الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

ومن اصدق الصادقين الاوفياء للأمام امير المؤمنين ولأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم المرحوم السيد قاسم بن عباد عز الدين رحمه الله.
لن يذكر المؤرخون سنة ولادته لكن هذا الرجل الخير المؤمن والفذ والمنفرد لعله في زمانه،منفرد بعشقه وعلاقته لأهل البيت هو كان في بغداد شاعراً وكان كاتباً لكنه هو تاجر يعمل في التجارة وعالم التجارة عالم اقبال وعالم ادبار وعالم ارباح وخسارة وهكذا الحال فالرجل هذا كان تاجراً فجأة شعر بأنكسار وركبت عليه ديون كثيرة فقرر الهجرة الى ايران من باب، الحكيم المتعالي يقول في كتابه: «بسم الله الرحمن الرحيم، هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ» يعني يضيق على الانسان مورد في بلده فينتقل الى بلد آخر ورزق الله سبحانه وتعالى لا ينحصر في زمان معين ولا في مكان معين، المهم ان هذا الرجل الطيب المؤمن قرر قبل السفر الى ايران ان يذهب ويزور امير المؤمنين زيارة المودع لأنه لا يعرف مالذي سينتهي به السفر الطويل، هذا الكلام بدايات القرن الحادي عشر الهجري، كان السفر من بغداد الى النجف امراً صعباً جداً، قرر على ان ازور مولاي امير المؤمنين وبعد ذلك اواصل سفري الى ايران، جاء الى النجف الاشرف، كان الكليدار يعني السادن ذلك اليوم، سادن الروضة الحيدرية السيد شمس الدين رضوي ويعرفه هذا السادن من قبل، رحب به واعطاه غرفة من غرف الصحن وقال له: انا احب ان انام هذه الليلة بجوار امير المؤمنين في الصحن.
يقول تلك الليلة هذا السيد قاسم بن عباد يقول زرت الامام ونمت في الصحن الشريف، في عالم المنام اشعر كأن اذان الفجر اعلن لما هممت ان ادخل الحرم سمعت من اعلا المنارة احداً يخاطبني يقول: يا سيد قاسم الى أين تذهب، الى أين تذهب وتترك جوار سلطان السلاطين وملاذ اهل الحوائج وهل يترك جوار علي، اما همومك ستنفرج وديونك ستقضى ان شاء الله.
هذا السيد الجليل يقول: هذا في عالم الرؤيا لكن هناك الكثير من المنامات هي شبه وحي يعني ايحاء للانسان خصوصاً المنامات الصادقة التي يحددها وقتها ومكانها ومناسبتها ومضمونها، يقول استيقظت فعلاً واذا المؤذن يؤذن، توضأت ودخلت الى الحرم ولدى الخروج من حرم امير المؤمنين شعرت مرة ثانية بذلك الرنين وذلك المضمون، يقول لا اعرف مالذي حدث فغيرت خطتي وقلت لا اسافر الى هنا والى هناك وابقى في جوار مولاي امير المؤمنين، هذه الترجمة او الحديث عن هذا الرجل يكتبه بشكل مفصل الشيخ عباس القمي في كتابه فوائد الرضوية ويذكر عدد من القضايا المماثلة لأهمية جوار امير المؤمنين غير الزيارة، قضية الجوار غير الزيارة، الامام زين العابدين زار امير المؤمنين وراح الى كربلاء ثم رجع، ابو حمزة الثمالي قال له: مولاي ألم تزر؟
قال: نعم. 
فقال: لماذا رجعت؟
قال الامام: اما علمت ان المبيت عند جدي علي ليلة واحدة تعدل عبادة سبعمئة عام لكن بشرطها وشروطها، هذا الذي ينام بجوار امير المؤمنين، هذا الذي يسكن بجوار امير المؤمنين اذا احترم وقدر قيمة الجوار ما من شك الله يعطيه هذا الثواب، نحن دائماً نقول على المنابر، في الجلسات الخاصة، نوصي سكان النجف الاشرف، سكان كربلاء المقدسة حينما يجاورون هذه العتبات الشريفة عليهم ان يعرفوا انهم مسؤولون عن كل تصرف، عن كل كلمة لاتليق بمجاور هذه العتبات خصوصاً جوار امير المؤمنين، يروي الشيخ عباس القمي ان المقدس الاردبيلي يغير ملابسه ويتطوع لخدمة زوار امير المؤمنين واكثر من هذا احد الاخيار نقل دكانه من النجف الى الحيرة وهو من اهل النجف الاشرف ولما سؤل عن السبب قال: انا يدور في ذهني بعض الشكوك، يأتوني بعض الزبائن فيهم من يجادل، فيهم من يكذب، فيهم من يفحش انا اخشى ان تصدر مني كلمة تسخط امير المؤمنين، من قبيل الحلف بالله، - نستجير بالله-، الكذب، المخاصمة، يا اخي الشاعر يقول: 

تطوف ملوك الارض حول جنابه

وتسعى لكي تحظى بلثم ترابه

فكان كبيت الله بيت علا به

تزاحم تيجان الملوك ببابه

المرحوم الازري يقول:

ان تراءت ارض الغريين فأخضع

واخلع النعل عند وادي طواها

فتواضع فثم دار قدس

تتمنى الافلاك لثم ثراها

الذي يجاور امير المؤمنين بهذه النية ويرعى حقوق الجوار هذا يعتبر من اسعد الناس دنيا واخرة، هل هنالك اجمل من ان يفتح الانسان عينه عند الصباح على مشهد امير المؤمنين، هذا المشهد الذي تتنافس عليه اسراب الملائك، اسراب الارواح الشريفة لتسلم على مثوى مولى الموالي، مولى الموحدين، امير المؤمنين.
يقول هذا السيد قاسم بن عباد عز الدين رحمه الله يقول هذه الرؤيا غيرت منهجي بقيت في جوار مولاي امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ثلاثين عاماً وهذه الثلاثين عاماً ليس فقط قضيت ديوني فيها وانما والحمد لله رزقني الله مالاً وسكناً وبعد ذلك شعرت ان وضعي احسن من السابق بأضعاف واضعاف وكان من جملة اعمال هذا السيد قاسم عز الدين انه في الزيارات يأتون الزوار وهو كان يتقن لغات مختلفة فكانوا يأتون لزيارة امير المؤمنين من مناطق نائية ومن غير الناطقين بالعربية فكان يجمعهم ويتحدث اليهم بفضائل امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وكان ايضاً في ضمن هذه الفترة الطويلة التي جاور فيها الامام امير المؤمنين سلام الله عليه يعمل كخادم شرف في حرم الامام علي صلوات الله وسلامه عليه واكثر ما ينقل عنه من قضايا كان ينقلها عنه سادن الروضة وهو السيد شمس الدين رضوي فيقول: ان امرأة جاءت لزيارة امير المؤمنين سلام الله عليه واصيبت بمرض وكان هو ينقلها الى مراكز العلاج...، رأى في المنام كأن الامام علي يمسح على منكبه ويقدر له خدمته هذه لزوار قبر امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وطبعاً تتبدل والعياذ بالله الى مصدر للسخط اذا ان الانسان لم يحترم ولن يقدر حقوق الجوار للامام علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليه.
توفي هذا العالم الخير او الصديق لأهل البيت، توفي عام 1011 هجرية ودفن في صحن الامام علي ابن ابي طالب وهنيئاً له على هذه الحياة وهذا الجوار والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******