البث المباشر

عبد الرحمن بن سيابة البجلي الكوفي البزاز

الخميس 14 فبراير 2019 - 19:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقه 310

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين الذين اتحفوا التاريخ بصدقهم وامانتهم المرحوم عبد الرحمن بن سيابة البجلي الكوفي البزاز، اهداه الامام الصادق(ع) هدية معنوية كبرى، علمه الدعاء المعروف وهو من اهم الادعية عند الائمة الدعاء "بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ولي الحمد واهله ومنتاه ومحل اخلص من وحده واهتدى من عبده ...".
هذا الدعاء مدرسة على ما يحتويه من مضامين تربوية واخلاقية، حينما اقول اهداه الامام هذا الدعاء انه يأتي في سياق هدايا اهل البيت - الهدايا المعنوية - وفي طليعتهم رسول الله(ص) الذي اهدى ابنته فاطمة التسبيح المعروف بتسبيح الزهراء او مثلاً حينما دخل جعفر بن ابي طالب الى المدينة في هجرته الثانية قادماً من الحبشة فرح النبي بمقدمة وعلمه واهداه الصلاة المعروفة بصلاة جعفر الطيار وهي مذكورة في مفاتيح الجنان، يأتي هذا الدعاء في هذا السياق.
فمن هو عبد الرحمن بن سيابة؟ وكيف بدأت علاقته بالامام الصادق(ع)؟
في الواقع لم اعتر على تاريخ ولادته ومكانها ولكن نطفة صلته بالامام الصادق بدأت من هنا، انه هذا الشاب يعيش في الكوفة ومات ابوه وهو في مقتبل العمر، وهنا يتحدث هو عن نفسه فيقول: "مات ابي سيابة ولم يترك لنا شيئاً وكان يعيش في ضيق وبعد وفاته بايام طرقت الباب فخرجت، واذا برجل يترحم على والدي سيابة وعرف نفسه وقال انه من اصدقاءه القريبين جداً ثم قدم اليّ التعازي بوفاة والدي وابدى حزنه وتأثره ثم سألني هل ورثكم شيئاً؟ قلت لا! فناولني كيساً من المال وقال هذه الف درهم فاحتفظ بها وتاجر بها وارتزق من ربحها وذهب دون ان اعرف مكانه او اسمه، هنا تحريت لعمل بواسطة امي واشتريت دكاناً ابيع فيه الاقمشة والحلل ورزقني الله سبحانه وتعالى خيراً كثيراً، صادف موسم الحج فشعرت اني مستطيع والناس يذهبون الى الحج فأشتقت الذهاب للحج فذاكرت امي الا ان امي اشترطت برضاها ان اعيد المبلغ لصاحبه وفعلاً اعددت الف درهم ووضعتها في كيس وسعيت للعثور على الرجل فظفرت به وسلمته الكيس وشكرته على هذا الاحسان فأبتهج الرجل من امانتي وحسن معاملتي وسافرت بعدها للحج وبعد الحج ذهبت الى المدينة المنورة لزيارة مشهد الرسول(ص) والصلاة في مسجد النبي، وصلت الى المدينة وزرت النبي(ص) ثم سمعت بأسم الامام الصادق وان الناس يستفتونه فتوجهت الى دار الامام واذا بالبيت يغص بالناس والكل يسألونه ويحدثهم فجلست في آخر الناس وانا شاب بدايات حياتي وانا انظر من بعيد واتحسر بانتظار ان تحصل فرجه لا سلم على الامام واعرفه نفسي واسال بعض المسائل التي عندي، يقول واذا بالامام نظر اليّ من بعيد وهو يبتسم واشار اليّ بالدنو منه، فدنوت اليه وهو يرحب بي كأنه يعرفني من قبل ثم قال: الك حاجة يا بني؟ قلت سيدي انا عبد الرحمن بن سيابة واخبرته بموت والدي واذا به يترحم على والدي وذكره بخير ثم سألني نفس السؤال الذي سألني الرجل قال هل اورثكم ابوكم شيئاً؟ قلت لا يا ابن رسول الله! 
قال: اذن يا بني كيف اتيت الى الحج؟ فقلت له قصة الرجل الذي طرق الباب بعد موت والدي وانا لم اكمل حديثي واذا بالامام يسألني وما صنعت بالالف درهم؟ فتعجبت وقلت لقد رددتها اليه يا مولاي، فقال الامام احسنت ونعم ما صنعت ثم قال: الا اوصيك بوصية يا بني! قلت نعم، قال الامام: "عليك بالصدق في الحديث واداء الامانة فانك ان فعلت ذلك شاركك الناس في اموالهم واشار باصبعيه فأن لازمت الصدق في حديثك واجتنبت الكذب ووفيت بالوعد واديت الدين بموعده ولم تأكل اموال الناس دفعوا اليك ما طلبت".
يقول عبد الرحمن ثم قال الامام الا اعلمك هذا الدعاء فاحفظ عني ذلك وعلمني هذا الدعاء الذي قرأت في البداية جملة منه.
عبد الرحمن بن سيابة يقول التزمت بنصائح الامام فحزنت من الاموال والخير ما دفعت زكاته سنة واحدة ثلاثمئة الف درهم وهذا الرجل اصبح بعد ذلك من المعتمدين عند الامام الصادق(ع) وكان الامام يكلفه بمهام منها ان الامام الصادق دفع اليه الف دينار ليقسم على عوائل من استشهد مع من استشهد مع زيد الشهيد(رض).
ايها الاخوة المستمعون والاخوات المستمعات ان خلق اهل البيت قائم على تهذيب النفس وطهارة الروح قبل البدن، لا ينفعنا انسان جميل ونظيف ولكن في اسلوبه وسخ، يخون الامانة ويغدر، يكذب في حديثه، اهل البيت يقول اسلوبهم على بناء الانسان بهذا النمط خصوصاً الامانة يهتم بها سلوك اهل البيت: 

دع الخيانات ولا تأتها

تحظى باموال الورى كلها

والله قد قال بقرانه

ردوا الامانات الى اهلها

وهذا رسول الله(ص) يقول: "لا يغرّنكم صيام الرجل وصلاته فان ذلك امر تعود عليه ولكن انظروا الى صدقه في الحديث واداءه الامانة"، وترتبط هاتان الخصلتان باهم اختبار للانسان في حياته لان تاريخ المسلمين مر بظرف عصيت فقد استخدم بنو امية ومن صنعهم ومهد لهم ومن تبعهم على مسخ الاسلام ومسخ اخلاق المسلمين بهاتين الخصلتين بالذات وهما الكذب وخيانة الامانة فطالما سخر معاوية اشخاصاً البسهم عنوان الصحابي ليوفر لهم الحصانة والاعتماد ثم دفع لهم الاموال الطائلة ليكذبوا على رسول الله(ص)، والكذب على رسول الله كالكذب على الله هو من اخطر من انكار امامة علي(ع) واهل بيته، اخطر من انكار يوم الغدير وهو من اهم الوقائع في تاريخ الاسلام فيقول الكميت:

فلم ار مثل ذاك اليوم يوماً

ولم ار مثله حقاً اضيعا

اذن عبد الرحمن بن سيابة اكتسب موقعاً كبيراً عند الامام الصادق وكان يقدره ويحترمه لشدة التزامه بأداء الامامة وكان ذلك عنصراً مهماً دفع به الى ذلك التوفيق الاكبر بحيث اصبح موقع ثقة الامام.
رحم الله عبد الرحمن بن سيابة وزاد في علو درجاته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة