البث المباشر

الشيخ علي القمي النجفي

الخميس 14 فبراير 2019 - 18:57 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقه 295

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن منائر الصادقين الذين تقربوا الى الله بموالاتهم ومحبتهم لآل الرسول واهل البيت المرحوم العالم الزاهد الشيخ علي القمي النجفي، هذا الرقم يكاد يكون عديم النظير في اخلاقه وسيرته وتعامله مع الدنيا واهلها هو من مواليد عام 1273 هـ في ايران وهاجر الى النجف الاشرف في بدايات شبابه لينتهل العلم بجوار مرقد امير المؤمنين(ع) فدرس الفقه والاصول وتبحر في كل العلوم وعلى اعاظم الحوزة آنذاك كالميرزا حبيب الله الرشتي والاغا رضا الهمداني صاحب مصباح الفقاهة والمرحوم الآخوند الخراساني وغيرهم وكان ممن تعلق بالمرحوم المقدس السيد مرتضى الكشميري علم الهدى الثاني وله معه صحبة طويلة في سفراته بالخصوص لزيارة كربلاء المقدسة وكان يروي قسماً كبيراً من كراماته، لقد عرف الشيخ علي القمي بالزاهد والورع كما اتصف بنكران الذات وعدم الاهتمام بحطام الدنيا ولذاتها فنال درجة الاجتهاد العالية وهو دون الاربعين من عمره، لقد حدثنا بعض معاصريه ان المرحوم الشيخ علي القمي كان شديد الصبر الى حد لم يألفه احد في عصرنا مثلاً ابتلاه الله فيما ابتلاه بفقد اثنين من اولاده في فترة متقاربة حيث مات ولده وذهب الى تجهيزه ودفنه وما ان فرغ من دفنه حتى بلغه وفاة ولده الآخر فلم يظهر عليه الجزع ابداً ويقال انه بعد ما علم بوفاة ابنه الثاني سجد لله صابراً شاكراً وهذا نوع من الارث من رسول الله لما القرآن يقوللكم في رسول الله اسوة حسنة مما ابتلى به الله نبيه(ص) انه فقد ولدين خلال ثلاثين يوماً وهما الطيب والطاهر في مكة، هذا الامتحان ممن ابتلى الله المؤمنين من عباده «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين / الذين اذا اصابتهم قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون / اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون». هذا الابتلاء ابتلى به الانبياء وفي طليعتهم النبي ايوب مات له اكثر من عشرة من اولاده كما ان النبي(ص) كما ذكرت اما ابو عبد الله الحسين سيد الاحرار فقد فقد في ساعة‌ واحدة احد عشر اخاً وثلاثة من اولاده وسبعة من ابناء‌ عمومته واثنين ابناء اخته واثنين ابناء اخيه ومجموعهم تسعة عشر ما لهم على وجه الارض من شبيه وكان رغم ذلك كله يلهج مردداً كلمته رضىً بقضاك لا معبود سواك وتأتي اخته الحوراء زينب عقيلة آل البيت فتؤكد على هذا الخطاب بخطابها قائلة الهي اذا كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى، اذن فالشيخ علي القمي رحمه الله هو ممن ابتلي بهذا وصبر، اقام الفاتحة لولديه والناس يعزونه ولم يظهر عليه اي جزع هنيئاً له على هذا الثبات وهناك لفتة اخرى عن حياته وهي انه مرض مرضاً عضالاً الزمه الفراش عقداً من الزمن فلم يظهر عليه التململ وكتب عنه صاحب معارف الرجال في الجزء الثاني ان المرحوم الشيخ علي القمي كان يأم المصلين في الجامع الهندي في النجف الاشرف وهو آنذاك اكبر جامع في النجف فكان يأتم به العلماء والمراجع اضافة الى الوجهاء والطلبة والتجار وكان معروفاً بالجدية والحزم وعدم المجاملة على حساب معتقداته فلا يجاري ولا يماري ولا يداهن واذا ما احرج او عتب كان يقول من خاف الله عرف كل شيء ومما اشتهر به هذا العالم المقدس اقامته لشعائر ومجالس اهل البيت(ع)، لكنه كان يساند الغير بتنقية المظاهر او شعارات اهل البيت من الشوائب وكان يساند المراجع والسيد محسن الامين كان هو نعم العضد في مسألة تنزيه الشعائر وبأعتبار من باب انكار المنكر، الشيخ علي القمي مشتهراً بأقامة المجلس يوم ثمانية شوال وهي المناسبة الحزينة التي هدمت فيها قبور ائمة البقيع عام 1344 هـ المصادف 1926 م حينما هدمت قبورهم وسويت بالتراب وكان ذلك خاطرة حزن واسى للعالم الاسلامي ولمحبي اهل البيت بالذات ونظم الشعراء في ذلك:

لعمري ان فاجعة البقيع

يشيب لهولها قلب الرضيع

وسوف تكون فاتحة الرزايا

اذا لم نصح من هذا الهجوع

فهل من مسلم الله يرعى

حقوق نبيه الهادي الشفيع

ونظم ايضاً المرحوم الشيخ علي اليعقوبي في هذه الفاجعة:

اثامن شوال بعثت لنا الاسى

كأنك من شهر المحرم عاشر

ونظم آخر:

ويك يا شوال اخزيت الشهور

فيك هدت لبني الهادي قبور

فدأب المرحوم الشيخ علي القمي اعلى الله مقامه علي اقامة مجلس مهم للعزاء في هذا اليوم وكان الخطيب الاسلامي الشهيد السيد جواد شبر استاذي يرقى المنبر وقال ذات يوم ان المرحوم الشيخ علي القمي استمر عدة سنوات ضجيع الفراش لا يقوى على الجلوس وهو يقيم هذا المجلس في اليوم الثامن من شهر شوال هذا واستمر بعده ولده في النجف بأقامة هذا المجلس وكنت انا آنذاك تلميذاً عند الخطيب السيد جواد شبر واقرأ قبله بعنوان المقدمة وكنت الاحظ الروحانية العظيمة في ذلك المجلس ومؤشرات قبوله من قبيل ما كان لله ينمو وهذا المجلس يوم الثامن من شوال الذي كان يقيمه الشيخ علي القمي ومن بعده ولده كان يمثل تظاهرة استنكار وحزن واسى لهذه الفجيعة‌ ويمثل يوم مشهود في النجف الاشرف واستمر المجلس الى ان قامت عصابة البعث الكافر في العراق بتسفير طلبة الحوزة العلمية في النجف فسفرت عائلة الشيخ علي القمي وانطفأ هذا المجلس في النجف الاشرف كما انطفأت المجالس والمحاضر والحوزة العلمية هناك بسبب قرارات هؤلاء المعادية للاسلام ولاهل البيت، المرحوم الشيخ علي القمي الزمه المرض الفراش عدة سنين الى ان توفي رحمه الله في 23 جمادي الاول عام 1371 هـ وشيع تشييعاً حافلاً منقطع النظير ووري الثرى في مقبرة الشيخ نصر الله الحويزي العالم المشهور تغمده الله برحمته واسكنه فسيح جنته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة