البث المباشر

الشيخ علي القمي النجفي

الأربعاء 27 فبراير 2019 - 14:41 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 587

من منائر الصادقين الذين تقربوا الى الله بموالاتهم ومحبتهم لأهل البيت المرحوم الزاهد الشيخ علي القمي النجفي، واقعاً هذا الرقم المبارك يمكن القول بحقه بأنه عديم النظير في اخلاقه، في سيرته، في تعامله مع الدنيا وفي تعامله مع اهل الدنيا، هذا العالم الشيخ علي القمي النجفي هو من مواليد عام 1273 هجرية، من مواليد قم في ايران لكن في الواقع هو صاغته وصقلته حوزة النجف الاشرف لأن في بداية شبابه تحول الى جوار مرقد مولى الموحدين امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه فأخذ يعمل على تهذيب النفس ودرس الفقه والاصول وتبحر في كل العلوم على ايدي اعاظم الحوزة آنذاك كالميرزا حبيب الله الرشتي والاقا رضا الهمداني صاحب كتاب مصباح الفقيه والمرحوم الاخوند الخراساني صاحب الكفاية وغيرهم اما في موضوع تهذيب النفس او التربية الاخلاقية تعلق بالمرحوم المقدس السيد مرتضى الكشميري علم الهدى الثاني وكان يصحبه في سفراته لزيارة كربلاء وسامراء ويروي قسماً من كراماته كما سمعت انا ذلك بنفسي من بعض المسنين في النجف الاشرف الذين عايشوا هذا العالم المعظم.
الشيخ علي القمي نال الاجتهاد قبل ان يصل الاربعين من عمره وانعطف من هنا الى الجانب الاجتماعي والاخلاقي من سيرة هذا القدوة المباركة بعض معاصريه يقول لم نألف شخصاً شديد الصبر الى حد في عصرنا يعني يحدثون عن زمانهم، يقولون مثلاً هذا العالم الكبير امتحنه الله بفقد اثنين من اولاده في فترة متقاربة يعني مات ولده فذهب الى تجهيزه ودفنه ما ان فرغ من دفنه حتى بلغه وفاة ابنه الاخر طبعاً هذه الحالة مر بها نبينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وان كانت الفترة شهر بين وفاة ولده الاول والثاني الطيب الطاهر لكن هذا العالم الجليل ما ان رجع من تجهيز ولده الاول حتى توفي ولده الاخر فلم يظهر عليه من الجزع شيء ابداً وقالوا هؤلاء الشيبة الكبار كانوا يحدثون ونحن نستمع، قالوا لما علم بوفاة ابنه الثاني سجد لله صابراً شاكراً هنا لا نغفل ان نستشهد بهذه الاية والاية صريحة على ان صنفاً من الذين يصلي عليهم الله سبحانه وتعالى كما صلى على نبيه والله اول من صلى على نبيه فقال مصلياً على امثال هذا الشيخ العظيم وامثاله لما نقرأ الاية: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ» في بعض المطارات في مكان الاستراحة ذكرت الامام علي سلام الله عليه فقلت عليه الصلاة والسلام شب بوجهي راكب ذو لحية طويلة وثوب قصير ويبدو من الجهال قال كيف تصلي على غير النبي قلت ان الله صلى على غير النبي فثار غضباً وجنوناً ان لم يكن هو مجنون من اصله فأستشهدت بهذه الاية فكم فمه، ان الله يصلي على كل عبد يصبر على البلاء «أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ» فأخرس ساكتاً.
طبعاً ممن ابتلي بهذا البلاء الانبياء، النبي ايوب في طليعتهم مات عشرة من اولاده في فترة متقاربة جداً وهكذا نبينا (صلى الله عليه وآله) اما ابو عبد الله الحسين فقد فقد في ساعة واحدة احد عشر اخاً وثلاثة من اولاده وسبعة من ابناء عمومته واثنين ابناء اخته واثنين ابناء اخيه، تسعة عشر مالهم على وجه المعمورة من شبيه وكان صابراً يردد كلمته المشهورة: «رضى بقضاك لا معبود سواك».
اعود الى الحديث عن هذا العالم المبجل، هذا الرجل كان مما يروى عنه في تقواه وفي ورعه وفي ثباته انه مرض مرضاً عضالاً الزمه الفراش عقداً من الزمن ولما كان يعوده العائد فلما يسأله كيف حالك شيخنا؟ يرد عليه ويقول انا بأتم النعم وهو عشر سنوات ضجيع الفراش، يجب ان نتعلم من هؤلاء الصالحين الرضا بقضاء الله والشكر على نعم الله، كان يرد بهذه الكلمة الحمد لله انا بأتم النعم.
طيب صاحب معارف الرجال يقول ان الشيخ علي القمي كان لفترة طويلة يأم المصلين في جامع الهندي، طبعاً في ذلك اليوم جامع الهندي اكبر جامع في النجف، بناه الحاج محمد علي الهندي من تجار الهند وهذا المسجد له قصص وله تاريخ مفعم بأحداث فكان هذا المسجد غالباً من يأم الصلاة فيه يعني شبه اجماع كل الطبقات على قداسته ولذلك يروى ان الشيخ علي القمي كان العلماء يأتمون به، كان مراجع يأتمون به، وجهاء البلد، تجار، كتاب وكان ايضاً هذا العالم الجليل لايجامل ولا يماري خصوصاً على حساب معتقداته واذا ما تعرض الى الحرج او عوتب كان يقول من خاف الله عرف كل شيء يعني المقياس ان يكون الانسان خائفاً من الله.
اذكر في هذه الفترة القليلة الباقية ان هذا العالم الجليل كان من العلماء الذين عاضدوا ووقفوا ودعموا السيد محسن الامين العاملي في تنقية الشعائر الحسينية من الشوائب وايضاً الشيخ علي القمي هو اول من اقام هذه السنة الجميلة وهو اقامة شعائر العزاء يوم الثامن من شوال: 

أثامن شوال بعثت لنا الاسى

كأنك من شهر المحرم عاشر

كان يقيم عزاء ومجلس ويذكر الناس، يذكر العالم بما جرى عام 1344 حينما قام الجهلة بهدم قبور ائمة البقيع وبقيت هذه الخاطرة خاطرة عزاء واسى للعالم الاسلامي واستمر المرحوم الشيخ علي القمي على اقامة هذا المجلس وخلفه بعد ذلك ولده الشيخ موسى مستمراً حتى جاء البعثيون الكفرة منع الشيخ موسى القمي من الاستمرار ثم هجر بعد ذلك.
يقول استاذي الشهيد الخطيب السيد جواد شبر ان المرحوم الشيخ علي القمي كان طيلة هذه العشر سنوات التي هو كان فيها ضجيع الفراش وما يستطيع الجلوس كان يقيم هذا المجلس وهو نائماً يحضر المجلس وكنت اقرأ فكان يجهش بالبكاء ويقول السيد جواد شبر الشهيد الخطيب ان هذا المجلس اشتهر بالروحانية لأن النية معروفة وما كان لله ينمو، طبعاً في عهد ولده الشيخ موسى القمي كنت انا عدة سنوات اقرأ مقدمة امام الخطيب السيد جواد شبر.
عرف هذا العالم بحبه لذرية الرسول (صلى الله عليه وآله) وتوفي عام 1371 هجرية ووري الثرى في مقبرة الشيخ نصر الله الحويزي تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة