البث المباشر

الشيخ محمد جواد الجزائري

الإثنين 25 فبراير 2019 - 13:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 516

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين. ومن ابطال الصادقين هو رجل الجهاد والتربية والادب والقلم هو الشيخ محمد جواد الجزائري اعلا الله مقامه وهو من مواليد النجف الاشرف عام 1298 هجرية وهو من اسرة علمية علمائية منذ قرون من الزمن وقد توغل في العلم والمعرفة من صباه واكب على تحصيل العلوم النقلية والعقلية حتى اصبح تلميذاً بارعاً في طلاب الاغا ضياء الدين العراقي والمولا الاخوند الخراساني، محمد كاظم الخراساني والميرزا احمد الاشتياني، الشيخ محمد جواد الجزائري كان شخصية لا ينساها الدهر ابداً فهو عالم وثائر فكرياً ووطنياً ومجاهداً عملاقاً شهدت له ساحات الجهاد بالخصوص ابان الاحتلال البريطاني للعراق وقد ذاق المحتلون منه امر الصعاب حتى طاردوه وبالتالي حكموا عليه بالاعدام في ظل تلك الحقبة القاسية من الزمن كان يعمل ليل نهار متخفياً من اجل تجمع اسلامي سري لمقاومة المحتل وطرد المحتل من البلاد ولولا التدخل السريع والفاعل من قبل قائد الثورة العراقية انذاك الزعيم البطل الديني الشيخ محمد تقي الشيرازي اعلا الله مقامه كان قتل بيد المحتلين الانجليز وقتل الكثير من اعيان النجف ووجوه النجف وشخصيات البلاد فأضطر الشيخ محمد الجزائري الى الاختفاء فقد كانت صدرت اوامر الانجليز بعدها بأبعاده الى الاهواز واختفى هناك لفترة وكتب المرحوم الشيرازي اعلا الله مقامه الى حاكمها انذاك الشيخ خزعل ابن مرداو ان يحتفي بالشيخ محمد جواد الجزائري وان يحافظ عليه حتى زوال خطر المحتل بعد ذلك اصدر الانجليز اوامرهم بنفيه الى الهند مع السيد المرحوم محمد علي بحر العلوم وايضاً تدخل الميرزا الشيرازي كما ذكرت انفاً وحال دون ذلك هذا جهاده السياسي والوطني اما على الصعيد الارشادي فكان له دور مهم وخطير في مقاومة الشذوذ والتخرف الذي داخل الشعارات الحسينية فوقف موقفاً حدياً وجدياً صارماً في دعم مواقف السيد ابو الحسن الاصفهاني والسيد محسن الامين وغيرهم من العلماء الاصلاحيين ولاقى من جراء ذلك اشد الشتائم والتهم ولكنه صمد صابراً من اجل خدمة دينه وبلده وتحمل ما تحمل اما على المستوى الادبي فكان له دور رائد وكان هو اول من رد على ايليا ابو ماضي في طلاسمه، ايليا ابو ماضي آثار تشكيكاً واسئلة حائرة وكانت ابياته التي تسمى بالطلاسم فيها اثارة شكوك فأول من رد عليه المرحوم الشيخ محمد جواد الجزائري ولاقى رده اعجاب كبار الادباء في لبنان والعالم العربي فأسمى المرحوم الجزائري تلك الرباعيات "حل الطلاسم بين مشكك وعالم" واذكر هذا البيت منها:

بهداه سرت بالدرب وادركت المراما

وتمشيت مع الخلق بداءاً وختاما

كل سار تخذ المنطق في السير اماما

فاز من ناحية الحكمة انا ادري

كان ذلك يختم الرباعيات لست ادري وهذا يجيبه انا ادري ففي الواقع هذه الرباعيات يعالج فيها الشكوك التي اثارها ايليا ابو ماضي ويرد عليه منطقياً وفلسفياً وهي نالت اعجاب كما قلت، ردود جاءته من مختلف الدول العربية ومن كبار ادباء لبنان امثال حليم دموس وصاحب الاثار الشعرية الرائعة فكتب اليه رسالة فيها ابيات يقرط فيها تلك الرباعيات وبعد ان يسلم عليه، شيخنا الشيخ محمد جواد الجزائري ثم يكتب ابياته هذه حليم دموس:

سلام على النجف الاشرف

سلام مشوق محب وفي

قرأت كتابك يابن العراق

بثغر بسيم وقلب حفي

حللت الطلاسم حلاً عجيباً

فعدت اليها ولن اكتفي

ولما كنت في الحديث عن عطاء الشيخ محمد جواد الجزائري الادبي لابأس ان اذكر قسماً من قصيدته الرائعة في رثاء الحسين عليه السلام وفيها يقول:

لله مطروح ثلاثاً بلا

غسل وتكفين وترميس

عوجي بمر الطف يا فرحة

العاني ففي جرعاه تنويسي

ننعى به ازكى نفوس قضت

من بسل صيد عطاريس

اما على مستوى القلم له عدة مؤلفات منها حل الطلاسم كما ذكرت، كتابه نقد الاقتراحات المصرية، كتاب فلسفة الامام الصادق، ديوان خاص لشعره ويذكر الخاقاني في ترجمته في كتاب شعراء الغري ان له مخطوطات عديدة لانعرف طبعت ام لا، آخر ما اقوله في هذا العالم الجليل الشيخ محمد جواد الجزائري انه كان في طليعة الذين كسروا الطوق التقليدي الحاكم انذاك بأن على رجل الدين والمرجع ان لايتدخل في السياسة وان يكون دوره على امامة الصلاة واجوبة المسائل الشرعية ومن هذا القبيل، كان الاستعمار هو ينشر هذه النغمات، المرحوم الجزائري اعلا الله مقامه ومعه مجموعة، السيد محمد علي بحر العلوم وغيرهما من اقطاب الحوزة في النجف تحركوا بوتيرة وخطة المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي ووقفوا تحت رايته وبقيادته وبالتالي هذه الحركة افلحت بطرد المحتل ونحن نذكر دائماً بأن الغزاة الغربيين والبريطانيين بالذات يحتفظون بذكريات مرة واليمة من مواقف علماء الشيعة والامامية ويعتبرونهم العائق الاستراتيجي الذي يهدد اطماعهم الخبيثة في استعباد الشعوب الاسلامية ونهب ثرواتها والسيطرة على معادنها مخيراتها، هناك قسم في وزارة الخارجية البريطانية، قسم للتراث او للمراسلات القديمة فلما نقرأ ما هو موجود في هذا القسم من تقارير وكتابات عن ثورة العشرين وما بعدها وما تلاها يلاحظ حقول واسعة في هذا عن دور علماء الامامية وجهاد علماء الامامية والى جانب المرحوم محمد تقي الشيرازي والسيد سعيد الحبوبي والسيد محسن الحكيم والسيد كاظم اليزدي وغيرهم يأتي الحديث عن المرحوم الشيخ محمد جواد الجزائري اعلا الله مقامه ومن يريد ان يتعرف على دور هذا العالم الجليل وممارسته ونشاطه وما قام به من تضحيات وجهود جبارة يقرأ فصلاً في الجزء السادس من موسوعة شعراء الغري للمؤرخ المعروف علي الخاقاني رحمه الله وهذه الترجمة تزيد على الستين صفحة ومن يقرأ يعرف واقعاً دور وقدر هذا العالم المجاهد.
اخيراً نهاية المطاف توفي هذا العالم والاديب والقائد الثائر في عام 1378 هجرية بعد ان قضى ثمانين عاماً يتقلب فيها مع الدهر وصروفه وآلامه من جهاد وسجون وابعاد ومثابرة ووري الثرى في بلده النجف الاشرف في مقبرة الاسرة المعروفة، تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة