سلام من الله عليكم أحبتنا ورحمة منه وبركات..
أطيب تحية وهي تحية السلام والإسلام نحييكم بها في مطلع لقاء جديد من برنامجكم العقائدي هذا.
وسؤالنا في هذه الحلقة: نحن كمسلمين ما هو موقفنا من الأنبياء السابقين؟
نعرض هذا السؤال على مناري الهداية كتاب الله وأهل بيت النبوة المحمدية عليهم السلام.... تابعونا على بركة الله.
نرجع أولاً إلى القرآن المجيد فنجد فيه أمراً إلهياً بالإيمان بما أنزل على الأنبياء جميعاً وما أوتو من ربهم والتسليم بذلك، فنقرأ في الآيات ۸۳ إلى ۸٥ من سورة آل عمران هذا الأمر مع الإنذار الإلهي من إتخاذ دين غير الإسلام بما يعنيه من التسليم لله عزوجل.
قال تبارك وتعالى؛ "أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ{۸۳} قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ{۸٤} وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ{۸٥}"
أيها الإخوة والأخوات، ويصرح القرآن الكريم بأن الإيمان بالرسل الإلهيين هو من صفات المؤمنين الصادقين إقتداءً بسيد الأنبياء والمرسلين الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله – كما جاء في الآية ۲۸٥ من سورة البقرة؛ "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ".
كما أن الإيمان بالأنبياء السابقين – عليهم السلام – هو من صفات المتقين، فالله تبارك وتعالى يقول في مطلع سورة البقرة وهو يبين صفات المتقين وهم المفلحون فيقول مخاطباً حبيبه سيد الرسل، صلى الله عليه وآله؛ "والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{٤} أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{٥}"
والذي نستفيده بوضوح من النصوص القرآنية المتقدمة أننا كمسلمين يجب علينا الإيمان بجميع الرسالات النبوية السابقة دون أن نفرق بين أحد من الأنبياء والرسل – عليهم السلام – في أصل النبوة والدعوة إلى التوحيد الخالص، بل تؤمن بأن ما جاؤوا به جميعاً هو التوحيد الخالص والإسلام لرب العالمين ومشيئة وشريعة أرحم الراحمين، وما يناقض ذلك مما في الكتب السماوية الموجودة حالياً هو تحريف أدخل عليها لم ينزل الله به سلطانا.
مستمعينا الأفاضل، وعندما نرجع إلى ثقل الهداية الإلهية الثاني والقرآن الناطق، نجد فيه البيان الشافي للأساس التوحيدي لهذا الإيمان بجميع الأنبياء السابقين وتكريمهم، عليهم السلام.
فمثلاً نقرأ في كتابي التوحيد وعلل الشرائع للشيخ الصدوق رحمه الله بياناً تفصيلياً من مولانا الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – لضرورة بعث الأنبياء الكرام وأنهم من صفوة خلق الله عزوجل.
جاء في هذه الرواية أن زنديقاً سأل الإمام الصادق عن دليل الإيمان بالأنبياء والرسل، فأجابه – عليه السلام – قائلاً:
"إنا لما أثبتنا أن لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيماً لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسوه ولا يباشرهم ولا يباشروه ويحاجهم ويحاجوه، فثبت أن له سفراء في خلقه، يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم، وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم".
وبعد أن يعرض مولانا الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – هذا البرهان العقلي على إثبات وجود الأنبياء والرسل – عليهم السلام – يبين صفاتهم الأساسية ومنزلتهم السامية عند الله عزوجل، وتأييد الله لهم بالمعجزات والدلائل على صحة نبوءاتهم.
قال – عليه السلام -: "فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه.. وهم الأنبياء وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها، غير مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب، مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، فلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته".
أيها الأطائب، ونصل الآن إلى تلخيص الجواب على سؤال هذه الحلقة فما نستنتجه من النصوص الشريفة المتقدمة هو وجوب أن نؤمن بجميع الأنبياء السابقين ممن ثبتت نبوتهم بالبراهين والآيات.
وأن نكرمهم جميعاً لكرامتهم على الله عزوجل وكونهم من صفوته والمؤدبين بحكمته، وأن نعتقد بأن ما جاؤوا به جميعاً هو دين الإسلام لله تبارك وتعالى والتوحيد الخالص.
وأن ننزههم من كل ما يناقض الإسلام الحق والتوحيد الخالص مما نسبته إليهم تحريفات المضلين من أقوامهم وأممهم.
وبهذا ننهي، أيها الأكارم، حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.
تقبل الله جميل الإصغاء والمتابعة ودمتم في رعاية آمنين.