البث المباشر

ما هو موقف خاتم النبيين من الديانات السابقة و رسالات الأنبياء السابقين صلوات الله عليهم أجمعين ؟

السبت 9 مارس 2019 - 15:05 بتوقيت طهران

الحلقة 90

السلام عليكم أيها الإخوة و الأخوات و رحمة من الله و بركات، لكم منا أزكي تحية نحييكم بها و نحن نلتقيكم بفضل الله المتعال في حلقة اليوم من برنامجكم العقائدي هذا نتابع فيها البحث عن أجوبة الأسئلة العقائدية المرتبطة بنبوة النبي الخاتم – صلى الله عليه و آله – ، و سؤالنا اليوم هو (ما هو موقف خاتم النبيين من الديانات السابقة و رسالات الأنبياء السابقين صلوات الله عليم أجمعين ؟)، تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل، نجد في القرآن الكريم عدة آيات تشير أو تصرح بإيمان النبي الأكرم – صلى الله عليه و آله – بجميع من تقدمه من رسل الله عزوجل المعبر عنهم بكلمات الله كفرع لإيمانه بالله المرسل إليهم ، قال الله عزوجل في الآية ۱٥۸ من سورة الأعراف: "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ".
و قال المفسرون كالفيض الكاشاني في كتاب (تفسير الأصفي): الذي يؤمن بالله و كلماته ، يعني ما أنزل عليه و علي من تقدمه من الرسل ؛ و اتبعوه لعلكم تهتدون: يعني تهتدون إلى العلم اللدني الموصل إلى محبة الله و ولايته فإنه لا يحصل إلا بالإيمان و اتباع النبي و من أمر صلى الله عليه و آله باتباعه. 
إذن فالنبي الخاتم – صلى الله عليه و آله – يؤمن أساسا بجميع الرسالات الإلهية السابقة و يدعو إلى الإيمان بجميع رسل الله كما ورد مثلا في الآيات التي تتحدث عن صفات المؤمنين به في أول سورة البقرة و خاتمتها.
هذا أولا و ثانيا فإنه – صلى الله عليه وآله – جاء مصدقا لتلك الرسالات من جهة و مكملا لها من جهة ثانية ، و نافيا التحريفات التي أوجدها أئمة الضلال عليها و إظهار الحقائق الخفية منها من جهة ثالثة : فمثلا عن تطهير الرسالات السابقة من الإنحرافات و إظهار حقائقها المخفية كما أشار الله تبارك و تعالى لذلك في الآيتين ۱٥ و ۱٦ من سورة المائدة ضمن سياق آيات تنفي بعض أشكال الشرك العقائدي الذي أحىث في اليهودية و النصرانية : قال عزوجل " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ{۱٥} يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{۱٦}"
إذن فخاتم النبيين – صلى الله عليه وآله – جاء لتصحيح هذه الرسالات السماوية و إكمالها بأكمل رسالة أنعم الله بها على عباده تحرر الإنسان من جميع التحريفات و تفتح أمامه آفاق أعلى مراتب الكمال ، قال عزوجل في الآية ۱٥۷ من سورة الأعراف :"الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان ضمن تحقيق قرآني عن دلالات هذه الآية ما ملخصه: "إن الدين الذي جاء به محمد – صلى الله عليه و آله – هو الدين الوحيد الذي نفخ في جثمان الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كل ما يسعه من روح الحياة و بلغ به من حد الدعوة الخالية إلى درجة الجهاد في سبيل الله بالأموال و الأنفس". و أضاف رضوان الله عليه : "و هو الدين الوحيد الذي أحصي جميع ما تتعلق به حياة الإنسان من الشؤون و الأعمال ثم قسمها إلى طيبات فأحلها و إلى خبائث فحرمها و لا تعادله في تفصيل القوانين المشرعة أي شريعة دينية و قانون إجتماعي".
كما أشار العلامة الطباطبائي في جانب آخر من كلامه إلى المهمة الإصلاحية للأديان الإلهية التي قام بها خاتم النبيين – صلى الله عليه و آله – فيما جاء به من الدين الحق من الله تبارك و تعالى، فقال – قدس سره –: "و هو الدين الذي نسخ جميع الأحكام الشاقة الموضوعة على أهل الكتاب و اليهود خاصة، و ما تكلفها علماؤهم و ابتدعها أحبارهم و رهبانهم من الأحكام المبتدعة". و خلص العلامة الطباطبائي في بحثه القرآني هذا إلى نتيجة محورية هي أن الآية الكريمة المتقدمة أي الآية ۱٥۷ من سورة الأعراف تشير إلى أوضح دليل عملي على صدق النبي الخاتم و كمال ما جاء به – صلى الله عليه و آله –، قال رحمه الله: "إن كمال هذه الأمور الخمسة في هذه الملة المحمدية البيضاء أصدق شاهد و أبين بينة على صدق الناهض بدعوتها – صلى الله عليه و آله – .. فإن شريعته كمال شريعة الكليم و المسيح عليهما السلام، و هل يطلب من شريعة حقة إلا عرفانها المعروف و إنكارها المنكر و تحليلها الطيبات و تحريمها الخبائث و إلغاؤها كل إصر و غل" ؟!).
مستمعينا الأفاضل، إذن خلاصة ما تقدم هو أن موقف النبي الخاتم – صلى الله عليه و آله – تجاه الأنبياء السابقين و رسالاتهم هو: الإقرار بهم إيمانا بالله و كلماته ، و تطهير رسالاتهم الإلهية من التحريفات التي ابتدعها الأحبار و الرهبان، و إكمالها بأكمل الشرائع الإلهية الهادية إلى أعلى مراتب الصلاح و الفلاح.
و بهذه الخلاصة نصل أيها الأطائب إلى ختام حلقة اليوم من برنامجكم ( أسئلتنا و أجوبة الثقلين ) استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، إلى لقائنا المقبل دمتم بألف خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة