بسم الله الرحمن الرحيم
مستمعينا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
تحية طيبة ندعوكم بها لمرافقتنا في حلقة اليوم من هذا البرنامج، فأهلاً بكم في هذا اللقاء نستكمل أيها الأعزة الإجابة عن سؤال عرضناه في الحلقة السابقة هو؛ «ما هي أهمية معرفة الله»؟
فعرفنا من نصوص مناري الهدى أن معرفة الله هي التي يكون بها العلم النافع نافعاً حقاً، وبها يحيا الإنسان الحياة الطيبة، فبها تتحقق العبادة الحقة لله عزّ وجل وهي الغاية من خلق الإنسان وبها يستجاب الدعاء ويكتسب الإنسان التقوى التي يتحصن بها من المعاصي والشقاء.
نتابع الآن جولتنا مع النصوص الشريفة وهي تجيبنا عن سؤال بشأن أهمية معرفة الله، فكونوا معنا.
أيها الأخوة والأخوات، تهدينا النصوص الشريفة إلى أن معرفة الله هي المفتاح الأول لتزكية الأعمال أي جعلها صحيحة، تعطي ثمارها الطيبة، والأحاديث بهذا المعنى كثيرة. قال الشيخ الزاهد ابن ورام في كتاب تنبيه الخواطر:
سأل رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أفضل الأعمال، فقال: العلم بالله والفقه في دينه، وظل (صلى الله عليه وآله) يكرر هذا القول على الرجل.
فقال السائل: يا رسول الله! أسألك عن العمل فتخبرني عن العلم!
أجاب(صلى الله عليه وآله): إن العلم(يعني معرفة الله ودينه) ينفعك معه قليل العمل، وإن الجهل(يعني بالله وصفاته) لاينفعك معه كثير عمل.
وفي حديث آخر قال (صلى الله عليه وآله): دعامة الدين وأساسه المعرفة بالله عزّ وجل واليقين والعقل النافع وهو الكفّ عن معاصي الله عزّ وجل. أي أن المعرفة بالله تثمر اليقين وبالتالي السكينة والإستقرار الروحي، كما أنها تذهب العقل وتجعله حارساً للإنسان من الوقوع في معاصي الله التي تجلب له الشقاء.
من هنا نعرف، أيها الأعزة، أن معرفة الله عزّ وجل هي التي توصل الإنسان الى لذة حقائق الإيمان فيدركها وجدانياً، أي أن معرفة الله، وليس الإيمان العام به عزّ وجل، هل التي تبلغ بإيمان المؤمن إلى أعلى المراتب، ولذلك قال النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) كما في كتاب(معارج اليقين في أصول الدين): أفضلكم إيماناً أفضلكم معرفة.
وفي كتاب الأمالي للشيخ الطوسي عن محمد بن سماعة قال: سأل بعض أصحابنا الإمام الصادق(عليه السلام) فقال له: أخبرني أي الأعمال أفضل؟
فأجاب(عليه السلام) قائلاً: توحيدك لربك.
فسأل الرجل ثانية قائلاً: فما أعظم الذنوب؟
أجاب(عليه السلام): تشبيهك لخالقك.
وفي حديث آخر قال مولانا الإمام الصادق(عليه السلام): إن أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة ربه والإقرار له بالعبودية.
ونفهم من هذين الحديثين، أيها الأفاضل، أن معرفة الله عزّ وجل هي أصل الأعمال الصالحة لذلك، فإن السعي للحصول عليها أفضل وأهم فريضة واجبة على الإنسان.
مستمعينا الأفاضل، كما أن معرفة الله عزّ وجل هي التي تذيق الإنسان حلاوة وطعم الإيمان الحقيقي فلاتنحصر بركاتها في رفع إيمانه وترغيبه بالأعمال الصالحة، لنتدبر معاً في العبارات النورانية التالية من خطبة لمولى الموحدين في وصف الملائكة، أوردها الشريف الرضي في نهج البلاغة.
قال(عليه السلام): (...ووصلت حقائق الإيمان بينهم وبين معرفته، وقطعهم الإيقان به إلى الوله إليه، ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره، قد ذاقوا حلاوة معرفته وشربوا بالكأس الروية من محبته وتمكنت من سويداء قلوبهم وشيجة خيفته، فحنوا بطول الطاعة إعتدال ظهورهم... قد اتخذوا ذا العرش ذخيرة ليوم فاقتهم، ويمّموه عند انقطاع الخلق الى المخلوقين برغبتهم لايقطعون أمد غاية عبادته.. يزدادون على طول الطاعة بربهم علماً وتزداد عزة ربهم في قلوبهم عظماً..).
أيها الأحبة، وخلاصة ما عرفناه من أهمية معرفة الله في هذا اللقاء هي أنها وسيلة تزكية الأعمال ورفع درجات الإيمان وتذوق حلاوته والفوز بالسكينة والطمأنينة الروحية.
رزقنا الله وإياكم ذلك ببركة التمسك بعروة مناري النجاة من الضلالة كتاب الله وعترة حبيبه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم).. اللهم آمين.
إنتهى أيها الأكارم لقاء اليوم من برنامجكم(أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين. الى اللقاء.