الحسين صلوات الله عليه، ولي الله وحبيبه، الحسين سلام الله عليه سبط رسول الله وريحانته وقريبه، افيظن بعد هذا ان يقتل بتلك القتلة الفظيعة، ثم لا يهتز العرش ولا يغضب الرب، ولا تعجب الاكوان، ولا تذهل الكائنات؟! كلا وحاشا، فتلك صحائف التاريخ حكت صوراً ومشاهد كثيرة ان العالم تغيرت طبيعته، وحدث فيه ما يؤشر بوضوح ان قوماً تجرأوا على اقدس حرمة لله جل وعلا كانت يومذاك، وهي حرمة ولي الله، الامام الحسين سيد شباب اهل الجنة، عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام.
هتكوا تلك الحرمة المقدسة بابشع قتل واعجب تنكيل، متجاسرين على القداسة الالهية بضرب، قاس من السيوف، وطعن لئيم من الرماح، ورمي غادر من السهام، وقطع هاتك للرؤوس، وسحق غريب للصدور بحوافر الخيل وسنابكها، وحرق اهوج للخيام، وسبي وسلب مخجل للحريم والنساء، وارعاب مخز للاطفال، ثم بعد ذلك يشمتون ويحتفلون انهم انتصروا!
ان الرماح الواردات صدورها
نحو الحسين.. تقاتل التنزيلا
ويهللون بان قتلت وانما
قتلوا بك التكبير والتهليل
فكأنما قتلوا أباك محمداً
صلى الله عليه او جبرئيلا
تنكسف الشمس، حينما يحول القمر بينها وبين الارض والشمس تمضي في جريانها ضمن حسابات الهية دقيقة، فلا كسوف في اوائل الشهر القمري، ولا في اواسطه ابداً لكن الشمس انكسفت يوم عاشوراء الحسين من اجل الحسين، وما جرى على الحسين.
كتب الطبراني في المعجم الكبير ص 145 من المخطوطة قال: حدثنا قيس بن ابي قيس النجاري، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن لهيعة عن ابي قبيل قال: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنه انكسفت الشمس كسفة حتى بدت الكواكب نصف النهار، حتى ظننا انها هي أي قامت القيامة.
وعن الطبراني روى ذاك الكنجي الشافعي في كفاية الطالب الصحفة ص296 طبعة الغربي والخوارزمي المكي الحنفي في مقتل الحسين عليه السلام ج2 ص89 طبعة الغري ولكن بهذه العبارة انكسفت الشمس لقتل الحسين حتى بدت الكواكب نصف النهار، وظن الناس ان القيامة قد قامت.
اما الزرندي الحنفي، فقد روى في نظم درر السمطين ص220 طبعة القضاء عن يزيد بن ابي زياد انه قال: شهدت مقتل الحسين وانا ابن خمس عشرة سنة، وذكر ما وقع اثر شهادة الحسين عليه السلام، وتواتر الخبر عن ابي قبيل ابن حجر الهيثمي الشافعي في مجمع الزوائد ج9 ص197 طبعة القدسي بالقاهرة، وابن عساكر الدمشقي الشافعي في تاريخ مدينة دمشق ج4 ص339 طبعة روضة الشام، والعبارة عنده هكذا لما قتل الحسين اسودت السماء، وظهرت الكواكب نهاراً حتى رئيت الجوزاء عند العصر، وسقط التراب الاحمر، ومكثت السماء سبعة ايام بلياليها كأنها علقة! هذا، فيما كتب ابن حجر في الصواعق المحرقة ص116 طبعة عبد اللطيف بمصر ومما ظهر يوم قتل الحسين من الآيات أي العلامات ايضاً ان السماوات اسودت اسوداداً عظيماً حتى رئيت النجوم نهاراً.
وجاءت الاقلام لتنقل هنا بامانة عين ما ورد عن الاولين، ومنها قلم الشيراوي المصري الشافعي في كتابه الاتحاف بحب الاشراف ص12 طبعة مصر، وقلم ابن الصبان المالكي المذهب في اسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وفضائل اهل بيته الطاهرين ص111طبعة مصر، والقندوري الحنفي المذهب في مؤلفه القيم ينابيع المودة لذوي القربى ص321 طبعة اسلامبول.
وليس ذاك فحسب، فالامر الذي وقع مهول مهول، فلابد ان تكون آثاره مهولة مهولة!
في المعجم الكبير للطبراني بسند ينتهي الى عيسى بن الحارث الكندي ليقول لما قتل الحسين رضي الله عنه، مكثنا سبعة ايام، اذا صلينا العصر نظرنا الى الشمس على اطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة، ونظرنا الى الكواكب يضرب بعضها بعضاً!.
روى عنه ذلك ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج9 ص197 طبعة مكتبة القدسي بالقاهرة، والذهبي في تاريخ الاسلام ج2 ص348 طبعة مصر، وفي سير اعلام النبلاء ج3 ص210 طبعة مصر، والسيوطي الشافعي في تاريخ الخلفاء ص80 طبعة الميمنية بمصر، وتعبير الخبر عنده هكذا، لما قتل الحسين، مكثت الدنيا سبعة ايام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة، والكواكب يضرب بعضها بعضاً!
فيما اخرج ابن حجر الهيثمي الشافعي في الصواعق المحرقة ص192 عن عثمان بن ابي شيبة، ان السماء مكثت بعد قتله سبعة ايام ترى على الحيطان كأنها ملاحف معصفرة من شدة حمرتها، وضربت الكواكب بعضها بعضاً!
وقريباً من هذا نقله البدخشي في مفتاح النجا في مناقب آل العبا، وابن الصبان المالكي في اسعاف الراغبين، اما سبط ابن الجوزي وهو حنبلي المذهب فينقل شيئاً آخر في كتابه تذكرة خواص الامة ص284 وذلك عن هلال بن ذكوان انه قال لما قتل الحسين مكثنا شهرين او ثلاثة، كأنما لطخت الحيطان بالدم، من صلاة الفجر الى غروب الشمس، ووافقه ابن الاثير الجزري الشافعي في الكامل في التاريخ ج3 ص301 طبعة المنيرية بمصر، ولكن عبارته هكذا ومكث الناس شهرين او ثلاثة، كأنما تلطخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتى ترتفع! وعن ابن الاثير نقل هذا كل من ابن الصباغ المالكي المذهب في الفصول المهمة في معرفة احوال الائمة ص179، وابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية ج8 ص171 طبعة السعادة بمصر، والقرماني في اخبار الدول ص109 طبعة بغداد.
اذا جاء عاشورا تضاعف حسرتي
لآل رسول الله وانهل عبرتي
هو اليوم فيه اغبرت الارض كلها
وجوماً عليهم والسماء اقشعرت
اذا ذكرت نفسي مصائب كربلا
واشلاء سادات بها قد تفرت
اضاقت فؤادي واستباحت تجلدي
وزادت على كربي وعيشي امرت
اريقت دماء الفاطميين بالفلا
فلو عقلت شمس النهار لخرت!
*******