البث المباشر

السيد محمد تقي ابن السيد حسن آل بحر العلوم

الأحد 3 مارس 2019 - 10:55 بتوقيت طهران
السيد محمد تقي ابن السيد حسن آل بحر العلوم

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 618

ومن ركب الصادقين المتأخرين هو العالم المتبحر والفقيه الزاهد الورع آية السيد محمد تقي ابن السيد حسن آل بحر العلوم (رحمه الله).
السيد محمد تقي بحر العلوم من مواليد النجف الاشرف عام 1318 هجرية، برع ونشأ في حاضرة النجف الاشرف وتدرج بالتحصيل على ايدي كبار الاساتذة الافذاذ من اعمامه ومن السادة آل بحر العلوم كذلك اساتذة الحوزة حتى نال درجة الاجتهاد بعد ان تلمذ في الفقه والاصول على ايدي كبار المراجع كالشيخ النائيني والشيخ اقا ضياء الدين العراقي كذلك حضر ابحاث المرجع القدير السيد ابو الحسن الاصفهاني والميرزا عبد الهادي الشيرازي اعلا الله مقامهم جميعاً.
هذا العالم الجليل السيد محمد تقي بحر العلوم ايضاً اثرى الحوزة العلمية بتصانيف قيمة، من تأليفاته شرح بلغة الفقيه، من تأليفاته تقريرات اساتذته في الفقه والاصول منها ايضاً تعليقه على ابحاث الميرزا عبد الهادي الشيرازي وكذلك رسائل ومقالات اخرى وايضاً له كتاب في مقتل الحسين عليه الصلاة والسلام اسماه واقعة الطف، ماهي قضية هذا الكتاب؟ هذا واقعة الطف، هذا المقتل له قضية، المرحوم السيد محمد تقي بحر العلوم كان من المراجع او من العلماء الذي يحمل ذوق الشوشتري صاحب الخصائص الحسينية او المرحوم الدربندي صاحب اسرار الشهادة او المرحوم الحائري صاحب شجرة طوبى، كان يأنس بقراءة تعزية اهل البيت، ذكر مصائب اهل البيت وكان تواقاً ان يكون له سمة الخطيب او الراوي لفضائل ومصائب اهل البيت، انا كنت ابن عشر سنوات، الحقير الذي اتحدث انا الان واذكر هذا السيد كان اذا اجهش بالبكاء يشعر الانسان كأن الجدران تبكي فأنطلاقاً من هذا الذوق الذي كان يحمله كان (رحمه الله) يقيم مجالس الحسين في العشرة الاولى وفي المناسبات طوال السنة في بيته، كان يحضر خطباء وعلماء ولكن هو بنفسه كان لديه كراس يقرأ من ذلك الكراس، تفاصيل، مقاطع من ذلك الكراس ثم وسعه فأصبح مقتلاً من المقاتل الجميلة اسمه واقعة الطف.
اتذكر هذا بدقة انه كان لما يلتقي بعض اصدقاءه من الخطباء كالشيخ محمد الكاشي، كالشيخ عبد الوهاب الكاشي، كالسيد صاحب الصائغ والسيد عبد الرسول الكفائي وامثالهم كان لا يخفي عليهم مدى غبطته لهم في خدمتهم الشريفة وهي خدمة سيد الشهداء وكان هو يقرأ في هذا المقتل الذي ذكرته وتقاطعه دموعه المنهمرة ويجهش بالبكاء الشديد فيتفاعل الحضار وقلت كنت اشعر ان كل شيء يبكي معهم، هذا العالم السيد محمد تقي بحر العلوم هذا العالم الجليل من اواخر من شاهدتهم من العلماء الكبار الذين جسدوا زهد الائمة وتقوى الائمة وحنو الائمة على الفقراء، شاهدت منه حالات ومواقف ذكرتني بسلوك الامام علي سلام الله عليه مع البؤساء والضعفاء، كان السيد محمد تقي بحر العلوم (رحمه الله) من الذين يحتاطون جداً في ان يبيت عندهم من الاخماس الشرعية شيئاً.
في الحقيقة مفخرة من مفاخر النجف الاشرف ووجه ناصع من وجوه تاريخ النجف الاشرف هو هذا العالم الجليل، حدثني الحاج محمد جواد عندليب التورنجي هذا من خيرة مريديه يقول ذات ليلة وصل الى هذا العالم السيد محمد تقي (رحمه الله) وصل مبلغ كبير آنذاك 160 دينار من الحقوق الشرعية وهذا كان اوائل الستينات، 160 دينار كانت تكفي لشراء بيت، بيت واسع، في الليل احد مرديه جاء بهذا المبلغ وقال هذا من الحقوق الشرعية وذهب، يقول الحاج محمد جواد التورنجي العندليب يقول في تلك الليلة طلب مني السيد محمد تقي بحر العلوم رزمة من الظروف فأحضرت له ذلك فوضع في كل ظرف عشرة دنانير وكانت خمسة عشر ظرفاً وترك لعائلته عشرة دنانير فقط كالسائر وفي تلك الليلة قام الرجل بتوزيعها يطوف على الابواب وكنت الح عليه انه ليتم هذا غداً قال: لا، لا، لا يمكن ان يبيت عندي شيء من هذا المال فيقول هذا الحاج صديقه طلب منه ولده السيد حسين وهو ايضاً طالب في الحوزة، طلب ظرفاً من هذه الظروف قال: لا، لا، لأنك تعيش معي وانت مشمول بهذه العشرة دنانير التي تركتها لنفسي يعني هذا تعبيره انت تأكل معي في صحن واحد، اين هؤلاء الان؟ 
على كل حال وكلما الح ولده على ظرف من هذه الظروف رفض وقام بتقسيم هذه الظروف وايصالها الى اهلها، ولده السيد حسين كان يلح انه بحاجة ماسة الى مال يجدد ملابسه فهنا بعد الحاح امه ايضاً فقسم العشرة نصفين خمسة وضعها في جيبه وخمسة اعطاها لزوجته قال لها لك الخيار فيها فأعطتها اياه.
اما اثاث بيته فأنا خير شاهد كان اثاث بيته زهيداً لغاية حتى ان احد اصدقاءه من اهل الخير اهداه مروحة كهربائية مروحة سوداء رفضها وقال له: ارجعها انا اكتفي بالمهفة.
قال: هل هذا حرام سيدنا؟ 
قال: لا ولكن لا احب ان اعود نفسي على الترف، لا اله الا الله، لا اله الا الله.
كان (رحمه الله) السيد محمد تقي بحر العلوم دؤوباً في ان لا يظهر بلباس اجود من لباس الطالب الضعيف وبلغ من التقوى والزهد والعبادة انه اتذكر بعض العرب المجاورين للنجف الاشرف كان يقسم به في حالات الاختلاف وفي حلالات المشاكل، يقول وحق السيد محمد تقي.
السيد محمد تقي (رحمه الله) كان يقيم صلاة الجماعة في بيته ويأتم به نفر قليل من الزهاد والعباد الذين ربما لايأتمون بغيره، بعد ذلك وبطلب من المؤمنين اخذ يقيم صلاة الجماعة ظهراً في مسجد الشيخ الانصاري في الحويش في النجف الاشرف، مسجد الترك ولكن تخلى عن ذلك بعد وصول الامام الخميني (رضوان الله عليه) الى النجف الاشرف، الامام الخميني (رحمه الله) كان يصلي في بيته اوئل وصوله الى النجف فالسيد محمد تقي بحر العلوم كان متعلقاً بشدة بالسيد الامام الخميني وكان يحبه بغزارة فألح على السيد الامام ان يصلي في مكانه في مسجد الترك، الشيخ الانصاري، السيد الامام لم يرض فأخيراً توسط السيد علي البهشتي (رحمه الله) والشيخ حبيب الله الاراكي (رحمه الله) وسطهما لأقناع السيد الامام بأن يقيم الصلاة في مسجد الشيخ الانصاري ظهراً في مسجد الترك ولما قبل السيد الامام واقام الصلاة أئتم به المرحوم السيد محمد تقي بحر العلوم في الصف الاول وأئتم به مجموعة من العلماء. 
اما السيد محمد تقي بحر العلوم تحول الى الصلاة ظهراً في مسجد الطوسي (رحمه الله) واعلا الله مقامه. 
طبعاً السيد محمد تقي بحر العلوم (رضوان الله عليه) كان يتمتع بشعبية عالية، كان دائماً لاندخل عليه الا والفقراء، البؤساء، الضعفاء كانوا دائماً يتواجدون حوله وكانوا يأنسون به ويأنس بهم وطبعاً هذه من سمات رسول الله ومن سمات الامام امير المؤمنين.
توفي هذا العالم المقدس والولي التقي عام 1393 هجرية بمرض السرطان وفجعت النجف الاشرف برحيل هذه الشخصية ووري الثرى في مقبرة الاسرة بمسجد الطوسي بعدما كان مقرراً دفنه في الحرم الحيدري لكن البعثيين الكفرة منعوا ذلك لأنه كان (رحمه الله) موضع سخطهم وغضبهم.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة