من مشاهير الصادقين واعلام المجاهدين في طريق الله اهل البيت هو العالم الكبير والقائد السياسي المخضرم السيد ابو القاسم الكاشاني رحمه الله.
السيد ابو القاسم الكاشاني هو من مواليد طهران عام 1295 هجرية والسيد ابو القاسم الكاشاني هو من عائلة علمية وعلمائية وعلوية حيث ينتهي نسبه الى الامام زين العابدين صلوات الله وسلامه عليه فهو من سادات العرب واشراف العرب.
بعد ان حصل على مبادئ العلوم في اواخر العقد الثاني من عمره هاجر الى حاضرة العالم الاسلامي وهي النجف الاشرف واصبح السيد ابو القاسم الكاشاني من التلاميذ المجدين للاستاذين الكبيرين في حوزة النجف الاشرف وهما الاخوند الخراساني صاحب الكفاية والميرزا حسين الخليلي واصبح من كبار المراجع حيث نال درجة الاجتهاد من المرحومين الاصفهاني والاغا ضياء الدين العراقي والسيد اسماعيل الصدر وشيخ الشريعة وهؤلاء هم اساطين الحوزة العلمية في النجف الاشرف، المرحوم اغا بزرك الطهراني في الذريعة يقول عن السيد ابو القاسم الكاشاني بأنه كان زميلي الخاص في درس المرحوم الاخوند الخراساني وكان مثالاً كاملاً للتقوى والخلق العالي وقد عاشرته سنيناً طويلة فرأيته قليل النظراء في تقيده وعلمه وجهاده.
اما نظرته السياسية الوقادة، السيد ابو القاسم الكاشاني كشفت عن عمق نظرياته مواقفه الجهادية امام الطواغيت سواءاً في العراق او في ايران ففي العراق مثلاً لما احتلت القوات الغازية جنوب العراق وتوسع الاحتلال ليطال اغلب المناطق في العراق ابان الحرب العالمية الاولى كان المرحوم السيد ابو القاسم الكاشاني انذاك مستشاراً سياسياً للمرحوم الاخوند الخراساني، هو ومجموعة معه من كبار العلماء عملوا وجاهدوا من اجل طرد القوات المحتلة، في تلك الفترة كبار المراجع اصدروا فتاواهم بوحوب التصدي للغزاة المحتلين وكان المرحوم الكاشاني في الخندق في الخط الاول يقاتل القوات المحتلة في منطقة الفاو بالبصرة وانذاك ذاقت بريطانيا العظمى- انذاك عظمى اليوم ذليلة، تابعة لأمريكا- ذاقت بريطانيا التي كانت تصف نفسها بالعظمى انذاك المرارة بعد المرارة من مواقف علماء النجف الاشرف ولذلك هذه المقولة التي نسمعها ان على علماء الدين ان لا يتدخلوا في السياسة وان لاسياسة في الدين ولا دين في السياسة، هذه مقولة استعمارية وكانت بريطانيا تدفع الاموال سراً لذوي وحواشي بعض القادة الدينيين والروحيين على تشجيع وتكريس هذه المقولة التي لا تخدم الا الاستعمار والغزاة ومن هنا قد نلاحظ ان احداً ينتحل هذه الصفة ويصدر بيان او فتوى انه حرام على رجل الدين ان يتدخل في السياسة، هذا اما هو عميل مباشر او عميل غير مباشر وانما عميل عبر وسطاء والا الرسول صلى الله عليه واله عو زعيم ديني وهو قائد سياسي وهو قائد تنفيذي، وساسة العباد لما نزور في الزيارة الجامعة، ومن احق بأدارة البلاد من شخصيات ينتهجون سلوك اهل البيت وخط اهل البيت كالامام الخميني رضوان الله تعالى عليه، كالشهيد الصدر ومن قبله الزعماء الدينيين مثل المرحوم الميرزا الشيرازي، المرحوم السيد ابو القاسم الكاشاني، السيد محمد سعيد الحبوبي وهكذا.
السيد ابو القاسم الكاشاني من مواقفه الجهادية هو دعمه للحاكم القاجاري احمد شاه حاكم ايران في موقفه الرافض للتوقيع على الاتفاقية الخيانية الذليلة من رئيس وزراء ايران انذاك وثوق الدولة والمندوب الانجليزي كوكس عام 1919 ميلادية، في ذلك اليوم كان الحاكم القاجاري لأيران احمد شاه مر بالعراق في عودته من اوروبا فزار النجف الاشرف واجتمع بكبار العلماء فأشادوا بدوره الوطني برفض الاتفاقية وفي طليعة من اشاد بموقف احمد شاه هو السيد ابو القاسم الكاشاني رضوان الله تعالى عليه.
بعد احتلال العراق من قبل القوات البريطانية بما يسمى بالعشرينيات او ثورة العشرين هب علماء النجف الاشرف واوفدوا السيد ابو القاسم الكاشاني الى بغداد محملاً برسالة موقعة من شيخ الشريعة والميرزا محمد تقي الشيرازي وغيرهم وكذلك معزز برسالة اخرى موقعة من خمسة عشر نفراً من رؤساء عشائر الفرات الاوسط ويؤكدون فيها على ان السيد الكاشاني له الصلاحيات الكاملة بالتفاوض مع الغزاة المحتلين، طبعاً البريطانيين حسوا بخيبة امل وبمرارة من موقف السيد الكاشاني الذي كان مفاوضاً عنيداً لايفهم لغة التراجع فحصلت نكبات وخروقات، تأصل الغزاة وعاندوا وطاردوا مجموعة من العلماء المتقدمين في خطوط الجهاد حتى ان المندوب السامي البريطاني اعلن المطاردة او البحث عن خمسة عشر نفر من خيرة العلماء الكبار وكان من ضمنهم المرحوم السيد ابو القاسم الكاشاني لكن رغم المطاردة الشديدة استطاع السيد الافلات من قبضة الجنود الانجليز وغادر العراق سراً الى ايران واستقبل في ايران استقبال جماهيري يعني استقبال لقادة الابطال فأستقر السيد ابو القاسم الكاشاني في طهران وهناك اصبح رقماً عالياً وعالمياً في علمه وجهاده حتى ان المرحوم شيخ الشريعة وجه نداءاً من النجف الاشرف الى الشعب الايراني بوجوب الاستفادة من نظرات السيد ابو القاسم الكاشاني ونظرياته وعلمه وقيادته كما دعاهم الى استغلال ما وصفه بالنعمة الكبرى وهو وجود السيد ابو القاسم الكاشاني بينهم.
هنا يدخل السيد ابو القاسم الكاشاني مرحلة جديدة من الجهاد مع المستعمرين وذلك في ايران لأن ضغوط الانجليز بدأت تتزايد على رئيس الوزراء الايراني انذاك سهيلي بأن يعتقل السيد الكاشاني ويسلمه لهم بأعتباره مطلوباً لهم، السيد الكاشاني اضطر رحمه الله الى الاختفاء بمدينة قم لكن عيون السلطة كانت تترصده واخيراً تم اعتقاله وسلم الى الغزاة البريطانيين فقضى رحمه الله سنتين ونصف السنة معتقلاً في الحامية البريطانية في مدينة اراك ولاقى ما لاقى من التعذيب والتنكيل وبعد ذلك اطلق سراحه فواصل وعاود معارضته للكيانات العميلة في ايران مما دفع بالسلطة الى ابعاده او تهجيره الى مدينة مشهد وفرضت عليه الاقامة الجبرية هناك، بعد انقضاء فترة تدخل كبار العلماء فأعيد الى طهران وصار يواصل نشاطه السياسي وبالتالي اصبح عضواً في المجلس الوطني بنسبة عالية من الاصوات.
في الاربعينيات، اواسط الاربعينيات سافر الى الحج والتقى هناك ببعض القيادات الاسلامية مثل المرحوم حسن البنا وغيره وتبادلوا ما يعانيه العالم الاسلامي من سيطرة الاجانب على البلاد الاسلامية وانتهاك سيادة البلاد الاسلامية واستعبادها، فعاد الى ايران من الحج والقي عليه القبض مرة اخرى بتهمة العمل على الاطاحة بنظام محمد رضا بهلوي فسجن في خرم اباد لفترة ثم ابعد الى لبنان، بقي في لبنان فترة وبعد ضغوطات عاد الى ايران ليقود الحملة او الانتفاضة من اجل انقاذ النفط من ايدي المستعمرين الانجليز اما على صعيد القضية الفلسطينية فكان دوره رائداً وكبيراً وكان يتضامن معه كبار المراجع مثل السيد البروجردي.
وبعد حياة حافلة بالجهاد في العراق وايران ولبنان وعلى مدى ستين عاماً ارتحل الى ربه في طهران عام 1385 هجرية وشيع تشيعاً مهيباً ووري الثرى بمرقد السيد الشاه عبد العظيم الحسني، تغمد الله السيد ابا القاسم الكاشاني بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******