البث المباشر

سلمان الفارسي الباحث عن الحق

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 151

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من طليعة الصادقين مضموناً ومن حواري رسول الله(ص) هو سلمان الفارسي، في الخصال عن ابي بريده ان رسول الله(ص) قال: امرني ربي يجب اربعة، فقلنا: سمّهم لنا يا رسول الله!
قال: اولهم علي بن ابي طالب، وثانيهم سلمان وثالثهم ابوذر ورابعهم المقداد بن الاسود الكندي.
يروى ان الامام الصادق(ع) كان يردد اسم سلمن كثيراً ويذكره في احاديثه بكثرة، فقيل للامام الصادق نراك تكثر في الحديث عن سلمان يا ابا عبد الله؟ فقال: لا تقولوا سلمان الفارسي ولكن قولوا سلمان المحمدي، أتدرون ما كثرة ذكري له؟
قالوا: لا يا بن رسول الله.
قال: اكثرت ذكره لثلاث خصال اولها ايثاره هوى امير المؤمنين على نفسه، يعني لما يتزاحم امران، امر لسلمان وامر للامام علي كان سلمان الفارسي يؤثر ما يرتبط بالامام علي، والثاني حبه الفقراء والثالثة حبه للعلم والعلماء.
ان سلمان (الكلام للامام الصادق) كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين لذلك النبي(ص) قال فيه ولم يقل في غيره: "سلمان مناّ اهل البيت".
جاءوا بطبق تمر الى المسجد صدقات وكانوا فقراء موجودين من الصفة وغير الصفة، دخل النبي فوجد سلمان يأكل من ذلك فأخرج التمرة من فمه (وهذه لفتة قيمة ومهمة) اخرج التمرة من فمه وقال النبي له: يا سلمان يحرم عليك علينا اهل البيت.
رحم الله الشاعر الشيخ عبد الواحد المظفر يقول:

قبل لي هل مدحت سلمان يوماً

قلت مدح النبي يغنيه عنا

هل يزيد المديح من قال فيه

سيد المرسلين سلمان مناّ؟

ورحم الله ابا فراس الحمداني صاحب القصيدة الميمة الضخمة يقول فيها:

كانت مودة سلمان لهم رحماً

ولم تكن بين نوح وابنه رحم

اي ان رحم اهل البيت(ع) بالقيم وبالمبادئ.
وكان سلمان الفرسي معتمداً عند النبي(ص) وعند الامام اميرالمؤنين وحدثاه بأحاديث خاصة لم يحدثا بذلك احداً غيره وقيل انه كان من الاوصياء القدامى، هناك قول يذهب الى هذا المعنى ان سلمان كان من الاوصياء القدامى واستدل بعضهم في اعطاءه هذه الصفة وهي صفة العصمة بدليل ان الامام اميرالمؤنين جاء بنفسه الى تجهيزه ودفنه والصلاة عليه.

وبليلة نحو المدائن قاصداً

فيها لسلمان اتيت مغسلا

ويقول الاصبغ بن نباتة:
سألت الامام امير المؤمنين عن سلمان فقال: ما اقول في رجل خلق من طينتنا وروحه مقرونة بروحنا، خصه الله من العلوم بأولها واخرها وظاهرها وباطنها، ولقد حضرت عند رسول الله وكان سلمان بين يديه فدخل اعرابي ونحاّه عن مكانه وجلس في مكانه، فغضب النبي واحمرت عيناه ثم قال: يا اعرابي اتنحّي عني رجلاً يحبه الله في السماء ويحبه النبي في الارض؟
يا اعرابي لا تغلطنّ في سلمان فأن الله تعالى امرني ان اطلعه على علم البلايا والمنايا والانساب وفصل الخطاب.
سلمان الفارسي او سلمان المحمدي اقره الامام امير المؤمنين والياً على المدائن فدخلها في مظهر عادي جداً، كان راكباً دابة ليست معه من الاثاث الا حصير طواها، ابريق من الفخار ومزودة فيها رغيف من الخبز.
وكانت الاشاعة قد ملئت الشارع العام ان الوالي سيدخل اليهم هذا اليوم، فدخل سلمان فلم يظنوا بأنه هو الوالي لترسله وابتعاده عن الشكليات فتقدم اليه بعضهم وهم يسألونه: يا هذا يا شيخ هل رأيت الوالي في طريقك؟ 
قال: من تعنون؟
قالوا: نعني سلمان المحمدي.
قال: اني لم الوالي ولكن اذا كنتم تسألون عن سلمان فها هو بين ايديكم. فأستغربوا وكانوا قد اعدوا له منزلاً، فرفض ذلك واستأجر مكاناً صغيراً كان ينسج فيه الحصر ويقتات من ذلك، وقد اصاب المدينة ذات يوم سيل فأنهدمت بعض البيوت وانشغل الناس بجمع اثاثهم فسبق سلمان الكل على دابته وامامه حصيره وابريقه وهو ينادي: ايها الناس هكذا ينجو المخفون يوم القيامة، لذلك تقول ام المؤمنين عائشة: كان لسلمان مجلس من رسول الله ينفرد به في الليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله، اي ان النبي كان يصقله ويهذبه ويعده لاداء هذا الدور الرائع الذي جسد فيه خلق رسول الله وسلوك الامام امير المؤمنين(ع).
ولموقع سلمان عند النبي واهل البيت(ع) موقعاً خاصاً مثلاً ان النبي(ص) في ليلة زفاف الزهراء، كان النبي قد اركبها ناقته الشهباء وكان النبي يقودها وامر سلمان ان يسوقها.
قال سلمان للنبي ذات يوم: يا رسول الله اني ارغب ان اقول الشعر ولا اقدر عليه فدعا له النبي قائلاً: اللهم اطلق لسانه واخذ ينظم وكان اول ما نظمه على الفور هذه الابيات التي منها:

مالي لسان فأقول شعرا

أسأل ربي قوة ونصراً

ولموقعه ايضاً من اهل البيت، كانت الزهراء(ع) تخاطبه يا عم يا سلمان ولذلك لما خرجت الزهراء تعدوا خلف الامام علي وتهدد بأن ترفع يديها للدعاء لم يتقدم احد للتحدث اليها الاّ سلمان نظراً لموقعه عند الزهراء فاطمة، فأخذ يخاطبها واذا بها تقول: يا عم يا سلمان....
كذلك نجد ان الامام امير المؤمنين كان يخاطبه بهذا التعبير: يا عم يا سلمان، سلمان المحمدي هو احد الذين شيعوا فاطمة الزهراء وهذه منيرة اختص بها حيث ان الزهراء(ع) دفنت في تعتيم مشدد نظراً لوصيتها الخاصة بذلك فلم يسمح امامنا اميرالمؤنين طبقاً لتعليماتها ووصيتها ان يعيشها احد الاّ افراد لم يتجاوزوا الخمسة وكان من جملتهم سلمان الفارسي(رض) وحمل جثمان الزهراء مع الامام امير المؤمنين بأبي هو وامي وامره الامام ان يقرأ القران عند رأس مولاتنا فاطمة بعد وفاتها، ولما اراد الامام امير المؤمنين ان يدفن الزهراء امر المشيعين الخمسة ان ينصرفوا ثم التفت الى سلمان قال: يا عم يا سلمان خذ بالحسن والحسين وانطلق بهما الى الدار والحديث طويل عن سلمان وعن مواقفه واخلاقه وسلوكه وتواضعه حتى ان قيل ان رجلاً طائشاً مغروراً سأله ذات يوم مخاطباً سلمان: يا شيخ لحيتك اطول ام ذنب الكلب؟ فلم ينزعج سلمان والتفت اليه وقال: يا بني اذا ادخلتني لحيتي هذه الجنة فهي افضل وان ادخلتني النار فذنب الكلب افضل منها، فخجل الرجل وانطلق يعتذر اليه وسلمان يدعو له بالهداية.
نسأل الله لهذا الصحابي الجليل الرحمة والرضوان وان يحشرنا معه يوم القيامة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة