موضوع البرنامج:
المهدويون أحرار من أسر الدنيا
أدعياء المهدوية وقرب الظهور
قبسة من التثبيت الالهي
يا صاحب العصر يا سلوى لمن صبروا
جئنا نعد دماءً ما لها خثر
يا قائم الآل كم مرت بنا محن
وليس الاك يجليها فتنحسر
بقية الله يا ركناً نلوذ به
وراية الحق معقود بها الظفر
انا على الوعد تواقون ما برحت
منا القلوب الى لقياك تنتظر
بسم الله وله الحمد مثبت قلوب المؤمنين على موالاة صفوته المنتجبين حبيبه المبعوث رحمة للعالمين محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين
سلامٌ من الله عليكم أيها الأطائب وأهلاً بكم في لقاء جديد من هذا البرنامج افتتحناه بابيات من قصيدة مهدوية للأديب الولائي المعاصر الاخ عمار جبار خضير.
لنا وقفة في الفقرة التالية عند وصايا امام العصر ارواحنا فداه للمسلمين تحت عنوان: المهدويون أحرار من أسر الدنيا
تليها اجابة عن سؤال الاخت زهراء الموسوي عن: أدعياء المهدوية وقرب الظهور
ثم حكاية موثقة ومعبرة اخترنا لها عنوان: قبسة من التثبيت الالهي
تابعونا مشكورين مع الفقرة التالية وعنوانها:
المهدويون أحرارٌ من اسر الدنيا
قال مولانا الإمام الحجة المهدي –أرواحنا فداه- في دعائه الجامع الموسوم بدعاء (توفيق الطاعة):
"اللهم ... وتفضل على علمائنا بالزهد والنصيحة، وعلى المتعلمين بالجهد والرغبة، وعلى المستمعين بالاتباع والموعظة "
أيها الاخوة والأخوات، أشرنا في حلقة سابقة الى أن الوصايا المهدوية التي تشتمل عليها هذه الفقرات وما بعدها موجهة الى جميع المؤمنين وتتأكد بالنسبة للفئات الخاصة المخاطبة بها. فالتحلي بالزهد والنصيحة مثلاً أمرٌ مطلوب لكل من يسعى للتمسك بولاية امام العصر واتباعه –عجل الله فرجه- لكنه في الوقت نفسه يتأكد بالنسبة للعلماء لشدة تأثيره في حفظ حركتهم على الصراط المستقيم.
وللعمل بهذه الوصية المهدوية ينبغي أن نعرف معنى الزهد والنصيحة وآثارها على مسيرة الإنسان على الصراط المستقيم، فنبدأ في هذه الحلقة بمعنى (الزهد) وآثاره.
إن المستفاد من النصوص الشريفة وكتب اللغة وتوضيحات العلماء، أن حقيقة الزهد هي تحرر الإنسان من أسر الدنيا ومتعها الفانية وليس عدم الاستفادة منها فالله عزوجل إنما أنزل النعم لكي يستفيد منها عباده ويستعينوا بها على طاعته وعبادته وطي مراتب الكمال، ولكن شريطة ان لا تصبح هدفاً لهم يتحركون من أجله فيغفلون عن الاستعانة بها للوصول الى الكمال فيصبحون عبيداً لها وبالتالي توقعهم في مهاوي التخلف المعنوي.
وقد هدتنا الى المعنى المتقدم مستمعينا الافاضل كثيرٌ من الاحاديث الشريفة، فمثلاً روي في كتاب الكافي ان رجلاً سئل الامام زين العابدين عن الزهد فكان في اجابته قوله –عليه السلام-:
"ألا وإن الزهد في آية من كتاب الله عزوجل [هي] "لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ""(سورةالحديد۲۳).
وهذه علامة واضحة لصدق التحرر من أسر الدنيا والزهد فيها بمعنى إتخاذها وسيلة لاعمار الآخرة، ولذلك نقرأ في الكافي أيضاً عن امامنا الصادق –عليه السلام- قوله:
"جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا، قال رسول الله –صلى الله عليه وآله-: لا يجد الرجل حلاوة الايمان في قلبه حتى لا يبالي من أكل الدنيا".
ثم قال الامام الصادق –عليه السلام-: "حرامٌ على قلوبكم ان تعرف حلاوة الايمان حتى تزهد في الدنيا".
وفي ذلك اشارة الى ان من مظاهر الزهد الحقيقي اجتناب التنازع على المتع الدنيوية ثقة بان الله هو الرزاق، قال أمير المؤمنين –عليه السلام-:
"ان علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا، أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه مما قسم الله عزوجل له فيها وان زهد وان حرص الحريص على عاجل زهرة الحياة الدنيا لا يزيده فيها وان حرص، فالمغبون من حرم حظه من الآخرة".
ونفهم مما تقدم أن الزهد في الدنيا يعين الانسان على التحرك الايجابي لنيل السعادة الدائمة، قال مولانا الامام علي –عليه السلام- كما في كتاب الكافي:
"ان من أعون الاخلاق على الدين الزهد في الدنيا"
وقال امامنا الصادق –عليه السلام-: "القلب السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحدٌ سواه وكل قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط وانما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة"
وتهدينا النصوص الشريفة الى أن الزهد في الدنيا لا يعني بأي حال من الأحوال عدم الاستفادة من النعم الالهية، ففي تحف العقول عن حبيبنا المصطفى –صلى الله عليه وآله-:
قال: "الزهد في الدنيا قصر الأمل وشكر كل نعمة والورع عما حرم الله"
وقال مولانا الصادق –عليه السلام-: "ليس الزهد في الدنيا بأضاعة المال ولا تحريم الحلال بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما عندالله عزوجل".
مستمعينا الأحبة: وعلى ضوء ما تقدم ومن خلال التدبر في النصوص الشريفة المتقدمة نخلص الى تثبيت النتائج التالية فيما يرتبط بالسبل العملية للإلتزام بوصية امام زماننا بقية الله المهدي أرواحنا فداه:
أولاً: ان الزهد في الدنيا هو ثمرة الايمان بان الله عزوجل هو الرزاق المتين الذي لا ينسى أحداً من عباده ويوفر اليه ما يحتاجه من نعم في حياته الدنيا فلا ينبغي للإنسان اكثر من السعي للكسب طبق ما امره الله عزوجل ويؤخذ من الدنيا بما يعينه على عمل الصالحات لا أن يصبح أسيراً للعمل للدنيا وجمع زخارفها الفانية
ثانياً: كما أن الزهد في الدنيا هو أيضاً ثمرة معرفة حقيقة ان الدنيا مزرعة الآخرة وكونها دار عبور وليس مقر الإنسان.
وواضحٌ ان ترسيخ هاتين الحقيقتين في القلب يعين المؤمن على الزهد في الدنيا والتحرر من أسرها ومن التنازع عليها والإنشغال بها عن إعمار الآخرة.
ثالثاً: كما أن مما يعين الانسان على التحلي عملياً بفضيلة الزهد في الدنيا هو الحرص على شكر الله عزوجل على كل نعمة ينعم الله بها عليه، ففي هذا الشكر تذكيرٌ مستمر بأن مصدر كل النعم هو الله عزوجل فتترسخ ثقة المؤمن بربه وعطائه وينجو بذلك من الحرص على المتع الدنيوية والتنازع عليها، إطمئناناً بأن الله تبارك وتعالى رازقه المزيد من كل ما يحتاجه من النعم المادية فضلاً عن المعنوية.
مستمعينا الأفضال، نتابع من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقديم حلقة اليوم من برنامجكم شمس خلف السحاب
وقد حان الآن موعدكم مع زميلنا الأخ عباس الباقري لكي يلخص لنا ولكم اجوبة الاحاديث الشريفة وتوضيحات العلماء عن سؤال هذه الحلقة، نستمع معاً
الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أحباءنا ورحمة الله وبركاته
الأخت الكريمة زهراء الموسوي بعثت عبر البريد الألكتروني سؤالاً للبرنامج تقول فيه: نقرأ بين الحين والآخر أخباراً عن محاكمة أشخاص في بعض البلدان الاسلامية لإدعاءهم أن كلاً منهم هو المهدي المنتظر وغالباً ما تقرن هذه الأخبار بالقول بأن هؤلاء مصابون بنوع من الجنون. الأخت تسأل عن مدى صحة ذلك وهل أن كثرة الإدعاء بالمهدوية او الامام المهدي هي من علامات قرب الظهور؟ نقول للأخت الكريمة زهراء الموسوي: نعم العلماء ذكروا نعم العلماء ذكروا إستناداً للكثير من الأحاديث الشريفة أن من علامات ظهور الامام المهدي وبهذا التعبير يعني لايظهر المهدي حتى يخرج قبله، في رواية ستون كذاباً، في رواية إثنى عشر. يبدو أن الإختلاف في العدد ينشأ من إختلاف الأدعياء يعني بعضهم يدعي أنه الامام المهدي سلام الله عليه مباشرة، بعضهم يدعي نوعاً من الإرتباط بالإمام المهدي لذلك ورد الأمر بالنهي او بتكذيب مدعي الإرتباط بالإمام المهدي سلام الله عليه فضلاً عن تكذيب كل من يدعي أنه هو المهدي المنتظر قبل ظهور العلامات وقبل توفر علامات المهدي الحقيقي فيه يعني الأحاديث الشريفة لم تتركنا هكذا، بينت خصائص وصفات وما يظهره المهدي الحقيقي. بهذه الصفات وبهذه العلامات ومعرفة صفات الامام ومدى إنطباقها عليه نعرف صحة الإدعاء وهل أن هذا المدعي هو المهدي الحقيقي او من مدعي المهدوية، على أن المهدي سلام الله عليه يقوم بأعمال معينة ذكرتها الأحاديث الشريفة، مكان ظهوره، حتى خطبته سلام الله عليه عند الظهور. ذكرت الأحاديث الشريفة حتى نصوصها فضلاً عن ذكر مضامينها. اذن كثرة الأدعياء مذكور في الروايات الشريفة من علامات ظهور الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه. أما هؤلاء الذين يذكر بأن لديهم جنون في الواقع هذا الأمر يرتبط بالتوظيف السياسي، يعني الدول التي تقوم بمحاكمة أمثال هؤلاء هذه تعطي عللاً معينة تنسجم مع اهدافها، نعم محتمل أن تكون بعض هذه الدعاوي ناشئة من الجنون لكن هذه النماذج ليست لعلها هي المرادة والمقصودة بالدرجة الأولى في هذه الأحاديث الشريفة يعني أدعياء المهدوية ليسوا ادعياء عن جنون وإنما أما عن اهداف معينة يعني هم يعلمون أنهم ليسوا مصاديق لهذا العنوان ويريدون توظيف هذا العنوان من اجل مصالح معينة كما لاحظنا في بعض الإدعاءات لبعض الأشخاص الذين ينتمون الى التيار الوهابي او أنه نتيجة تطبيق بعض الصفات عليهم من قبلهم او من قبل أتباعهم. اذن قضية إدعاء الجنون في هؤلاء محتمل ولكن على أي حال ليس هو السبب الوحيد للإدعاء لأن الروايات الشريفة تحذر منهم لأنهم قبيل الظهور يريدون توجيه المشاعر الاسلامية المتطلعة الى المنقذ المحمدي الأكبر يعني الامام المهدي سلام الله عليه، توجيه هذه المشاعر بإتجاه مصاديق تخدم مصالح اعداء الاسلام وليست مصالح الاسلام اضافة الى إيجاد نوع من اليأس نتيجة لكثرة هذه الإدعاءات وإتضاح بطلانها يعني هؤلاء ليسوا المهدي الحقيقي. نشكر الأخت زهراء الموسوي على هذا السؤال وإن شاء الله تكون الإجابة مكتملة لها، تفضلوا مشكورين لمتابعة ما تبقى من فقرات برنامج شمس خلف السحاب.
أيها الأخوة والأخوات، حكاية هذا اللقاء تشتمل على درس مهم يعرفنا بأحد أهداف الإمام المهدي -أرواحنا فداه- من الظهور لبعض المؤمنين في عالم الرؤيا الصادقة او عالم المكاشفة او عالم اليقظة، فتابعوها مشكورين تحت عنوان:
قبسة من التثبيت الالهي
أعزاءنا المستمعين من الاهداف المهمة للامام الحق المنصوب من الله عزوجل تقوية ايمان المؤمنين خاصة في الاوضاع التي تعج بالفتن والشبهات.
ومما لا شك فيه أن طول غيبة بقية الله وخليفته خاتم الأوصياء المحمديين –صلوات الله عليه وعليهم اجمعين- وخاصة الغيبة الكبرى وكثرة الشبهات التي يثيرها أعداؤه لإضعاف ايمان المؤمنين بوجوده، هذه العوامل تؤثر بدرجة أو أخرى في معاونة الوساوس الشيطانية المشككة بوجوده وظهوره –عجل الله فرجه-.
والله عزوجل أخذ على نفسه تثبيت قلوب المؤمنين على الايمان الحق، وكان من الوسائل العملية لهذا التثبيت الالهي ظهور بقية الله المهدي –عليه السلام- بين الحين والآخر لبعض المؤمنين الثقاة سواءً في عالم الرؤيا الصادقة أو عالم المكاشفة أو عالم اليقظة ترسيخاً لايمان العباد بحتمية ظهوره – عجل الله فرجه-.
وهذا الأمر نلاحظه بوضوح في الحكاية التالية التي نقلها العالم المحقق الورع آية الله الشيخ محمد بن طاهر السماوي من أعلام الامامية في القرن الهجري الرابع عشر ومؤلف عدة من المؤلفات القيمة مثل كتاب (إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام) وغيره.
وقد نقل –رضوان الله عليه- الحكاية التالية في كتابه الوثائقي القيم (ظرافة الأحلام)، ومنه ننقلها لكم فأبقوا معنا مشكورين:
قال العلامة السماوي –رضوان الله عليه-:
أخبر الشيخ الجليل الفاضل التقي، الشيخ محمد طه بن الشيخ مهدي النجفي المتوفى سنة ۱۳۲۳ للهجرة، عن الشيخ أحمد بن الشيخ حسن آل قفطان الأديب الأصم المتوفى سنة ۱۳۰٦، انه رأى ذات ليلة في منامه الامام المهدي –عليه السلام- فشكا [الشيخ] اليه الحال، فأنشده –عليه السلام- قوله:
لنا أوبة من بعد غيبتنا العظمى
فنملؤها قسطاً كما ملئت ظلما
وجدي وآبائي وعقد ولائنا
لقد كان ذا حقاً على ربنا حتما
مستمعينا الاكارم، وقد اشتهرت هذه الحكاية بين المؤمنين والعلماء لوثاقة راويها وتقواه واهتم العلماء والادباء بها، يقول العلامة السماوي بعد نقلها:
فإنتبه [الشيخ حسن آل قفطان] وهو يحفظهما أي البيتين المذكورين،... وقد شطرهما الفاضل التقي الشيخ عبد الغني بن الشيخ أحمد الحر العاملي المتوفى سنة ۱۳٥۷ في النجف، وقد أنشدني التشطير في الروضة العلوية سنة ۱۳۳۷ وهو قوله:
لنا أوبة من بعد غيبتنا العظمى
فنكشف فيها كل داجية ظلمى
بها نملك الآفاق شرقاً ومغرباً
فنملؤها قسطاً كما ملئت ظلما
وجدي وآبائي وعقد ولائنا
ومن خصنا دون الورى الحكم والعلما
وأكرم أنصار أعدت لنصرنا
لقد كان ذا حقاً على ربنا حتما
جعلنا الله واياكم ايها الاطائب من خيار انصار مولانا بقية الله المهدي في غيبته وظهوره عجل الله فرجه
اللهم أمين، وبهذا ينتهي لقاء اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) استمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران شكراً لكم وفي أمان الله.