موضوع البرنامج:
عهد وثمرتان
ما هو الدين المهدوي الجديد
شفقة الوالد
حجة الله هل يطول الغياب؟
ويغشي على العيون الضباب؟
عجل الله في ظهورك حتى
يتجلى بعد الضلال الصواب
يا إمام الزمان عطفاً أغثنا
عجب كل ما نراه عجاب
أصبح الحق باطلاً وغدا
الباطل حقاً وكل حق يعاب
فانصر الحق واملأ الأرض قسطا
يظهر الشمس وتغدق ريها السحاب
بسم الله وله الحمد غياث المستغيثين وناصر المظلومين..
والصلاة والسلام على أبواب رحمته للعالمين المصطفى الصادق الأمين وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أعزاءنا المستمعين ورحمة الله وبركاته..
معكم في لقاء اليوم من برنامجكم المهدوي هذا، ننقلكم فيه عبر المحطات التالية:
الأولى عن تكاليف عصر الغيبة عنوانها: عهد وثمرتان
ثم إجابة عن سؤال الأخت الكريمة بدرية الصائغ بشأن: ما هو الدين المهدوي الجديد
ثم حكاية تزيدنا معرفة بإمام زماننا عنوانها: شفقة الوالد
أغنى الأوقات وأطيبها نرجوها من الله لكم وفقرات لقاء اليوم من برنامجكم شمس خلف السحاب...
تابعونا والفقرة التالية تحت عنوان:
عهد وثمرتان
روى السيد ابن طاووس – رضوان الله عليه – في كتاب (مهج الدعوات) دعاء العهد الثاني عن مولانا الإمام محمد الباقر وفي مقدمته قوله – صلوات الله عليه -:
(من دعا بهذا الدعاء مرة واحدة في دهره كتب في رق العبودية [لله] ورفع [إسمه] في ديوان القائم – عليه السلام – فإذا قام قائمنا نادى باسمه واسم أبيه ثم يدفع إليه هذا الكتاب ويقال له خذ، هذا كتاب العهد الذي عاهدتنا في الدنيا).
أيها الإخوة والأخوات، المواظبة على تلاوة دعاء العهد المشهور هي من التكاليف المهمة التي أمر الله بها أهل البيت – عليهم السلام – مؤمني عصر الغيبة كما تحدثنا عن ذلك مفصلاً في حلقات سابقة وعلمنا من الأحاديث الشريفة أن للقيام بها التكليف كبير الأثر في ترسيخ ارتباط الإمام المهدي والدخول في جبهة خاصة أنصاره المخلصين في غيبته وعند ظهوره – عجل الله فرجه -.
وهذه الثمرة نجدها أيضاً في دعاء العهد الثاني الذي قرأنا لكم مقدمته آنفاً، وفيها تصريح من الإمام الباقر – عليه السلام – أن من قرأ هذا الدعاء الشريف ولو مرة واحدة في عمره فاز بثمرتين هما:
الأولى: التحقق بحقيقة التوحيد الخالص والعبودية لله تبارك وتعالى بصورة نقية من شوائب الشرك، وهذه الثمرة هي المشار إليها في قوله – عليه السلام -: (كتب في رق العبودية).
الثانية: أن يرفع إسمه في ديوان القائم – عجل الله فرجه – أي يكتب من أنصاره الصادقين – عليهم السلام -.
ولأهمية هاتين الثمرتين فقد عد العلماء قراءة هذا الدعاء من التكاليف المهمة لمؤمني عصر الغيبة كما صرح بذلك آية الله الفقيه السيد محمد تقي الإصفهاني في كتابه (مكيال المكارم)، وآية الله الميرزا النوري في كتابه (النجم الثاقب) وآية الله الهمداني في كتاب (وظائف الأنام في غيبة الإمام).
وهنا قد يثار سؤال عن معنى القراءة لهذا الدعاء التي يأمر بها الإمام الباقر – عليه السلام – وهل أن مجرد القراءة اللفظية تعطي هاتين الثمرتين؟ الإجابة تأتيكم أيها الأطائب بعد قليل فابقوا معنا مشكورين..
مستمعينا الأفاضل، في الإجابة عن السؤال المتقدم، نشير الى أن المستفاد من كثير من النصوص الشريفة التي ورد فيها تعبير قراءة هذا الدعاء الفلاني أو ذاك، هو التوجه بصدق وإخلاص الى الله عزوجل به، أي توفر آداب إستتجابة الدعاء المأثورة وأهمها هو هذا التوجه بصدق وإخلاص، والثقة واليقين من إستجابة الله لدعاء الداعي، وهذا الأمر يسير إذا استحضر الإنسان عند التوجه الى الله بالدعاء معرفته بكرم الله ورحمته وضمانه إجابة دعاء الداعين.
فإذا توفر ذلك، حصل الداعي على هاتين الثمرتين المهمتين بلا ريب؛ أي الفوز بالتوحيد الخالص والإنضمام الى أنصار المهدي الصادقين في غيبته وظهوره – عجل الله فرجه الشريف -.
أيها الأكارم.. وإضافة لما تقدم نلحظ بوضوح في فقرات هذا الدعاء الشريف أنها تعلمنا العقائد الحقة في التوحيد والنبوة والإمامة، فهو دعاء يعاهد فيه المؤمن ربه الكريم على الإلتزام بمقتضيات الإيمان الكامل ويطلب منه عزوجل أن يعينه على ذلك، فمثلاً جاء فيه في بعض فقراته:
)اللهم... أنت العلي الأعلى علوت فوق كل علو، هذا سيدي عهدي وأنت منجز وعدي فصل يا مولاي عهدي وأنجز وعدي... آمنت بك.. إنك أنت الله لا ترى وأنت بالمنظر الأعلى...)
هذا بالنسبة للتوحيد أما بالنسبة للنبوة والإمامة فقد جاء في هذا التعليم الأخذ بأهم المصاديق العملية لهما وهما التقرب الى الله باتباع النبي وآله الطاهرين – عليه وعليهم السلام – جاء في جانب من نص الدعاء:
)وأتقرب إليك بالمنذر صلى الله عليه وآله وبعلي أمير المؤمنين الهادي، وبالحسن السيد وبالحسين الشهيد سبطي نبيك، وبفاطمة البتول، وبعلي بن الحسين زين العابدين ذي النفثات، ومحمد بن علي الباقر عن علمك، وبجعفر بن محمد الصادق الذي صدق بميثاقك وبميعادك، وبموسى بن جعفر الحصور القائم بعهدك، وبعلي بن موسى الرضا الراضي بحكمك، وبمحمد بن علي الحبر الفاضل المرتضى في المؤمنين، وبعلي بن محمد الأمين المؤتمن هادي المسترشدين وبالحسن بن علي الطاهر الزكي خزانة الوصيين.. وأتقرب إليك بالإمام القائم العدل المنتظر المهدي إمامنا وابن إمامنا صلوات الله عليهم أجمعين..(
مولاي دعني في فضائك أستريح
فلقد تعبت من المسير بلا دليل
لم يبق إلا أنت نتظر
السماء لتعلن الحدث العظيم
فنقول إنك زهرة الفرقان والنبأ الرخيم
ونقول إنك أنت شمس المصطفى
والبدر في ميزانك الأعلى يقيم
أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، وصلت لبرنامجكم (شمس خلف السحاب) رسالة عبر البريد الإلكتروني من الأخت الكريمة بدرية الصائغ حفظها الله.
وقد اشتملت رسالتها على اقتراحات نسعى الى تلبيتها بعون الله وسؤال عن معنى أن يأتي المهدي بدين جديد عند ظهوره – عجل الله فرجه – وهل هذا التعبير في أحاديث صحيحة؟
سؤال مهم نستمع للإجابة عنه من أخينا الحاج عباس باقري في الدقائق التالية:
باقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم مستمعينا الأكارم وسلام على اختنا بدرية الصائغ. بالنسبة لسؤال هذه الأخت الكريمة الوارد في الأحاديث الشريفة ليس أن الامام المهدي سلام الله عليه يأتي بدين جديد بل عندما يظهر يأتي يأمر جديد، هذا المعنى ورد في حديث رواه الشيخ النعماني في كتاب الغيبة بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله يعني الامام الصادق عليه السلام أنه قال: الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء. عن هذا المعنى حديث نبوي مروي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في مصادر الفريقين وقد تناولناه في حلقات سابقة ضمن الحديث عن تكاليف عصر الغيبة وهو مروي من عدة مصادر حتى في الكتب الستة المعتبرة عند جمهور المسلمين. هذا الشطر الأول من حديث الشيخ النعماني أي عن الامام الصادق سلام الله عليه أنه قال: الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء. الراوي وهو أبو بصير وهو من أجلاء أصحاب الامام الصادق والباقر سلام الله عليهما يسأل الامام عن معنى هذا الحديث، فقلت يعني أبو بصير: إشرح لي هذا أصلحك الله! فقال عليه السلام: يستأنف الداعي منا يعني قائم آل محمد صلى الله عليه وآله مولانا بقية الله المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، يستأنف الداعي منا دعاءاً جديداً كما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله. هنالك حديث آخر عن الامام الصادق سلام الله عليه مروي في كتاب اعلام الورى بأعلام الهدى مما يقوم به الامام المهدي سلام الله عليه مضمون الحديث "يهديهم الى أمر قد دثر". ونص الحديث هو: هو هداهم الى أمر قد دثر. اذن الأمر الجديد ليس المقصود به دين جديد، هو الدين المحمدي النقي بكل أحكامه النقية وبكل احكامه الخالصة يحييها الامام المهدي سلام الله عليه بعدما تندثر، يعني التطبيق الصحيح للحدود الالهية يفتقد، هناك حديث ايضاً عن الامام الصادق سلام الله عليه مضمون الحديث "والله ما أقيم لله حد كما أراده الله منذ قبض أمير المؤمنين عليه السلام" يعني هنالك صورة حدود شرعية تطبق ولكنها لاتحتوي على الحدود الالهية، لاتنبعث فيها الرحمة التي أرادها الله تبارك وتعالى أن تعم المجتمع الانساني من خلال إقامة الحدود الالهية "إن لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" المضمون القرأني، هذا الأمر غير متوفر في طريقة إقامة الحدود من قبل المشوهين للاسلام، المحرفين لأحكام النبي الأكرم صلى الله عليه وآله. يكون المعنى أن الامام المهدي صلوات الله عليه كما دعا اليه رسول الله صلى الله عليه وآله، الى إحياء الحنيفية الابراهيمية، هو دين ابراهيم "إن الدين عند الله الاسلام" الذي جاء به ابراهيم ثم أكمله النبي الأكرم بأكمل صوره، هذه الحنيفية الإبراهيمية دعاهم اليها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ولكن بحقيقتها، قد جاء بأمر جديد بهذا المعنى يعني جديد بإعتبار دثر هذا الدين، حقائقه شوهت. الآن ترون ما تقوم به الحركات التكفيرية بإسم الاسلام ولكنها برئ الاسلام منها وهي عن جوهر وروح الاسلام بعيدة كل البعد "يعلمهم القرآن" كما ورد في أحاديث اخرى في وصف سيرة الامام المهدي سلام الله عليه "يعلمهم القرآن كما انزل"أي بحقائقه النقية الأصيلة البعيدة عن أشكال التحريف سواء التحريف في الفكرة يعني التحريف الكامل او التحريف في صورة التطبيق بحيث يأخذون ظواهر الحكم الشرعي ولاينتبهون الى بواطنه وأهدافه وغاياته لذلك الاسلام الحقيقي هو الغريب وليس الاسلام الاسمي والاسلام الشكلي، طوبى للغرباء يعني الذين يعملون بالاسلام النقي بكل احكامه، بكل روحه وجوهره، بكل رحماته التي يكتنزها هذا الدين العظيم الذي أرسل الله به المبعوث رحمة للعالمين نبينا الكريم صلى الله عليه وآله. شكراً للأخت بدرية الصائغ وشكراً لكم أيها الأطائب.
حان الآن – مستمعينا الأفاضل – موعدكم مع حكاية هذا اللقاء وهي حكاية موثقة تشتمل على إشارة لطيفة فيما يرتبط بأخلاق مولانا إمام زماننا – أرواحنا فداه -.
فمن التدبر في هذه الحكاية يتضح أن من الأخلاق الإلهية الرحيمية التي تجلت في خليفة الله المهدي – سلام الله عليه – جميل رأفته بعباد الله وعدم تكليفهم ما لايطيقون.
ندعوكم لإستذكار هذا الدرس وأنتم تستمعون لهذه الحكاية، وقد سمعها من صاحبها مباشرة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ أحمد القاضي الزاهدي وسجلها في الجزء الثالث من كتابه التوثيقي (عشاق الإمام المهدي).
وصاحب الحكاية هو أحد المؤمنين من بلدة (فردو) من ضواحي مدينة لنكرود الإيرانية، إسمه (مشهدي قاسم زهرائي نيا)، وهو من الملتزمين بالمواظبة على زيارة مسجد صاحب الزمان في جمكران، ننقل لكم حكايته بعد قليل تحت عنوان:
شفقة الوالد
مستمعينا الأفاضل، سمع سماحة الشيخ القاضي الزاهدي الحكاية التالية من صاحبها وكما ذكر في مقدمتها بتأريخ العاشر من الشهر الثالث سنة ۱۳۷۳ هجري شمسي، وفيها قال الحاج قاسم ما ترجمته:
)قبل ثمان سنوات أصيبت إبنتي الصغيرة بحالة متطورة من مرض (الروماتيزم)، إستلزم علاجه أن ترقد في المستشفى لمدة طويلة، ثم نقلناها الى المنزل لمتابعة العلاج ولكننا لم نشهد أي تحسن في صحتها، فقررت أن أهب لزيارة مسجد صاحب الزمان في جمكران أربعين ليلة جمعة وأتوسل الى الله به – أرواحنا فداه – لكي يشفي الله صغيرتي العزيزة.
وشرعت في تنفيذ هذا القرار، وفي الأسبوع الثالث، خرجت من المسجد بعد صلاتي المغرب والعشاء لكي أعود الى بلدتي (فردو)، وعندما وصلت الى الجسر الذي يقع على الطريق الموصل لها، أصابتني حالة شديدة من نفاذ الصبر والأذى لحالة إبنتي الصغيرة واستمرار المرض وآلامه بها، فتوجهت – ودون إرادة مني – صوب مسجد جمكران، وخاطبت مولاي صاحب الزمان روحي فداه بانكسار قلب ونفاذ صبر: يا سيدي إما أن تشفي إبنتي وإما أنقطع عن زيارة هذا المسجد.(
مستمعينا الأفاضل..
لقد نطق هذا المؤمن بهذه الكلمات دون اختيار منه بسبب نفاذ صبره وهو يرى ما تقاسيه إبنته من آلام المرض، وقد دفعه لذلك شفقة الوالد بتلك الصبية الصغير، فكيف كانت رأفة الله الرحيم ولطفه به وهو تبارك وتعالى الأرحم بعباده من الأم بولدها كما ورد في الأحاديث الشريفة؟
يقول الحاج قاسم في تتمة حكايته:
)بعد أن تفوهت بتلك الكلمات العتابية، شعرت وكأن هاتفاً يخطر على قلبي وهو يخاطبني بالقول: علامة شفاء إبنتك أنك لو دعوت الله الآن أن ييسر لك وصول حافلة توصلك الى مقصدك لاستجاب دعاءك...
عندها دعوت الله بقلبي طالباً ذلك، فشاهدت فوراً سيارة صغيرة تشير إلي بمصباحيها الأمامية، ثم وقفت على الجسر، وكان يقودها سيد شاب يرتدي عمامة فقال لي: الى أين تريد الذهاب؟ أجبت: الى لنكرود، قال: إصعد، فصعدت فقال لي: وبعد لنكرود ألا تريد الذهاب الى مكان آخر، فأجبت: أوصلني الى لنكرود مشكوراً، وقد علمت فيما بعد أن كان يعلم أن مقصدي النهائي بلدتي (فردو)، وعندما نزلت من سيارته في لنكرود ودعني قائلاً: تحفك السلامة وذهب، فانتبهت حينئذ الى ما طلبته في دعائي عند الجسر والهاتف الذي ورد علي هناك، فأيقنت أن الله قد من على طفلتي بالشفاء، فسارعت في الذهاب الى منزلي لأجد أن إبنتي الصغيرة قد ظهرت عليها علامات الشفاء حتى غادرها المرض بالكامل والحمد لله رب العالمين).
كم شريد قد ضل يوماً سبيلا
وهو يمشي في الأرض، كم ركبان
كنت غوثاً لهم ولكن؛ بسيما
غير سيماك طيب الأردان
بينما هم في حيرة وضلال
وسهام الحتوف منهم دواني
ثم لما أنجيتهم من هلاك
وتردوا بعصمة وأمان
فطنوا للذي جرى بعد حين
فتنادوا بعد فوات الأوان
وبهذا نصل مستمعينا الأكارم الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (شمس خلف السحاب).
لكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات دمتم في رعاية الله آمنين والحمد لله رب العالمين.