-سلامٌ من الله عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة منه وبركات
-أزكى تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة جديدة من هذا البرنامج العقائدي.
-أيها الأحبة في هذا اللقاء نستنطق نصوص مناري الهداية الإلهية كتاب الله وأهل بيت رحمته المحمدية الكبرى للأجابة عن السؤال التالي:
-كيف ينجو المؤمن من الشرك العملي فيما يرتبط بأمر الإستعانة وطلب العون
-أن اية "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" نرددها يومياً مراراً وفي كل صلاة، وهي تندبنا بوضوح الى حصر الإستعانة بالله فلا نطلب العون من غيره
-فكيف ننجو من الشرك فلا نطلب العون إلا من الله عزوجل لكي لا نذل؟
-تابعونا لنحصل معاً على إجابة هذا السؤال.
-ننطلق في الأجابة عن السؤال المتقدم من القرآن الكريم فنتدبر أولاً في سؤال عرضه الله على قلوبنا في الآية ۳٦ من سورة الزمر حيث يقول تبارك وتعالى:
-"أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ"
-لا ريب أن الله جلت قدرته هو القادر على كل شيء وهو اللطيف بعباده فهو كافيهم في كل ما يصلحهم، هذا مما لا يرتاب فيه أي مؤمن
-ولنتدبر الآن في سؤال ثان يعرضه الله جل جلاله على قلوبنا في كتابه المجيد في الآية الثامنة والثلاثين من السورة نفسها في سياق السؤال السابق
-قال عز من قائل "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ".
-وهذا أيضاً مستمعينا الأطائب مما لا يرتاب ولا يشك فيه أي مؤمن، فأي شيء يستعين به الإنسان لا يحصل على النتيجة المطلوبة منه إلا بمشيئة الله عزوجل.
-وإذا أراد إيصال عون أو خير لأحد فليس في الكون كله شيء يمكن أن يمنع وصولهذا الخير والعون الإلهي لمن شاء الله إيصاله إليه.
-إذن ما الذي نستفيده من هذه الحقائق العقائدية القرآنية؟ بضعة ثواني نتأمل فيها سعياً للأجابة ونعود لتثبيت الإجابة بعد قليل فكونوا معنا.
-أيها الأفاضل، النتيجة التي توصلتم وتوصلنا إليها من التدبر في الآيات الكريمة المتقدمة يمكن نلخصها بما يلي:
-إن أي استعانة بغير الله عزوجل سواءً كانت لإستجلاب خير مطلوب أو دفع شر مكروه لا يمكن أن تحقق للمستعين بها ما يرجوه، في حين أن الاستعانة بالله جلت قدرته هي الاستعانة بالقادر على تقديم العون للمستعين به بأكمل صورة وليس ثمة من يقدر على منع إيصال عونه جل جلاله للمستمعينين به.
-والحقيقة المتقدمة يلخصها الحديث الشهير القائل: "من إستعان بغير الله ذل" وترسيخها في القلب هو مفتاح النجاة من الشرك بالله في باب الإستعانة.
-هذا أولاً وثانياً فإن الذي ينجي المؤمن عملياً من شرك الاستعانة بغير الله جل جلاله هو اجتناب الاستعانة بكل شيء هو (من دون الله) حسب التعبير القرآني.
-نحن نقول في الصلاة اليومية "بحول الله وقوته أقوم وأقعد"، وفي ذلك ترسيخ للحقيقة المتقدمة وتنبيه يومي للمؤمن بأن يكون موحداً لله جل جلاله في الاستفادة من جميع الاسباب التي هياها له، فيستعين به وهو متوجد بقلبه الى أنها من الله تبارك وتعالى ويستعين بها لأنها منه تبارك وتعالى.
-وعلى ضوء ما تقدم يتضح لنا –مستمعينا الأفاضل- معنى الدعاء الشريف الذي روي أن النبي الاكرم –صلى الله عليه وآله- كان يكثر من تلاوته حتى عدّ من أهم أدعيته وهو قوله –صلى الله عليه وآله-: "ربي لا تكلني الى نفسي طرفة عين أبداً".
-فالمقصود منه –في أحد مصاديقه- هو استفادة الإنسان من قواه الذاتية أو من الاسباب التي هيأها الله عزوجل بتصور أنها منه ومن نفسه، أي أنها استعانة بشيء من دون الله، فاذا كان المستعين بها هذا أوكله الله الى هذه الاسباب ففقد الإتصال بمسبب الإسباب جل جلاله وبذلك حرم من الإمداد المستمر الذي يشتمل على العون الذي لانفاد له.
-جاء في بعض فقرات الدعاء المروي في كتاب مصباح المتهجد عن أهل بيت النبوة –عليهم السلام- لتعقيب صلاة الفجر: "اللهم صلّ على محمد وآل محمد ولا تكلني الى نفسي طرفة عين أبداً ولا الى أحد من خلقك، فإنك ان وكلتني اليها تباعدني من الخير وتقربني الى الشر... اللهم وأجعل آل محمد عليه وعليهم السلام أئمتي وقادتي وإجعل حبي ونصرتي وديني فيهم ولهم فإنك ان وكلتني الى نفسي زلت قدمي".
-وبذلك يتضح أيضاً أن الإستعانة بأولياء الله والمؤمنين والطبيب والخبير في أي شيء في تخصصه هي إستعانة بالله عزوجل إذا جاءت بنية كونهم أسباب أمر الله تبارك وتعالى بالإستعانة بها عملاً بسنته في إجراء الأمور بأسبابها.
-والى هنا ننهي أيها الأكارم لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين.