البث المباشر

وهب بن زمعة المشهور بأبي دهبل الجمحي

السبت 23 فبراير 2019 - 09:57 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 476

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين. من لباب الصادقين المغرمين بحب اهل البيت هو العالم والمجاهد والمدافع عن اهل البيت وهب بن زمعة المشهور بأبي دهبل الجمحي رحمة الله تعالى عليه، ابو دهبل الجمحي طبعاً اسمه وهب بن زمعة.
لم اتعرف على مكان وتاريخ ولادة هذا البطل فقط القرائن تشير على ان ابو دهبل كان من رجال الشيعة الشاخصين في الكوفة ثم اظهر قرينة تدل على مكانته وجوده مع المرحوم الشهيد سليمان بن صرد الخزاعي قائد حركة التوابين وابو دهبل من الذين زاروا الحسين عليه السلام بعد مصرعه، لما وصل الى كربلاء مع عبيد الله بن الحر الجعفي وهذه يذكرها السيد الامين في الاعيان وفي كتابه اصدق الاخبار في قصة الاخذ بالثار لما يذكر التوابين يقول اشرف التوابون على ربوع كربلاء فأنهار وهب بن زمعة وهو ابو دهبل، انهار من شدة بكاءه وانشد الابيات المشهورة:

فيا لك حسرة ما دمت حياً

تألف ما بين صدري والتراقي

حسين حين يطلب بذل نصري

على اهل الخيانة والشقاق

لقد فاز الاولى نصروا حسيناً

وخاب الاخرون الى الشقاق

السيد الامين في كتابه الاعيان وايضاً اصدق الاخبار يقول الابيات لأبو دهبل ولكن انشدها مرة اخرى عبيد الله بن الحر واضاف اليها لكن انا قرأت في مصادر اخرى اشعار عديدة في ال البيت وفي رثاء الحسين بالذات لأبي دهبل وهي بهذا النفس مما عزز عندي القناعة بأن هذه الابيات لأبي دهبل، ابو دهبل وهب بن زمعة الجمحي في الواقع موهوب اديب وفصيح وكان جميلاً للغاية طبعاً لايخفى وسأوكد على انه عاصر الايام الاخيرة من حياة الامام علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليه ويمكن ان نصفه من التابعين ايضاً، هذا الرجل ابو دهبل كان عجيباً في جماله جميل في كل مظاهره ولكن مع هذا الجمال كان عفيفاً ونجيباً وتقياً، يوم من الايام خرج ابو دهبل يريد غزواً فلما مر بجيرون وهي منطقة تبعته امرأة اخرجت كتاباً قالت له: يا هذا انا لا اعرف القراءة والكتابة فأقرأ لي هذا الكتاب، قرأ الكتاب فقالت المرأة انتظرني قليلاً، دخلت الى قصر فظن انها ذهبت لتأتيه بطعام وكان القصر شاهقاً وقريب، عادت وهي تتوسل اليه بالدخول الى القصر فدخل على فطرته فلما دخل وجد الرسالة امام تلك المرأة وقالت: انا لا استطيع الحضور عندك اقرأ لي هذه الرسالة ولك الاجر والمعروف لان هذه الرسالة من رجل غائب وانا قلقة عليه من زمان فأستجاب وهب، كل هذا جرى مع الامر على فطرته ولم يكن يعرف انه استدرج سبحان الله هي مؤامرة، قرأ الرسالة واذا بالمرأة او عزت الى الجواري غلقوا ابواب القصر والقصر كان مليئاً بالجواري فأدخلته الى حجرتها وكانت هي جميلة ايضاً فأستمرت تماطله بأن يمارس معها فعل الحرام وحبسته وكان يرفض ويرفض فعذبته اشد تعذيب وقترت عليه بالطعام وحبسته في زنزانة فكاد ان يموت وصل الى الموت وهذه بين فترة وفترة تلح عليه وكان يرفض الى ان سألته ذات يوم مالسبب قال: انا لا ارتكب الحرام.
قالت: اذن انا اسلم وتزوجني بشكل شرعي فأضطر وتزوجها فقدمت له وسائل الراحة وكانت تلاحظه ولكن ما اطلقت سراحه، في البيت ومحجور هناك حتى مرت عليه سنوات وهو قلق على اهله واولاده هذا من جانب اما اهله واولاده يأسوا منه وظنوا انه اكلته الذئاب في البيداء، ظنوا انه مات، اكثر من سنة، قاسموا ماله الا ان زوجته رفضت اخذ حقها من الارث واقامت سنين تبكي حتى عمشت عيناها من البكاء اما هو، دخلت عليه هذه المرأة التي حبسته في قصرها فرأته حزين كئيب فسألته: لماذا؟
قال لها: انك ايتمت في اولادي واهلي انا خرجت اطلب رزقاً وحدث كل هذا الان لا اعرف مالذي نزل بهم، كأنه رقت لحاله فأذنت له بالخروج على عهد منه الا يتأخر اكثر من سنة ويعود اليها فخرج مسروراً، وصل الى اهله واذا بناته متزوجات واولاده تزوجوا وتقاسموا ماله ووجد زوجته باكية حزينة وقد مرضت عيناها، اولاده استحوا واعادوا له المال وهو يقول ورثتموني وانا على قيد الحياة مقابل هذا الوفاء لزوجته الاولى جمع كل ما يملك وقال هذا لأمكم لا ينازعها بذلك احد ووضع ذلك تحت يدها وتصرفت به في حياتها اما هو بعد سنة قرر الوفاء بعهده والعودة لزوجته صاحبة القصر، اذنت له زوجته الاولى فسافر لما وصل الى زوجته الجديدة وجدها ماتت.
المؤرخ الكبير اغا بزرك الطهراني رضوان الله تعالى عليه في الذريعة يصف وهب بن زمعة ابو دهبل يقول هذا من اشراف التابعين ومن اشراف بني جمح ويقول كان شجاعاً وكان يعطي الفقراء ويقري الاضياف واستمر في ترجمته بأن في اواخر حياة الامام علي بن ابي طالب كان ينظم الشعر في اهل البيت لكن ديوانه هذا نتيجة السطو والمحاربة الثقافية الشنيعة لتراث اهل البيت اتلف ودمر، المرحوم اغا بزرك يقول لم يبق من اثره الا القليل انا الان اقرأ بعض مقاطع شعر ابو دهبل طبعاً هو عنده قصيدة رائعة طويلة لعله اكثر من خمسين بيتاً منها يقول:

اولئك آل الله آل محمد كرام

تحدت ما حداها كريمها

اكارم اولين المكارم رفعة

فحمد العلا لو لا علاهم ذميمها

لقد كان في ام الكتاب وفي الهدى

وفي الوحي لم ينسخ لقوم علومها

فرائض في القرآن قد تعلمونها بها دان من قبل المسيح بن مريم ومن بعده لما امر بريمها. قرأت له في الحكمة ابياتاً ايضاً جميلة يقول:

ياليت من يمنع المعروف يمنعه

يعني هو فعلاً الذي نستجير بالله يصنع الشر يبلى بالشر والذي يصنع الاحسان يبلى بالاحسان يرزق محسناً يحسن اليه، يقول في هذا المضمار:

ياليت من يمنع المعروف يمنعه

حتى يذوق رجال رب ما صنعوا

وليت للناس خط في وجوههم

بين اخلاقهم فيه اذا اجتمعوا

وليت ذا الفحش لاقى فاحشاً

ابداً ووافق اهل الحلم فأبتدعوا

ابو دهبل في الايام الاخيرة كان يذهب بمهام للامام امير المؤمنين وهذا ان دل يدل على ان الرجل، نحن لما ندرس تاريخ الاشخاص ما ندرس الاوائل والاواسط نركز على الاخير نريد ان نرى نهايته ما هي، المصادر تقول اواخر عمره كان يذهب بمهام الى امير المؤمنين وهذا يدل على ان الى اواخر حياته كان معتمداً لدى الامام علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليه.
توفي ابو دهبل وهب بن زمعة عام 63 هجرية ودفن في مقبرة الكوفة تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة