موضوع البرنامج:
وجوب الانتظار
الهية خوف المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)
أثمر توسلي ثمرتين
عشنا نسلي بك الأيتام نخبرها
بأن قلبك خلف الدار يصطبر
الدار بعدك في ظلماء موحشة
قد عاف سمّارها في ليلها القمر
والدين بعدك ركن هدهّ وثن
وراح يعبث في ساحاته الكفر
وأن عينيك ما نامت على وجعٍ
الذاوين شوقاً ولاأودى بها السهر
رحنا اليك نكيل العتب نكثره
وأنت أحنى ولكن عاقك القدر
عفواً إذا هدرت في القلب صرخته
أو كاد من لهبات الجدب ينفطر
لابد من فجرك النديان مبتسما
على الضفاف يناجي وجهه الزهر
بسم الله وله عظيم الحمد والمجد أن رزقنا مودة وموالاة صفوته من العالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم مستمعينا الأفاضل وأهلا بكم في حلقة أخرى من برنامجكم هذا، اخترنا لمطلعها أبياتاً من قصيدة مهدوية للأديب الولائي المعاصر الشيخ مجيد فرج الله.
وبعد قليل نقدم لحضراتكم فقرة عقائدية عنوانها: وجوب الانتظار
تليها اجابة خبير البرنامج سماحة السيد محمد الشوكي عن سؤال بشأن الهية خوف المهدي (عجل اله تعالى فرجه الشريف(
ثم حكاية موثقة أخرى عنوانها أثمر توسلي ثمرتين
أطيب الأوقات وأنفعها نتمناها لكم أيها الاخوة والاخوات مع فقرات هذا اللقاء من برنامجكم (شمس خلف السحاب) تابعونا والفقرة العقائدية وعنوانها هو:
وجوب الانتظار
روى الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين بسنده عن السيد الكريم عبد العظيم الحسني سلام الله عليه قال: دخلت على سيدي محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب _عليهم السلام_ وأنا أريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أم غيره؟ فأبتدأني عليه السلام فقال لي:
«يا أبا القاسم ان القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره وهو الثالث من ولدي والذي بعث محمداً بالنبوة وخصنا بالامامة انه لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه، فيملأ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلما ً وجورا، وان الله تبارك وتعالى ليصلح له امره في ليلة كما أصلح أمره كليمه موسى _عليه السلام_ اذ ذهب ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسول نبي
ثم قال _عليه السلام_: "أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج".
مستمعينا الأفاضل تلاحظون في هذا الحديث الشريف أن مولانا محمد الجواد - صلوات الله عليه- يذكر خمس خصوصيات للمهدي الذي وعد الله عز وجل عباده أن يملأ به الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
أولى هذه الخصوصيات يشير اليها قوله _عليه السلام_ (المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته) وهذه العبارة تفيد بوضوح وجوب انتظار ظهور المهدي الموعود –عجل الله تعالى فرجه – في غيبته أي أن من تكاليف وواجبات المؤمنين في عصر الغيبة هو إنتظار الفرج الالهي بالاذن بظهور خليفته المنتظر ليملأ الارض قسطاً وعدلاً فما معنى هذا الواجب؟ وكيف يقوم به المؤمن؟
معنى الانتظار واضح والمقصود هنا هو أن الواجب على المؤمن أن يكون في حالة ترقب وتوقع ورصد للعلامات الحتمية المذكورة في الاحاديث الشريفة لظهور امام زمانه وبدء حركته الاصلاحية الالهية الكبري.
أي ان على المؤمن أن لايغفل عن انتظار الظهور المهدوي المقدس ولاتشغله المشاغل الحياتية عن ذلك وأن لايسمح لطول غيبة الامام –عليه السلام- أن يبعث في قلبه اليأس من ظهوره بل وان لايسمح ببعث هذا اليأس حتى لما يراه من أوضاع قد يعتقد بأنها غير مناسبة لظهور مولاه _عجل الله تعالى فرجه الشريف_ لان الله عز وجل يصلح أمره _أي لوازم ظهوره_ في ليلة واحدة كما ينبه لذلك مولانا الجواد –عليه السلام- في نهاية هذا الحديث الشريف.
أما بالنسبة للسؤال الثاني أيها الأخوة والأخوات، أي كيف يقوم المؤمن بهذا الواجب فيمكن تقريب الإجابة من خلال مثالٍ مألوف للجميع وهو: إن من الطبيعي لمن ينتظر مجئ ضيف مثلاً أن يعد مستلزمات الضيافة، أو ان من ينتظر حلول وقت السفر أن يكون مستعداً له بأعداد مستلزماته، أي أن على من ينتظر أي شئ اعداد ما يناسبه من مستلزمات.
كذلك الحال مع انتظارمولانا المهدي الموعود -عجل الله تعالى فرجه- فأداء المؤمن لواجب الانتظار يعني أن يسعى لأن يكون مستعداً لما يتطلبه ظهوره _عليه السلام_ وأهم ما يتطلبه هذا الظهور المقدس هو نصرة المؤمنين لخليفة الله الموعود ومؤازرته _عليه السلام_ في انجاز مهمته الاصلاحية الالهية الكبري.
ومن هنا نفهم أن قيام المؤمن بواجب الانتظار لظهور امامه المهدي الموعود –عجّل الله تعالى فرجه الشريف- يعني سعيه للتحلي بالصفات والكفاءات واللياقات المعنوية التي تؤهله من نصرته -عليه السلام- أي أن يكون ساعياً في التحلي بخصال أنصار الله المشار اليها في النصوص الشريفة وأهمها ثبات الايمان والاستقامة في التمسك بولاية أهل بيت الرحمة _عليهم السلام_ والعمل بالأوامر الإلهية.
أعزاءنا المستمعين أما الخصوصية الثانية التي يذكرها امامنا الجواد –عليه السلام- للمهدي الموعود -عجل الله تعالى فرجه- فهي كونه(يطاع في ظهوره) والمراد هنا ليس وجوب أن يطاع -عليه السلام- فطاعة جميع آبائه من أئمة العترة المحمدية _عليهم السلام_ أمر واجب كما انه طاعته _عليه السلام_ في زمن الغيبة هو أمر واجب ايضاً اذن فالمراد هنا هو الاخبار عن تحقق هذه الطاعة عملياً للامام المهدي _عجل الله تعالى فرجه_ عند ظهوره فلاتقع الأمة فيما وقعت فيه مع أبائه _عليهم السلام_ من عدم التوجه لطاعتهم ولو فعلت لنجت من حاكميات الطواغيت الذين ساموها العذاب على مدى تاريخها وملؤا الارض ظلماً وعاثوا فيها فساداً.
مستمعينا الأفاضل الحديث عن باقي خصوصيات المهدي الموعود التي يذكرها هذا الحديث الشريف نوكلها الى حلقة مقبلة بإذن الله ونستمع الان لاجابة خبير البرنامج عن أسئلتكم.. نستمع معاً
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم احباءنا وسلام على خبير البرنامج سماحة السيد محمد الشوكي معنا مشكوراً على خط الهاتف للاجابة على اسئلتكم، سلام عليكم سماحة السيد
الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
المحاور: سماحة السيد الاخ كاظم الاعرجي يطلب توضيح معنى وصف الامام المهدي سلام الله عليه في زيارته في يوم الجمعة "المهذب الخائف" يقول كيف يكون الامام سلام الله عليه خائفاً مع توكله على الله عزوجل؟ تفضلوا سماحة السيد
الشوكي: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلي على محمد وال محمد
اما بالنسبة الى وصفه عليه السلام بالمهذب فالامام صلوات الله وسلامه عليه مهذب يعني التهذيب هنا هو تهذيب النفس، تهذيب الاخلاق، تهذيب الصفات النفسية الكريمة ونحن نعرف ان اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم هناك تهذيب الهي لهم كما نقل عن جدهم المصطفى صلى الله عليه واله وسلم "لقد ادبني ربي فأحسن تأديبي" فالله تبارك وتعالى هؤلاء الصفوة الطاهرة الذين يمثلون اوصياء النبي صلى الله عليه واله والحجج على العباد هناك عناية الهية خاصة بتطهيرهم وتهذيبهم وتهذيب نفوسهم وتربية الهية خاصة كما طهرهم الله تبارك وتعالى، المهذب نفس قضية المطهر، كيف ان الله تبارك وتعالى طهر اهل البيت من الرجس "انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً" كذلك هناك تهذيب الهي، لا اهل البيت لايهذبهم احد هم يهذبون الناس وهم يؤدبون الناس وهم يعلمون الناس، التهذيب هنا تهذيب الهي رباني لهذا الامام الحجة الذي هو خاتم الحجج صلوات الله وسلامه عليه وهو الذي اكمل الناس ولاريب فهنا تكميل الهي، اكمال الهي، ايصال لأعلى درجات الكمال من قبل الله تبارك وتعالى وهذا ربما الذي يفهم من وصفه صلوات الله وسلامه عليه بالمهذب واما وصفه بالخائف لاشك ان اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم والامام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف لايخاف على نفسه كذات، القتل لهم عادة وكرامتهم من الله الشهادة، كل اهل البيت هكذا، الامام علي عليه السلام يقول: "لألف ضربة بالسيف اهون من ميتة على الفراش" الامام الحسين عليه السلام يقول: "لاارى الموت الا سعادة" وهكذا كل اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم يرون الموت سعادة لأن الموت وخصوصاً الموت قتلاً في سبيل الله الحقيقة فرصة اللقاء بالله تبارك وتعالى، هذه اللحظة التي يتمناها كل مؤمن، كل عارف فضلاً عن اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم فالخوف هنا ليس خوفاً شخصياً على نفسه صلوات الله وسلامه عليه بقدر ماهو خوف على المشروع الالهي الكبير، مشروع العدل الالهي الذي انيط به صلوات الله وسلامه عليه، حتى هذا وارد في مسئلة الغيبة، في مسئلة الغيبة تعرفون ان هناك مجموعة من العلل والاسباب التي وردت للغيبة من جملتها الائمة عليهم السلام اشاروا الى انه انما غاب خوفاً على نفسه، خاف على نفسه، خاف من القتل، اشار الى بطنه سلام الله عليه كناية الى القتل والروايات الموجودة في هذا الاتجاه هنا الخوف بطبيعة الحال ليس على الذات لكن الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هو اخر الاوصياء، اخر الحجج المناط بهم اكمال المشروع الالهي وتحقيق المشروع الالهي والخوف هو من هذه الجهة مع ان الخوف على النفس بالمناسبة هو امر مشروع يعني ينبغي ان يفرق الاخوة الكرام بين الخوف وبين الجبن لأن هناك التباس في المفاهيم، الخوف يقابله الامن والجبن تقابله الشجاعة يعني ليس كل خائف هو فيه شيء من الجبن فالخوف حالة طبيعية عند الانسان وليست مذمومة لاعقلاً ولاشرعاً لكن مع ذلك اقول الامام صلوات الله وسلامه عليه خوفه ليس على ذاته ان يقدمها في سبيل الله انما خوفه والله العالم على المشروع الالهي الذي لابد ان يبقى حياً لأكماله صلوات الله وسلامه عليه.
المحاور: سماحة السيد اذن يتضح من كلامكم ان الاخوف بهذا المعنى المقابل للامن لايتعارض مع التوكل على الله تبارك وتعالى
الشوكي: لا على الاطلاق بالعكس الانسان حتى لو كان خائفاً فانه يتوكل، متى يتوكل الانسان على الله؟ عندما يمضي في المخاوف اكثر، نعم عندما يكون هناك خوفاً سواء كان خوفاً شخصياً او خوفاً نوعياً نتيحة لهذا الخوف يتوكل الانسان ويمضي فليس هناك تنافي بين الاثنين.
معكم أيها الاعزاء والفقرة الاخيرة من البرنامج وفيها ننقل لكم حكاية موثقة أخرى من حكايات الفائزين بالألطاف المهدوية الخاصة عنوان الحكاية هو:
أثمر توسلي ثمرتين
مستمعينا الأفاضل، الحكاية التالية كتبها صاحبها بخطه بتأريخ الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام سنة ۱٤۱٦ للهجرة استجابة لطلب حجة الاسلام والمسلمين الشيخ أحمد القاضي الزاهدي الذي نشرها بدوره في الجزء الثالث من كتابه (عشاق الامام المهدي _أرواحنا فداه_).
وصاحب الحكاية هو من علماء طهران وهو امام مسجد (حمزه سيد الشهداء) في العاصمة انه العالم الورع آية الله السيد رضا امامي اليزدي وهو من ذرية السيد الجليل جعفر الطيب صاحب المرقد المبارك والمعروف في مدينة يزد الايرانية وهو من المشاهد المشرفة التي يؤمها المؤمنون ويتوسلون الى الله بهذا السيد الجليل فتقضى حاجاتهم ننقل لكم حكاية هذا السيد ملخصه عما كتبه بعد قليل فتابعونا على بركة الله.
قال اية الليه السيد رضا امامي في رسالته:
(في سنة ۱۳۳٥ هجري شمسي – أي في حدود سنة ۱۹٥٥ ميلادية – كنت أدرس العلوم الدينية في حوزة مدينة قم المقدسة فانتهت نفقتي واضطررت للاقتراض من بعض الطلبة من أهل بلدتي يزد، وانتهى ما قرضته ايضاً وانقطعت حيلتي.
فذهبت في ليلة جمعة الى مسجد جمكران مشياً على الاقدام اذ لم يكن معي شئ من المال ولم يكن ثمة أمل للنجاة من هذه الضائقة، بقيت الى الفجر أتعبد في المسجد، أديت أعماله وأقمت نافلة الليل… ثم توجهت الى مولاي صاحب الزمان –عليه السلام- وخاطبته قائلاً:
يا سيدي انني لم أت الى حوزة قم لكي أنصب لك العداء بل جئت لطلب العلوم الدينية لكي أنقذ نفسي والآخرين من الجهالة… كما أنني، يا مولاي، سيد أنسب اليكم ومن ذرية السيد جعفر ابن الائمة فهل ترضى أن أبقى جائعاً معدماً لاأملك شيئاً…
نعم لقد عاتبت الامام -عليه السلام- كثيراً بنظائر هذه الكلمات.
مستمعينا الافاضل لقد كان عتاب آية الله السيد رضا اليزدي مقترناً بالتوسل بمولانا صاحب الزمان –عليه السلام- بهدف كشف الضائقة المعيشية الشديدة التي اضطرته الى هذا العتاب فماذا كانت النتيجة؟
لمعرفة الجواب نقرأ لكم بقية ما كتبه هذا العالم التقي قال:
وبعد صلاة الفجر عدت الى قم وتوجهت الى مدرسة خان وهي المدرسة الدينية، التي كان يدرس فيها السيد، عندما دخلت حجرتي جذب انتباهي فوراً كتاب لآية الله المرحوم العلامة النهاوندي – وهو مؤلف الموسوعة المهدوية القيمة (العبقري الحيان في أحوال صاحب الزمان _عليه السلام_) كان كتاب العلامة النهاوندي قد طبع حديثاً، أخذت الكتاب وفتحته فوجدت فيه عملة ورقية من فئة عشرة تومانات، وكانت يومها تمثل مبلغاً كبيراً يكفي لتوفير شؤون المعيشة مدة طويلة… ولكن الذي جلب انتباهي أكثر أن هذه العملة كانت موضوعة في صفحة من الكتاب تبتدأ برواية تاريخية أعانتني كثيراً في تحسن حالتي المعنوية واصلاحها وملخص الرواية هو ان رسول الله _صلى الله على واله_ أعطى ذات يوم درهماً لسلمان وآخر لأبي ذر وبعد أيام استدعاهما وقد أعد حجراً حامياً فلما حضرا عنده سألهما عن موارد صرف الدرهمين فأجاب سلمان أنه أنفق درهمه في سبيل الله أما أبوذر فقد كان قد أنفق درهمه على عياله، فاستبشر رسول الله –صلى الله عليه وآله – وبين لهذين الصاحبين انه حاسبهما على ذلك لكي يعلم أصحابه أن الحساب في الآخرة أهو من الدنيا ففي عرصة القيامة يجمع الله الخلائق على صعيد أحر من هذا الحجر للحساب.. .
وعلى أي حال لقد أثمر توسلي بمولاي صاحب العصر –روحي فداه- ثمرتين حصولي على ذلك المبلغ الذي أنهى أزمتي المالية وتعلمي لدرسٍ أخلاقي لكي لاتصيبني الغفلة في حياتي والحمد لله أولاً وآخراً.
كانت هذه مستمعينا الأكارم قصة العالم الجليل آيه الله رضا امامي اليزدي وحل الله لأزمته المالية ببركة توسله ببقية الله المهدي _أرواحنا فداه_ وبها نختم حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله أعمالكم وفي امان الله.