البث المباشر

حفظ الامام علي(ع) لبيت مال المسلمين

الإثنين 4 فبراير 2019 - 10:23 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 25

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الانبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
يروى في التاريخ ان طائفة من اصحاب امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) مشوا اليه عندما تفرق الناس عنه وفر كثير منهم الى معاوية طلباً لما ليده من اموال الدنيا فقالوا وهم كأنهم ينصحون الامام(ع) قالوا: يا امير المؤمنين اعطى هذه الاموال وفضل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ومن نخاف الخرافه من الناس وفراره الى معاوية فاجابهم امير المؤمنين قائلاً اتأمروني ان اطلب النصر بالجور لا والله ما افعله ما طلعت الشمس وما لاح في السماء نجم والله لو كان مالهم لي يعني لو كان هذا المال هو المالي الشخصي لو اسيت بينهم كيف والمال مالهم، ثم ان الامام امير المؤمنين(ع) اطرق برأسه طويلاً وبقي ساكتاً ثم قال من كان له مال فاياه والفساد فان اعطاء المال في غير حقه تبذير واسراف وهو وان كان ذكراً لصاحبه في الدنيا فهو مضيعه او يضعه عند الله عزوجل اي ينزل من شأنه في الاخره وعندالله لم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير اهله الا حرمه الله شكره وكان لغيره ضدهم اي ان الانسان اذا اعطى ماله لغير اهله يعني لمن لا يستحق فانهم سوف لا يشكرونه لانهم يعلمون ان هذا المال ليس من حقهم، لانه اعطاهم لاجل ان يتقربوا اليه ويتقرب اليهم لذلك فهم لا يشكرونه بل سيحبون غيره وسيودون غيره فان بقي معه من يوده ويظهر له الشكر فانما هو ملق فانما هو ملق يكذب يريد التقرب به اليه لينال منهم مثل الذي كان يأتي اليه من قبل، فان زلت بصاحبه النعل فاحتاج الى معونته او مكا فأته فشر خليل والأم خدين وفي صنع المعروف فيما اتاه فليصل به القرابة ويحسن به الضيافة وليفك به العاني وليعن به الغارم وابن سبيل والفقراء والمجاهدين في سبيل الله وليصبر نفسه على النوائب والحقوق فان الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الاخرة. 
الدروس العظيمة التي نستفيدها من سيرة الامام امير المؤمنين في مجال الانفاق من بيت المال او من المال الشخصي دروس عظيمة جداً خصوصاً في هذا العصر ايها الاخوة ايتها الاخوات والسياسة التي اخطتها ورسمها الامام هي في الواقع منهج عظيم لنا جميعاً اذا اتبعنا هذه السياسة امن من كثير من الكوارث الاجتماعية والاقتصادية. 
الدرس الاول التي نستفيده من هذه القصة هو ان الامام يحترى العدالة في تقسيم بيت المال لا يفرق بين العرب والعجم بين قريش وبين غير قريش، بين الاشراف وبين غير الاشراف بين الشخصيات لان كل هذه المراتب وهذه المنازل اذا اقترنت بالتقوى فهي ذات قيمة عندالله سبحانه وتعالى اما اذا لم تقترن بالتقوى فلا قيمة لها ابداً ان يكون الانسان قريشياً من دون ان يكون تقياً لا يكون هذا الامر بمنزية ولا يكون هذا الامر بقيمة، نعم اذا كان الانسان قريشياً عربياً وتقياً لا شك ان هذا يتميز ويمتاز على غيره ولكن هذا الامتياز وهذا التميز هو عندالله ان يتوسل بهذه المزية للحصول على مكاسب دنيوية على حساب الاخرين فهذا غير وارد في المنهج الاسلامي، الامام امير المؤمنين يوضح هذه الحقيقة في هذا البيان وفي هذه السياسة التي اخطتها واتي انتهجها في حياته اعني انه لم يفرق في تقسيو بيت المال بين العرب وغيرالعرب بين الاشراف وغيرالاشراف بين قريش وغير قريش. 
الدرس الثاني هو ان الامام رفض ان يصل الى النجاح والى الانتصار بالادوات الفاسدة كما يعمل المكيا بليون، ان المكاويلية تقول الغاية تبرر الوسيلة ولكن الامام يرفض هذا لان الغاية ليس هي الحكم ليس هي الكرسي الغاية هي الانسان ولابد لتحقيق السعادة للانسان من الحفاظ على القيم الاخلاقية والدينية والانسانية بها يتحقق الانسان وبها تتحقق الانسانية ولهذا الامام يقول: "اتأمروني ان اطلب النصر بالجور لا والله ما افعله ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم" ثم يعقب الامام على هذا الكلام يقول:"والله ما كان هذا المال مالي لو اسيت بين الناس فكيف والمال مالهم". 
وهذا درس ثالث وهو اننا كيف نسمح لا نفسنا لان نتصرف في اموال الناس ومنهم الايتام الارامل الصغار القصر والكبار السن الطاعنون في العمر كيف نسمح لانفسنا بان نتصرف في هذه الاموال من دون اجازتهم واذنهم ولهذا الامام يقول: "والله لو كان هذا المال مالي لواسيت بينهم فكيف والمال مالهم". 
ثم ان الامام(ع) اعطانا درساً رابعاً في هذه الكلمات قال: "ان المال مضنة للفساد والافساد فانتبهوا ايها الناس لا تحاولوا ان تصلوا الى المجد عن طريق الاسراف والتبذير والانفاق في غير محله" وهذا ما يفعله الكثيرون على حساب الفقراء على حساب الاصحاب الشرعيين للاموال قال: "من كان له مال فاياه والفساد فان اعطاء المال في غير حقه تبذير واسراف" ثم يشرح الامام ويبرهن هذا المطلب بشكل جميل يقول: هذا الاعطاء في غير محله كان يصنع للانسان فخراً ومجداً دنيوياً والناس يعجبهم مثل هذا ولكن عند الله هذا النوع من الانفاق سبب لحقارة الانسان وضعته فهو يحدث للانسان ذكراً في الدنيا ولكن يضعه عند الله عزوجل بالاضافة الى ان الذين يأخذون هذه الاموال حيث يعلمون انهم لا يستحقون هذه الاموال وانما هذا الرجل اعطاهم الاموال من اجل ان يكسبهم ويكسب مديحهم وشكرهم ولهذا فان الله سيحرمه شكرهم كما يحرمه مودتهم، سيأخذون هذه الاموال لا يشكرونه بل يحبون غيره ثم ان الامام يقول: حتى اذا بقي معه احد يشكره فان هذا الشكر تملق وكذب فان من الافضل ان الانسان لا ينفق ماله في غير محلها فاين ينفق امواله خصوصاً اذا كانت من امواله الشخصية الامام يعطينا منهج يقول: "فبه القرابة ويحسن فيه الضيافة وليفك به العاني وليعن به الغارب الذي عليه دين وليعن به ابن السبيل والفقراء والمجاهدين في سبيل الله". 
هذه هي المواضع الصحيحة التي تستحق ان ينقفق الانسان المال فيها وليصبر نفسه على النوائب والحقوق لا يأخذ الاموال التي هي غير مشروعة ويصبر على الصعوبات الامام يقول: هذه افضل فان الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الاخرة، الانسان بهذا النوع من الانفاق يحصل على خيرات الدنيا وخيرات الاخرة لانه انفق امواله في محلها. رزقنا الله واياكم الاقتداء بهذا المنهج وبهذا الامام العظيم في اخلاقه وفي منهجه في الحياة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة