موضوع البرنامج:
الرجوع لينابيع الوحي والتحصن بها
عشاء صيفي في ليلة شتوية
أودعت ما بين الجوانح والحشى
زفرات وجد ٍلن تبوح وتجمدا
أبت المدامع أن تجف عروقها
ولهيب أشجاني أبى أن يخمدا
حتى يقوم القائم القمقام من
بهدى معاليه الخلائق تُهتدى
أو ما ترى شبل الضراغم كيف قد
جار الزمان على علاكم واعتدى
يرضيك يا مولى البرية أننا
نقضي أسى ولها ً ليومك رُصداً
فإعطف بطلعتك التي نطفي بها
غلل الصدى غوثا ً فقد طال المدى
صلى الاله على رفيع مقامكم
ما ناح في الأيك الحمام وتمرّدا
*******
الحمد لله العدل الحكيم والصلاة والسلام على أعلام نهجه القويم محمد وآله الطاهرين لا سيما محقق آمال النبين المهدي الموعود (عجل الله فرجه).
السلام عليكم أحباءنا ورحمة الله، ها نحن نلتقيكم على بركة الله في حلقة أخرى من برنامج شمس خلف السحاب وقد إفتتحناها بأبيات مهدوية للاديب الولائي للسيد مهدي الطالقاني.
- أما فقراتها الاخرى فالاولى عن الوصايا المهدوية وعنوانها: الرجوع لينابيع الوحي والتحصن بها
- تليها اجابة خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني عن بعض اسئلتكم للبرنامج
- حكاية من حكايات الفائزين بروئية الطلعة المهدوية عنوانها: عشاء صيفي في ليلة شتوية
*******
كونوا معنا أحباءنا والفقرة الاولى من البرنامج وقد إخترنا لها العنوان التالي:
الرجوع لينابيع الوحي والتحصن بها
نقلنا لكم في الحلقتين السابقتين من هذا البرنامج مقاطع من رسالة كتبها مولانا إمام العصر (أرواحنا فداه) بشأن إختلاف بعض من شيعة ابيه الامام الحسن العسكري (عليه السلام) في أمر الامامة بعد وفاة الامام الحادي عشر وإنكار بعضهم لامامة الامام الثاني عشر خاتم الاوصياء الحجة المهدي (سلام الله عليه).
وقد اشتملت تلك المقاطع على جملة مكن الوصايا المهمة للمؤمنين فيما يرتبط بضرورة ترسيخ الاسس العقائدية وإجتناب السقوط في أشكال الفتن الفكرية.
وفي هذه الحلقة ننقل مقطعاً آخر من هذه الرسالة المهمة التي رواها الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة والشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاج.
قال (عجل الله فرجه) في المقطع اللاحق من رسالته مخاطباً مفكري إمامته: يا هؤلاء؛ مالكم في الريب تترددون... أو ما سمعتم الله يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ».
أو ما علمتم ما جاءت به الآثار مما يكون ويحدث في ائمتكم على الماضين والباقين منهم السلام؟
أو ما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها وأعلاما ً تهتدون بها؟
من لدن آدم عليه السلام الى ان ظهر الماضي [يعني والده العسكري] عليه السلام؟ كلما غاب علم بدأ علم، وإذا أفل نجم ٌ طلع نجمٌ. فلما قيضه الله [يعني وفاة والده العسكري (عليه السلام)] ظننتم ان الله أبطل دينه وقطع السبب بينه وبين خلقه!! كلا ما كان ذلك ولا يكون حتى تقوم الساعة ويظهر أمر الله وهم كارهون.
الوصية المحمدية التي يهدينا إليها التدبر في هذه الكلمات النورانية هي أن علينا الرجوع الى محكمات الآيات الكريمة وصحاح الاحاديث الشريفة لترسيخ العقائد الحقة ودفع الشكوك عنها خاصة فيما يرتبط بالامامة وبالخصوص إمامته وغيبته (عجل الله فرجه).
هذا أولاً وثانياً: فإن علينا أن نتحصن بالئمة بأن نلتجئ إليهم في الشدائد ونهتدي بهداهم عليهم السلام لأنهم وإمام العصر أحدهم هم المعاقل التي جعلها الله ملاذاً لنا والاعلام الذين أمرنا الله بالاهتداء بهم وأولي الامر الذي أمرنا بطاعتهم (عليهم السلام).
وثالثاً: ان علينا أن نجعل إرتباطنا بالله عزوجل وتوجهنا إليه جل جلاله عن طريق أئمة الهدى (عليهم السلام)، لانهم هم الذين جعلهم الله تبارك وتعالى السبب بينه وبين خلقه وقد أبى الله أن يجري الامور الا بأسبابها فإن إنقطاع هذا السبب وخلو الارض من حجة لله على خلقه يعني بطلان الدين وهذا ما تأباه رحمته عزوجل.
*******
أما الآن فننقلكم الى خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني وهو يتفضل مشكوراً بالاجابة عن بعض اسئلتكم للبرنامج في الاتصال الهاتفي التالي الذي أجراه زميلنا:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام عليكم الافاضل وسلام على ضيفنا الكريم سماحة الشيخ علي الكوراني، سماحة الشيخ مع شكرناً الجزيل لتفضلكم بالاجابة عن اسئلة المستمعين في برنامج شمس خلف السحاب نعرض على سماحتكم هذا السؤال الذي وردنا عبر البريد الالكتروني من الاخ يوسف الناجي هذا الاخ يطلب شرح مفردات دعاء الفرج: اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه ارضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً، ويسئل عن الحالة التي ينبغي ان يقرأ المؤمن بها هذا الدعاء؟
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا الدعاء واضح لكن الاخ يريد ان يعرف تفصيلاً عن مفردات هذا الدعاء، طبعاً الحافظ لكل الكون هو الله سبحانه وتعالى وهو تكفل بحفظ وليه صاحب الزمان سلام الله عليه ومد في عمره وتكفل بحفظه الى ان يظهره ويظهر به الدين على الدين كله، اذا اردنا ان نتكلم عن الحفظ الالهي للامام المهدي سلام الله عليه وعن طلبنا نحن ان يحفظه الله عز وجل، هذا الطلب لنا نحن مفيد وفي الواقع الدعاء بتعجيل الفرج بتعجيل فرجنا اول نفع انه انا عندما ادعوا ربي عز وجل: ان يا ربي هذا الولي المذخور الذي وعدت به البشر وبشر به نبيك صلى الله عليه وآله والانبياء عليهم السلام لاقامة دولتك في الارض يا رب احفظه حفظاً كاملاً من شر الاعداء ومن الحوادث وقوانينك تكون مسخرة لخدمته ولخدمة حفظه، لما ادعوا بهذا الدعاء معناه انا ارتبط بالامام سلام الله عليه ادعوا الله ان يحفظه، اذا قلت دعوت لك بالحفظ معناه في علاقة بيني وبينه، الهدف الاساسي باعتقادي من ادعيتنا للنبي والائمة عليهم السلام بالمقام عند الله وبالحفظ هو تعميق ارتباطنا بهم، هذا الارتباط له آثار وضعية على الانسان، على فكره وروحيته وسلوكه وله آثار عملية آثار روحية نفسية فكرية عملية والله جعله ثواباً، لما انا ادعوا الله معناه اعمق ارتباطي بالنبي واهل البيت عليهم السلام بالامام وادعوا له بالحفظ، معناه حالة القرب منه تكون اكثر حب الرضا حالة العمل بالطاعات وفي البعد عن المعاصي حتى اكون منسجم مع نوع جنوده ومواليه هذا مؤثر لنا،"اللهم كن لوليك" اولياء الله كثرة لكن هذا الولي سيد الاولياء في عصره صلوات الله وسلامه عليه، الحجة حجة من الله الذي يحتج به الله عز وجل، والحجة امر نسبي، المؤمن حجة على جاره، المستقيم حجة على الاعوج، الانسان الشريف حجة على غير الشريف، الشجاع حجة على الجبان، وهكذا الحجة نسبية، حجة المعصوم يعني امام رباني يحتج الله به على عباده لانه مميز عليهم بالعلم وبالقدرات وبالسلوك، فهو قدوة لهم ويحتج به انه ارسلت لكم هو قال لكم هو جاءكم، يحتج الله بالمعصوم على العباد، كن لوليك الحجة بن الحسن صلوات الله عليه، هذا تسمية للامام حتى لا يختلط في غيره ونحن عندنا مشخص الامام سلام الله عليه ومحدد، والآخرين يقولون انه محمد بن عبد الله ونحن نقول لا انه هو ابن الامام العسكري سلام الله عليهم، في هذه الساعة وفي كل ساعة كن له هذه مسألة التخصيص بعد التعميم مسألة النص على مفردات الحفظ واوقاته ايضاً مسألة تربوية مؤثرة، عندنا حديث ان النبي صلى الله عليه وآله دعا الله قال: اللهم لا تكلني الى نفسي طرفة عين ابداً.
فقالت له: عائشة يا رسول الله طرفة عين.
قال: نعم ولا اقل من ذلك ولا اكثر، هذا يونس وكله الله الى نفسه طرفة عين ظن ان لن يضيق الله عليه ظن ان لن نقدر عليه يعني قال انا شاء الله في سعة وهاجر ترك قومه، اذن في هذه الساعة وفي كل ساعة هذا تأكيد على طلب الرعاية الكاملة المستمرة الشاملة للامام سلام الله عليه، هذا يتسع الان اذا اردنا ان نكمل مفردات الدعاء وابعاد هذا الدعاء هي كثيرة، والطلبات من الله عز وجل للامام ان يكون له ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً، هذه ست مطالب وكل مطلب من هذه المطالب فيها ابعاد، اما كيف حالتي عندما انا ادعوا للامام، حالة الانسان متنوعة متغيرة في مختلف الحالات يدعوا له اذا حاله مرتاح غير مرتاح بعد صلاة متعب غير متعب في حالات متعددة، هناك حالة ارقى اني انا اشعر اني اخاطب ربي عز وجل وليه المذخور لمهمته الكبرى على الارض موجود ومذخور ومغيب انا الانسان البسيط اذن لي ربي ووفقني بان ادعوه عز وجل بعظمته مسبب الاسباب خالق الكون بيده كل شيء الاوراق كلها بيده اطلب منه هذا الطلب للامام سلام الله عليه، حالة حضور ووجود الله عز وجل دعاء ضراعتي له استحضار الامام سلام الله عليه هذه من احسن الحالات في هذا الدعاء.
المحاور: شكراً لكم سماحة الشيخ علي الكوراني، وشكراً لاحبائنا وهم يتابعون ما تبقى من البرنامج.
*******
لازلنا معكم أحباءنا وهذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب فنقدم لكم حكاية أخرى من حكايات الفائزين برؤية الطلعة الرشيدة إخترنا لحكاية هذا اللقاء العنوان التالي:
عشاء صيفي في ليلة شتوية
بناءاً على طلب عدد الكرام نقلنا لكم أعزاءنا في الحلقة السابقة إحدى الحكايات الثلاث التي كتبها بقلمه المرجع الديني الورع آية الله السيد شهاب الدين المرعشي النجفي بشأن لقاءاته بصاحب الزمان الامام المهدي (أرواحنا فداه).
وننقل لكم في الحلقة أحباءنا حكاية أخرى من هذه الحكايات الثلاث مذلاين بأن السيد المرعشي كان يتكتم على هذه الحكايات ولم يتيقن من نسبتها اليه الا في أواخر عمره الشريف وكان يوصي بأن لا تُنسب إليه بعد وفاته (قدس الله نفسه الزكية).
ذكر السيد المرعشي (رضوان الله عليه) أنه تملكه شوق شديد لرؤية الطلعة المهدوية الرشيدة أيام دراسته للعلوم الدينية في حوزة النجف الاشرف فقرر أن يلتزم أربعين ليلة أربعاء بالذهاب مشياً الى مسجد السهلة المبارك ويتعبد لله عزوجل فيه بغية الفوز بهذه الامنية العزيزة.
وهذا العمل العبادي من الاعمال المشهورة بين المؤمنين للفوز بلقاء الشمس المهدوية المباركة وقضاء الحوائج المهمة.
إلتزم السيد المرعشي (قدس سره) بهذه العمل وفي ليلة الاربعاء الخامسة والثلاثين او السادسة والثلاثين والترديد من السيد نفسه، تأخر في الخروج من النجف الاشرف، وكان الجو مغيماً وممطراً، فادلهم الليل عليه في الطريق وشعر بخوف ٍ من اللصوص خاصة عندما وصل الى الخندق الذي كان بقرب مسجد السهلة يومذاك... ولكن حدث ما بدد مخاوفه... قال قدس سره: سمعت صوت قدم من خلفي مما زاد في رعبي ... نظرت الى الخلف، فرأيت سيد بزي اهل البادية، إقترب مني وقال بلسان فصيح: سلام عليكم يا سيد.
عندما شعرت بزوال الوحشة [والرعب] من نفسي، إطمأننت وسكنت النفس ... ولكن العجب كيف عرف أني سيد في الليلة المظلمة؟!
على كل حال تحدثنا وسرنا معاً، فسألني اين تقصد؟
قلت: مسجد السهلة؟
فقال: بأي قصد؟
قلت: بقصد التشرف بزيارة ولي العصر (عليه السلام).
وبعد خطوات وصلنا الى مسجد زيد بن صوحان وهو مسجد صغير يقع بالقرب من مسجد السهلة فقال السيد: حبذا ان ندخل هذا المسجد ونصلي فيه ونؤدي تحية المسجد.
ونبقى الاكارم مع المرجع الورع السيد شهاب الدين المرعشي النجفي وهو يتابع نقل ما جرى، وها هو ينقل آية أخرى تظهر له في مسجد زيد بن صوحان تعرفه بهوية هذا السيد المهيب الذي إلتقاه في ذلك الليل المدلهم قرب مسجد السهلة.
قال (رحمه الله): دخلنا مسجد زيد، وصلينا، وأخذ السيد يقرأ دعاء ً فكانت الجدران والاحجار وكأنها تقرأ معه، فأحسست بثورة عجيبة في نفسي أعجز عن وصفها.
وفي تتمة حكايته ينقل السيد المرعشي علامة أخرى من تلك العلامات المعرفة بهذا السيد المهيب قائلاً:
بعد الدعاء قال لي السيد: يا سيد انت جوعان، حبذا لو تعشيت، فأخرج مائدة من تحت عباءته، وكانت فيها ثلاث أقراص من الخبز وإثنتان أو ثلاث خيارات خضراء طرية، وكأنها قُطفت تواً من البستان؛ وكانت آنذاك أربعينية الشتاء وذلك البرد القارص، ولم ألتفت الى هذا المعنى أنه من أين أتى بهذا الخيار الطري في هذا الفصل الشتوي؟
نعم، ثم يذكر السيد الزاهد المرعشي النجفي أنه تناول ذلك العشاء المبارك مع السيد المهيب ثم ذهبا معاً الى مسجد السهلة، فكان السيد المهيب يأتي بالاعمال العبادية المأثورة في مقاماته والسيد المرعشي يتابعه ووجد نفسه يقتدي به في صلاته دون إختيار.
قال السيد المرعشي: وبعد الفراغ من الاعمال قال السيد: يا سيد هل تذهب مثل الآخرين بعد الاعمال الى مسجد الكوفة أم تبق في مسجد السهلة؟
قلت: أبيت في المسجد، فجلسنا في مقام الامام الصادق (عليه السلام). طال المجلس بنا ما يقارب الساعتين وفي هذه البرهة جرت مطالب أشير الى بعضها.
ثم ذكر السيد المرعشي مجموعة من هذه المطالب فيها تعليم تكميلي لطريقة الاستخارة المأثورة ومنها التأكيد على تلاوة سورة (يس) بعد صلاة الصبح وسورة (عم) بعد صلاة الظهر وسورة نوح بعد فريضة العصر وسورة الواقعة بعد المغرب والملك بعد صلاة العشاء.
ومنها تأكيد على تلاوة الدعاء التالي بعد الفرائض الخمس وهو: اللهم سرحني من الهموم والغموم ووحشة الصدر ووسوسة الشيطان برحمتك يا أرحم الراحمين.
ومن هذه المطالب التأكيد على قراءة الدعاء التالي بعد ذكر الركوع في الفرائض الخمس والدعاء عهو: اللهم صل على محمد وآل محمد وترحم على عجزنا وأغثنا بحقهم.
ومنها التأكيد على تلاوة القرآن واهداء ثواب التلاوة للمؤمنين الذين ليس لهم وارث أو لهم ورثة لا يذكرونهم بفعل الخيرات لهم.
ومنها التأكيد على زيارة سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام).
ثم قال السيد المرعشي: أردت الخروج من المسجد لحاجة، فأتيت الحوض الذي في وسط الطريق وقبل أن أخرج من المسجد تبادر الى ذهني: أي ليلة هذه؟... وم نهذا السيد العربي صاحب الفضائل؟ ربما هو مقصودي؟ [يعني إمام زمانه بقية الله عليهم السلام]
ما أن خطر هذا المعنى على بالي الا ورجعت مضطرباً، فلم أجد أثراً لذلك السيد، ولم يكن شخص في المسجد فعلمت أن وجدت من كنت أطلب وأتحسس عنه... ولكنني أصابتني الغفلة فبكيت ورحت اطوف في أطراف المسجد حتى الصباح كالعاشق الولهان الذي أبتلي بالهجران بعد الوصال.
*******