البث المباشر

الشيخ حسين مشكور الحولاوي

الإثنين 25 فبراير 2019 - 13:35 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 514

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن خيار الصادقين وامجادهم العالم الجليل والمربي والموجه الديني والشاعر الشيخ حسين مشكور الحولاوي رحمه الله وتغمده بواسع رضوانه.
الشيخ حسين مشكور الحولاوي هو من مواليد النجف الاشرف عام 1313 هجرية وهو احد ائمة الجماعة الست في الصحن الحيدري الشريف، لما ندخل الى الصحن الحيدري الشريف من باب القبلة عن اليسار المرحوم السيد حسين الحمامي امام الجماعة، عن اليمين السيد الحكيم والى جنبه جماعة ثانية امامها المرحوم الشيخ حسين مشكور الحولاوي وهناك ثلاثة ايضاً من العلماء الكبار كالسيد عبد الله الشيرازي والسيد محمد البغدادي والسيد الاصطهباناتي بالجانب الثاني من الصحن المبارك.
المرحوم الشيخ حسين مشكور وهذا الذي قلته امامة الصلاة او الائمة الست في الستينيات والاربعينيات والخمسينيات يعني طوال ثلاثين سنة من تلك الحقبة من عمرنا، المرحوم الشيخ حسين مشكور كان المأتمون به غالباً من العلماء والصلحاء واخيار التجار والكسبة وكان شخصية لامعة وقدوة في الاخلاق والورع والزهد والتقوى وقد نقل عنه بالتواتر انه ما طلع عليه الفجر وهو نائم ولا مرة واحدة وهذه حالة من الصعب ان يضمنها الانسان لنفسه، ماطلع عليه الفجر وهو نائم مرة واحدة طوال حياته وينقل عنه ايضاً انه ما ارتفع صوته طوال حياته ولا تقهقه في ضحكة ابداً ولا مرة واحدة، انا شاهدته وادركته وهو مثال في الوقار والجلال وحديثه هادئ ومنظم ولا يسمع منه الا الارشاد والنصيحة اما ذكاءه ونبوغه فقد ذكر عنه انه بدأ درس الاصول وهو ابن ثلاث عشرة سنة وهذه لها اكثر من دلالة وكان استاذه في الاصول هو المرحوم المقدس الميرزا عبد الهادي الشيرازي وبالضمن اذكر ان الشيخ حسين مشكور من تلامذة الميرزا النائيني اعلا الله مقامه وكذلك المرحوم الاغا ضياء الدين العراقي ومن قبلهم ايضاً درس على يد المرحوم السيد كاظم اليزدي رضوان الله عليه وكتب تقريراته وتنقل عن الشيخ حسين مشكور لفتة جميلة حول الاستخارة وتفرس المرحوم المقدس السيد مرتضى الكشميري اعلا الله مقامه واللفتة هي بهذه الصورة، المرحوم الشيخ حسين مشكور كان عزم على ان يتقدم لخطبة ابنة السيد محسن الامين العاملي رضوان الله عليه وكان انذاك يسكن النجف الاشرف لكن المرحوم الشيخ حسين مشكور كان متردداً يقدم على هذه الخطبة ام لا فعزم على الاستخارة في هذا الامر وقرر ان يستخير عند من؟ عند المرحوم المقدس السيد مرتضى الكشميري، فعلاً صادفه في الصحن الشريف وبينا هو يهم بأن يطلب منه الاستخارة يعني اقدم يريد ان يقول سيدنا اريد استخارة، قبل ان يفتح فمه واذا بالسيد فاجأه قائلاً انا لا احبذ ان يتزوج غير السيد علوية فتعجب المرحوم الشيخ حسين مشكور وفعلاً تخلى عن هذا الامر، كان رحمه الله رغم هدوء طبعه الا انه كان حدياً وجدياً وصلباً في الدفاع عن مبادئ اهل البيت وموالاتهم يعني كان كالاسد الهصور لاتهمه لومة لائم ابداً.
في السنين الاخيرة من حياته تصدى لعقد اجتماع علمائي في بيته وعرض عليهم مشروع تفسير ملائم وسلس للقرآن الكريم لأن كانت الناشئة الجديدة انذاك تعاني فراغاً يعني لايوجد تفسير واضح وسلس ومبسط فالمكتبة الشيعية كانت خالية من تفاسير على هذا النمط فعلى ضوء هذه الاجتماعات وهذا الاهتمام من الشيخ حسين مشكور دون المجتهد المذكور رحمه الله الشيخ محمد جواد البلاغي دون تفسيره الرائع آلاء الرحمن في تفسير القرآن وكان ذلك التفسير يعني سد الخلة تماماً بعد ذلك جاءت التفاسير والحمد لله الان المكتبة الاسلامية غنية بتفاسيرنا كتفسير السيد الطباطبائي او اخيراً التفسير الامثل هذه تفاسير والحمد لله رائعة، هذه الاجتماعات العلمائية كانت تعقد اسبوعياً بشكل منظم في منزل الشيخ حسين مشكور ويمكن القول انها هي النطفة الاولى لتشكيل جماعة العلماء التي لعبت دوراً كبيراً في مقاومة الانحرافات ومقاومة الاحزاب الهدامة التي كانت تهدد المجتمع الاسلامي والمجتمع العراقي، المرحوم الشيخ حسين مشكور له دور جهادي رائد في الثورة العراقية او ما نسميها بثورة العشرين لعب دوراً كبيراً وكان هو من الاعضاء البارزين في المجمع العلمائي الذي كان يقود الثورة بوجه الغزاة.
اما على صعيد النظم والادب له الكثير من الاراجيز ولا اعرف هل جمعت في ديوان او لا لكن اعلم انه كان يعقد في بيته وانا كنت احضر هذه المجالس في المواليد والوفايات ومناسبات اهل البيت وهو بنفسه يقرأ قسماً من هذه الاراجيز مما هو نظمه مثلاً اتخطر يوم ميلاد ابي عبد الله الحسين صلوات الله وسلامه عليه القى ارجوزته هي طويلة ولكن انا اتذكر منها هذه الابيات:

بوركت يا شعبان في الشهور

فيك تجلى نور وادي الطور

يا ثالث الايام من شعبان

ابشر لقد نلت عظيم الشأن

عم السرور فيه بيت المصطفى

اتحفهم رب العلا ما اتحفا

فلتهنا فاطم بما قد ولدت

فأنها روح الوجود اوجدت

وزينت لأجله الجنان

واطفأت لنوره النيران

هذه انا حفظتها منه قبل اكثر من خمسة واربعين عاماً وله الكثير من الاشعار والتعليقات في عرض فضائل اهل البيت وعرض مصائبهم، في السنة الاخيرة من حياته اصيب الشيخ حسين مشكور بمرض عضال الزمه الفراش مدة طويلة واتخطر انني كنت في سفرة لزيارة الامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه وكان معي في السفر احد ارحامه فحين العودة الى العراق هذا زميلي اصبح مرتاباً حزيناً انا سألته عن السبب فأجابني بأنه رآى رؤية مؤلمة، رآى في عالم الرؤيا وكأن سقف بيت الشيخ حسين مشكور قد انهدم وسقط فعلاً وصلنا الى النجف الاشرف واستعلمنا خبر وفاته وكان سبحان الله بتلك الليلة التي شاهد زميلنا فيها تلك الرؤية وذلك في سبعة ربيع الاول عام 1388 هجرية، واقعاً كانت وفاته صدمة للنجف الاشرف وشيع تشيعاً جماهيرياً مهيباً زحفت الناس افواجاً افواجاً لتشييعه ودفن في مقبرة جده في الصحن الحيدري الشريف وارخ وفاته الخطيب السيد جواد شبر يقوله:

اودى حسين فنعاه الهدى

والعلم يذني مدمعاً صيبا

وحينما الحد في قبره

ارخت عن محرابه غيبا

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة