موضوع البرنامج:
وصايا صادقية للنجاة من فتن الضلالة
معنى الشبابية في انصار المهدي
قد اجيبت دعوتك
اليك القلب يعدو يا مناراً
فسامراء فجر للولاء
وفيك النفس تفنى لاتبالي
لتلثم منك أعتاب الضياء
سيبقى قدس ارضك في شموخ
يشاد على مصابيح الإباء
فيا شمساً يجللها سحابٌ
حناجرنا تضيق من النداء
متى اشهار سيفك ذي فقار
لينجي البدر من ليل العماء
فما الاعذار يا من غاب عنا
وقد صار البلاء على البلاء
بسم الله والحمدلله ارحم الراحمين والصلاة والسلام على خير النبيين وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم اعزاءنا المستمعين واهلاً بكم في لقاء اليوم من برنامجكم المهدوي اخترنا لمطلعه ابيات في التشوق لإمام العصر –عجل الله فرجه- من انشاء اختنا الأديبة الولائية (صالحة آل رميح) من بلد الحرمين الشريفين.
وفي التالي من فقرات البرنامج نلتقيكم في الفقرة التربوية بحديث شريف تحت عنوان: وصايا صادقية للنجاة من فتن الضلالة
ثم اجابة عن سؤال الاخ أبي مرتضى النجفي عن: معنى الشبابية في انصار المهدي
واخيراً حكاية موثقة عنوانها: قد اجيبت دعوتك
أطيب الاوقات نرجوها من الله لنا ولكم مع فقرات لقاء اليوم من برنامج (شمس خلف السحاب)، ونبدأ بالتربوية منها وهي:
وصايا صادقية للنجاة من فتن الضلالة
ايها الاخوة والاخوات، روي السيد العارف الفقيه رضي الدين علي بن طاووس في كتابه القيم (مهج الدعوات) حديثاً عن مولانا الامام جعفر الصادق –عليه السلام- ذكر فيه غيبة خاتم الأوصياء المحمديين الحجة المهدي –عجل الله فرجه- والفتن التي تعتصر المسلمين فيها، فسأله الراوي عما ينبغي للمؤمنين القيام به للنجاة من هذه الفتن فأجاب الامام الصادق -عليه السلام-:
"عليكم بالدعاء وانتظار الفرج، فانه سيبدو لكم علمٌ، فاذا بدى لكم فاحمدوا الله وتمسكوا بما بدى لكم".
وهنا سأل الراوي الامام الصادق: فما ندعو به؟ أجاب –عليه السلام-:
قل: "اللهم أنت عرفتني نفسك، وعرفتني رسولك، وعرفتني ملائكتك وعرفتني نبيك، وعرفتني ولاة أمرك، اللهم لا آخذ الا ما اعطيت، ولا واقي الا ما وقيت.
اللهم لا تغيبني عن منازل اوليائك ولا تزغ قلبي بعد اذ هديتني اللهم اهدني لولاية من افترضت طاعته".
مستمعينا الافاضل، في الحديث الشريف يوصينا مولانا الامام الصادق –عليه السلام- بوصية محورية مهمة للنجاة من فتن الضلالة التي يعج بها عصر الغيبة المهدوية، وهي فتن نشهد حالياً تصاعدها بمختلف اشكالها الفكرية العقائدية والاخلاقية السلوكية والارهابية وغيرها.
هذه الوصية تتمثل بالخطوات التالية للنجاة من الفتن:
أولاً: التوجه القلبي الصادق لله تبارك وتعالى بالدعاء والتضرع لكي يرينا الحق حقاً فنتبعه والباطل باطلاً فنجتنبه وبذلك نستعين به عزوجل عملياً للنجاة من فتن الضلالة.
ثانياً: القيام بواجبات الانتظار الايجابي الجاد لظهور بقية الله المهدي –عجل الله فرجه- وذلك بالاجتهاد في التحلي بصفات انصاره المخلصين والتحلي بمقومات الشخصية الايمانية التي يحبها الله عزوجل والتطهر من كل ما لايرتضيه تبارك وتعالى عقائدياً وسلوكياً.
ثالثاً: عدم متابعة أي من أدعياء المهدوية واجتناب كل حركة لا يقين لنا بصدق انتمائها للدين الحق، فالمهدي الحقيقي –ارواحنا فداه- هو علمٌ اذا ظهر تظهر معه علامات صدقه وكونه هو خليفة الله حقاً وصدقاً –عجل الله فرجه-.
رابعاً: ونستفيد –مستمعينا الاكارم- من نص الدعاء الذي أمرنا الامام الصادق –عليه السلام- بتلاوته للنجاة من فتن الضلالة في عصر الغيبة، نستفيد منه ان علينا ان لا نؤمن بأي فكرة أو عقيدة لا يقين لنا بأنها صادرة عن الله عزوجل اي عن مصادر وحيه النقية من كل تحريف لفظي أو معنوي.
وينبغي هنا ان نتضرع الى الله عزوجل لطلب ان يعرفنا بالحق في جميع الشبهات فلا نعمل بها الا بهدايته وتعريفه تبارك وتعالى. ونطلب نه الثبات القلبي على الصراط المستقيم.
خامساً: الاهتمام بالمواظبة على زيارة منازل أولياء الله؛ أي المشاهد المشرفة لاهل بيت النبوة المحمدية –عليهم السلام- فهي البيوت التي أذن الله ان ترفع لكي يذكر فيها اسمه وتكون ملاذات لعباده من الفتن ينشر فيها عليهم رحمته وهدايته؛ كما تشهد لذلك الحكاية التي اخترناها للقاء اليوم.
سادساً: الالتزام بعدم التمسك بولاية غير من أمر الله عزوجل بطاعته واوجبها على نحو الاطلاق وهم محمد وآله المعصومون صلوات الله عليهم اجمعين.
نشكركم ايها الاطائب على طيب متابعكم لما تقدم من فقرات برنامجكم (شمس خلف السحاب) ونتابع تقديم ما تبقى منها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
وننقل الآن الميكرفون الى زميلنا الاخ عباس الباقري لكي يلخص لنا ولكم جواب العلماء والنصوص الشريفة على سؤال حلقة اليوم نستمع معاً:
الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة وبركات. الأخ أبو مرتضى من مدينة النجف الأشرف على صاحب مرقدها ومشرفها أمير المؤمنين أفضل الصلاة والسلام، أبو مرتضى بعث لنا سؤال نقل فيه حديثاً شريفاً وطلب الاشارة الى معناه وفيما يرتبط بقضية أصحاب الامام المهدي. الحديث الشريف يقول: "أصحاب المهدي شباب لاكهول فيهم إلا مثل كحل العين والملح في الزاد وأقل الزاد الملح" يقول ما المقصود من الشباب هنا؟ هل العمر؟ هل الكهول حسب المعنى المعروف للعمر هو الذي بين العقد الرابع يعني الذين بلغت أعمارهم الثلاثون سنة يكون عددهم قليل في أصحاب الامام المهدي؟ هل الأمر يختص بالمقاتلين من أصحابه سلام الله عليه أم يشمل جميع أصحابه وهذه القاعدة أن أكثرهم من الشباب؟ الأخ أبو مرتضى الحديث هو عن أمير المؤمنين سلام الله عليه روته المصادر المعتبرة. فيما يرتبط بالشباب في الإصطلاح الشرعي وهو تعلمون أنه "لافتى إلا علي ولاسيف إلا ذو الفقار" الفتوة لاترتبط بالسن بالدرجة الأولى وإنما خصوصيات الرجولة، إنما الفتى الذي كملت مروءته، الفتى الذي أكرم ضيفه، الفتى الذي عفت بطنه وعفّ بصره وغير ذلك من الأوصاف التي وصفت بها الأحاديث الشريفة الفتى. الشباب في لغة الأحاديث الشريفة بالدرجة الأولى معناها ينتزع من المعنى القرآني "خير من إستأجرت القوي الأمين" في هذا المضمون يعني الشباب اشارة فيه أولاً الى القوة والنشاط. الشباب بما فيه اشارة الى الخلو من الشوائب والأحقاد، سلامة القلب وسلامة النفس. هذه الخصال هي المنظورة الأولى في وصف أصحاب المهدي "شباب لاكهول فيهم" والدليل على ذلك أن الأحاديث الشريفة تذكر كثيراً من أصحاب المهدي سلام الله عليه هم يتجاوزون عمر الكهولة يعني حتى شيوخ فيهم والأمر يستدل به ايضاً على ماورد في مقاماتهم، لأصحاب المهدي سلام الله عليه من يقضي بين الملائكة وورد الحديث بذلك عن الامام الرضا سلام الله عليه. معناه أنه وصل الى مرتبة عالية من العلم والمعرفة والتقوى وغير ذلك من مقومات الشخصية الايمانية. من مجموع الأحاديث الشريفة ونتأمل فيها يصبح الترجيح الأول أن يكون معنى الشباب هو بمعنى الفتوة، من الخصائص الشبابية، من القوة، من سلامة القلب، النشاط والفعالية وتوفر صفات الفتوة، هذا هو المعنى الأول. نعم يمكن الأخذ بظاهر الحديث أنه تكون الأغلبية والأكثرية من الذين تتميز بهم هذه الصفة من صفات الشباب من جهة ومن جهة ثانية يمكن أن تكون أعمارهم قليلة ولكن المعنى الأول هو المعنى الأقرب الى مجموع الأحاديث الشريفة، هذا أولاً. ثانياً هنالك أشارات في الأحاديث الشريفة أن الأصحاب الخاصين ۳۱۳ من أصحاب الامام المهدي يعني من أصحاب المرتبة العليا، هؤلاء الكثير منهم من مؤمني العصور السابقة. في بعض الروايات أصحاب الكهف منهم، طائفة من قوم موسى "الذين يعملون بالحق وبه يعدلون" مضمون الآية الكريمة التي وصفتهم، بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يحييهم الله تبارك وتعالى ليكونوا من الأنصار الخاصين للامام المهدي. في الرجعة أعمار الذين يرجعهم الله تكون بأعمار الشباب، إستناداً الى أقوال بعض العلماء يعني دون الثلاثين عاماً فيكون هذا ايضاً تغليب للشباب وظاهر الشباب فضلاً عن خصوصياته في عدد أصحابه صلوات الله وسلامه عليه وجعلنا من خيار أنصاره في غيبته وظهوره. اللهم آمين شكراً للأخ أبي مرتضى وشكراً لكم أعزاءنا.
أعزاءنا المستمعين، حكاية هذا اللقاء تنعش في قلوب المؤمنين عظيم الرجاء الصادق بالرحمة الالهية التي ينشرها رب الرأفة تبارك وتعالى على يد خليفته المهدي –ارواحنا فداه-، عنوان الحكاية هو:
قد أجيبت دعوتك
نقل السيد العارف المتعبد علي بن طاووس –رضوان الله عليه- في كتابه القيم مهج الدعوات بسنده عن العبد الصالح السيد محمد بن علي العلوي الحسيني المصري وهو من العلماء الصلحاء في اواخر القرن الهجري الرابع قال:
أصابني غمٌ شديد ودهمني أمرٌ عظيم من قبل رجل من أهل بلدي من ملوكه –اي من الجهاز الحاكم الظالم- فخشيته خشية لم أرج لنفسي منها مخلصاً. فقصدت مشهد ساداتي وآبائي صلوات الله عليهم بالحائر –يعني حرم الامام الحسين –عليه السلام- لائذاً بهم عائذاً بقبرهم ومستجيراً من عظيم سطوة من كنت أخافه، وأقمت بها خمسة عشر يوماً ادعو وأتضرع ليلاً ونهاراً فتراءى لي قائم الزمان وولي الرحمان –عليه وعلى آبائه افضل التحية والسلام-، فأتاني بين النائم واليقظان، فقال لي: يابني، خفت فلاناً؟
فقلت: نعم، أرادني بكيت وكيت، فالتجأت الى ساداتي اشكو اليهم ليخلصوني منه.
