السلام عليكم مستمعينا الأحبة و رحمة الله و بركاته ، أطيب تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج ، نتناول فيه الأسئلة المرتبطة بالإعتقاد الصحيح بالنبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – و قد عرفنا في الحلقة السابقة من النصوص الشريفة أن أول ما يجب الإعتقاد به في هذا الباب أنه صلى الله عليه و آله هوالنبي الذي بشرت به الكتب السماوية إذ لا تنطبق الصفات المذكورة فيها للنبي الخاتم سوى عليه – صلى الله عليه وآله – و هذا ما صدقه الواقع التأريخي إذ لم يأت سواه من يدعي ذلك .
و هذا سر إحجام الذين لم يؤمنوا به – صلى الله عليه وآله – من أحبار اليهود و النصاري و غيرهم عن الإحتجاج في إنكار نبوته بعىم انطباق الصفات المذكورة في كتبهم عليه – صلى الله عليه وآله – . و هذا أيضا هو سر سعيهم في إخفاء تلك البشارات و تحريف تفسير بعضها ، بعد ما رأوا كثرة من آمن بالنبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – استنادا إلى تلك البشارات .
و هنا نسأل : هل أن البشارة بالنبي الخاتم – صلى الله عليه وآله – اقتصرت على الديانات الرئيسية المعروفة أم شملت جميع النبيين ؟ و ما الحكمة في ذلك ؟ نبحث معا عن الإجابة في النصوص الشريفة فتابعونا مشكورين .
أيها الأطائب ، نجد في القرآن الكريم ، إشارات و تصريحات بأن بعض الأنبياء قد بشروا بالنبي الخاتم – صلى الله عليه وآله – ذاكرين إما صفاته أو مصرحين باسمه الشريف ، فمثلا يذكر القرآن المجيد دعاء إبراهيم الخليل بعد أن رفع القواعد من الكعبة المشرفة بقوله في الآية ۱۲۹ من سورة البقرة : { ربنا و ابعث فيهم رسولا منهم [ أي من ذرية إبراهيم في مكة ] يتلو عليهم آياتك و يعلمهم الكتاب و الحكمة و يزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم } . و هذا هو الوصف الذي انطبق بالكامل على النبي محمد – صلى الله عليه وآله – الآية الثانية من سورة الجمعة و غيرها ، و قد روي عن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – قوله : { أنا دعوة إبراهيم } . يشير بذلك إلى أنه المقصودة بهذه الدعوة ، كما صرحت آيات آخرى بالبشارة بالإسم أيضا كما جاء في الآية السادسة من سورة الصف وهي قوله عزوجل : { و إذ قال عيسى بن مريم يا بني اسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة و مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين } .
مستمعينا الأكارم ، و إضافة إلى هذه الموارد و ما نقلناه في الحلقة السابقة من البشارة بالنبي الخاتم – صلى الله عليه وآله – في التوراة و كتب اليهود ، نجد آية يستفاد منها أن الله عزوجل أخذ ميثاق النبيين جميعا بالإيمان بالرسول الخاتم و نصرته ، قال في الآية ۸۱ من سورة آل عمران : "وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ". و قد ذكرت الأحاديث الشريفة المروية عن أهل بيت العصمة – عليهم السلام – أن هذا الميثاق الإلهي أخذ في عالم الذر ، و أن من مصاديق إيمان الأنبياء السابقين بالرسول الخاتم – صلى الله عليه و آله و عليهم أجمعين – البشارة به و الشهادة له و تعريف أممهم به لكي تؤمن أجيالها اللاحقة به و قد نقلنا نماذج من هذه الأحاىيث الشريفة في حلقة سابقة ، و نضيف إليها هنا ما جاء في كتاب (البرهان في تفسير القرآن) للعلامة البحراني ضمن خطبة النبي الأكرم في يوم الغدير من حجة الوداع أنه صلى الله عليه وآله قال : "أيها الناس، بي والله بشر الأولون من النبيين و المرسلين ، و أنا خاتم النبيين و المرسلين و الحجة على جميع المخلوقين من أهل السموات و الأرضين ، فمن شك في ذلك فهو كافر كفر الجاهلية الأولى ، و من شك في قولي هذا فقد شك في الكل منه ، و الشك في ذلك في النار . معاشر الناس ، حباني الله بهذه الفضيلة مناً منه علي ، وإحساناً منه إلي ، و لا إله إلا هو ، له الحمد مني أبد الآبدين و دهر الداهرين على كل حال".
مستمعينا الأفاضل ، و نلمح في كلام رسول الله – صلى الله عليه وآله – إشارة لطيفة إلى الحكمة الأساسية من تبشير جميع الأنبياء السابقين – عليهم السلام – به، و هي إتمام الحجة على جميع أتباع الديانات السماوية بوجوب الإيمان به – صلى الله عليه وآله – و اجتناب الكفر لكي ينجو بذلك من النار . فهو – صلى الله عليه وآله – خاتم النبيين و بالتالي صاحب الشريعة الخاتمة و أكمل الشرائع الإلهية التي بها أكمل الله دينه الحق و أتم نعمته للعالمين ، فمن الظلم أن يحرم الإنسان نفسه من بركة الإيمان به و بشريعته الكاملة الخاتمة ؛ و هي شريعة الإنقاذ الإلهي للعالمين جميعا. روى الشيخ الصدوق في كتاب الخصال بسنده عن الإمام المجتبي – عليه السلام – أنه قال ضمن حديث طويل: "جاء نفر من اليهود إلى رسول الله – صلى الله عليه وآله – فقالوا: يا محمد، أنت الذي تزعم أنك رسول الله ، و أنك الذي يوحى إليك كما أوحي إلي موسى بن عمران؟ فسكت النبي – صلى الله عليه وآله – ساعة ثم قال: نعم، أنا سيد ولد آدم و لا فخر ، و أنا خاتم النبيين و إمام المتقين و رسول رب العالمين . فقالوا إلى من ؟ إلى العرب؟ أم إلى العجم؟ أم إلينا؟ فأنزل الله قوله عزوجل "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ""(سورة الاعراف ۱٥۸)
جعلنا الله و إياكم – مستمعينا الأطائب – من الثابتين بقدم صدق في اتباع سيد المرسلين و آله الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين . اللهم آمين ، انتهى أحبائنا لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا و أجوبة الثقلين) استمعتم له من طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران شكرا لكم و في أمان الله.