موضوع البرنامج:
الاجتهاد في ابتغاء مرضاة الله
حوار مع الشيخ علي الكوراني حول علل الغيبة
إني مرسل لك بطعام فكله
بقية الله من إناس
كرام اصل جسام خطب
لسانهم من وراء ستر
ووجوههم من وراء حجب
في كفه كأس خمر حبٍ
من كرم جنات عدن قرب
بدر تراه العيون شخصاً
وقد تجلى لكل صب
سماء دنيا القلوب بحر
عليه فلك لكل ركب
سرير ملك وبيت نسك
وقطب رسو ٍ لكل قطب
*******
بسم الله وله لمجد والحمد منزل البركات وعظيم العطيات وأزكى الصلاة واسمى التحيات على صفوته الهداة سادة السادات المصطفى المختار وآله الاطهار.
لا سيما خاتم اوصياء العترة المحمدية إمام زماننا النتظر عجل الله فرجه وجعلنا من خيار أنصاره في غيبته وظهوره.
قد اخترنا لمطلعها أبيات لأحد علماء اهل السنة وافق أتباع مدرسة اهل البيت المحمدي (عليهم السلام) في الاعتقاد بأن المهدي الموعود هو الحجة بن الحسن العسكري سلام الله عليهما وأنه غائب يمارس مهام الامامة من حلف حجب الغيبة كما يصرح بذلك في الابيات التي استمعتم لها آنفاً هذا العالم الاديب هو صفي الدين احمد بن علوان اليماني المتوفى سنة ٦٦٥ (رحمة الله عليه). وفي هذا اللقاء نلتقيكم ضمن فقرات عدة هي:
- فقرة عن الوصايا المهدوية عنوانها: الاجتهاد في ابتغاء مرضاة الله
- وإجابة من خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني عن سؤال بشأن علل الغيبة
- وحكاية من حكايات الفائزين بالالطاف المهدوية الخاصة وعنوانها هو: إني مرسل لك بطعام فكله
*******
كونوا معنا أعزاءنا والفقرة التالية التي تحمل العنوان التالي:
الاجتهاد في ابتغاء رضا الله
في كتاب الاحتجاج روى الشيخ الطبرسي (رضوان الله عليه) ان ابن احد اصحاب الامام المهدي (عليه السلام) كتب اليه رسالة وكان فيها طلب الدعاء منه، فأجاب (عليه السلام) بقوله: «جاد الله عليه بما هو ـ جل وتعالى ـ أهله، ايجابا ً لحقه ورعاية لأبيه وقربه منا،وقد رضينا بما علمناه من جميل نيته. نسأل الله بمسالته ما أمله من كل خير عاجل وآجل، وأن يصلح له من أمر دينه ودنياه ما يحب صلاحه نسأل الله بمسالته ما أمله من كل خير عاجل وآجل، وأن يصلح له من أمر دينه ودنياه ما يحب صلاحه إنه ولي قدير».
يمكننا أن نتلمس في الحديث المتقدم عدة وصايا عملية ضمنية من إمام العصر (عجل الله فرجه) للمؤمنين، نلخص أبرزها في النقاط التالية:
أولاً: ينبغي للمؤمنين أن يرغبوا في طلب أن يدعوا لهم إمام زمانهم في سائر شؤونهم، وهذا الامر من المصاديق العملية لترسيخ الارتباط الوجداني الفاعل به سلام الله عليه وقد نبه القرآن الكريم الى هذا الأمر في آيات عدة، منها آيات الطلب من النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) أن يدعو للمؤمنين ويستغفر لهم، وآيات طلب إخوة يوسف (عليه السلام) من أبيهم يعقوب سلام الله عليه أن يستغفر لهم وغير ذلك من الآيات الكريمة.
وإمام العصر (أرواحنا فداه) هو كجده رسول الله (صلى الله عليه وآله) رؤوف بالمؤمنين حريص على صالحهم يستجيب لطلب من طلب منه الدعاء، فلا ينبغي للمؤمنين أن يغفلوا عن طلب الدعاء منه.
أما كيفية طلب الانسان من الامام الغائب أن يدعو له فقد صرحت كثير من النصوص الشريفة أن الله جل قدرته قد وكل من ملائكته من ينقل للنبي وعترته الطاهرة (عليهم السلام) من ينقل لهم سلام المؤمنين عليهم من بعيد وقريب وكذلك نقل طلباتهم منهم واستشفاعهم به ولو كان ذلك بالقلوب دون الالسن فالله تبارك وتعالى عليم بما في الصدور يطلع اوليائه الذين ارتضاهم على ما شاء من ذلك.
أما الوصية الثانية: التي يمكن أن نستفيدها من النص المتقدم، نحصل عليها من التدبر في طبيعة الدعاء الذي دعا به الامام المهدي )ارواحنا فداه) من أجل ذلك المؤمن الذي سأله الدعاء. فهو يعلمنا ويوصينا بأن يكون دعاؤنا أن يفعل الله بنا بما هو أهله من الرحمة والمغفرة والتوفيق وفي ذلك وصية ضمنية أخرى بأن نحسن الظن بالله تبارك وتعالى دائماً.
كما نلاحظ أن الامام (عجل الله فرجه) قد دعا لطالب الدعاء منه أن يبلغه كل ما أمله من خير عاجل وآجل، وفي ذلك وصية للمؤمنين بأن تكون طلباتهم وآمالهم في دائرة ما فيه خير وليس ما فيه استجابة لنوازع النفس وأمانيها.
وإضافة لذلك دعا بقية الله (ارواحنا فداه) لهذا المؤمن بأن يصلح الله عزوجل ما يحب صلاحه من أمر دينه ودنياه، وفي ذلك وصية اخرى للمؤمنين بأن يكون اهتمامهم منصباً على صلاح وإصلاح أمور دينهم أولاً وثم دنياهم يما يكون لله عزوجل فيه الرضا عنهم.
ونتلمس في قول مولانا الامام المهدي (سلام الله عليه) في جوابه المتقدم: (وقد رضينا بما علمناه من جميل نيته)؛ نتلمس في ذلك وصية مهمة هي أن تكون نوايانا حسنة جميلة في جميع شؤوننا ؛ بمعنى أن تكون دوافعنا لاي عمل وتجاه أي شخص هو طلب ما فيه رضا الله عزوجل ورسوله وأوليائه عليه و(عليهم السلام). وأن تكون خالية من كل لا يرضاه الله عزوجل كإيذاء الآخرين أو الاستجابة للشهوات والاهواء ونظائر ذلك.
*******
قد حان الآن موعدكم مع اجابات خبير البرنامج عن اسئلتكم للبرنامج فلنستمع معاً للإتصال الهاتفي التالي الذي أجراه زميلنا.
علل الغيبة
المحاور: السلام عليكم احبائنا وسلام على ضيفنا الكريم سماحة الشيخ علي الكوراني، سماحة الشيخ الاخت ام منتظر بعثت برسالة فيها سؤال محوري تقول كيف ان بعض هذه الاحاديث تبين علل الغيبة والبعض الاخر يقول لا تسألوا عن علل الغيبة، تستشهد بالآية «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ» وما ورد في حديث الامام الصادق (عليه السلام) عندما سئل عن علة الغيبة قال بانها سر من اسرار الله تبارك وتعالى، كيف الجمع بين هذه الاحاديث؟
الشيخ علي الكوراني: قال فقهائنا الفرق بين الحكمة والعلة، العلة يعني السبب الذي يدور مداره الامر وجوداً وعدماً، مثلاً هم يتكلمون عن علة تحريم هذا الشيء، علة تحريم الخمر اسكاره، اذا زال الاسكار زالت الحرمة، علة وجوب الحج للسبب الفلاني اذا زال، زال الوجوب، فاذن هناك علل للوجود والعدم في الاحكام الشرعية، في الامور التكوينية ايضاً كذلك، علة خلق نبينا (صلى الله عليه وآله) لو لم تكن هذه العلة موجودة لما بعث ولما خلق مثلاً، علة غيبة الامام المهدي سلام الله عليه الذي يسأل عن العلة الحقيقية بالمعنى المصطلح، العلة يعني لو لم تكن لما غاب هذا معناه، هذه العلة تطلق على الحكمة ايضاً، العلة لماذا غاب؟ لانه لم يكن ظرفه ظرف مناسب للمشروع الالهي لاقامة الدولة، لماذا غاب؟ لان البشر لم يكونوا يستحقون ان يبقى الامام حاضراً بينهم، اذن ما بيّنه الائمة (عليهم السلام) هو بعض اوجه الحكمة والذي ينفي يقول سر من اسرار الله، لا تعرفونه لما يظهر هو يخبركم وتعرفون، النفي مسلط على اصل العلة والوجوه المبينة هي وجوه من الحكمة وكلاهما صحيح ولا تعارض بين هذه الروايات.
المحاور: سماحة الشيخ بالنسبة لحديث الامام الصادق (عليه السلام) يعني سر من اسرار الله تبارك وتعالى يفهم من عنده انه ما ذكرته الاحاديث الشريفة من اوجه الحكمة في غيبة الامام سلام الله عليه، يعني تبقى هنالك امور لا يكشف عنها؟
الشيخ علي الكوراني: ما ذكرته الاحاديث عن النبي والائمة (عليهم السلام) ليس هو العلة التامة، المسألة اعمق من هذا وهو سر من اسرار الله تبارك وتعالى، ورد عندنا الجبر والاختيار انه سر من اسرار الله، يعني كيف انا مختار في عملي وبنفس الوقت مهيمن عليَّ من الله، وبنفس الوقت انا مبرمج لابد ان اقوم بهذا العمل لاني اخترته في عالم الذر، الانسان مختار ومجبر، مجبر ومختار، لا مجبر ولا مختار امر بين امرين، يعني امر لا هو اجبار ولا هو اختيار وهو اجبار وهو اختيار، هذا معناه، فاذن عندما يقول الامام سلام الله عليه سر من اسرار الله معناه في عمق في الموضوع، هذا العمق يتعلق بهدف الله سبحانه وتعالى من خلق الانسان وامتحانه في الارض، خلق الانسان وامتحانه في الارض كثير من وجوهها لا نعرفها، لماذا الله عز وجل ما دام سهل عليه ان يضع كل الارض مروج وثمار ويريحنا من العمل للمعيشة، يحل الازمة الاقتصادية، فقر الفقراء انواع المعاناة، لكن سر من اسراره هو عنده قوانينه لازمة حازمة اقام عليها الحياة، من هذه القوانين ان الناس غائب عنهم امامهم، والذي هو مصدر لخيرهم ولتطوير الحياة على الارض غائب عنهم فترة فننتظر لما يأتي وقته ويرث الارض.
المحاور: سماحة الشيخ علي الكوراني شكراً لكم وشكراً لاحبائنا وهم يتابعون ما تبقى من البرنامج.
*******
أما الفقرة التالية من برنامج شمس خلف السحاب فهي أحباءنا احدى روايات الفائزين بالالطاف المهدوية الخاصة، وقد اخترنا لرواية هذا اللقاء العنوان التالي:
اني مرسل لك بطعام فكله
نقل آية الله السيد الشهيد عبد الحسين دستغيب في كتابه القيم القصص العجيبة والذي صرح في مقدمته أنه لم ينقل فيه الا ما اطمئن الى وثاقته ؛ نقل فيه عن العبد الصالح الحاج مؤمن (رحمه الله) وهو من أخيار مدينة شيراز الايرانية الحاثة التالية، قال الحاج مؤمن: غمرني هذا الشوق من الشدة والقوة الى درجة أفقدتني السكينة والقارا والنوم ودفعني ـ بحكم قلة تجربتي ـ الى أن اتخذ ذات يوم ٍ وأنا في فورة عاطفية عارمة قراراً بأن أحرّم على نفسي الاكل والشرب الى أن احظى برؤية مولاي صاحب الزمان (روحي فداه)
والتزم هذا الشاب بقراره بكل اندفاع واعتكف في مسجد (سردزك) المعروف في محافظة شيراز، يتعبد لله عزوجل متوسلاً اليه لكي يحقق امنيته، وقد امتنع بالفعل عن الاكل والشرب حتى حصل له الفرج، يقول الحاج مؤمن في وصف ما جرى: مضى عليّ يومان وليلتان لم أذق فيها شيئاً على الاطلاق لامن الطعام ولا من الشراب، حتى اشتد بي الضعف واضطررت الى شرب قليل من الماء، واثر ذلك عرضت لي حالة من الغشية كنت فيها بين اليقظة والمنام، وفيها تشرفت برؤية مولاي بقية الله المهدي (روحي فداه).
لقد عاتبني برفق ٍ ورأفة بسبب قراري ذاك، وقال لي: لم تفعل مثل هذا بنفسك، فتلقي بها الى التهلكة، إني مرسل لك بطعام فكله.
وإثر هذه الرؤيا زالت عن الحاج مؤمن تلك الغشية واستعاد وعيه ولم يكن في المسجد سواه، وكان قد مضى من تلك الليلة ثلثها، فإذا به يسمع طرقاً على باب المسجد، فذهب وفتح الباب فاذا به يرى رجلاً قد غطى راسه بعباءة بحيث لا يتعرف عليه أحد،فناوله وعاءً وأمره بأن يأكل منه،ثم ذهب ولم يدخل المسجد، قال الحاج مؤمن يحكي ما جرى بعد ذلك: حملت الوعاء الى داخل المسجد، فإذا به يحتوي على أرز مطبوخ ودجاج مشوي فجلست معه وأكلت منه فشعرت بلذة لا يمكن وصفها.
وقبل غروب شمس اليوم التالي جاء الي المرحوم الميرزا محمد باقر الذي كان من أعاظم الابرار يومذاك، فطالبني أولاً بالوعاء الذي كان فيه الطعام ثم أعطاني كيساً فيه مبلغ من المال وقال لي: لقد أمرك مولاك بالسفر، فخذ هذا المال واذهب الى السيد هاشم (وهو إمام جماعة مسجد سردزك يومذاك) ورافقه في سفره الى مشهد المقدسة فقد عزم على زيارة الرضا (عليه السلام)، وفي الطريق ستلتقي رجلاً جليلاً تنتفع منه.
وكانت هذه بداية مسيرة جليلة في حياة الحاج مؤمن الشيرازي بلغ فيها برعاية مولانا الامام المنتظر (عجل الله فرجه) مقامات سامية في منازل القرب من الله وأصبح من الاولياء الذين أجرى الله تبارك وتعالى على أيديهم بركات كثيرة.
*******