قبره للناس نور وضياء وعلم.
وتمضي السنوات، وتتوالى، وتجرّ القرون أذيالها لتجري الحوادث عجيبة، رهيبة غريبة. حتى يقتل سبط الرسول وريحانته، سيّد شباب اهل الجنة، قتلة ذهل منها التاريخ، لم تجر على احدٍ من قبل، على يد قوم يدعون الاسلام، ويعلمون انه ابن بنت نبيهم، وانه مادعاهم الا الى الحق والهدى والكرامة! ولم يكتفوا بالقتل، بل عمدوا الى التمثيل بذلك البدن القدسي الذي طالما ضمه رسول الله الى صدره وقلبه، واحتضنه بحنانه وعطفه، ولثمه وأشهد الامة أنه حبيبه وأنه منه وهو منه! وتُرك البدن الشريف على رمال كربلاء مقطعاً مضرجاً بدمائه، مفصولاً عن رأسه ونام اهل المدينة ليلة الحادي عشر من المحرم تلك وليس لهم خبر بما جرى في كربلاء يوم عاشرها، لكن ابن عباس استيقظ مرعوباً وقد رأى رسول الله في رؤيا رهيبة، وهو يقول له وكان على حال ٍ غريبة: ألم تعلم أني فرغت من دفن الحسين وأصحابه؟!
وكذا فزعت أمّ المؤمنين أم سلمة إذ رأت رسول الله صلى الله عليه وآله في منامها تلك الليلة ليلة الحادي عشر، وهو شاحب كئيب، أشعث الرأس مغبّر، فسألته وهي مرتهبة من حاله تلك عن شأنه ذلك، فقال لها: قـُتل ابني الحسين وأهل بيته اليوم، فدفنتهم، والساعة فرغت من دفنهم.
قالت أم سلمة: فقمت حتى دخلت الحجرة وأنا لا أكاد اعقل، فنظرت، فاذا بتربة الحسين التي أتى بها جبرئيل من كربلاء وقد صارت دماً عبيطاً يفور!
بقي ان نشير هنا ان رواية ام المؤمنين سيدتنا ام سلمه رضوان الله عليها، قد روتها مصادر متعددة من طرق الفريقين وروت بمضمونها احاديث كثيرة مسجلة في مسند احمد بن حمبل وغيره من الكتب المعتبرة عند اهل السنة ؛ ومنها ما يصرح بان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) قد اعطى التربة الحسينية هذه للسيدة ام سلمة وامرها بحفظها واخبرها بانها ستصير دما عبيطا يوم قتل سيد شباب الجنة وسيد الشهداء الحسين (عليه السلام) فكان الامر كما اخبر الصادق الامين (صلى الله عليه وآله) وفي ذلك اشارة الى شرافة هذه التربة المقدسة.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة