موضوع البرنامج:
دار التوحيد مأوي المؤمنين
حوار مع الشيخ علي الكوراني حول معني اسرار آل محمد (صلي الله عليه وآله)
عنوان الحكاية هو: كتبه صاحب الزمان
يا صاحب الدار التي ملكوتها
تنزيل عرش الله، لا، لم يخرم
الله بانيها بأيدٍ موسعاً
أكنا فها لبنيك صفوة مكرم
أركانها التسليم قدّم مهجةً
في بهجة العشاق للمتسلم
وتوكلٌ ملك اليقين زمامه
ورضيً بتفويض تمام الانعم
مفتاح باب الدار صدق مودةٍ
لك يا موحّد ورد قلب المغرم
فأقول حمداً ثم عفواً سيدي
شكراً وحمداً توأمٌ في تؤام
*******
بسم الله وله الحمد والمجد كلمة المعتصمين وأزكي الصلوات والتحيات علي صفوة النبيين محمد المختار وآله الأئمة الأطهار لا سيما خاتمهم بقية الله المهدي صاحب الزمان (أرواحنا فداه).
الأبيات التي إفتتحنا بها هذا اللقاء هي لأحد أدباء الولاء من مديحة طويلة ذات إشارات بليغة الي مجموعة مهمة من الحقائق المستنبطة من النصوص الشريفة التي تهدينا الي المعرفة الحقة لإمام زماننا (عليه السلام)
- الفقرة الأولي من البرنامج عند هذه الأبيات ساعين للتعرف علي آداب التمسك الصادق بولايته (أرواحنا فداه(
- أما في الفقرة الثانية فيجيب سماحة الشيخ الكوراني عن سؤال للأخت مني قاسم عن معني اسرار آل محمد (صلي الله عليه وآله)
- في الفقرة الثالثة حكاية من حكايات الفائزين بالمعونة المهدوية الخاصة وضعنا لها عنواناً هو: كتبه صاحب الزمان
*******
دار التوحيد مأوي المؤمنين
)صاحب الدار(، هو من ألقاب مولانا الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ويرمز هذا اللقب - في بداية ظهورة - الي خلافته لإبيه الحسن العسكري (عليهما السلام): فبعد إستشهاد مولانا الزكي العسكري (سلام الله عليه) وبسبب الأوضاع الأمنية السائدة يومذاك وشدة ملاحقة السلطات العباسية لخليفته المهدي (أرواحنا فداه) وإخفاء أمر ولادته ووجوده الا عن خواص المؤمنين، بسبب كل ذلك كان أمر دار الإمام العسكري وهي دار أبيه الإمام الهادي (عليهما السلام) من قبل، وكأنها لا صاحب لها عند الناس ولذلك تداول المؤمنون يومذاك هذا اللقب في الرمز الي مولانا الحجة بن الحسن للتعبير عن حقيقة إستمرار الإمامة به (عجل الله فرجه).
هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن هذا اللقب يرمز في بعد أخر الي أن الإمام المهدي المنتظر (سلام الله عليه) هو صاحب دار الإمامة المحمدية العلوية التي تأوي - معنوياً - المؤمنين بأعتبارها حصن التوحيد وكلمة لا إله إلا الله.
وبهذا المعني المعنوي للقب صاحب الدار يتضح أن الإمام المهدي في غيبته وظهوره (عجل الله فرجه) هو صاحب الدار التوحيدية الملكوتية التي ينبغي للمؤمنين أن يؤوا إليها لا فرق في ذلك بين عصر الغيبة أو عصر الظهور!
ومن هذا المعني الدقيق للقب صاحب الدار ينطلق الأديب الولائي في الأبيات التي إفتتحنا بها هذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب ففي البداية تشير الأبيات الي عمق الصبغة التوحيدية لهذه الدار الملكوتية المقدسة، ورعاية الله لها حيث فيخاطب المؤمن فيها إمام زمانه قائلاً:
يا صاحب الدار التي ملكوتها
تنزيل عرش الله لا .. لم يخرم
الله بانيها بأيدٍ موسعاً
أكنافها لبنيك صفوة مكرم
الله تبارك وتعالي هو الراعي الأول لهذه الدار الملكوتية وفيها تنزل رحماته الخاصة علي طلاب الحق؛ والإمام المعصوم - ومصداقه بقية الله المهدي في عصرنا - هو (عليه السلام) خليفة الله في إدارة هذه الدار ورعاية أهلها وتدبير شؤونهم وقيادتهم في طي مراتب الكمال.
ولهذه الدار الملكوتية أربعة أركان ينبغي أن تتوفر في المؤمن لكي يكون من أهلها وبالتالي لكي يكون من الأنصار الحقيقيين لإمام العصر (أرواحنا فداه).
هذا الأركان الأربعة هي في الحقيقة المقومات الأساسية للشخصية المحمدية، يلخصها الأديب بقوله:
أركانها التسليم قدّم مهجةً
في بهجة العشاق للمتسلم
وتوكل ملك اليقين زمامه
ورضيً بتفويض تمام الأنعم
مفتاح باب الدار صدق مودةٍ
لك يا موحّد ورد قلب المغرم
فالمطلوب من المؤمن الراغب في أن يكون من الإنصار المرضيين عند الله وإمام زمانه (عجل الله فرجه) أن يكون مسلّماً لأمر الله في سرور المحب متوكلاً عليه بأيمانٍ يقيني لا تزعزعه الشبهات والشكوك وراضياً بالتقدير الإلهي مقروناً تفويض الأمر لربه الجليل وفي ذلك أعظم النعم الإلهية.
بيد أنّ المفتاح الأساس لدخول هذه الدار الملكوتية هو العمل بالأمر القرآني بالمودة الخالصة لأهل بيت النبوة (عليهم السلام) وفيها توحيد للمشاعر الخالصة بأتجاه الله عزوجل؛ وتحقق بذلك الولاية الصادقة لله جل جلاله.
وهذه الولاية مقرونة بالبراءة من أعداء الله وأذن الدخول لهذه الدار الملكوتية هي التي يطلبها المؤمن من الله مستشفعاً بأمام زمانه لتحققها فيقول:
مولاي ها أنا رافعٌ كفّ الرجا
ودموع عيني ترجمان تكلمي
يغنيك عن دمعي وعن قولي معاً
علمٌ بما في قلبي المسترحم
إذن الدخول مناي لا أقوي علي
غير العكوف ببابك المستقدم
أستعطف المولي بحيرة هائم
ونشيج أواهٍ علا بترنم
سكناه دارك لا قرار بغيرها
لك يا كفيلي إنني لك أنتمي
*******
نشكر لكم أحباءنا علي جميل المتابعة لهذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب وندعوكم للفقرة التالية الخاصة بالإجابة عن أسئلتكم للبرنامج:
معني اسرار آل محمد (صلي الله عليه وآله)
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم نرحب بكم في هذه الفقرة التي خصصناها للاجابة عن اسئلتكم في البرنامج فيما يرتبط بموضوع قضية مولانا الامام المهدي (عجل الله فرجه) الشريف ونرحب بسماحة الشيخ علي الكوراني ليتفضل مشكوراً بالاجابة عن الاسئلة سماحة الشيخ علي الكوراني سلام عليكم.
الشيخ علي الكوراني: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ الاخت منى قاسم تسأل عن قضية كشف الشيعة لأسرار آل محمد (صلى الله عليه وآله) والتي تنقل حديثاً عن الامام الصادق وحديثاً آخر عن الامام الكاظم تشير الى ان قضية تأخير الفرج سببه كشف هذه الاسرار، تقول ما هذه الاسرار التي لا ينبغي للمؤمنين ان يكشفوا عنها او ان كشفها يؤدي الى تأخير الفرج، تفضلوا سماحة الشيخ
الشيخ علي الكوراني: هذه واردة في سيرة الامام الكاظم (سلام الله عليه) وغيره، هذه الاسرار اسرار قال الائمة (عليهم السلام) للشيعة ان هذا سر لا تكشفوه وهذه اسرار بشكل عام الذي تتبعته منها ورأيته انه مربوط بظروف عصرهم مثلاً كشف علي بن يقطين في بلاط الرشيد الوزير، الامام يعتبر هذا سر كشفوه او ان هشام بن الحكم ينهاه الامام عن مناظرة بحضور هارون الرشيد كان يحضر او كان يدعو اليها او البرامكة وينهاه، هذا يمكن ان يكون من نوعها فالاسرار التي سببت التأخير هي اسرار مرتبطة بتلك الرظوف ولا يمكن ان نقول ان مقامات اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم هذه اسرار ولا يجوز ان نقولها، كيف نحدث بفضائلهم؟ نعم يمكن تحديث من لا يستوعب ذلك ويسيء الاستفادة منه هذا من نوع كشف الاسرار انه مقامات لأهل البيت (عليهم السلام) لايستوعبها هؤلاء، هؤلاء عندهم رواسب او متأثرين بالنواصب او ما شابه نعم هذا يمكن ان يكون من كشف الاسرار انه حملتهم اكثر مما يحتملون، هذا قد يكون نوعاً من كشف السر والا الاحاديث والفضائل ومقاماتهم التي وصلت الينا ليست من كشف السر حتى علامات الامام (سلام الله عليه)، بعضهم يشتبهون ويتصورون انه اذا نحن نشرنا علامات الامام (سلام الله عليه) هذا من كشف السر وان الخطة خربت لا ليس هكذا ابداً، الخطة ما تخرب ولا تخرب والله هو المهيمن والله هو الذي قال اخبروا وسيكون ذلك، قيل للامام الحسن (سلام الله عليه)، هو قال انا اقتل بالسم كما قتل جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل له: يابن رسول الله ومن الذي يقتلك؟
قال: زوجتي جعدة.
قيل له: طلقها.
قال: اذا طلقتها من يقتلني غيرها ويكون لها حجة اذن هذا ليس سراً، هذا اخبار الهي وكشفه لا يؤثر عليه لأن كل الاوراق بتعبيرنا بيد الله سبحانه وتعالى فهذا ليس كشف سر، كشف الاسرار ما نص اهل البيت (عليهم السلام) على انه سر واوصوا ان هذا لا يكشف ولا يقال، الشيء الفلاني لا تقولوه، ارتباطكم بي لا تقولوه، نعم هذه من الاسرار.
المحاور: سماحة الشيخ سؤال مني فيما يرتبط بما ورد بشأن الامام المهدي (سلام الله عليه) في المصادر الحديثية المعتبرة، قضية علامات الظهور، انتم اشرتم الى قضية العلامات لا ادري المقصود علامات الظهور ام علاماته البدنية؟
الشيخ علي الكوراني: لا علامات الظهور، علامات الظهور وفيها تفاصيل واحداث وحكومات تسقط وانظمة تسقط وانظمة تقوم وغير ذلك، بعضهم يتصور ان هذه اسرار لا نقولها للناس، هذه تسبب تأخير ظهور الامام (سلام الله عليه) قلت لا هذا اشتباه، ما صدر منهم لنا كعلامة قولوه ولن يؤثر نشره بل قد يكون المطلوب نشره كما في النداء السماوي، هما ندائين واحد الفجر وواحد في الليل، واحد حق وواحد باطل، كيف نعرف الحق من الباطل؟ قال الذي روى حديثه يعرفه يعني اروا حديثه وانشروه وثقفوا الناس.
المحاور: نعم سماحة الشيخ اذن السؤال الذي اردت ان اعرضه اجبتم عليه يعني ما في مشكلة بشأن ما روي في المصادر المعتبرة ان ينقل الى الاخرين؟
الشيخ علي الكوراني: ابداً ابداً انا افهم ان المطلوب نقله.
المحاور: الشيخ علي الكوراني شكراً لكم وحيا الله وهم يتابعون مشكورين ما تبقى من البرنامج.
*******
أما الآن فندعوكم للفقرة التالية وهي حكاية عنوانها:
كتبه صاحب الزمان
روي الحكاية التالية عدة من العلماء الثقات منهم القاضي الشهيد الثالث التستري صاحب كتاب إحقاق الحق وإبطال الباطل، فقد نقلها في كتابه مجالس المؤمنين، ومنهم العالم الجليل علي بن ابراهيم المازندراني المعاصر للعلامة المجلسي، ومنهم آية الله الشيخ ابراهيم التنكابني في كتابه قصص العلماء، وغيرهم كما نقلها عنهم آية الله المحدث الشيخ حسين النوري في كتابه جنة المأوي.
و في هذه الحكاية عبرة مهمة بشأن إعانة إمام العصر (عجل الله فرجه) للعلماء المدافعين عن الدين الحق.
وملخص الحكاية هو أن أحد علماء النواصب المثيرين للفتنة بين المسلمين وكان معاصراً للعلامة الجليل الحسن بن المطهر الحلي رضوان الله عليه كان قد ألف كتاباً جمع فيه شبهات مضللة ضد مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وكان يقرأ من هذا الكتاب علي الناس في خطبه ومجالسه ويضللهم ويثيرهم ضد أتباع مدرسة الثقلين.
ولما سمع العلامة الحلي بذلك شعر بضرورة الحصول علي هذا الكتاب لكي يرد عليه ويأد الفتنة بين المسلمين وينقذهم من تضليلاته وشبهاته ولكن ذلك الناصبي كان يحرص علي منع إستنساخ كتابه أو إعارته لأي كان خشيةً من وقوعه في أيدي علماء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) فيردوا عليه ويكشفوا زيف إدعاءاته.
وإزاء ذلك ما الذي كان بأمكان العلامة الحلي أن يفعله وهو الحريص علي مصالح الناس وهدايتهم الي الحق وإنقاذهم من الفتن؟
رأي العلامة الحلي أن التدبير في أن يتنكر ويتقرب الي ذلك العالم الناصبي بأن يتلمذ علي يديه إبعاداً لشكوكه وهذا ما فعله (رضوان الله عليه) وبعد مدة من حضور مجلس ذلك العالم الناصبي أنس الأخير بالعلامة لما ظهر له من فضله ونباهته، فطلب العلامة إثر ذلك من الناصبي أن يعيره الكتاب المذكور، فخشي الناصبي من الإمتناع حرصاً منه علي إستمرار مثل الطالب الفاضل علي حضور مجلس درسه ليكون سبباً لتفاخره ودعاية له، لكنه إدعي أنه نذر أن لا يعير الكتاب أحداً لأكثر من ليلة، فأعاره الكتاب شريطة أن يعيده له في اليوم التالي صباحاً، فوافق العلامة علي ذلك مغتنماً الفرصة وأخذ الكتاب وكان حجمه كثيراً فكيف يتم إستنساخه في ليلة واحدة؟!
أخذ العلامة الكتاب الي محل إقامته وبدأ فوراً بأستنساخه بجهدٍ دؤوب حتي تعب وغالبه النعاس وفقد القدرة علي مواصلة عمله وحينئذ دخل عليه مولانا الحجة المهدي (أرواحنا فداه) بهيئة رجلٍ حجازي وقال له: إجعل أمر إتمام إستنساخ الكتاب إلي ونم.
لم يعرف العلامة من هو محدثه لشدة ما كان فيه من غلبة النعاس، فأستسلم لأمر معينه وغوثه ونام، فلما إستيقظ ندم علي نومه وتركه الإستنساخ لكنه عند أمعن النظر في أوراقه وجد أن الكتاب قد تم إستنساخه بالكامل وفي آخره كتبت العبارة التالية: كتبه محمد بن الحسن العسكري صاحب الزمان (أرواحنا فداه).
*******