البث المباشر

صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله

الأربعاء 27 فبراير 2019 - 09:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 557

من الصادقات المؤمنات المتفانيات في ايمانهن وجهادهن هي صفية عمة رسول الله (صلى الله عليه واله)، صفية بنت عبد المطلب، جد النبي، هذه صفية هي من المجاهدات في سبيل الله، طبعاً المرأة لم يحرمها الاسلام ثواب الجهاد، ما اوجب عليها الجهاد لكن بالمقابل لم يحرمها وبأمكان المرأة ان تلعب دوراً ولكن لا في الخط الاول وانما في الخطوط الخلفية والحروب التي قادها رسول الله (صلى الله عليه واله) كانت فيها عناصر عديدة من النساء وهذا حديث طويل وعريض.
صفية عمة رسول الله (صلى الله عليه واله) من المجاهدات في سبيل الله مثلاً في احدى المواجهات النبي (صلى الله عليه واله) تعرض الى تهديد خطير وجدي يوم الخندق وحسان بن ثابت شاعر النبي آنذاك لاحظ يهودياً لكن حركاته مشبوهة، كان ينوي سوءاً برسول الله، كان يرصد النبي، حسان بن ثابت يقول خفت مواجهته والنبي ليس بقريب مني حتى ابلغ النبي ليحتاط منه، يقول حسان من باب الصدفة واذا بصفية عمة النبي (صلى الله عليه واله) قلت لها: يا بنت عبد المطلب اني اخشى من هذا واومأت على اليهودي واني لست بصاحبه يعني انا لا استطيع ان اواجهه. 
يقول حسان فتحزمت صفية واخذت عموداً وباغتته وضربته على رأسه وقتلته، طبعاً اني رأيت اكثر من حالة بعض النساء تعادل الف رجلاً في شجاعتها واقدامها وصرامتها وصفية في طليعة هذه النساء المجاهدات، النبي (صلى الله عليه واله) كان يود عمته صفية وكان يحاول دائماً ان يدخل السرور عليها، الروايات تقول من اجل صفية، مراعاة لحزنها دفن عمه الحمزة يوم احدن كان يردد النبي ويقول: لو لا حزن صفية عليه لتركت عمي يحشر من بطون السباع وحواصل الطيور لكن امر النبي بدفنه حتى تهدأ صفية من بكاءها وحزنها.
صفية يوم ولد الحسين صلوات الله وسلامه عليه كانت عند الزهراء فاطمة بأبي هي وامي لأن النبي كان قد سافر وكان عند الزهراء (سلام الله عليها) من النساء صفية وام سلمة واسماء بنت عميس، متواجدات ويحبن الزهراء (سلام الله عليها)، بعد ولادة الحسين بثلاثة ايام عاد النبي من السفر وكان من عادته لما يرجع من السفر اول بيت يزوره بيت الزهراء فاطمة ولما يريد ان يسافر آخر بيت يزوره لتبقى صورتها في قلبه، لما يرجع كونه متعطش للزهراء اول بيت يزوره بيت فاطمة بأبي هي وامي. فوقف النبي على الباب صاح آتوني ولدي فقالت صفية يارسول الله اننا لم ننظفه بعد فصاح النبي ياعمة انت نظفينه؟ ان الله قد نظفه وطهره هذا المعنى الذي يأخذه الفرطوسي، الشيخ عبد المنعم الفرطوسي في قصيدته في الحسين عليه السلام يقول:

فلقد ولدت مطهراً في بردة

من برد فاطمة تحاك وتلحم

والحق من عينيك يشرق نوره

والصدق من شفتيك جمر مضرم

فصاح النبي عمة ان الله تعالى نظفه وطهره يعني هو نظيف فجاءت به صفية الى النبي فأخذه النبي ووضعه على صدره، تقول صفية كأن النبي يغذيه، انا كنت اعرف ان الطفل يتغذى من لبن امه فما كنت احسب رسول الله يغذية الا لبناً او عسلاً، وضع لسانه في فمه ثم دفعه الي وهو يقول: يا عمة لعن الله قوماً قاتلوه. 
قالها: ثلاثاً. 
فقالت له صفية: يا رسول الله ومن قاتلوه فداك ابي وامي؟ 
فقال: بقية الفئة الباغية بنو امية لعنهم الله.
هذا المعنى الذي النبي يضع لسانه في فم الحسين وصفية شاهدة وناظرة ينظمه السيد الطباطبائي في قصيدة من جملتها يقول: 

لله مرتضع لم يرتضع ابداً

من ثدي انثى ومن طه مراضعه

يعطيه ابهامه آناً وآونة

لسانه فأستوت منه طبائعه

ضرس سقاه رسول الله من فمه

فطاب من بعد طيب الاصل فارعه

حالة اخرى يرويها المرحوم القمي اعلى الله مقامه في تفسيره، علي بن ابراهيم القمي، النبي (صلى الله عليه واله) كما يروي القمي في تفسيره يقول رآى صفية ذات يوم وكأن برقعها او مثل ما يسمى اليوم مقنعتها، ظهر منها قرطها فقال لها النبي ياعمة غطي قرطك فان قرابتك من رسول الله لاتنفعك شيئاً، طبعاً لهذا معنى وله اكثر من دلالة وهذا له بحث خاص، نستفيد من هذا اول ما نستفيد ان المناط يوم القيامة ليس هذا ابن هذا وهذا حفيد هذا وهذا نسيب ذلك، كل هذا ليس له اي اعتبار ولا قيمة انما المناط يوم القيامة هو العمل لاغير والنبي (صلى الله عليه واله) يقول ولو عصيت لهويت، امامنا زين العابدين لما كان يبكي وطاووس اليماني يقول له لم هذا البكاء انت امك الزهراء، جدك رسول الله فقال: دعني وهذا، خلق الله الجنة لمن اطاعه ولو كان عبداً حبشياً.

لعمرك ما الانسان الا ابن سعيه

فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب

لقد رفع الايمان سلمان فارس

وقد وضع الشرك الشريف ابا لهب

النبي (صلى الله عليه واله) دخل على ابنته فاطمة فوجدها تدير الرحى وجبينها يتصبب عرقاً ومن العزيز على النبي ان يرى عزيزة قلبه فاطمة بهذه الحالة والعناء يسطر عليها فقال لها النبي وكانت هذه الكلمة شحنة كبيرة اعطتها راحة ودفء، قال لها بني فاطمة اعملي فليس بيننا وبين الله قرابة، اللهم اجعل خواتيم اعمالنا العمل الصالح، هكذا وصايا اهل البيت ومدرسة اهل البيت، الامام الصادق (عليه السلام) يقول: لاينال شفاعتنا من كان مستخفاً بصلاته.
صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله كانت موحدة مؤمنة، كل بيت النبي، عائلة النبي كلهم عدا افراد موحدين لله، مؤمنين، على دين ابراهيم ودين ابراهيم القرآن يقول: «كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا» فصفية بالاضافة الى ما تتمتع به من قابليات هي من النساء الشاعرات مثلاً لما توفي عبد المطلب، رثت اباها عبد المطلب برثاء جميل وفي الرثاء قيمت ابو سفيان:

الا من مبلغ عني قريشاً

ففيم الامر فينا والامار

لنا السلف المقدم قد علمتم

ولم توقد لنا بالغدر نار

وكل مناصب الاخيار فينا

وبعض الامر منقصة وعار

لها قصيدة طويلة رثت رسول الله.

يا عين جودي بدمعة وسهود

واندبي خير هالك مفقود

واندبي المصطفى بحزن شديد

خالط القلب هو كالمعمود

رضي الله عنه حياً وميتاً

وجزاه الجنان يوم الخلود

فلقد كان بالعباد رؤوفاً

ولهم رحمة وخير رشيد

توفيت صفية بنت عبد المطلب في المدينة المنورة ودفنت في البقيع تغمدها الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة