حينما ادخل الامام علي بن الحسين عليه السلام مع السبايا الى قصر يزيد، قال ليزيد: اتأذن لي ان ارقى هذه الاعواد فأتكلم بكلام فيه لله تعالى رضى، ولهؤلاء اجر وثواب؟ فأبى يزيد، فألح الناس عليه حتى قيل له: ما قدر ان يأتي به؟! فأجابهم يزيد: هؤلاء ورثوا العلم والفصاحة وزقوا العلم زقاً! وما زالوا بيزيد حتى اذن له، فقام عليه السلام فخطب خطبة اذهل بها الناس ثم ايقظهم، وعرف بنفسه وامامته من خلال النبي وأهل البيت النبوي، حتى قال: كما روى ذلك الخوارزمي، الحنفي المذهب، في كتابه مقتل الحسين عليه السلام ـ على صفحة 69 من الجزء الثاني: (انا ابن المرمل بالدماء، انا ابن ذبيح كربلاء، انا ابن من بكى عليه الجن في الظلماء، وناحت الطير في الهواء).
ولم تكن تلك العبارات الشريفة صياغات ادبية تجنح الى البلاغة والمبالغة، وانما هي حقائق وقف عليها المسلمون في شواهد كثيرة وشهود كثر، الم يذكر القسطلاني في ارشاد الساري وابن كثير في البداية والنهاية نياحة الجن على بعض الاشخاص، صدقها البعض على ضعف رواتها وركة رواياتها، بينما توثق المسلمون جميعاً من خلال ثقات رواتهم ورواياتهم ومصادرهم بالاجماع والتواتر، ان الجن ناحت على سيد شهداء اهل الجنة ابي عبد الله الحسين صلوات الله عليه كما سنرى.
روي ان ام سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي رضي الله عنه، ذكر ذلك الطبراني في المعجم الكبير على الصفحة 147 من المخطوطة، عن حماد بن سلمة، وعبد الله بن احمد بن حنبل، كما ذكره المحب الطبري في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ص150 من طبعة القدسي بمصر، والذهبي الحنبلي في تاريخ الاسلام ج2 ص349 من طبعة مصر، وكتابه الاخر اسماء الرجال ج2 ص141 من المخطوطة، وكتابه الاخر سير اعلام النبلاء ج3 ص214 طبعة مصر، الشبلنجي الحنفي في آكام المرجان ص147 من طبعة الصبيح بالقاهرة، والزرندي الحنفي في نظم درر السمطين ص223 من طبعة مطبعة القضاء، وابن حجر العسقلاني الشافعي في الاصابة في تمييز الصحابة ج1 ص334 من طبعة مصطفى محمد بمصر، والهيتمي في مجمع الزوائد ج9 ص119 من طبعة القدسي بالقاهرة، وكذا في الصواعق المحرقة ص194 من طبعة الميمنة بمصر، والسيوطي الشافعي في تأريخ الخلفاء ص80 من طبعة الميمنة ايضاً، وباكثير الحضرمي الشافعي في وسيلة المآل ص197، والبدخشي في مفتاح النجا ص144 من المخطوطة، وابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية ج6 ص231 من طبعة السعادة بمصر، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة لذوي القربى ص323 من طبعة اسلامبول، والنبهاني في الشرف المؤبد لآل محمد ص68 من طبعة مصر، وكتب الكنجي الشافعي في كفاية الطالب ص294 طبعة الغري، ان ام سلمة قالت: ما سمعت نوح الجن منذ قبض النبي صلى الله عليه وآله الا الليلة، وما ارى ابني تعني الحسين الا قد قتل ثم قالت لجاريتها: اخرجي فسلي، فاخبرت انه قد قتل، واذا جنية تنوح:
الا ياعين فاحتفلي بجهد
ومن يبكي على الشهداء بعدي
لى رهط تقودهم المنايا
الى متحير في ملك عبد
هكذا جاء في المعجم الكبير للطبراني ومقتل الحسين للخوارزمي، وتذكرة خواص الامة لسبط ابن الجوزي، وتاريخ دمشق لابن عساكر والخصائص الكبرى للسيوطي، وذخائر العقبى للمحب الطبري، ومحاضرات الابرار لابن عربي وآكام المرجان للشبلنجي الحنفي، ووسيلة المآل للحضرمي الشافعي، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي.
هذا فيما روى جمع من المؤلفين والمحدثين واصحاب السير منهم ابن كثير في البداية والنهاية ج8 ص200، وابن عساكر في تاريخ دمشق ج4ص341 طبعة روضة الشام، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب ص295، والزرندي الحنفي في نظم درر السمطين ص217، وكذا القندوزي في ينابيع المودة ص320، عن احمد بن حنبل وغيره، ان ام سلمة سمعت الجن ينحن على الحسين وهن يقلن:
ايها القاتلون جهلاً حسيناً
ابشروا بالعذاب والتنكيل
كل اهل السماء يدعو عليكم
ونبي ومرسل وقبيل
قد لعنتم على لسان ابن داود، وموسى، واصحاب الانجيل.
وعن الزهري روى سبط ابن الجوزي الحنبلي في تذكرة خواص الامة ص279 من طبعة مصر انه قال: ناحت الجن على الحسين وقالت:
خير نساء الجن يبكين شجيات
ويلطمن خدوداً كالدنانير نقيات
ويلبسن ثياب السود بعد القصيات
فيما كتب ابن عربي في محاضرات الابرار ج2 ص160 من طبعة مصر قال: قال جابر الحضرمي عن امه انها قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين وهي تقول:
انعى حسيناً جبلا
كان حسين رجلا
روى عين ذلك السيوطي الشافعي في الخصائص الكبرى ج2 ص127 طبعة من حيدر آباد بالهند، والقندوزي في ينابيع المودة ص320 من طبعة اسلامبول.
فيما روى الزرندي في نظم درر السمطين ص223، والقندوزي الحنفي على ص352 من ينابيع المودة، والطبري في تاريخ الامم والملوك ج4 ص357 من طبعة الاستقامة بمصر، وابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية ج8 ص198، وابن الاثير الجزري في الكامل ج3 ص301 طبعة الميمنية، والشبلنجي الحنفي في آكام المرجان ص147 من طبعة الصبيح بمصر، وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الامة ص280 من الطبعة العلمية بالعراق، قريباً من ذلك او غيره او مثله.
اما المقدسي، فقد كتب في مؤلفه البدء والتاريخ ج6 ص10 من طبعة الخانجي بمصر قائلاً: وسمع اهل المدينة ليلة قتل الحسين في نهارها هاتفاً يهتف:
مسح الرسول جبينه
فله بريق في الخدود
ابواه من عليا قريش
وجده خير الجدود
فيما نسب ذلك الى الجن كل من الطبراني في المعجم الكبير، والخوارزمي في مقتل الحسين، وابن عربي في محاضرات الابرار، والقرماني في اخبار الدول ص109 من طبعة بغداد وكذا سبط الجوزي الحنبلي في تذكرة خواص الامة ص279 حيث ذكر البيتين من قول الجن مضيفاً اليه:
قتلوك يا ابن الرسول
فاسكنوا نار الخلود
بينما زاد اليغموري في كتابه نور القبس ص263 من طبعة قسياران هذا البيت:
الجن تنعى كلهم
لابن السعيدة والسعيد
فيما نسب ابن عساكر الرواية في تاريخ دمشق الى ابي مرشد الفقيمي فأجابهم بقوله:
خرجوا به وفداً اليه
فهم له شر الوفود
قتلوا ابن بنت نبيهم
سكنوا به نار الخلود
اما الزرندي فقد كتب في نظم درر السمطين قال ابو زياد فرددت عليه من عندي:
زحفوا اليه فهم
له شر الجنود
قتلوا ابن بنت نبيهم
دخلوا به نار الخلود
ومثل ذلك او قريباً منه روى الكنجي الشافعي في كفاية الطالب، والذهبي الحنبلي في تاريخ الاسلام وسير اعلام النبلاء، وابن كثير الحنبلي في البداية والنهاية والشبلنجي الحنفي في آكام المرجان، والهيتمي الشافعي في مجمع الزوائد، والسيوطي الشافعي في تاريخ الخلفاء وفي الخصائص الكبرى، والبدخشي في مفتاح النجا في مناقب آل العبا، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ان ذلك كان من نياحة الجن على سيد الشهداء الحسين سلام الله عليه.
فيما كتب النسابة الزبيدي في تاج العروس ج3 ص169 من طبعة القاهرة تحت مادة خير عن خيره بنت عبد الرحمان انها قالت: بكت الجن على الحسين.
وكتب الزندي الحنفي على الصفحة 224 من نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين ان جمعاً من اصحاب النبي صلى الله عليه وآله كانوا يجيئون متقنعين، فيسمعون نوح الجن فيبكون.
وتلك آيات بينات، من ذلك المصاب المفجع الاليم، وهي عبر خالدات، تبقى تحكي للاجيال قصة اسمى شهادة لسيد الشهداء، وسيد شباب اهل الجنة، ابي عبد الله الحسين صلوات ربنا وسلامه عليه.
*******