البث المباشر

دعبل بن علي بن رزين الخزاعي الكوفي

الأحد 3 مارس 2019 - 12:57 بتوقيت طهران
دعبل بن علي بن رزين الخزاعي الكوفي

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 622

ومن لباب الصادقين المخلصين لأهل البيت وحبيب اهل البيت هو الشهيد وحفيد الشهيد هو دعبل بن علي بن رزين الخزاعي الكوفي. دعبل، والكل يعرف دعبل، فمن هو دعبل؟ من مواليد 148 هجرية ولد في الكوفة يعني هو من الشعراء المسنين عاش ما يقارب المئة سنة وحياته مفعمة بالادب والجهاد والمقاومة والعطاء والتشرد مطلوباً مطارداً من قلل الحكومات، حكومات آل العباس وغيره، لم يتنفس هذا الرجل ولن يستطيع ان يشم الهواء الا ايام قليلة وهي ايام ما نسميه الانفتاح السياسي وان كان انفتاحاً موهوماً على اهل البيت لما المأمون العباسي تظاهر بالولاء وقضية ولاية العهد التي اناطها للامام الرضا (عليه السلام). طيب هذا دعبل بن علي الخزاعي هو من هو جده؟ جده الصحابي اسمه عبد الله بن بديل، طبعاً هذا جد دعبل الخزاعي استشهد يوم صفين دفاعاً عن الامام امير المؤمنين لذلك لا نستغرب ان نرى دعبل (رضوان الله عليه) نال الشهادة لأن في الواقع هو نال هذا ارثاً لأن اسرته قدمت اكثر من خمسة شهداء في طريق الاسلام تحت رأية النبي وراية الامام علي بن ابي طالب، طيب لماذا كان مطارداً؟ لماذا؟ سرق، نهب قتل، من قطاع الطرق؟ لماذا حياته كلها مطارد ولم يهنأ بعيش؟ ما هو جرمه؟ ما هي جنايته؟ في الواقع جنايته تشتمل على موقفين، موقفه من ظلم الطغاة وثانياً موقفه المدافع عن اهل البيت والناشر لفضائل اهل البيت لذلك انت ترى تعطى جائزة، تعلن جائزة عشرة آلاف درهم لمن يدلي بمعلومات تمكن من القبض او على مكان اختفاءه، ماذا فعل؟ قتل؟ لا لأنه لم ينجرف لمدح الطغاة وانه وقف يشهر بالحكام الدكتاتوريين ولأنه وقف على خط اهل البيت ثابتاً، هذه كانت مشكلته لذلك الدكتاتوريات الجائرة والمارقين كانوا يشعرون بالتعب من شعره الثائر يعني مثلاً مالك بن طوق هذا من الطغاة من ولاة آل العباس، هذا قبض على دعبل الخزاعي وضربه الجلاوزة حتى مات، ظنوا انه مات لكنه نجا، بعد ذلك الله كتب له الحياة فأختفى دعبل فكانت الجوائز تعلن ويحاولون بأي طريقة القضاء عليه، على اي حال كان هو يصعد وتيرة الموقف لما كان يلقي بأوراقه التي فيها شعره، ينشرها عند الصبيان فكانوا يحفظونه ويستعذبونه وينتشر في الساحة:

ابو تراب حيدرة


هذه كان يكتبها في اوراق يعطيها للاطفال يحفظوها ويفاجئون آباءهم ويفاجئون معلميهم فتقوم القيامة:

ابو تراب حيدرة

 

ذاك الامام القسورة


هذا من شعر دعبل:

مبيد كل الكفرة

 

ليس له مناظرة

 

سيف النبي الصادق

 

مبيد كل فاسق

 

بمرهف ذي بارق

 

اخلصه الصياقل


هذا من شعره، عندنا نحن من خيرة قصائده (رضوان الله تعالى عليه) لما كتب "ملوك بني العباس في الكتب سبعة وما جاءنا من ثامن"، من هو الثامن؟ المعتصم، الخليفة المثمن، عدو لدود لأهل البيت، كتب دعبل ابيات وضعها على باب القصر:

ملوك بني العباس في الكتب سبعة

 

وما جاءنا عن ثامن لهم كتب


هذا الثامن لم نعرف عنه شيئاً.

