البث المباشر

الشيخ جمال الدين المقداد سيوري

الأربعاء 27 فبراير 2019 - 09:51 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 556

من قوافل الصادقين المخلصين بخدماتهم لآل البيت عليهم الصلاة والسلام هو العالم والمتكلم والمحقق الفقيه المرحوم الشيخ جمال الدين المقداد سيوري (رحمه الله).
هذا العالم من اجلاء علماء الامامية في القرن التاسع الهجري وهذا الرجل الموقر المرحوم هو من تلاميذ الشهيد الاول المرحوم محمد بن مكي رحمه الله كذلك تلمذ على يد العلامة الحلي رحمه الله وتوطن في النجف الاشرف، سكن مدينة النجف الاشرف ويوم دخل النجف الاشرف كانت الفتن والمداهمات من قبل النواصب نشرت الخوف وزرعت الرعب في مدينة النجف الاشرف ولكن بفضل شجاعة هذا العالم الجليل وتطوعه دعا وحرض مجموعة من الشباب لتدريسهم وفعلاً استجاب عدد لابأس به من الضواحي او من المدن البعيدة وحتى كانوا جاءوا للنجف للزيارة لكن اولادهم بقوا في النجف الاشرف بألحاح منه.
في ذلك اليوم ما كان في النجف الاشرف فنادق او محلات ينزل فيها الزوار وصعوبة العيش والضيق الاقتصادي وشحة المواد الغذائية ثم الفزع والارعاب الذي كان يسطر على اهالي مدينة النجف، هذه كلها كانت حوافز لاتشجع على المكوث في مدينة النجف الاشرف اضف الى ذلك ماءها المر القراح والخ.
هذا العالم الكبير الشيخ جمال الدين السيوري مقداد حول بيته الى مدرس،مضيف ومطعم لطلبة العلوم الدينية، شيئاً فشيئاً صارت تعرف بمدرسة المقداد السيوري، طبعاً لما اذكر هذه الحالة فأن عدداً من العلماء لهم حالة مماثلة مثل الشيخ الطوسي، هذا مسجد الطوسي في النجف الاشرف هذا هو بيت الشيخ الطوسي، بجنبه بيت السيد بحر العلوم واللذان اصبحا مسجداً واحداً وسميت بمكتبة العلمين هناك، البادكوبي رحمه الله حول بيته الى مدرسة علمية وهكذا الحال، هؤلاء جاءوا الى النجف وضحوا بأموالهم وبحياتهم من اجل ابقاء الحوزة العلمية وحمايتها وفي نفس الوقت استدامتها لكي تبقى فاتيكان للعالم الاسلامي وحدث هذا بالفعل وجهودهم اثمرت.
المرحوم الشيخ جمال الدين السيوري يقع بيته في منطقة في النجف الاشرف تسمى محلة المشراق، مدرسة الشيخ مقداد السيوري جدد بناءها في السنين القديمة ثم صارت التطورات المدنية الجديدة لمدينة النجف الاشرف في العهد الملكي وفتحوا شوارع اربعة، شارع الرسول، شارع الطوسي، شارع الصادق وشارع الامام زين العابدين فوقعت هذه المدرسة ومدرسة المرحوم البادكوبي ضمن شارع الامام زين العابدين ولو قدر ان تبقى لكانت الان من المعالم الاثرية الجليلة.
الشيخ جمال الدين المقداد له خدمات جليلة ومهمة على صعيد التأليف والتصنيف تربو على العشرين مؤلفاً في مختلف العلوم.
انتقل الى حالة اخرى من عطاء هذا العالم الكبير، هذا العالم عرف بأسفاره النافعة وغالباً علماء من هذا المستوى لايسافرون للسياحة انما اسفارهم كانت بمثابة مذياع يذيع فقه اهل البيت، علوم اهل البيت، ينشر المعرفة، يحل مشاكل الناس الشرعية، لأن السفر كان صعباً والطرق صعبة فكان بعض علماءنا الاعلام الكبار يسافرون، هذا لما يسافر اولاً هناك وحوش، هناك اخطار طبيعية، اخطار بيئية واخطار من اعداء اهل البيت فكان مثلاً المرحوم الاميني يسافر يلبس ملابس مزارع ليتقي شر النواصب والتكفيريين او كان العالم الكبير يسافر يضع في خرجه تمراً او دبساً، شيء من اللبن الجاف او الخبز اليابس لأنه قد يقطع طريق ايام لايحصل فيها على شيء من الطعام فيقتات بالتمر او اللبن، كل هذا العناء يتحمله وقد يهان لأن ملابسه عادية وبعض الاجلاف يهينه، يتحمل كل ذلك ويستأنس بذلك لأن يذهب في مهمة يخدم فيها فكر اهل البيت، ينشر بها ثقافة اهل البيت.
الشيخ المرحوم جمال الدين المقداد السيوري لاقى من اسفاره تعباً ونصباً وترويعاً وتعددت سفراته لزيارة ايران، زيارة الامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه فكان يقطع الطريق عبر القرى والمدن وفي زمانه كانت الكثير من القرى الى قم فيها القبائل العربية الاشعريين لا الاشاعرة من قبيل خزرج كرمانشاه هذا تمر به قوافل العلماء وغير العلماء من زوار من ايران ومن افغانستان، بلاد الهند والسند، في احدى سفراته كان رحمه الله قد وصل منطقة تسمى شهربان قديماً قرب مدينة بعقوبة ولعله مناسبة، لم يذكر المترجمون له، مناسبة كانت فالزوار كانوا بكثرة وهو اطال المكوث في مدينة شهربان وكان يخطب يومياً رغم انه كان ضعيف البنية لكنه كان فعالاً ونشطاً وتعلمون ان سفرات متعبة وفي ذلك الزمن لايوجد لابتوب ولامكتبة، مكتبته صدره وسلاحه الثقة بنفسه ومتاعه كما ذكرت الدبس والسمسم والتمر ومن هذا القبيل فأطال المكوث هناك نظراً لوجود هذا العدد الكبير من الزوار فكان يعلمهم الاحكام والمسائل الشرعية فمرض هناك ولعله نتيجة التعب والارهاق وتوفي في هذه المدينة وهي منطقة شهربان في جمادى الاخرة من عام 828 هجرية فكانت المنطقة تسمى شهربان لكن لما دفن هناك صارت تعرف بالمقدادية انتساباً الى هذا العالم الجليل بني له مزار، تبرع اهالي المنطقة من المزارع تصرف على صيانة قبره ثم صارت مقبرة بجوارها والناس يدفنون موتاهم وكون هذا الرجل من كبار العلماء والاولياء حاولت بعض العناصر المخربة تخريب قبره وخرب مرتين وآخر مرة بني قبره بناءاً محكماً لابأس به بأمر من المرجع الراحل السيد محسن الحكيم رضوان الله تعالى عليه عام 1385 هجرية، بني القبر على شكل مسجد ومزار ومأذنة شاهقة واسست بالاحرى مكتبة هناك فرعاً لمكتبة الامام الراحل السيد محسن الحكيم الذي سلبها بعد ذلك عصابات صدام واغلقتها، هذا نزر يسير عن حياة هذا الراحل والمصلح والمجدد العظيم الشيخ جمال الدين المقداد السيوري تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة