السيد الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
ومن عناوين الصادقين في خدمتهم ووفاءهم لأمير المؤمنين سلام الله عليه وللاسلام هو المرحوم الشهيد صيفي بن فسيل الشيباني
صيفي بن فسيل الشيباني احد الابطال الاثني عشر الذين حملوا من الكوفة الى معاوية الى الشام في جو حزين مفجع يعني عاشت الكوفة ليلة مرة لاتنسى من الليالي الحزينة والمؤلمة حينما اخرجوا موكباً، ماهو هذا الموكب؟ موكب يتألف من اثني عشر رجلاً من خيرة اصحاب امير المؤمنين وعلى رأسهم حجر بن عدي الكندي رضوان الله تعالى عليه وولده الشاب ومعهم تسعة فهؤلاء مجموعة كانوا احد عشراً وقيل اثني عشراً حملوا وكانت الناس تطل من نوافذ البيوت ودموعها تهمل على هذا الموكب الذي يسير نحو الموت حتى قال المؤرخون ان ابنة حجر بن عدي اطلت من على سطح داره تنظر الى ابيها ورفاقه يساقون الى الموت مغلولي الايدي فأخذت تنظر الى ذلك الموكب وكانت ليلة مقمرة فقالت:
ترفع ايها القمر المنير
لعلي ان ارى حجراً يسير
يسير الى معاوية بن حرب
ليقتله كذا زعم الامير
ويصلبه على بابي دمشق
وتأكل من خنادقه الطيور
الى اخر بيان وشعر هذه الفتاة
عموماً الذي اتحدث عنه في هذه الحلقة هو ضمن هذه القافلة، هذا البطل الشهيد الوفي ابيض الوجه، مرفوع الرأس يوم القيامة وهو صيفي بن فسيل الشيباني. لم اعرف تاريخ ولادته ولكن هو من اليمن حسب فهمي البسيط المتواضع، هو من اليمن ولكن كان صاحب تعلق عجيب ووفاء مذهل للامام امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه.
الطبري في تاريخه يروي هذه الحادثة يقول لما عزم الامام امير المؤمنين سلام الله عليه على العودة الى صفين يعني بعد قضية ماتسمى بعملية الصلح او غير الصلح او عملية الاشعري او اللعبة الى اخرها، الطبري يقول لما صمم الامام على ان يستجمع قواه من جديد ويتحرك صوب معاوية في تلك الفترة تجمع الخوارج في حروراء لأرباك الامام امير المؤمنين واحداث البلبلة وبالتالي كانوا يطلقون التهديدات بتصفية الامام سلام الله عليه حتى قال بعض الناس بأن الامام يعني البعض الذي كان مع الامام، بأن الامام لو اتجه بنا الى هؤلاء ونواجه هؤلاء ثم بعد ذلك نذهب الى صفين فالامام امير المؤمنين خطب وقال ان غير هذه الخارجة اهم الينا منهم فدعوا ذكرهم وسيروا الى قوم يعني جماعة معاوية، يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين ملوكاً لأن الامام امير المؤمنين كان يعرف ويدرك تماماً مايريد ان يفعله معاوية من اقامة حكم اسروي، حكم عائلي او نسميه بسلسلة الفراعنة الجديدة في الاسلام، معاوية، يزيد، معاوية، مروان، عبد الملك، انظر عائلة واحدة تتحكم في ارادة امم، في كرامة امم، في اموال امم، في سيادة اوطان وهي لم تأتي ولاواحد منها بأختيار وارادة الشعب وانما حكم اسروي مثل عصر الاكاسرة وعصر القياصرة وعصر الفراعنة، هذا اول من اسسه، اول هذه البدع في الاسلام اسسها معاوية. الامام كان يدرك خطط معاوية والبناء الذي يريد ان يبنيه فكان يقول نذهب الى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين ملوكاً، قسم من اصحاب الامام قالوا لا لنذهب للخوارج فقام هذا البطل الذي اتحدث عنه الان صيفي بن فسيل الشيباني، قام وصاح ياابا الحسن نحن حزبك، ماذا يعني حزبك؟ هذا يرجع للاية، الاية التي وصفت المؤمنين بأنهم حزب الله فلما سئل النبي، سأله الامام علي، قال انت واصحابك، انت ومن يحبك تأتون يوم القيامة ووجوهكم تزدهر نوراً ومن يتولى الله ورسوله، الاية الى ان قالت "الا ان حزب الله ...الخ"، غرضي ان الامام امير المؤمنين يخاطبه صيفي بن فسيل الشيباني "يا ابا الحسن نحن حزبك وانصارك نعادي من تعادي ونشايع من تشايع ونتبع من اناب الى طاعتك فسر بنا راشداً الى اعداءك كيفما كانوا، اينما كانوا فأنك ان شاء الله لن تؤتي من قلة عدد ولاضعف نية اتباعاً" يعني هؤلاء الذين اتبعوك لايرون مسألة قلة العدد والضعف في اذهانهم فهذا ما رواه الطبري في تاريخه.
قلت ايها الاخوة صيفي بن فسيل احد هذا الموكب، موكب الموت، موكب العذاب الذي اقتيد من الكوفة الى الشام ودفع به زياد بن ابيه، كان هو الوالي على الكوفة ايام معاوية وانظر الى ابتلاءات الكوفة، كيف كان معاوية ومن بعده ومن قبله، الذي أتى بمعاوية وورط المسلمين به والذي وقف وراء معاوية وذب البلاء على المسلمين، كانوا هؤلاء ينتقون ولاة للكوفة من اي نمط؟ انظر وليد بن المغيرة، زياد بن ابيه، عبيد الله بن زياد يعني من بلاء الى بلاء ومن اراذل الى اراذل وانا لله وانا اليه راجعون وليست الكوفة بأعظم من مكة والمدينة، انظر من كان والياً على مكة او على المدينة المنورة وهذا حديث مر وطويل، هذا زياد بن ابيه احضر صيفي بن فسيل الشيباني وصار يهدده بسوء العذاب ويتهمه، يقول له ياعدو الله! الله اكبر، يقول لصيفي ياعدو الله ما تقول في ابي تراب! قبل ان يدلي الرجل بأفادته اطلق عليه صفة عدو الله، يقول لصيفي ماتقول ياعدو الله في ابي تراب؟ فقال صيفي: ما اعرفك به؟ فقال انا لااعرفه، فقال صيفي: اني اعرفه ذاك هو مولى الموالي، ذاك ابو الحسن والحسين، ذاك بن عم رسول الله فعندها صاح احد المتملقين، صاح يقول لك الامير ابو تراب وانت تقول مولى الموالي فصاح صيفي وهو يعرف انه سيستشهد، قال: كذب اميرك، أتريدني ان اكذب واشهد على باطل، اتوا بالعصا واخذ يضربه على وجهه وهو يخاطبه في اثناء التعذيب يقول له ما قولك في علي؟ قال قولي هو احسن قول، احسن قول قلته في افضل عبد من عبيد الله.
اخيراً، الوقت انتهى، قام اربعة من جلاوزة زياد ضربوه حتى لصق بدنه بالارض فظنوا انه مات وكان يعيش اعياءاً فلما افاق صاح يابن زياد "والله لو قطعتني بالمواسي والمدا ما قلت في علي الا ما سمعت مني" فقال هذا الا ان تلعنه تبرئ منه او لأضربن عنقك، فقال صيفي "اذن والله تضربها قبل ذلك واسعد انا وتشقى انت" فحمل الى الكوفة مع حجر بن عدي الى الشام وهناك في مرج عذراء دفن حياً.
اسأل الله لهذا الشهيد البطل الوفي الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******