السيد الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
من طلائع انصار الحسين والشهداء بين يدي ابي عبد الله الحسين هو الشهيد المؤمن المجاهد برير بن خضير الهمداني.
كلنا يعرف ما لقبيلة همدان من مواقف ومن وفاء لأبي عبد الله الحسين ولأمير المؤمنين ولرسول الله ولذلك حتى الادباء:
فلو كنت بواباً على باب جنة
لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
من هذه القبيلة المباركة هذا البطل المجاهد برير بن خضير وبعض الروايات حضير، الظاهر مسألة نقطة.
طيب كيف التقى هذا بالحسين عليه السلام؟ سبحان الله في ذلك العالم الخفي وهو عالم الغيب او جو الغيب هذا الجو المجهول الذي هو فوق مستوانا الظاهر يضع البصمات على بعض العناصر، كأن الله عزوجل كتب لها توفيقاً لايظفر به كل احد.
برير بن خضير هو شخصية من شخصيات الكوفة الموالية لأمير المؤمنين وكان معروفاً بالزهد والعبادة وكان عظيم الشأن وكان من الادباء والشعراء الذين يتغنى في شعره في حب اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم مثلاً كان يرتجز يوم كربلاء:
انا برير وانا بن الحرب
اعزى الى الكعبة بيت الرب
بالطعن افني المعتدي والضرب
في سبيل الله اقضي نحبي
ثم يدخل في موضوع اهل البيت وعلاقته بأهل البيت، ماذا يقول؟ هي قصيدة طويلة:
حبهم زادي غداً وشربي
نعم هذا فاهم الحق وفاهم الحقيقة وفاهم موقع اهل البيت
حبهم زادي غداً وشربي
غرقت بحبهم بقلبي
هل هناك موقعاً اكبر من هذا الموقع؟
فهذا الذي فتح له الطريق صوب الحسين عليه السلام هو حبيب بن مظاهر، هذا الذي يسمى صديق الوفاء، هذه الصداقة النافعة، جره نحو التوجه الى كربلاء وفعلاً جاء الى كربلاء وكان من الاواسط الذين وصلوا كربلاء، اصحاب الحسين عليه الصلاة والسلام بعضهم جاءوا معه وبعضهم التحق في الايام الاولى وبعضهم في الاواسط وبعضهم وصل فجر اليوم العاشر ولو اعداد قليلة عدد اصابع اليد او اقل من اصابع اليد الواحدة فبرير بن خضير وصل الى الحسين عليه السلام قبل ان يصل حبيب بن مظاهر لأن حبيب بن مظاهر وصل في اليوم الثامن.
تقول الروايات كان اليوم العاشر من المحرم برير يستعد للقتال وكان في ليلة العاشر بقيت كمية بسيطة من الماء فأرادوا فتح القربة هذه ليعطوا الماء للاطفال واذا انفتحت القربة واريق الماء فصاح الحسين أريق الماء يا برير؟ فأخذت برير حالة من الالم واعتصره الالم واخذته حسرة فأصبح الصباح كئيباً فهاجم اعداء الله واعداء القرآن واعداء النبي واعداء الاسلام فهاجمهم وكان يكر مرة ويفر مرة يعني جزءاً مما يسمى بالتكتيك اليوم او المناورة وكان يصرخ بجيش بني امية يقول "ياقتلة المسلمين، يامن اراقوا دم اولاد نبي اخر الزمان هلموا وادنوا مني لأوريكم جزاء اعمالكم والجزاء من جنس العمل" فتقول الروايات "كان يقتل كل من يقترب اليه واشتهر عنه انه من دنى اليه او واجهه في المعركة فقد تحقق اجله حتى ضاق به الاعداء ذرعاً" فهنا حرض بعض القواد من جيش الامويين حرضوا مقاتلاً شرساً منهم اسمه يزيد بن معقل فخرج اليه وصاح مخاطباً برير "اني أظنك من الضالين" فقال برير "هلم لأباهلك وليقتل الله المبطل منا بيد المحق" فأقبل يزيد بن معقل ورفعا ايديهما هو وبرير بالدعاء وقالا "اللهم انصر المحق على المبطل وعنوان نصرك ان من يقتل هو الباطل" فتجالدا وضرب بن معقل برير بالسيف فلم يصبه وهنا اعتلى عليه برير بضربة شقته الى صدره، الروايات تقول كبروا اصحاب الحسين يعني الذين بقوا من اصحاب الحسين، لأنهم كانوا يدعون فرأى اصحاب الحسين ان هذا قتل وبرير يواصل هجومه وحملاته فكانت الغبرة هي التي غيبت المشهد فلما انجلت الغبرة ورأوا يزيد بن معقل قتل فأخذوا يكبرون "الله اكبر" كعنوان للنصر وبعد مقتل يزيد بن معقل تقول المقاتل اتجه برير صوب ابي عبد الله الحسين وكان الحسين بأبي هو وامي يبشره بالجنة واستمر يقاتل الى ان سقط على الارض شهيداً.
الروايات تقول رأى الباقون من اصحاب الحسين رأوا ان الذي قتله لم يقاله قتالاً لكنه جرح وجاء احداً منهم اسمه بجير بن اوس ويقولون هذا ابن عم عبد الله بن جابر فألتقاه يوماً فقال له "أأنت بجير بن عمي؟ قال نعم قال انت قاتل برير بن خضير العابد الزاهد، اقسم بالله لقد قتلت مؤمناً مقرباً من الله كثير العبادة والطاعة ممن آثروا دينهم على دنياهم".
تقول الروايات ان بجير "كلهم الذين اشتركوا تدمروا بشكل من البلاء" بجير بن اوس قاتل برير دخل الى الكوفة وظن انه يأخذ جائزة من ابن زياد فأصيب بهلع، بحالة نسميها اليوم هستيريا فكان لايأخذه النوم ابداً وكان يتململ ويظهر جزعه وندمه على فعلته وبقيت حالته تتدهور لا ينام ولا يأكل ويهرب من الناس وشعر بالتوحش وهلك في مقتبل عمره وهذا جزاء الطغاة، جزاء اعوان الظلم واعوان الباطل.
اما ابو عبد الله الحسين صلوات الله وسلامه عليه كان كلما يسقط احداً من انصاره، يعني هذا العد التنازلي كان ينفذ وهم معدودون ولكن بعض هؤلاء له موقع خاص يعني ربما فقدانه كفقدان عشرة او عشرين، احد هؤلاء هو برير بن خضير، الحسين عليه السلام كان يراقبه ويضع عليه الامل فلذلك المرحوم السيد المقرم يقول "لما سقط برير على الارض قتيلاً بان تأثراً خاصاً عند ابي عبد الله الحسين وجاء ابو عبد الله الحسين ووقف عند مصرعه فشاهدوا الحسين عليه السلام يستغفر لبرير" ومن يقف الحسين عند رأسه ويستغفر له، الحسين الذي هو باب نجاة العالمين كلهم، الحسين سلام الله عليه الذي هو عنوان رحمة الله "وقف يستغفر له ويسأل الله له الرحمة وكان الحسين عليه السلام يردد _بأبي هو وامي ويصيح بصوت عال_ ان بريراً من عباد الله الصالحين، يردد عدة مرات ان بريراً من عباد الله الصالحين".
تغمد الله برير بن خضير بواسع رضوانه ورحماته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******