البث المباشر

"أنس الشريف" والحقيقة التي لن تموت في غزة

الثلاثاء 12 أغسطس 2025 - 21:01 بتوقيت طهران
"أنس الشريف" والحقيقة التي لن تموت في غزة

"أنس الشريف" الإسم الذي دخل كل بيت ومؤسسة وضجت به وسائل التواصل الإجتماعي، اغتالته يد الإجرام الصهيونية لأنه ينقل الحقيقة والواقع ويظهرها للعالم أجمع، ينقل الإبادة والجرائم التي يمارسها بحق الشعب الفلسطيني.

كاميرا صغيرة وقلب كبير... لم تكن عدسته مجرد أداة للتصوير، بل كانت عين الإنسانية التي تراقب، وصوت الضمير العالمي الذي يصرخ: 'هنا تُرتكب الجرائم!' هنا في غزة تٌباد الناس والأطفال والشباب والنساء والرجال والشيوخ.

في زمنٍ صارت نقل الحقيقة فيه جريمة، وتوثيق الجرائم سبباً للإغتيال والإستشهاد، سقط الصحفي أنس الشريف وزملاءه شهداء، ومعهم السلاح الذي يًصوّب على الحقيقة، سلاح الإعلام والصحافة، الكاميرا التي تًظهر للعالم جرائم كيان لم يرتدع حتى الآن.

أنس الشهيد... والقصة التي لن تنتهي

قررت آلة الحرب الصهيونية أن تنهي حياة أنس، انس الشريف، الذي كان يكتب بدمه الفصل الأخير من ملحمة الصحفيين الشهداء الذين آمنوا أن الحقيقة أقوى من الصواريخ. استشهد وهو يوثق معاناة أطفال يتضوّرون جوعاً، وكأن الاحتلال أراد أن يقول للعالم: 'لا شهود على جرائمنا!'.

اغتالته يد الغدر الصهيونية، لكنه ترك خلفه رسالة واضحة قال فيها: "كل عدسة تُقتل، تولد ألف عدسة، وكل صحفي يُسكت، تظهر أصوات جديدة تحمل المشعل".

أنس الشريف، مثل العديد من زملائه، كان يعلم أن عدسة كاميرته قد تكون آخر ما يمسك به في حياته، حتى قبل استشهاده كان ينقل صور الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي، المشاهد التي كان يرسلها كانت تنتشر كالنار في الهشيم، تكشف مرات ومرات الوجه الدموي للاحتلال، فإغتياله ليس رقماً يُضاف إلى القائمة، بل جريمة تُضاف إلى سجل "إسرائيل" الأسود.

المقاومة بالكاميرا

هذه قصة شهيد لم تمت كلماته بموته، بل صارت أكثر حياة وقوة، تتناقلتها الأجيال كشاهد أبدي على وحشية المحتل. ففي خضم الحرب الوحشية على غزة، لا تقتل آلة الحرب الإسرائيلية المدنيين الأبرياء فحسب، بل تستهدف أيضاً حماة الحقيقة: الصحفيين.

منذ بداية الحرب الهمجية على غزة، سقط عشرات الصحفيين شهداء تحت القصف المتعمد، في محاولة واضحة لإسكات الصوت الذي يفضح جرائم الاحتلال ويوثق معاناة الشعب الفلسطيني، كسياسة ممنهجة لضرب حرية الإعلام وإخفاء الحقائق.

وفقًا لتقارير منظمات حقوقية دولية، قتلت إسرائيل أكثر من 238  صحفيًا في غزة منذ أكتوبر 2023، بما في ذلك نساء وأطفال من عائلات إعلامية. بعض الضحايا كانوا يرتدون سترات واضحة عليها علامة "PRESS"، بينما استهدفت أخرى منازلهم مع عائلاتهم.

يعمل العدو الصهيوني جاهداً على إسكات الصوت الفلسطيني، والإضاءة على السردية الصهيونية، لأن الكيان يدرك جيداً أن كاميرات الصحفيين هي سلاح بات يُحرجها أمام العالم.

يقتل دون حساب أو مطالبة، لأنه يعلم أنه سيُفلت من العقاب، وأن عدداً من بعض الدول الغربية تدعمه وتمرّر جرائمه دون محاسبة، وأنه بات مجبراً أمام الحقائق ومشاهد الإبادة والتجويع أن يروّج سرديته بأن الضحايا هم "إرهابيون".

شهداء الحقيقة

رغم كل المخاطر، يواصل الصحفيون في غزة مهمتهم، بعضهم يبث مباشرة تحت القصف، وآخرون يكتبون آخر منشور لهم قبل استشهادهم. هؤلاء ليسوا ضحايا عاديين، بل شهداء الحقيقة الذين فضحوا العالم الزائف الذي يتحدث عن "حقوق الإنسان" بينما يتفرج على المذابح.

فالأمم المتحدة والمنظمات "الدفاع عن حرية الصحافة" تقتصر على إصدار بيانات استنكار فارغة، لكن السؤال:  لماذا لا تُحاكم "إسرائيل" كمجرمة حرب؟.

الآن معايير حقوق الإنسان تطبق بانتقائية عندما يتعلق الأمر بفلسطين!.

دماء الصحفيين في غزة ليست أرقاماً، بل شعلة تُضيء ظلام الظلم. كل صورة التقطوها، كل تقرير كتبوه، هو إرث يُحاكم به الاحتلال يوماً ما.

لن ننساهم، ولن نتوقف عن المطالبة بمحاكمة القتلة، و"إذا كان الصحفيون مستهدفين، فلأنهم ينقلون ما لا تريد "إسرائيل" للعالم أن يراه".

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة