موضوع البرنامج:
المهدويون أهل الصبر والقناعة
الدعوات السرية قبل ظهور المهدي
هداني الله الى خليفته
يابن النبي المهتدي والمقتدى
لازال بالأشراق نورك يطلع
أنت المؤمل في الحياة وانني
يا سيدي كلف بحبك مولع
ياباني الشرف الموطد للورى
بك مبعدٌ يدنو وشملٌ يجمع
انت المرجى في الشدائد مثلما
لأبيك حيدرة جنابٌ أنصع
حامي الشريعة والمجدد عزمها
ذكراك من طيب الجلالة تمرع
حم البلاء وذو الشقاء منعمٌ
ودجا الظلام وطال ليل أسفع
يا حجة الله الذي في أرضه
أدرك قلوباً صبرها يتصدع
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الهداة الى الله السلام عليكم مستمعينا الاعزاء ورحمة الله
معكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج قرانا لكم في مطلعها ابياتاً من قصيدة مهدوية للأديب الولائي المعاصر الاستاذ السيد سلمان هادي آل طعمة.
أما المحطات الاخرى في لقاء اليوم فهي تربوية عنوانها: المهدويون أهل الصبر والقناعة
تليها خلاصة أجوبة الاحاديث الشريفة على سؤال لمستمع كريم بشأن: الدعوات السرية قبل ظهور المهدي
ثم حكاية موثقة ومؤثره عنوانها: هداني الله الى خليفته
تابعونا ايها الاكارم مع الفقرة الخاصة بالوصايا المهدوية من برنامجكم (شمس خلف السحاب) عنوان الفقرة هو:
المهدويون أهل الصبر والقناعة
قال مولانا إمام العصر الحجة بن الحسن –أرواحنا فداه- في دعائه الجامع الموسوم بدعاء (توفيق الطاعة):
"اللهم وتفضل على مشايخنا بالوقار والسكينة وعلى الشباب بالإنابة والتوبة وعلى النساء بالحياء والعفة وعلى الأغنياء بالتواضع والسعة، وعلى الفقراء بالصبر والقناعة"..
نتابع معاً مستمعينا الافاضل استلهام وصايا امام زماننا –عليه السلام- التي يتضمنها هذا الدعاء الشريف، وقد انتهى بنا الحديث الى قوله –عليه السلام-:
"وتفضل على الفقراء بالصبر والقناعة"؛ فما هي الوصايا المهدوية التي نستفيدها منها؟
في الاجابة عن هذا السؤال، نقول: ان الوصية المهدوية الاولى المستفادة من هذه العبارة هي أنه ينبغي للمؤمنين أن يتحلوا بالصبر والقناعة عند ابتلائهم بالفقر المادي، لكي يكون ذلك سبباً في غناه المعنوي ورقيه الروحاني.
والمقصود بالصبر هنا هو تحمل صعاب شظف العيش وفقدان امكانات التمتع بالمتع المادية التي يتمتع بها الأغنياء.
ومن لوازم هذا الصبر عدم السماح لصعوبات شظف العيش بأن توقعه الجزع واضطراب معيشته وحياته المعنوية، أو الافراط في الكسب المادي وبما يؤدي الى الاضرار بواجباته الأخرى العبادية والاجتماعية.
مستمعينا الأحبة، أما بالنسبة للقناعة، فالمراد منها هو القبول بالامكانات التي يمتلكها وحسن ادارة معيشته بها بما لا يؤدي الى الاضطراب الذي أشرنا اليه آنفاً؛ ودون أن يقع في آفة الحرص وطلب ما لم يقدر له من الرزق واستنزاف طاقاته في ذلك.
والذي يعين المؤمن على العمل بهذه الوصية المهدوية والتحلي بالصبر والقناعة اذا اصابه الفقر، هو استذكار لطف الله عزوجل ورحمته به وأنه هو الغني المطلق الذي لا تنفد خزائنه، لذلك فانه تبارك وتعالى ان ابتلى بعض عباده بالفقر فانما ذلك لان فيه صلاحهم وتقوية شخصيتهم الايمانية واعانتهم على بلوغ مراتب من الكمال لا يمكنهم بلوغها بغير التحلي بفضيلة الصبر والقناعة على مصاعب الفقر.
كما أن الله سبحانه وتعالى انما يبتلي المؤمن على قدره كما صرحت بذلك كثيرٌ من النصوص الشريفة، ولذلك فانه جل جلاله لا يبتلي عباده بما لا يقدرون على تحمله من مصاعب الفقر.
وهذه الحقيقة العقائدية تعني أن الله تبارك وتعالى يبتلي عباده بمرتبة من الفقر تحقق لهم ثماره الايجابية دون أن تسلبهم القدرة على التحلي بفضيلة الصبر والقناعة على مصاعب هذا الفقر.
أيها الاخوة والاخوات، كما أن مما يعين المؤمن على العمل بهذه الوصية المهدوية بالتحلي بالصبر والقناعة على مصاعب الفقر التدبر بما ورد في سير الانبياء لاسيما خاتمهم حبيبنا الهادي المختار –صلوات الله عليه وآله وعليهم أجمعين-.
فالروايات الشريفة تصرح بان الله قد ابتلى أنبياءه واولياءه –عليهم السلام- بالفقر مع كرامتهم عليه وسمو منزلتهم عنده، وفي ذلك اشارة مهمة الى عظيم آثار وبركات ذلك في السمو المعنوي والتعالي الروحي.
بل وتصرح كثيرٌ من النصوص الشرعية بأن بعض الأنبياء –عليهم السلام- ولاسيما سيدهم المصطفى –صلى الله عليه وآله- قد اختاروا الفقر المادي وطلبوه من الله عزوجل لعظيم بركته وثوابه، فمثلاً روي في كتاب الاحتجاج وغيره عن الامام علي امير المؤمنين –عليه السلام- انه قال ضمن حديث طويل عن الخصائص المحمدية: "ومحمد –صلى الله عليه وآله- أعطي ما هو أفضل من هذا، انه هبط اليه ملك لم يهبط الى الارض قبله وهو ميكائيل، فقال له:
يا محمد عش ملكاً منعماً وهذه مفاتيح خزائن الارض معك.. ولا ينقص ذلك مما آدخر لك في الآخرة شيء... فقال –صلى الله عليه وآله-:
بل اعيش نبياً عبداً آكل يوماً ولا آكل يومين والحق بأخواني الانبياء...
فزاده الله تبارك وتعالى الكوثر وأعطاه الشفاعة وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها الى آخرها سبعين مرة".
ايها الاكارم مع شكرنا لكم على كرم المتابعة لحلقة اليوم ندعوكم للفقرة التالية من البرنامج مع زميلنا الأخ عباس باقري وخلاصة جواب العلماء على سؤال هذا اللقاء، نستمع معاً:
الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أحباءنا وأهلاً بكم في هذه الفقرة نتناول فيها سؤال وردنا عبر البريد الأكتروني من اخ كريم نرمز لإسمه بناءاً على طلبه بحرفي "د، ك"، يقول في رسالته سؤالي لبرنامج شمس خلف السحاب هو هل هناك دعوة سرية تسبق ظهور المهدي عليه السلام وهل تكون في أيامنا هذه ويسمونها حركة إصلاحية ليس لها مقر او رمز لأن عقول الناس لاتتحمل هذه الفكرة وأن الامام عليه السلام متصل حالياً بهذه الدعوة وهو يوجه أصحابها البسطاء من الناس ليبحث عن ناس آخرين ويصلحونهم بأي طريقة؟ اذن سؤال الأخ الكريم يشتمل على جنبتين، هل هناك دعوة سرية تكون متصلة بالامام المهدي سلام الله عليه قبل ظهوره عليه السلام؟ وهل هذه الدعوة او الحركة السرية موجودة الآن؟ الأخ الكريم نقول إن المستفاد من الأحاديث الشريفة وتصريحات العلماء الأعلام فيما يرتبط بهذا الجانب عدة أمور، الأمر الأول ليست هناك في الأحاديث الشريفة تصريح بمثل وجود هذه الدعوة السرية تسبق ظهور الامام المهدي سلام الله عليه. القضية الثانية أن تكون مثل هذه الدعوة او الحركة السرية مذكورة في الأحاديث وتصرح بها الأحاديث؟ لا، لاتصرح الأحاديث وليس هناك تصريح بوجود مثل هذه الحركة. القضية الثانية التي يؤكد عليها العلماء تبعاً للأحاديث الشريفة فيما يرتبط بأن الامام متصل حالياً بهذه الدعوة. على العكس بيانات العلماء وتوضيحات العلماء لها تصرح بوجوب تكبيب من يدعي الاتصال بالامام المهدي او السفارة عنه في الغيبة الكبرى ومثل هذه الدعوة بهذه الشروط هي مصداق لدعوى الاتصال بالامام المهدي حسب التوقيع المشهور لرابع السفراء في الغيبة الصغرى قبل السفياني والصيحة يعني قبل أقرب العلامات التي تسبق ظهور الامام المهدي، هذه العلامات تشمل أيامنا هذه يعني الشطر الثاني من سؤال الأخ، هل تشمل أيامنا هذه؟ كل إدعاء بالسفارة عن الامام سلام الله عليه قبل الصيحة والسفياني نحن مأمورون بوجوب تكذيبه. القضية الثالثة التي اكد عليها العلماء بناءاً على رسالتي الامام الحجة سلام الله عليه للشيخ المفيد المرويتان في كتاب الإحتجاج وغيره من الكتب المعتبرة. يستفاد من هاتين الرسالتين تأكيد الامام على قيامه صلوات الله وسلامه عليه برعاية شؤون الأمة ورعاية المؤمنين ودفع الأذى عنهم، لولا رعاية الامام بإعتباره خليفة الله أصطلكم الأعداء حسب تعبير الامام سلام الله عليه أي لم يبقوا عليكم باقية فالامام في كل عصر وزمان لايتعلق ولايختص هذا الأمر بقبيل الظهور فهو يقوم برعاية المؤمنين وهدايتهم ولكن بأساليب تتناسب مع غيبته، أساليب غير مباشرة ومتعددة. القضية الأخيرة التي ينبغي التنويه اليها هنا هي أن الامام المهدي سلام الله عليه بلا شك يمهد لظهوره يعني هو ضمن رعايته للمؤمنين في الواقع بتلك الأساليب المتعددة وغير مباشرة، كما ينتفع بالشمس اذا غيبتها السحاب هو يقوم بإعانة المؤمنين على التحلي بصفات الأنصار الصادقين له والقادرين على مؤازرته صلوات الله وسلامه عليه في مهمته الاصلاحية الكبرى، جعلنا الله وإياكم من هؤلاء ومن أنصار الامام في غيبته وظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف وشكراً لكم.
نتابع أيها الاطائب من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وبرنامجكم (شمس خلف السحاب.(
وننقل لكم في الفقرة التالية احدى الحكايات الموثقة للمتوسلين الى الله عزوجل بخليفته المهدي –ارواحنا فداه- عنوان الفقرة هو:
هداني الله الى خليفته
أيها الاخوة والاخوات، لقد شاءت حكمة الله جل جلاله في تدبير شؤون عباده ان يوجه قلوبهم نحو التوسل اليه بأوليائه المعصومين –عليهم السلام- فيقضي ببركة هذا التوسل حوائجهم ويستجيب دعاءهم، ولعل من أوجه الحكمة في ذلك، هو أن يكون هذا التوسل سبباً لتقوية ارتباط عباده باوليائه المعصومين وبالتالي التمسك بولايتهم –عليهم السلام- وفيها يكمن التمسك بحبل الله المتين وعروته الوثقى والنجاة بالتالي من الضلالة كما صرحت بذلك كثيرٌ من النصوص الشريفة.
وهذه الحقيقة تتأكد أهميتها مع امام زماننا المهدي بسبب غيبته –عجل الله فرجه-، واحتياج الارتباط الولائي به الى أساليب قوية منها التوسل به الى الله تبارك وتعالى، ولذلك نلاحظ في كثير من القصص الموثقة للمتوسلين به –عليه السلام- ملامح هداية الهية لهذا التوسل، وهذا ما نلاحظه بوضوح في الحكاية التي اخترناها لهذا اللقاء، وهي من الحكايات الموثقة في سجل توثيق الكرامات في المسجد المبارك المعروف باسم مسجد صاحب الزمان- عليه السلام- والذي يقع في قرية جمكران من ضواحي مدينة قم المقدسة، وقد نقلت خلاصتها في كتاب (كرامات حضرت مهدي عليه السلام) المطبوع في ايران باللغة الفارسية، ننقل لكم ترجمتها بعد قليل فتابعونا مشكورين:
أعزاءنا المستمعين؛ يرجع تأريخ وقوع هذه الكرامة الى ايام شهر ضيافة الله شهر رمضان المبارك من سنة ۱٤۱٥ للهجرة النبوية المباركة؛ وقد جرت لأم مؤمنة من سكنة العاصمة الايرانية طهران، كان ولدها يعاني من آلام شديدة في الكلية نتيجة عجز فيها نشأ منذ ولادته، وقد سبب مرضه لأمه الحنون كثيراً من الأذى خاصة وان فلذة كبدها صغيرٌ لا يتحمل مثل تلك الالام، وفي خضم هذه المعاناة هداها الله وسعت رحمته الى التوسل بخليفته المهدي –عجل الله فرجه- لشفاء ولدها، وقد جاءت هذه الهداية الالهية عبر رؤيا صادقة صدقها الواقع بسرعة، وهذا ما حكته هذه الاخت الكريمة للمسؤولين عن سجل توثيق الكرامات في مسجد جمكران بعدما استجاب الله توسلها وعافى ابنها، فقد جاءت لزيارة المسجد مع ولدها المعافى ببركة امام العصر –ارواحنا فداه- وكان فيما قالته:
"منذ طفولته كان ولدي يعاني آلاماً شديدة في كليته كما أخبرنا الاطباء في طهران عندما اخذناه لفحصه، وقد اخبرونا ايضاً ان مرض ابني نشأ منذ ولادته، وقد اجروا له فحوصات وتحليلات واخذوا لكليته صوراً متعددة اكدت تشخيصهم، كما اجروا له عدة معالجات بالادوية عجزت عن شفائه، فاجمعوا على ضرورة اجراء عملية استئصال لاحدى كليتيه لكي تطوق الالام التي يقاسيها".
نعم مستمعينا الافاضل، لقد اعتبر الاطباء ان استئصال الكلية هو العلاج الوحيد الذي يمكن ان يخفف آلام هذا الطفل، وصرحوا بانه لا يمثل العلاج المطلوب، لان شفاءه امر غير متيسر بالاسباب الطبيعية، وهنا فتح الله عزوجل ابواب الامل الكبير اما هذه الوالدة الحنون التي كان الالم يعتصر قلبها لما سمعته من الاطباء، تقول حفظها الله في تتمة حكايتها:
(في احدى ليالي شهر رمضان المبارك رأيت في منامي ان الاطباء يريدون اخذ ولدي الى غرفة العمليات فسألت أحدهم: هل سيشفى ابني، فأجابني: ان شفاء ابنك يتحقق على يد الامام بقية الله المهدي –ارواحنا فداه-.
وعند هذه الكلمة انتبهت من منامي، ثم ذهبت في الصباح التالي الى المستشفى التي يرقد فيها ابني، فأخبرني طبيبه انهم سيجرون له فحوصات لازمة قبل اجراء العملية مؤكداً ان اجراء العملية الجراحية أمرٌ لا مفر منه.
وعندما رجعت الى البيت علمت أن مجموعة من أهالي محلتنا (نازي آباد) –وهي احدى محلات جنوب طهران- يتهيأون للذهاب الى مسجد صاحب الزمان –عليه السلام- في جمكران، فتذكرت رؤياي وقلت في نفسي: لقد رأيت في منامي ان شفاء ابني على يد المهدي، فلأذهب الى مسجده –عليه السلام- وأدعو الله.
وهكذا مستمعينا الاطائب هيأ الله عزوجل أسباب شفاء ابن هذه المرأة المؤمنة لتكون هذه الحادثة سبباً لترسيخ ولائها وابنها وسائر أهلها بخليفته ووليه المهدي –ارواحنا فداه-، تقول حفظها في تتمة حكايتها:
)ذهبت الى جمكران مع اهل محلتنا ودعوت الله في مسجده صاحب الزمان –عليه السلام- وتوسلت اليه لشفاء ولدي العزيز، ثم عدت الى طهران، وعندما ذهبت الى المستشفى بادرني طبيب ولدي مبشراً لي بقوله وقد اختلط سرور بالدهشة والاستغراب:
أيتها السيدة، لا أثر للمرض في كلية ولدك، لقد خالف التصوير الصوتي الجديد لكليته كل الفحوصات والتصويرات السابقة، انه يشير بوضوح الى زوال المرض عنها بالكامل، لم تعد ثمة حاجة للعملية الجراحية ولا لأي علاج آخر.
اخذت تقرير التصوير والفحوصات الجديدة الى أطباء آخرين فلما رأوها أجمعوا على القول:
لا يوجد اي خلل في عمل كلية ولدك، إنها سالمة وبحالة جيدة جداً.)
جزيل الشكر لكم ايها الاكارم على كرم المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب)، استمعتم له من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، تقبل الله اعمالكم وفي أمان الله.