السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله..
أطيب تحية نحييكم بها في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج وسؤالنا فيه هو: ما هو الحق السادس من حقوق حبيبنا المصطفى – صلى الله عليه وآله؟
أو ما هو الواجب السادس من واجباتنا تجاهه صلى الله عليه وآله؟
فقد عرفنا في الحلقات السابقة خمسة من حقوقه هي:
- حق الطاعة والإتباع.
- وحق الفصل في الإختلاف والتحاكم إليه صلى الله عليه وآله.
- وحق المودة والحب.
- وحق الصلاة عليه كلما ذكر صلى الله عليه وآله.
- وحق المودة والحب.
- وحق الصلاة عليه كلما ذكر صلى الله عليه وآله.
- وحق تعظيمه وتوقيره وهو الذي عظمه ربه العظيم في قرآنه الكريم حيث قال: "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ".
أعزاءنا، الحق السادس من حقوق النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – هو حق البيعة وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في ثلاث آيات كريمة، فقال عز من قائل في الآية العاشرة من سورة الفتح:
"إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً".
وأداء هذا الحق النبوي والوفاء له سبب للفوز بالأجر العظيم، والفوز أيضاً برضا الله تبارك وتعالى، كما تصرح بذلك الآية ۱۸ من سورة الفتح أيضاً حيث يقول جل جلاله:
"لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيبا".
ويصرح القرآن الكريم بأن هذا الحق يتوجه أيضاً للمؤمنات، فهو واجب عام لا يقتصر على النصرة القتالية، قال عزوجل في الآية ۱۲ من سورة الممتحنة:
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
وهنا نسأل: ما معنى البيعة؟ وكيف نقوم بهذا الواجب تجاه رسول الله – صلى الله عليه وآله – في زماننا الحاضر؟
مستمعينا الأفاضل، المستفاد من الآية العاشرة من سورة الفتح نفسها أن البيعة هي نوع من معاهدة المبايع، إذ تثني عن الملتزم بها بتعبير "ومن بما عاهد الله عليه"، ولذلك قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: "البيعة نوع من الميثاق ببذل الطاعة... وحقيقة معناه إعطاء المبايِع يده للسلطان المبايَع مثلاً ليعمل به ما يشاء".
ومثلما أن طاعة النبي – صلى الله عليه وآله – هي طاعة لله عزوجل لكونه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، كذلك الحال مع مبايعته ومعاهدته فهي بيعة لله عزوجل.
وفيها يضع المؤمن نفسه وماله في تصرف النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – يفعل فيه ما يشاء لأن لا يشاء إلا ما يريده الله عزوجل من صلاح العباد وفلاحهم وفوزهم في الدنيا والآخرة وبالتالي إيتائهم الأجر العظيم.
وهذا يعني أن البيعة هي في الواقع، التجسيد العملي لمفهوم تسليم العبد أمره لله عزوجل وتفويضه إليه والمعاهدة على ذلك، وهذا مقام يختص بالأصالة برسول الله – صلى الله عليه وآله – بسبب عصمته المطلقة وخلافته الكاملة لله عزوجل كما يشير لذلك مولانا الإمام الرضا – عليه السلام – في الحديث المروي عنه في كتاب عيون الأخبار أنه قال: "إن الله تعالى فضل بنبيه محمداً – صلى الله عليه وآله – على جميع خلقه من النبيين والملائكة وجعل طاعته طاعته ومبايعته مبايعته وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته، فقال عزوجل: [من يطع الرسول فقد أطاع الله] وقال النبي – صلى الله عليه وآله - : من زارني في حياتي أو بعد مماتي فقد زار الله، ودرجته – صلى الله عليه وآله – في الجنة أعلى الدرجات، ومن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى".
مستمعينا الأفاضل، أما بالنسبة للسؤال الثاني وهو: كيف نؤدي حق البيعة لرسول الله بعد وفاته – صلى الله عليه وآله – وفي زماننا الحاضر، فهذا ما يجيبنا عنه رسول الله – صلى الله عليه وآله – نفسه حيث قال في بعض فقرات خطبة يوم الغدير: "من بايع فقد بايع الله يد الله فوق أيديهم، معاشر الناس فاتقوا الله وبايعوا علياً أميرالمؤمنين والحسن والحسين والأئمة حكمة طيبة باقية يهلك الله بها من غدر ويرحم بها من وفى..".
وقال – صلى الله عليه وآله – أيضاً: "معاشر الناس، إني قد بينت لكم وأفهمتكم، وهذا علي يفهمكم بعدي، ألا وإني بعد إنقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته والإقرار به ثم مصافقته بعدي.. ألا وإني قد بايعت الله وعلي قد بايعني وأنا آخذ بالبيعة له عن الله عزوجل، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه".
إذن أحبتنا فإن أدائنا لحق مبايعة الحبيب المصطفى في هذا العصر يكون أولاً بمعاهدته – صلى الله عليه وآله – على الطاعة المحضة له في كل ما صح عنه من أوامر ونواهي أولاً، وثانياً مبايعة الإمام المعصوم من ذريته الذي تكون طاعته والتسليم له طاعة لله وتسليماً لأمره عزوجل، لأنه إمام معصوم بالعصمة المحمدية.
وهذا ما نجسده تجاه إمام زماننا المهدي المحمدي – أرواحنا فداه – من خلال دعاء العهد الشريف الذي أمرنا إمامنا الصادق – عليه السلام – بمبايعة المهدي به وقد جاء في بعض فقراته قول الداعي "اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبداً…".
وهذا هو مسك ختام حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.. شكراً لكم وفي أمان الله.