فقال: هلا دعوت الله ربك ورب آبائك بالادعية التي دعا بها اجدادي أنبياء الله صلوات الله عليهم حيث كانوا في الشدة فكشف الله عزوجل عنهم ذلك؟
مستمعينا الافاضل، وقبل ان نتابع نقل هذه الرواية الموثقة، نشير الى جميل تعليم الامام المهدي –ارواحنا فداه- هذا السيد آداب الالتجاء الى الله عزوجل بالدعاء المستجاب ببركة صدوره من ينابيع الوحي الالهي النقي.
يتابع السيد العلوي نقل حكايته قائلاً فيما كتبه سنة ثلاثمائه وست وتسعين للهجرة:
(قلت : وبماذا دعوه لأدعو به؟
قال –عليه وعلى آبائه السلام-: اذا كان ليلة الجمعة، قم واغتسل وصل صلاتك، فاذا فرغت من سجدة الشكر فقل وأنت بارك على ركبتيك وادع بهذا الدعاء مبتهلاً..
قال السيد العلوي: وكان –عليه السلام- يأتيني خمس ليال متواليات، يكرر علي القول وهذا الدعاء حتى حفظته، وانقطع مجيئه في ليلة الجمعة فقمت واغتسلت وغيرت ثيابي وتطيبت وصليت ما وجب علي من صلاة الليل وجثوت على ركبتي فدعوت الله عزوجل بهذا الدعاء)
وتلاحظون مستمعينا الافاضل عظيم الرأفة الالهية التي تتجلى في مولانا امام العصر المهدي –أرواحنا فداه- وهو يأتي هذا المظلوم خمس ليال متواليات يكرر عليه الدعاء حتى حفظه، وهو دعاء طويل نقله السيد ابن طاووس في تتمة الرواية والشيخ القمي في مفاتيح الجنان تحت عنوان (دعاء العلوي المصري)، نبقى مع هذا السيد المظلوم وهو يتابع حكايته قائلاً بعد القيام بما أمره الامام:
(.. فأتاني صلوات الله عليه ليلة السبت كهيئته التي ياتيني فقال لي: قد اجيبت دعوتك يا محمد وقتل عدوك واهلكه الله عزوجل عند فراغك من الدعاء.
فلما أصبحت لم يكن لي هم غير وداع ساداتي –صلوات الله عليه- والرحلة نحو المنزل الذي هربت منه –يعني بلده-، فلما بلغت بعض الطريق اذا برسول اولادي وكتبهم تصلني بأن الرجل الذي هربت منه، جمع قوماً واتخذ لهم دعوة فاكلوا وشربوا وتفرق القوم ونام هو –يعني الطاغية الظالم- وغلمانه في المكان، فاصبح الناس ولم يسمع له حس فكشف عنه الغطاء، فاذا به مذبوحاً من قفاه ودماه تسيل وذلك في ليلة الجمعة ولا يدرون من فعل به ذلك؟ ويأمرونني –يعني أولاده- بالمبادرة نحو المنزل.
فلما وافيت الى المنزل وسألت عنه وفي أي وقت كان قتله فاذا هو عند فراغي من الدعاء).
جزيل الشكر لكم مستمعينا الاطائب على طيب الاستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، تقبل الله اعمالكم ودمتم في رعايته سالمين.