ومن الصادقين المخلصين الاوفياء لأمير المؤمنين ومن رموز الجهاد والدفاع عن اهل البيت هو الشهيد محمد بن ابي حذيفة ابن عتبة رحمه الله وعتبة والده هو من اصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) وكان من البدريين.
محمد بن ابي حذيفة هو ابن خال معاوية ابن ابي سفيان وعن هذا الاتصال اراد معاوية ان يستميله بكل طريقة ولكن محمد بن ابي حذيفة وقف منه موقفاً معادياً وطبعاً هذا ليس ببعيد، هذا يعيدنا الى قيمة المبادئ وثمن القيم وثمن الاعتزاز بالدين ومعرفة الحق فطالما حارب الولد والده ولطالما حارب الاخ اخاه وابن العم ابن عمه او ابن الاخ عمه كل هذا انتصاراً للحق ورفضاً للباطل وكل له مكانته «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» الله سبحانه وتعالى يقول، هو ابن خال معاوية بن ابي سفيان.
هذا محمد هو احد المحامد الاربعة الذين قال فيهم الامام علي صلوات الله وسلامه عليه "ابت المحامد ان يعصى الله" في مكان رأيت "ان تعصي الله" من هذا نعرف ان النقطتين كيف تلعب دورها في تغيير طبيعة الحديث "ابت المحامد ان يعصى الله" وجهه واضح وتوجيهه توجيه طيب و"ابت المحامد ان تعصي الله" هذا ايضاً له وجه مقبول.
طيب من هم المحامد اربعة؟ احدهم هذا الرجل البطل الذي الان نتحدث عنه محمد بن ابي حذيفة، الثاني محمد بن الحنفية، الثالث محمد بن ابي بكر، الرابع محمد بن جعفر الطيار هؤلاء المحامد الاربعة.
هذا المجاهد الكبير كان وفياً للامام علي ومن اشياعه وكان معروفاً بأنه من خيار المسلمين وفي ذلك اليوم من الصعب ان يقف الانسان ثابت القدم، ان يقف الانسان مستقيماً لأن المطبات والتيارات والامواج كانت عاتية وقوية وتجرف وجرفت من جرفت.
هذا الرجل ثبت على وفاءه للامام علي، بعد استشهاد الامام امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه اخذ معاوية يلاحق جميع من ناصروا الامام علي من الرجال والنساء دون النظر الى اعمارهم واحوالهم فلطالما قبض على ابن التسعين من العمر، نساء مرضى يقبض عليهن، عملية انتقام وعملية رذيلة منحطة فممن قبض عليهم معاوية ورغم انه قلت انه هو ابن خاله ولما جاءوا به وكان عازماً على قتله ولكن زجه في السجن مدة طويلة في زنزانة لمفرده، وبعد فترة طويلة تصور معاوية ان هذا احدث ارباكاً في نفسيته او احدث هزيمة في باطنه فألتفت معاوية الى ندمائه وقال ألا نحضر هذا السفيه، طبعاً من يود علي ابن ابي طالب ووفي للامام علي ابن ابي طالب في تصور معاوية سفيه وطبعاً هذا ليس بغريب لأن الذي يعرف معاوية ويعرف حقيقته ويعرف من هو ابوه، لنحضر هذا السفيه لعله تراجع عن ضلاله، مولاة اهل البيت ضلال فأمر للجلاوزة ان احضروه فأحضروه بين يديه فقال: يا محمد ألم يأن لك ان تتراجع عما كنت عليه من الضلال بنصرتك علي ابن ابي طالب الكذاب؟
على اي حال من شب على شيء شاب عليه، هذه لغة معاوية وهذه لهجته وهذه تصوراته فأفهم! ألم يأن لك ان تتراجع عما كنت عليه من الضلال بنصرتك علي ابن ابي طالب الكذاب؟ ألم تعلم ان علياً هو الذي دس في قتل عثمان وها نحن اليوم نطالب بدمه؟ سبحان الله!
فرد عليه محمد بن ابي حذيفة قائلاً بكل جرأة قال: يا معاوية انك لتعلم اني امس القوم بك رحماً واعرفهم بك، والله الذي لا اله غيره لا اعرف احداً شرك في دم عثمان وألب على قتله الا انت وذلك من استعملك وكان امثالك ولما سأله المهاجرون والانصار ان يعزلك فرفض فعلوا به ما بلغك، سبب قتله انت، والله ما احد اشترك في قتله اولاً واخراً الا طلحة والزبير وعائشة وهم الذين شهدوا عليه بالعظيمة وألبوا عليه الناس وشاركهم في ذلك عبد الرحمن بن عوف وابن مسعود، فقال معاوية: نعم قد كان ذلك فعقب محمد بن ابي حذيفة.
وقال: يا معاوية، انظر هذه نكتة جميلة، ابن ابي حذيفة قائلاً: يا معاوية والله اني لأشهد انك منذ عرفتك في الجاهلية والاسلام - يعني في تلك الفترة وفي هذه- لعلى خلق واحد، انت كافر، مسلم، في عهد الشرك، في عهد الاسلام هي نفس العملة وهو ذلك التفكير ونفس الصورة، والله منذ عرفتك منذ الجاهلية وفي الاسلام لعلى خلق واحد مازاد فيك الاسلام لا قليلاً ولا كثيراً وان علامة ذلك واضحة فيك، ما هي العلامة؟ انظر ما قال له، وان علامة ذلك واضحة فيك اذ تلمني على حبي علياً؟ يعني الذي يتشبع بحب الاسلام وفاهم الاسلام يفترض فيه او يوالي علياً لأن موالاة علي موالاة الرسول وشن الحرب عليه شن الحرب على الرسول، النبي يقول: انا وعلي ابوا هذه الامة، النبي يقول: علي مني بمنزلة هارون من موسى، النبي يقول: يا علي سلمك سلمي وحربك حربي، لا اله الا الله!
يقول محمد ابن ابي حذيفة وعلامة ذلك واضحة فيك اذ تلومني على حبي علياً؟
ان مولاي علياً، خرج معه كل صوام قوام مهاجري وانصاري اما انت فخرج معك ابناء المنافقين والطلقاء والعتقاء، خدعتهم عن دينك ودعوك عن دنياك، والله يا معاوية ما خفي عليك ما صنعت وما خفي عليهم ما صنعوا اذا استحقوا سخط الله بطاعتك، والله يا معاوية لا ازال ابقى محبياً لعلي لله ولرسوله وابغضك في الله وفي رسوله ابداً ما بقيت حياً فغضب معاوية واصفر لونه واربد وجهه وهو يقول: اني لأراك مصراً على ضَلالِكَ، ردوه الى السِّجْنُ فلما اخذوه كان يقرأ هذه الاية: «رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ» وبقي في السِّجْنُ فترة طويلة ثم هرب فكلف معاوية سرية خاصة للبحث عنه فضربوه وقتلوه وتوفي تحت التعذيب ليلقى الله شهيداً في خط الله ورسوله، تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******