الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن لباب الصادقين المجاهدين بلسانه وعقله وصبره هو الشهيد علي بن العباس الرومي المشهور بأبن الرومي البغدادي، هو من مواليد بغداد عام 221 هجرية، تمرس على العلم من صغره وكان موهوباً واجمالاً اصبح من اعاظم الحكماء والعرفاء وصار يعد اول شاعر بعد البحتري، من الذي شدني اليه؟ كنت اتفحص بعض الدواوين وانا في هذه الدوامة افكر في كنية الامام علي بأبي تراب، هذه الكنية كان يبغضها معاوية لماذا؟ لبغضه في الباطن لرسول الله لان معاوية لما كان يبغض علياً ما عنده خلاف مع الامام علي بشيء انما يبغض علياً لكرهه رسول الله لكن ما كان يملك الفرصة ان يقول اكره النبي فكان يغسل او يكشف او يداوي حقده على الله وعلى رسول الله بحقده على الامام علي لانه يعرف ان علياً من النبي بمنزلة هارون من موسى فأنا في هذه الدوامة، دوامة البحث عن الحديث او الكتابة عن ابي تراب شاهدت ان العديد من الشعراء لهم في هذه الكنية ابيات جميلة مثلاً شاعر الحلة الفيحاء:

يا ابا الاوصياء انت لطه

صهره وابن عمه واخوه

ان لله في معانيك سراً

اكثر العالمين ما عرفوه

انت ثاني الاباء في منت

هى الدور واباءه تعد منوه

شعر طويل ثم يقول:

خلق الله آدم من تراب

فهو ابن له وانت ابوه

لطيف لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي وضع الكنية لأمير المؤمنين "اجلس انما انت ابو تراب" كان الامام نائماً على التراب سلام الله عليه حتى الوسادة من التراب قالنبي وضع هذه الكنية يقول:

خلق الله آدماً من تراب

البعض يقول ان هذه الابيات لعبد الباقي العمري، سواء كانت لذاك او لهذا، نحن وهذا البيت: 

خلق الله آدم من تراب

طيب اقرأ البيت الثاني اجمل، لمن؟ للصاحب بن عباد، ماذا يقول؟

قد لقبوك ابا تراب

وله قصيدة طويلة في امير المؤمنين:

يا كفؤ بنت محمد

الله يجعلنا ممن ينصر علياً والا ما قيمة الحياة، حياة شوهاء بوهاء اذا ما فيها ولاء لله ولرسوله ولأمير المؤمنين وللزهراء واولادها:

الى ان يقول للامام هذا الصاحب بن عباد

قد لقبوك ابا تراب بعد ما باعوا شريعتهم

معاوية كان يقول له ابو تراب، يهزأ:

قد لقبوك ابا تراب بعد ما

باعوا شريعتهم بكف تراب

لكن له بيت اجمل من هذا الصاحب بن عباد يقول:

انا وجميع من فوق التراب

نروح فداء نعل ابي تراب

فأنا كنت اجمع، في هذه الحالة او القضية واذا اعثر ببيتين لهذا ابن الرومي، هذا الذي الان اتحدث عنه، والله لما قرأتها قلت هذا لابد ان ابحث عن ترجمته واتكلم عنه من صوت الجمهورية الاسلامية في ايران حتى يسعد المؤمنون بسماعهم تاريخ هذه الشخصية وان كان نهايته محزن انه استشهد، ما هي البيتين؟ طبعاً انا على اثر البيتين اخذت ابحث عن مصادر وحياة هذا البطل وجدت كم من مصائب صبت عليه والام بسبب هذين البيتين وبعض الابيات الاخرى في اهل البيت وكم قدم من تضحيات وكم دفع اغلى الاثمان، لأقرأ البيتين ليسمعها الاخوة المستمعون والاخوات المستمعات، البيتان هما:

تراب ابي تراب كحل عيني

الله اكبر، هنيئاً لك وهنيئاً لكل من يحب علياً:

تراب ابو تراب كحل عيني

اذا رمدت جلوت به قذاها

تطيب لي الملامة في هواه

لذكراه واستحلي اذاها

كم هذا يحب امير المؤمنين الذي يقول اكحل عيني بتراب اقدام امير المؤمنين واذا رمدت عيني من هذا التراب اعالج به الرمد واذا يلوموني في حب الامام علي انا استأنس بهذا اللوم واذا اذوني استحلي هذا الاذى، هؤلاء كانوا يعذبوهم في غياهب السجون بني امية يعذبوهم وكانوا يستأنسون بالتعذيب وما كانوا يظهرون الجزع ولا يظهرون التضجر بالعكس كانوا يعلمون ان مودة اهل البيت تستحق هذا واكثر، عندنا مثل في العراق يقول المال يسوى، هؤلاء يعرفون ان مودة علي ومودة اهل البيت تستحق هذا.
انا لاحظت ان هذا البطل الشهيد ابن الرومي البغدادي استعمل التقية في بعض الاحيان مما دفع بالبعض ان يستغل ذلك ويطعن به، كل هذا فعل الحساد و الاحقاد، قرأت عن هذا المجاهد ابن الرومي البغدادي انه قدمت له عروض مغرية من المال على ان ينخرط في قطار الشعراء الذين هم في خدمة الطغاة لكنه صمد وقاوم تلك الضغوطات وتمرد عليها وكان يردد ابياته في الحكمة وحقيقة هذان البيتان يعني من اروع ما نظمهما في الحكمة، ماذا يقول رحمه الله:

لما تؤذن الدنيا به من ذهابها

يكون بكاء الطفل ساعة يولد

والا فما يبكيه منها وانها

لأفسح مما كان فيه وارغد

يقول الطفل يخرج من بطن امه، هذا المكان المظلم والضيق الى هذه الدنيا الفسيحة وهذا الرغد لماذا يبكي؟ سبحان الله هو كأنه القابلة او الطب يعتبر سلامة الطفل اذا بكى اول ما يولد لكن المعنى الفلسفي لهذا البكاء يسلط عليه الضوء ابن الرومي يقول هذا يبكي وهو يأتي الى مكان اوسع ومكان نعيم لكن يبكي يعرف ان هذا مكان غير دائم وغير باقي وللاسف:

لما تؤذن الدنيا به من ذهابها

يكون بكاء الطفل ساعة يولد

والا فما يبكيه منها وانها

لأفسح مما كان فيه وارغد

الوقت يضايقنا، هذا الرجل ابن الرومي البغدادي له قصائد في الامام علي، يقول من جملتها:

لكن حبي للوصي مخيم في

الصدر يسرح في الفؤاد تولجا

قل لي اتترك مستقيم طريقه

جهلاً واتبع الطريق الاعوجا

واراه كالتبر المصفى جوهراً

وارى سواه لنا قديه مبهرجا

قال النبي له مقالاً لن يكن

يوم الغدير لسامعيه مومججا

من كنت مولاه فذا مولى له

مثلي فأصبح بالفخار متوجا

وطبعاً هذا ابن الرومي له قصيدة 21 بيتاً يذكرها المرحوم الاميني في مجال حديثه عن شعراء الغدير واختصاراً للبرنامج لم اذكر العديد من شعر هذا البطل.
استشهد هذا ابن الرومي ببغداد في جمادى الاولى عام 288 بعد ان اغتاله العباسيون بغدر، طعام مسموم قدموه له عن طريق واحد بشكل راعي دعاه، فتناول الطعام فما لبث بعد ساعات انتقل الى جوار ربه ودفن في مقبرة تسمى مقبرة باب البستان ببغداد وكان الناس كما تقول الروايات يترددون على قبره ويقرأون الفاتحة لكن النواصب الحاقدين على النبي وآل النبي عدوا على تلك المقبرة كونها تعود لأتباع اهل البيت خربوها وضيعوا آثارها وغابت آثار هذه المقبرة، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

*******