عجبت ومن في الدهر سرح طرفه
وفكر فيه لم يزل يتعجب
يزيد الخنا في جمعه متقلب
ويمسي حسين في الثرى يتقلب
ويحمل منه الرأي في الرمح جهرة
وفي التاج رأس ابن الدعية يعصب
ويبقى ثلاثاً عارياً ويزيدها
على جسمه يغدو الدمشق المذهب
يا ابا عبد الله لقد عظمت الرزية وجلت وعظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع اهل الاسلام، وجلت وعظمت مصيبتك في السماوات، على جميع اهل السماوات.
اذا كان لوفاة المؤمن آثار، حتى لتبكيه بقاع من الارض كان يتعبد فيها، واذا كان لشهادة المؤمن آثار، ولموت العلماء آثار.. فان الامام الحسين صلوات الله عليه سيد الشهداء وامام المؤمنين، وسيد شباب اهل الجنة، واجلُّ العلما، وقد قتل بتلك القتلة الفظيعة في صحراء كربلاء غريباً وحيداً ثم مثل ببدنه القدسي، ورفع رأسه الشريف على رمح طويل يجول به العتاة من بلد الى بلد.. اليس بعد هذا لتلك الوقعة من آثار؟! دعونا نتعرف على ذلك من خلال الوقائع المدونة في وثائق كتب المسلمين ومسانيدها المدونة.
الطبراني في المعجم الكبير وعلى الصفحة 147 من المخطوطة قال: حدثنا علي بن عبد العزيز اخبرنا اسحاق بن اسماعيل، اخبرنا سفيان قال: حدثتني جدتي ام ابي قالت: رأيت الورس الذي اخذ من عسكر الحسين، صار مثل الرماد. والورس نبات كالسمسم ليس الا باليمن، يزرع فيبقى عشرين سنة وهو احمر قان يشبه سحيق الزعفران.
ونقل الذهبي الحنبلي في كتابه سير اعلام النبلاء ج3ص211 من طبعة مصر عن ابن عيينة قال:
حدثتني جدتي قالت: لقد رأيت الورس عاد رماداً ولقد رأيت اللحم كأن فيه النار حين قتل الحسين. وعاد الذهبي ليروي ذلك في كتابه الاخر تاريخ الاسلام ج2 ص 348 من طبعة مصر، وعنه من طريق الحميدي روى ابن حجر العسقلاني الشافعي في كتابه تهذيب التهذيب ج2 ص353 من طبعة حيدر آباد، والخوارزمي الحنفي في مؤلفه مقتل الحسين عليه السلام ج2 ص90 من طبعة الغري، وزاد فيه قول جدة ابن عيينة ولقد رأيت اللحم كأن فيه المرار، وذلك ورس وأبل كانت للحسين، نهبت لما قتل!
وعن سفيان، روى محب الدين الطبري في كتابه ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ص144 من طبعة القدسي بالقاهرة، انه قال: ان رجلاً ممن شهد قتل الحسين كان يحمل ورساً فصار ورسه رماداً.
وفي الصواعق المحرقة ص192 طبعة عبد اللطيف بمصر، وكذا مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج9 ص197 طبعة القدسي بمصر، روى ابن حجرالهيتمي، ان الورس الذي كان في عسكر عمر بن سعد، قد تحول رماداً، وكان في قافلة من اليمن تريد العراق، فوافتهم حين قتله. هذا فيما روى الزرندي الحنفي في نظم درر السمطين ص220 من طبعة القضاء عن يزيد بن ابي زياد قال: شهدت مقتل الحسين وانا ابن خمس عشرة سنة، فصار الورس في عسكرهم رماداً.
ومن طريق البيهقي وابي نعيم، عن سفيان عن جدته، روى السيوطي الشافعي هذا ايضاً في الخصائص الكبرى ج2 ص126 من طبعة حيدر آباد، وعن الصواعق المحرقة رواه الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودة ص321 من طعبة اسلامبول وباسناده الى عقبة بن ابي حفصة، عن ابيه، روى الخوارزمي في مقتل الحسين ج2 ص90 من طبعة الغري انه قال: ان كان الورس من ورس الحسين بن علي، ليقال به هكذا أي يفرك فيصير رماداً!.
وفي خبر آخر ينقله الخوارزمي عن زيد بن ابي زياد انه قال: قتل الحسين بن علي ولي اربع عشرة سنة، وصار الورس الذي في عسكره رماداً، واحمرت آفاق السماء، ونحروا ناقة في عسكره فكانوا يرون في لحمها المرار!
وفي رواية ابن حجر في تهذيب التهذيب فكانوا يرون في لحمها النيران.
وتتوارد الاخبار متواترة متظافرة متوافرة ان بعد مقتل الامام الحسين صلوات الله عليه ظهرت علامات، بل آيات لفتت الاذهان والابصار والعقول، ان امراً مهولاً قد حدث، وان هتكاً عظيماً لحرم الله قد وقع! فلم يمس احد شيئاً من الزعفران الذي نهب من رحل الحسين الا احترق بدنه، وعادت الاشياء على غير طبيعتها، كتب عبد ربه في مؤلفه الشهير العقد الفريد ج2 ص220 من طبعة الشرقية بمصر.
راوياً عن ابن عبد الوهاب عن يسار بن الحكم انه قال: انتهب عسكر الحسين فوجد فيه طيب، فما تطيبت به امرأة الا برصت! فيما روى الدينوري في عيون الاخبار ج1 ص212 من طبعة مصر، عن سنان بن حكيم، عن ابيه انه قال: انتهب الناس ورساً في عسكر الحسين بن علي يوم قتل فما تطيبت منه امرأة الا برصت.
وفي الصواعق المحرقة ص197 من طبعة الميمنية بمصر كتب ابن حجر الهيتمي الشافعي قال: كان مع اولئك الحرس أي الذين اسروا اهل البيت الى الشام دنانير اخذوها من عسكر الحسين ففتحوا اكياسهم ليقتسموها فرأوها خزفاً، وعلى احد جانبي كل منها «ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون» (ابراهيم، 42)، وعلى الاخر: «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون»(الشعراء، 227).
*******