كذلك اهل الكهف في الكهف

 

سبعة كرام اذا عدوا وثامنهم كلب


ثم يقول للمعتصم:

واني لأعلي كلبهم عنك رفعة

 

لأنك ذو ذنب وليس له ذنب


واقعاً احياناً الكلب الوفي اشرف من العديد من هؤلاء الذين تظاهروا باللحى وبالتقوى والشعارات ولكن في الباطن هم ليسوا اسوء من الكلاب وانما اقذر من الخنازير. لدعبل الكثير من المواقف، من القصائد، له قصيدة مثلاً القاها لما عاد المأمون فدكاً لأهل البيت، فدك سبعة مرات يرجعونها ويأخذونها من بني امية وآل العباس، له قصيدة مطلعها:

اصبح وجه الزمان قد ضحكا

 

برد مأمون هاشم فدكاً


لكن في هذه الدقيقتين او الثلاثة الباقية اريد اذكر عن قصيدته هذه التي اشتهرت على مستوى الاوطان والاوطار، القصيدة التائية التي الظاهر هي مئتين وخمسين بيتاً، شرحت اكثر من عشرين شرحاً، مطلعها:

تجاوبن بالارنان والزفرات

 

نوائح عجم اللفظ والنطقات


المرحوم الاميني اعلى الله مقامه في كتابه الغدير يقول ان هذه القصيدة تتألف من مئة وواحد وعشرين بيتاً لكن انا رأيت في بعض الكتب انهم يشيرون الى انها اكثر من مئتي بيت، على اي حال الاميني حجة ورجل عبقري في التحقيق، ماهي هذه القصيدة؟ كيف نظمها؟ متى نظمها؟ في اي ظرف؟ في الواقع دعبل وابراهيم الصولي شعراء اثنين في نفس الخط ونفس التوجه، دخلا على الامام الرضا بمدينة مرو (سلام الله عليه) وعرضا شعرهما على الامام، قرأ ابراهيم الصولي قصيدته التي مطلعها:

ازاد عزاء القلب بعد التجلد

 

مصارع ابناء النبي محمد


هذه من القصائد التي احرقت اعداء اهل البيت، اما دعبل انشد قصيدته والامام تفاعل بها الى ان وصل الى هذا البيت:

مدارس آيات خلت من تلاوة

 

ومنزل وحي مقفر العرصات

 

ارى فيئهم في غيرهم متقسماً

 

وايديهم من فيئهم صفرات


فالامام تأثر وبدأ من جديد الشريط المؤلم، معاناة اهل البيت وكيف عوملوا بظلم، بقسر، بأضطهاد، فوصل الى هذا البيت دعبل:

اذا وتروا مدوا الى واتريهم

 

اكفاً عن الاوتار منقبضات


الامام بكى وتأثر لما وصل:

لقد خفت في الدنيا وايام سعيها

 

واني لأرجو الامن بعد وفاتي


الامام رفع يده بالدعاء وهو يقول: يا دعبل، يا دعبل آمنك الله يوم الفزع الاكبر، ثم صار يعدد قبور اهل البيت:

تقسمهم ريب الزمان كما ترى

 

ثم يقول قبور بكوفان واخرى


الى ان وصل وقبر ببغداد، واذا الامام استعبر، الروايات تقول استعبر وقال: يا دعبل قضيت واضيف، في مكان قرأتها واضيف الى شعرك ومكان اضف الى شعرك هذين البيتين:

وقبر بطوس يالها من مصيبة

 

الحت الاحشاء في الزفرات

 

الى الحشر حتى يبعث الله حاكماً

 

يفرج عنا االهم والكربات


تعجب دعبل وقال: لمن هذا القبر سيدي؟ قال: قبري ولا تنقضي الايام والليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي، فالامام وهو يشرح له اضاف دعبل:

علي بن موسى ارشد الله امره

 

وصلى عليه افضل الصلوات


طبعاً الامام اعطاه واكرمه وآخر ما اذكر عن هذا الشاعر الشهيد دعبل، اوصى ان تكتب هذه الابيات على قبره:

اعد لله يوم يلقاه دعبل

 

ان لا اله الا الله

 

يقول مخلصاً عساه بها

 

يرحمه في القيامة الله

 

الله مولاه والرسول ومن

 

بعدهما فالوصي مولاه


توفي دعبل واغتيل بالسم عام 246 هجرية ودفن في مدينة شوش وشاهده ابنه مسروراً في المنام ببركة قصائده وشعره في اهل البيت، أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة