جولة رئيسي في افريقيا، التي انهاها بالامس، لم تكن استعراضية، ولا من اجل اظهار ايران على انها غير معزولة، بل انها جولة حققت نتائج اقتصادية وتجارية في غاية الاهمية، حتى ان العديد من الخبراء وصفوها بانها جولة تحد للحظر الامريكي، حيث اعتمت ايران الية تجارة المقايضة مع القارة الافريقية، لما في ذلك من تداعيات ايجابية من حيث خفض النفقات عن رجال الاعمال وايضا تجاوز العقبات المترتبة على المنظومات البنكية الدولية.
يرى بعض الخبراء ان ايران، عبر انفتاحها على الدول الاقليمية المهمة مثل السعودية ومصر، وتعزيز العلاقات مع دول جنوب الخليج الفارسي، لم تهدف الى خلق حالة من التواؤن في سياستها الاقليمية فحسب، بل انها ومن خلال هذه السياسة، كانت تعمل على الاستفادة من النفوذ السعودي والمصري في القارة الافريقية، فهو نفوذ سيسهل على ايران إزالة الموانع التي قد تعترض طريق انفتاحها على القارة الافريقية.
الاستراتيجية الايرانية في التعامل مع الخارج، قائمة على مبدأ ان العالم لا يقتصر على الغرب، وان ايران مصممة على الارتباط بالعالم كله، وخاصة دول امريكا اللاتينية واسيا وافريقيا، وكذلك تعزيز العلاقات مع الشرق وخاصة الصين وروسيا، بعد ان ذاقت ايران الامرين من نكث الغرب لعهوده ومواثيقه، واعتماده سياسة المراوغة في علاقاته مع ايران، وما الاتفاق النووي عنا بعيد.
افريقيا هي ارض الفرص، وان ايران بما تملك من امكانيات وقدرات علمية وتقنية متقدمة، يمكنها ان تستفاد من هذه الفرص لما فيه خير الجانبين، فخلال جولة رئيسي في افريقيا، تم التاكيد على آلية المقايضة مع هذه الدول الافريقية الثلاث، حيث ستحصل ايران على السلع الأساسية، مقابل الاستثمار في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والزراعية والعلمية في هذه الدول.
من المجالات التي تقرر ان تتعاون فيها ايران مع الدول الافريقية، مناجم الذهب والماس، والتنقيب عن النفط والغاز، وصناعة البتروكيمياويات، وبناء الطرق السريعة والسكك الحديدية والمشافي والفنادق، وبناء السدود والمطارات والأرصفة البحرية، وبناء المساكن، وتوريد الادوية والاجهزة الطبية والمنتجات المعرفية الايرانية.
إن جولة رئيسي الافريقية، تعكس جانبا من الدبلوماسية النشطة لايران، لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول العالم، رغم الضغط والحظر الامريكي الغربي المفروض عليها، فهذه الدبلوماسية حملت العديد من الدلالات والرسائل، ومن دلالاتها ان نتائجها الإيجابية ستظهر لا محالة خلال السنوات القادمة، وهي نتائج ستثبت بالدليل الملموس، ان امريكا لم تفشل في خنق الشعب الايراني فحسب، بل فشلت في عزل ايران ايضا، وهو فشل سيبعث برسائل الى جميع شعوب العالم، التي عانت ومازالت تعاني، من الطغيان الامريكي، مفادها ان من الممكن مواجهة هذا الطغيان وهزيمته.
محمد أحمد