الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
من الشهداء الصادقين ورجالاتهم وفحولهم عظيم الفقهاء ورئيس البلاد العاملية الشهيد المظلوم والمرجع الديني الكبير السيد علي ابن السيد محمد الامين الشهيد طاب ثراهما، هو من مواليد لبنان جبل عامل وممن جمع بين الرئاسة الدينية والدنيوية، هذا الرجل كان زاهداً ورعاً تقياً له هيبة عند الحكام والامراء طبعاً لا يخفى هو جد السيد الامين صاحب اعيان الشيعة.
السيد علي الامين يعتبر من مراجع القرن الثالث عشر الهجري، ولد وترعرع في منطقة جبل عامل على علماءها وفطاحلها ثم هاجر الى النجف الاشرف لما اتسعت فتنة الجزار حاكم عكة، هذا ناصبي معادي لأهل البيت وسجن السيد عدة اشهر ثم فرض عليه الاقامة الجبرية بعد ذلك انتقل السيد من عكة على عجل يعني اراد ان ينجو بنفسه ودينه فوصل النجف الاشرف وانضم الى حلقات درس المرحوم السيد جواد العاملي صاحب كتاب مفتاح الكرامة وكذلك اصبح تلميذاً للشيخ جعفر كاشف الغطاء صاحب كتاب كشف الغطاء كذلك درس عند المرحوم السيد عبد الله شبر صاحب التفسير المعروف بالتالي وبسرعة فائقة حاز على مرتبة الاجتهاد ثم عاد الى لبنان في ذلك اليوم كان الحاكم هناك عبد الله الباشا من قبل السلطة العثمانية فكان عبد الله باشا يحترمه ويهابه ولايرد له مطلباً.
السيد علي الامين كان زميلاً وصديقاً في الدرس للشيخ خضر شلال رحمه الله فلما وصل الى لبنان ورجع من النجف اسس مدرسة علمية او حوزة علمية في مدينة شقرا وخرج على يده جملة من الطلبة والاساتذة، في زمانه صارت قضية هي نظير قضية الحاكم المغولي اولجياتو محمد خدا بنده مع العلامة الحلي، عبد الله الباشا في يوم غضب على زوجته فقال لها انت طالق طالق طالق فوقعت الواقعة فلما خرج من غضبه سأل قالوا طلقتها والطلاق بائن ويجب ان تتزوج غيرك وبعد ذلك يطلقها وتتزوجها انت فهنا ظل يلتمس، فقالوا هناك مذهب خاص مذهب الامامية عندهم الحل فأتى عبد الله الباشا الى السيد الامين فالسيد حل القضية على ضوء الفقه الجعفري وقال اذا الف مرة تقول طالق في جلسة واحدة هي طلقة واحدة ثانياً القضية من اساسها لاصحة لها لأن لاشهود ولا اعلان في الطلاق وثالثاً انت في حالة عصبية والفقه الجعفري لا يرى صحة لطلاق السكران او الغضبان واذا عبد الله الباشا عاد الى زوجته بعد ان احياه السيد وانقذه على اي حال لما نمر بسيرة هذا العالم السيد علي الامين نراه يتصف بالشجاعة وسلطة البحث والنقاش وكان هذا الحاكم عبد الله باشا يجمع بينه وبين علماء كثيرين حتى ان البعض يتعب ويقول امهلنا ساعة يضحك ويقول امهلتكم حتى قيام الساعة.
اما بالنسبة الى نكرانه لذاته وتعاليه في سلوكه فيقولون ان الباشا عبد الله كان له موظف يؤذي السيد ولايعلم ان الباشا يحترم السيد ففي يوم دخل السيد على مكتب عبد الله باشا في مدينة تبنين فكان هذا الموظف موجود ايضاً فتعجب لما رآى الباشا ينحني لسماحة السيد ويحترمه ويظهر له الود فظن ان السيد الامين سيشكوه وبالتالي سيتدمر لكن بالعكس السيد امام عبد باشا اظهر عنه الرضا ومدحه وبعد ايام اتى هذا الموظف عند السيد الامين يريد ان يقبل رجليه ويقول انا لم اصدق ان هذا يجري من احد لكني رأيت عجباً منك وهذا ان دل على شيء فأنما يدل على انك ملاك على شكل بشر، هذا هو السيد علي الامين وهذه بعض خصاله وقلت انه من كبار علماء بدايات القرن الثالث عشر.
اما على صعيد عطاءه وعلى صعيد القلم له مؤلفات في الفقه والاصول وان كانت قليلة لكنها تدل على فضل عظيم وتبحر في الفقه والتفسير.
اما على صعيد الادب والنظم، رحمه الله انا كنت متعلق بشعره وادبه وكنت ولاازال احفظ بعض شعره مثلاً له قصائد في الحكمة وفي الموعظة جميلة جداً، رثا اساتذته خصوصاً الشيخ جعفر كاشف الغطاء، قصيدة جميلة جداً في رثاء استاذه لكن الوقت لايسمح وانا اقتصر على بعض ما نظم في اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، هذه التخاميس، هؤلاء المولعين بالادب اذا يحفظون هذه الابيات او يسمعوها جميلة: هو الخمسة الابرار طاب ثناءهم، اللهم ارزقنا محبتهم وولايتهم والبرائة من اعداءهم.
هم الخمسة الابرار طاب ثناءهم وعم الورى طراً لعمري عطاءهم.
تمسك بهم ان الكمال رداءهم وبالتسعة الغر الذين ولاءهم.
وطاعتهم فرض على الثقلين.
يعني صاروا اربعة عشر معصوم سلام الله عليهم ثم يقول:
اذا ما دهاك الدهر، كان الظاهر هذا البيت الاول
اذا ما دهاك الدهر يوماً بهمه واسقاك كأساً من مرارات سمه
فقل كي تنال الروح من كرب غمه الهي بحق المصطفى وابن عمه علي وبالزهراء وبالحسنين
ثم يأتي بعده الخمسة الابرار، الى ان يقول:
بني احمد خير الخلائق بعده فما سائل الا بهم نال قصده.
فناد بصدق مالك الملك وحده انلني بهم قبل الممات وعنده ومن بعده يارب قرة عيني.
قرأت له قصيدة يذكرها صاحب الاعيان يستنهض فيها الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه فيقول:
بني احمد يا خيرة الله في الورى وعروته الوثقى وعلة مبداها.
متى يظهر المهدي منكم محكماً فيأخذ اوتاراً لها عند اعداها.
فيا رب عجل بالقيام بنصره والا فقربني اليك بتقواها.
طبعاً الحديث طويل عن هذا الرقم العظيم، آخر المطاف هذا العالم والمرجع لعظمته وشهرته كثر حساده طبعاً هذا فخر ودليل على عظمة الرجل فساءهم ودبروا له خطة لأغتياله وسقوه السم بشربة قهوة فمرض على اثر ذلك مرضاً عضالاً وبقي لمدة ضجيع الفراش وتوفي على اثر ذلك شهيداً مسموماً عام 1249 هجرية وشيعته الجماهير تحمل جثمانه على اطراف اصابعها وكان يوماً مشهوداً وهكذا علماء حتى في مماتهم يعطون العقيدة والمبدأ شحنة من القوة، لما ترى الاجتماع المهيب لتشييعه.
دفن في مسجد في مدينة شقرا بناه هو السيد علي الامين رضوان الله عليه مسجد كبير وأسس له قبراً هناك فدفن بذلك القبر وقبره مشهود حتى اليوم.
*******