السلام على الابدان السليبة، السلام على العترة القريبة، السلام على المجدلين في الفلوات، السلام على النازحين عن الاوطان، السلام على المدفونين بلا اكفان، السلام على الرؤوس المفرقة عن الابدان.
كانت وقعة كربلاء فذهلت الافلاك، وتحيرت الاملاك، وتغيرت العوالم، وبانت مؤشرات كونية تحكي ان امراً عظيماً قد حدث عرف ذلك الامر فيما بعد ان الحسين قتل ومن هو الحسين، وما ادرى العالم من الحسين، الحسين، الذي قال فيه اشرف الخلق، اقدس الكائنات، وسيد رسل الله جميعاً، المصطفى محمد صلى الله عليه وآله: الحسين مني وانا من حسين، فقتله يعني قتل رسول الله، وهتك حرمته يعني هتك حرمة رسول الله وهل يتصور بعد هذا ان الله جل وعلا سيترك الامر لعصاة الناس وطغاتهم، وقد فعلوا ما فعلوا في كربلاء؟! وهل يظن ان الوجودات لم تتأثر لما حدث يوم عاشوراء؟
لقد غضب الله عز وجل وهو الغيور، وكان لغضبه مظاهر بينة، ولانه سبحانه منزه عن الجسمية والمادية، والحسية والصورية فقد انعكس غضبه الغيور غلي ظواهر كونية، شاهدها الناس فأيقنوا ان امراً مهولاً يؤمئذ قد وقع، ثم علموا ان ذلك كان يوم عاشوراء وان مصيبة عظمى حدثت في كربلاء!
في المعجم الكبير ص 45 من المخطوطة ذكر الطبراني هذا الخبر بسند ينتهي الى ام حكيم، حيث قالت: قتل الحسين بن علي وانا يؤمئذ جويرية أي جارية صغيرة، فمكثت السماء اياماً مثل العلقة ثم نقل هذا الخبر من بعده ابن حجر الهيثمي الشافعي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج9 ص196 طبعة القدسي بالقاهرة، والسيوطي الشافعي في الخصائص الكبرى ج2 ص127 طبعة حيدر آباد في الهند، والبيهقي الشافعي في بعض مؤلفاته فقد رواه عن علي بن مسهر قال حدثتني قالت كنت ايام قتل الحسين جارية شابة فكانت السماء اياماً عليلة!
ونأتي الى الذهبي صاحب كتاب ميزان الاعتدال، فنجده وهو المتشدد في الرواية والناقد في الرواة يكتب في مؤلفه تاريخ الاسلام ج2ص348 طبعة مصر يقول روي عن طريق المدائني، عن علي بن مدرك عن جده الاسود بن قيس قال: احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة اشهر، يرى فيها كالدم قال علي بن مدرك فحدثت بذلك شريكاً فقال لي ما انت من الاسود بن قيس؟ قلت: هو جدي ابو امي، فقال اما والله ان كان لصدوقاً ثم نقله الذهبي في مؤلفه الاخر سير اعلام النبلاء ج3 ص210 طبعة عبد اللطيف بمصر روي انه احمرت آفاق السماء ستة اشهر بعد قتل الحسين.
وعاد ابن حجر هذا ينقل الخبر ذاته في مؤلفه الاخر جمع الزوائد ج9ص197 طبعة القدسي ورواه السيوطي الشافعي بعين ما جاء في الصواعق المحرقة، وذلك في كتابه تاريخ الخلفاء ص80 طبعة الميمنية بمصر، والبدخشي الحارثي في مفتاح النجا في مناقب آل العبا، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص322 طبعة اسلامبول وابن الصبان المصري الشافعي في اسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وفضائل اهل بيته الطاهرين، المطبوع بهامش نور الابصار للشبلخي الشافعي.
وفي خبر مسند يرويه الطبراني في المعجم الكبير ص145 من المخطوطة ثم نقل هذا الخبر عن الطبراني ابو بكر علي بن حجر الهيثمي الشافعي في كتابه مجمع الزوائد ج9 ص197 طبعة القدسي.
ويعود الطبراني فيروي في معجمه الكبير هذه المرة عن محمد بن سيرين انه قال: لم يكن في السماء حمرة حتى قتل الحسين فيما يروي الخوارزمي ذلك بصورة ثانية في كتابه مقتل الحسين ج2 ص90طبعة الغري عن ابن سيرين انه سئل اتعلم هذه الحمرة في الافق مم هي؟
فقال: عرفت من يوم قتل الحسين بن علي!
وهكذا روى الخبر من قبل الترمذي في سننه وابن عساكر الدمشقي الشافعي في تاريخ دمشق والذهبي في تاريخ الاسلام وسير اعلام النبلاء والهيثمي في مجمع الزوائد، والمتقي الهندي في منتخب كنز العمال والبدخشي في مفتاح النجا فيما كتب القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص356 طبعة اسلامبول وحكى ابن سيرين، ان الحمرة لم تر قبل قتل الحسين وعن سليم القاضي قال: مطرت السماء دماً ايام قتل الحسين! اما الشيخ ابراهيم البيهقي فقد كتب في المحاسن والمساوى ص62 طبعة بيروت قال محمد بن سيرين: ما رأيت هذه الحمرة في السماء، الا بعدما قتل الحسين عليه السلام ولم تطمث امرأة بالروم اربعة اشهر الا اصابها وضح أي برص فكتب ملك الروم الى ملك العرب: هل قتلتم نبياً او ابن نبي؟!
هكذا بان غضب الله وسخطه على اهل الطغيان، بظهور الحمرة في السماء، وقد رآها الناس وهي باقية الى يوم القيامة، وذلك منذ ان قتل الحسين صلوات الله عليه، وقد توثق من ذلك ووثقه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص116 وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ص242 من ترجمة حياة الامام الحسين، والسيوطي الشافعي في الخصائص الكبرى ج2ص127 وغيرهم كثير، في اخبار وافرة وتحكي هذه العلامة عن فظاعة امر وفاجعة عظمى حلت بالعالم اجمع لقتل سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين بن علي صلوات الله عليه وعلى آل بيته الكرام.
*******