السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله..
تحية مباركة طيبة نحييكم بها ونحن نلتقيكم – بتوفيق الله – في حلقة جديدة من برنامجكم العقائدي هذا..
سؤالنا فيه هو: ما هي علامة عدم صدق الإيمان بالله واليوم الآخر؟
نتناول اليوم هذا السؤال بعد أن عرفنا من مناري الهداية الإلهية في حلقة سابقة أن العمل الصالح لإعمار الحياة الأخروية الدائمة هو علامة صدق الإيمان بالله واليوم الآخر.
ومن هنا نعرف الإجابة الإجمالية على سؤال هذه الحلقة، إذ أن عدم توجه الإنسان للعمل الصالح وإعمار الآخرة هو علامة عدم صدق أو ضعف الإيمان بالله واليوم الآخر.
ولكن ثمة ملاحظات تفصيلية مهمة نستفيدها في هذا الخصوص من النصوص الشريفة فتابعونا لمعرفتها مشكورين.
نبدأ أولاً أيها الأكارم عن علامة عدم صدق الإيمان بالله واليوم الآخر وليس مجرد ضعفه، فنجد في القرآن الكريم آيات كريمة تتحدث بصراحة عن نفي إيمان طائفة يزعمون أنهم من المؤمنين؛ قال الله تبارك وتعالى في الآيات ۸ – ۱۲ من سورة البقرة:
"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ{۸} يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ{۹} فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ{۱۰} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ{۱۱} أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ{۱۲}"
هذه الآيات الكريمة – كما هو واضح مستمعينا الأفاضل – نزلت في المنافقين الذين كادوا لرسول الله – صلى الله عليه وآله – ولدينه الحق، وتحدثت كثير من الآيات الكريمة عنهم، وبينت جليل خطرهم على الإسلام وحذرت منهم.
وعلامة عدم صدق إيمانهم بالله واليوم الآخر هو الإفساد في الأرض ولكن بصورة خفية وتحت شعار الإصلاح كما تنبه لذلك الآيات المتقدمة من سورة البقرة.
وقد روي في كتاب تفسير كنز الدقائق حديثاً طويلاً عن مولانا الإمام موسى بن جعفر الكاظم – عليه السلام – أخطر نماذج هؤلاء الذين حكم الله تبارك وتعالى في كتابه المجيد بعدم صدق إيمانهم بالله واليوم الآخر.
نقرأ لكم – أيها الأكارم – جانباً من هذا الحديث الشريف بعد قليل فكونوا معنا.
أيها الإخوة والأخوات، في الحديث المشار إليه يبين مولانا الإمام الكاظم، صلوات الله عليه، سبب نزول الآيات المتقدمة، فيذكرها في سياق بيعة الغدير وأنها نزلت تعرف النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – حقيقة بعض من بايع الوصي المرتضى – عليه السلام – في ذلك اليوم.
قال الكاظم – عليه السلام - : "ثم إن قوماً من متمرديهم وجبابرتهم تواطئوا بينهم [فقالوا]: لئن كانت لمحمد كائنة لندفعن هذا الأمر عن علي.. وكانوا يأتون رسول الله – صلى الله عليه وآله – ويقولون: لقد أقمت علينا أحب الخلق إلى الله وإليك وإلينا.. وعلم الله تعالى من قلوبهم خلاف ذلك.." فأخبر عزوجل محمداً – صلى الله عليه وآله – عنهم فقال: "ومن الناس من يقول آمنا بالله.." ثم يبين الإمام الكاظم – صلوات الله عليه – تطبيق سائر الآيات الكريمة المتقدمة على حال هؤلاء المفسدين المخاذلين لله وللمؤمنين والمحاربين لله ورسوله – صلى الله عليه وآله – ووصيه المرتضى – عليه السلام.
وفي حديث آخر يبين رسول الله – صلى الله عليه وآله – علامة أخرى لعدم صدق الإيمان بالله واليوم الآخر مستفادة من الآيات المتقدمة.
فقد روى الشيخ الصدوق – رضوان الله عليه – في كتاب (ثواب الأعمال) بسنده عن الإمام الباقر – عليه السلام – أن رسول الله – صلى الله عليه وآله – سئل عن وسيلة النجاة غداً – أي يوم القيامة – فقال – صلى الله عليه وآله - : "إنما النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإن من يخادع الله يخدعه وينزع منه الإيمان، ونفسه يخدع لو يشعر".
فقيل له: (فكيف يخادع الله؟) أجاب – صلى الله عليه وآله – قائلاً: "يعمل ما أمره الله – عزوجل – [من الطاعات] ثم يريد به غيره، فاتقوا الله والرياء فإنه شرك بالله".
مستمعينا الأفاضل، نلخص الإجابة عن سؤال اليوم بأن أهم علامتين لعدم صدق الإيمان بالله واليوم الآخر هما أولاً: الإفساد في الأرض ومخادعة الله عزوجل كما هو حال المنافقين، وثانياً الرياء في العمل بالطاعات وابتغاء غير مرضاة الله عزوجل أعاذنا الله وإياكم من ذلك ببركة التمسك بولاية محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
ونكون بهذه الخلاصة قد أنهينا حلقة اليوم من برنامج (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعاية سالمين.