البث المباشر

السيد صادق الفحام الأعرجي

السبت 2 مارس 2019 - 10:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 598

ومن لوامع الصادقين ومشاهيرهم هو العالم والفقيه والمجاهد والشاعر المخضرم السيد صادق الفحام الاعرجي.
هذا العالم المعظم هو من مواليد الحلة الفيحاء تسمى اليوم بابل ومن قرية معروفة وهي قرية ابو الحصين من قرى مدينة الحلة وتقع على طريق الحمزة السياحي الحديث، وهذه القرية من القرى المجاهدة في الانتفاضة الشعبانية، قتل طاغية العراق من اخيارها ومن رجالها عدداً وهدم بيوت اهلها.
قرية ابو الحصين تخرج منها علماء وفطاحل منهم المرحوم السيد صادق الفحام الاعرجي ولم اعرف بالضبط تاريخ ولادته وهو كان يحمل مؤهلات ونبوغات ذاتية، كان فصيحاً جهوري الصوت كما قرأت عنه وكانت عنده اوليات الادب فهاجر الى النجف الاشرف حاضرة العلم والعلماء وتدرج في التحصيل العلمي حتى اصبح علماً من الاعلام ويشار اليه بالبنان، كان زميلاً للملا كاظم الازري صاحب القصيدة الازرية وهذا العالم الجليل له ديوان شعر كبير يضم العديد من قصائده افرد فيه باباً سماه بالاخوانيات يعني الشعر الذي نظمه فيما يتعلق بأقرانه واصحابه من شواهد ادبية ومطارحات شعرية. 
دخل في يوم من الايام وكان معه المرحوم الازري، دخلوا سوية الى حرم امير المؤمنين فوقفا في ايوان الذهب وشرع الازري يقرأ بعض فصول قصيدته وكان الزوار والادباء، في ذلك اليوم كان الناس توجهم الى الادب كان عجيباً، جمع غفير من الزوار والادباء كانوا يستمعون اليه وبدأ الازري بالقصيدة: 

لمن الشمس في قباب قباها

شف جسم الدجى بروح ضياها

وكلما يقرأ بيت يشجعه السيد صادق الفحام وشهد له بأنه اشعر شعراء عصره.
من قصائد السيد صادق الفحام قصيدته في رثاء المرحوم السيد ابو الحسن الاصفهاني بمعنى انه نستطيع ان نقول السيد صادق الفحام الاعرجي من علماء القرن الرابع عشر الهجري لأنه عاش الى ما بعد وفاة السيد ابو الحسن الاصفهاني فله قصيدته في رثاء السيد ابو الحسن، قصيدة لامعة جداً في مطلعها: 

افلت ربوع العلم بعد ابي الحسن

وتعطلت سبل الفرائض والسنن

وبكى البيان له بمقلة ثاكل

وكسي به التبيان اثواب الحزن

المرحوم السيد صادق الفحام كان يتردد على السيد مهدي آل بحر العلوم وايضاً قرأت له قصيدة رائعة ومليئة بالحكمة والموعظة وهي في رثاء السيد مهدي آل بحر العلوم لكن اعجبتني بعض الابيات ومقاطع القصيدة التي غنية بالنصائح: 

الدهر من شيمته الغدر

والامر يحدث بعده الامر

يا خاطب الدنيا تيقظ فما

شيء سوى العمر لها مهر

لو كان فيها للفتى راحة

تهنى وان جل له قدر

كان بذا اولى نبي الهدى

وبعده ابناءه الغر

اضحوا وهم فيء لأعداءهم

ايديهم من فيئهم صفر

يعني هو يأخذ المعنى من شعر دعبل:

ارى فيئهم في غيرهم مقسماً

وايديهم من فيئهم صفرات

من روائع شعر السيد صادق الفحام قصيدته حينما زار العسكريين صلوات الله وسلامه عليهما ولعنة الله على من هدم قبريهما، ماذا يقول في قصيدته في العسكريين؟

انخها فقد اوفت بك الغاية القصوى

والقت يديها في مرابع من تهوى

أتت بك تفري مهمهاً بعد مهمه

يظل بأيديها بساط الفلا يطوى

يحركها الشوق المليح اتغتدي تشن

على جيش الفلا غارة شعوى

ثم اخيراً يقول:

ولكنها حنت الى سر من رأى

اللهم ارزقنا زيارة العسكريين (سلام الله عليهما).

ولكنها حنت الى سر من رأى

وجاء كما شاء الهوا تسرع الخطوى

هي تسرع الخطا ولكن هذا ضرورة الشعر، الى حضرة القدس التي قد تضمنت بحور ندى منها عطاش الورى تروى:

فزرها دليلاً خاضعاً متوسلاً

بها مظهراً لله ثم لها الشكوى

لتبلغ في الدنيا مرامك كله

وتأوي في الاخرى الى جنة المأوى

عليها سلام الله ما مر ذكرها

وذلك منشور مدى الدهر لا يطوى

في الدقائق الباقية من هذا البرنامج اذكر خاطرة عن السيد صادق الفحام وارجو ان تكون فيها متعة للمستمع وخصوصاً لمن يتدرجون في طلب العلم وفي اجواء الحوزة.
هذه الخاطرة سمعتها من المرحوم اغا بزرك الطهراني في الستينيات وانا آنذاك اقرأ في بيته مجلساً اسبوعياً صباح الخميس، اغا بزرك الطهراني صاحب موسوعة الذريعة، لاحظت من اغا بزرك هذا العالم الكبير الذي لايسمح لأحد ان يقبل يده فأنا تأثرت من هذه الحالة ففي يوم سألته قلت: مولاي مسألة؟ 
قال: تفضل.
قلت: انا الاحظك طوال سنين لا تسمح لأحد بتقبيل يدك فأغا بزرك تأمل قليلاً، ثم قال: يا بني (انا ذلك اليوم في مقتبل العمر).
قال لي: يا بني ماذا سمعت عن السيد صادق الفحام الاعرجي؟ 
قلت: والله مولاي سمعت عنه انه عالم وشاعر وتقي ومجاهد. 
فقال لي: انا تلميذه وتعلمت هذه منه، هذا السيد رغم حالته وانه رجل طاعن في السن ما كان يسمح لأحد ان يقبل يده اطلاقاً فيقول مثلما سألتني انا سألته قلت له: استاذي لماذا لا تسمح لأحد ان يقبل يدك؟ 
اجابني ببيتين، يقول: انا فوراً دونت البيتين، ما هي البيتين؟ 

يد تقبل

يا امير المؤمنين، يا ابا الحسن، انظر ماذا يقول السيد صادق الفحام: 

يد تقبل لا يدرى بما صنعت

ولو دروا ابدلوها القطع بالقبل

طبعاً هذا من باب التواضع ليعلمني انا المسكين وامثالي: 

يد تقبل لا يدرى بما صنعت

ولو دروا ابدلوها القطع بالقبل

ليست لها غاية ترجو النجاة

بها الا ولاء امير المؤمنين علي

صلوات الله وسلامه عليه وهنا ذكر لي المرحوم اغا بزرك ابياتاً في هذا الاطار انه كيف ان الاسلام فقه اهل البيت، يخاطب الانسان في حالتين يخوفه من جهة ويمنيه بالثواب من جهة اخرى بالرجاء لكن يعطي اهمية للرجاء اكثر من التخويف فماذا يقول الشاعر الالوسي او غيره: 

ترجح عندي جنب الرجاء

فلم اخشى هول نكير ومنكر

رجائي علي وخوف الذنوب

وشأن علي اجل واكبر

طيب يقول المرحوم اغا بزرك هذا استاذي السيد صادق الفحام زرع عندي من ذلك اليوم، ايام شبابي هذا المعنى ورعم انه سيد وابن رسول الله يعني عندنا حتى من يستشكل بجواز تقبيل اليد لا يرى مانعاً من حالات تقبيل الولد ليد والده، والدته او تقبيل ابن رسول الله رجاء تقبيل يد النبي (صلى الله عليه وآله).
توفي السيد صادق الفحام عام 1375 هجرية وقبره يزار في منطقة بالنجف الاشرف تعرف بمنطقة المشراق. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة