سلام من الله ذي الفضل والإنعام عليكم مستمعينا الكرام..
أطيب تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، فأهلاً بكم..
سؤالنا في هذا اللقاء هو من أهم الأسئلة التي ينبغي لكل طالب للسعادة والفلاح أن يحصل على إجابته.
فالسؤال هو: ما هي واجباتنا تجاه رسول الله؟ أو لنقل ما هي حقوقه – صلى الله عليه وآله – علينا؟
نسعى معاً للحصول على الإجابة فتابعونا على بركة الله.
عندما نرجع إلى القرآن الكريم نجده يصرح بأن أهم هذه الواجبات هو واجب الطاعة والإتباع، وهذا ما أمرنا به الله تبارك وتعالى في آيات كثيرة منها قوله عزوجل في الآيتين ۳۱و۳۲ من سورة آل عمران؛
"قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{۳۱} قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ{۳۲}"
وقال أمير المؤمنين – عليه السلام – في خطبة الوسيلة المروية في كتاب الكافي بعد أن ذكر النبي – صلى الله عليه وآله - :
"فقال الله تبارك وتعالى في التحريض على إتباعه والترغيب في تصديقه والقبول لدعوته: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، فاتباعه صلى الله عليه وآله محبة الله ورضاه غفران الذنوب وكمال الفوز ووجوب الجنة".
كما أن اتباع النبي – صلى الله عليه وآله – هو علامة صدق الإيمان وبطاعته يمتحن الله عزوجل عباده، فمن أعرض عن طاعته باء بسخط الله ففي ذلك علامة الكفر بنعمة وجوده – صلى الله عليه وآله – ولذلك قال عزوجل "فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ".
ففي الإعراض عن طاعته سقوط في العذاب الشديد كما يصرح بذلك قوله عزوجل في الآية ۱۱٥ من سورة النساء:
"وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً".
فالإعراض عن طاعته هو علامة النفاق، قال تعالى في الآية ٦۱ من هذه السورة؛ "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً".
مستمعينا الأفاضل، والمستفاد من النصوص الشريفة أن أداء حق الإتباع والطاعة لرسول الله – صلى الله عليه وآله – يكون باتباعه المطلق دون قيد أو شرط لأن في ذلك صلاح الإنسان وفلاحه وسعادته في الدنيا والآخرة.
قال عزوجل في الآية ۱٤۳ من سورة البقرة؛
"...وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ".
إن علامة صدق إيماننا هو إطاعتنا للرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله – المطلقة فيما نحب أو نكره وفيما عرفنا حكمته أم لم نعرفه، قال تبارك وتعالى في الآية ٦٥ من سورة النساء؛
"فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً".
إذ أن طاعته وإتباعه هي العروة الوثقى التي تنجي من الفرقة والتنازع والفشل كما يشير لذلك قوله تبارك وتعالى في الآية ٤٦ من سورة الأنفال؛
"وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".
وذلك لأن الهداية الإلهية تكمن في طاعته – صلى الله عليه وآله – قال عزوجل في الآية ٥٤ من سورة النور؛
"قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ".
إن في إتباع النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – بلوغ الحياة الحقيقية الطيبة كما يشير لذلك قول الله تبارك وتعالى في الآية ۲٤ من سورة الأنفال؛
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ".
وطاعته يجب أن تكون شاملة في كل ما جاء به لأن ما جاء به هو الحق من ربه ولأنه – صلى الله عليه وآله – لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
ولذلك كانت طاعته سبب لقبول الأعمال وعصيانه – صلى الله عليه وآله – سبب لإحباطها وضياعها، قال عزوجل في الآيتين ۳۲و۳۳ من سورة محمد صلى الله عليه وآله:
"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ{۳۲} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ{۳۳}"
وطاعة الله تتحقق بطاعة رسوله الكريم وطاعة رسوله – صلى الله عليه وآله – تتحقق بإتباع سبيل المؤمنين من خلفائه وأوصيائه وأهل بيته الذين جعلهم في حديث الثقلين الشهير عدلاً للقرآن الكريم.
قال عزوجل في الآية ٥۹ من سورة النساء؛
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً".
إذن نلخص، مستمعينا الأفاضل، إلى أن أول حقوق النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – على جميع الخلق وإلى يوم القيامة هو حق الإتباع والطاعة، وهذه الطاعة يجب أن تكون مطلقة مثلما أمر الله عزوجل تشمل الأخذ بجميع ما أمر به – صلى الله عليه وآله – والإنتهاء عن جميع ما نهى عنه وتحقق أداء هذا الحق بعد وفاته – صلى الله عليه وآله – يكون بالعمل بما صحت روايته عنه – صلى الله عليه وآله – من سنن وأوامر ومناهي، والتمسك بالثقلين – القرآن والعترة – اللذين صحت الرواية بأنه – صلى الله عليه وآله – أمر أمته بالتمسك بهما للنجاة من الضلالة.
رزقنا الله وإياكم حسن وكمال الطاعة والإتباع لحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وآله.
اللهم آمين، وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامج (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.