البث المباشر

من سيرة الامام علي(ع) في التحذير من الدنيا

الإثنين 4 فبراير 2019 - 10:22 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 24

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الانبياء وخاتم المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
يروى ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) كان يعمل في احدى البساتين وفي يده مسحاة فهجمت عليه امرأة من اجمل النساء فقالت: يا ابن ابي طالب ان تزوجتني اغنيك عن هذه المسحاة وادلك على الخزائن الارض ويكون لك الملك ما بقيت. فقال لها الامام علي بن ابي طالب(ع): فمن انت حتى اخطبك من اهلك قالت: انا الدنيا فقال(ع): ارجعي فاطلبي زوجاً غيري فلست من شأني فاقبل علي(ع) على مسحاته وانشأ يقول:

لقد خاب من غرته دنيا دنية

وما هي ان غرت قروناً بطائلي

اتتنا علي زيّ العروس بثنية

وزينتها في مثل تلك الشمائل

فقلت لها غري سواي فأنني

عزوف عن الدنيا ولست بجاهل

وما انا والدنيا وان محمداً

رهين بقفر بين تلك الجنادل

وهبنا اتتنا بالكنوز ودرها

واموال قارون وملك القبائل

أليس جميعاً للفناء مصيرنا

ويطلب من خزائنها بالطوائل

فغري سوائي انني غير راغب

لما فيك من عزّ وملك ونائل

وقد قنعت نفسي بما قدرزقته

فشأنك يا دنيا واهل الغوائل

فأني اخاف الله يوم لقائه

واخشى عذاباً دائماً غير زائل

اجل هكذا كانت وهذه كانت نظرة امام المتقين حكيم الحكماء علي بن ابي طالب(ع) الى الدنيا الى هذه التي نعيش فيها ونعمل من اجلها ونكد ونسعى فيها ليل نهار الى هذه التي طالما قتل انس من اجلها اخوانهم واصدقائهم وحاربوا وعادوا انسبائهم، الى هذه التي من اجلها خلط الكثير من الناس بين الحلال والحرام ولم يتورعوا عن ارتكاب المعاصي لاجل الحصول اليها الى هذه الدنيا التي تكالب الناس عليها ينظر امام المتقين وسيد الحكماء امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) لهذه النظرة ولهذا نجده يتعامل مع الدنيا معاملة الحذر منها ويأخذ منها بمقدار ما يتزود منها من اجل الاخرة ويتزود منها بمقدار ما يبلغه المقصد ويوصله الى غايته. ولهذا نجد ضرار بن ضمرة حينما يرد ويدخل على معاوية ويطلب منه معاوية ان يصف علي(ع) يقول في وصف علي(ع): كان علي والله صواماً في النهار قواماً في الليل يحب من اللباس اخشنه ومن الطعام اجشبه وكان يجلس فينا ويبتدأ اذا سكتنا ويجيب اذا سألنا يقسم بالسوية ويعدل في الرعية لا يخاف الضعيف من جوره ولا يطمح القوي في ميله، والله لقد رأيته ليلة من الليالي وقد اسدل الظلام سدوله وغارت نجومه وهو يململ في المحراب تململ السيل اي الملدوغ ويبكي بكاء الحزين زلقد رأيته مسيلاً للدموع على حذه قابضاً على لحيته يخاطب ديناه فيقول: يا دنيا ابي تشوقت وبي تعرضت لاحان حينك او لا حان حينك فقد ابنتك ثلاثاً او طلقتك ثلاثاً لارجعة لي فيك، فعيشك قصير وخطرك يسير يعني شأنك قليل ولكن عيشك قصير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق. ويقول الامام الصادق(ع) عن حياة الامام الصادق(ع) عن حياة الامام ومأكله وملبسه يقول: كان امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) اشبه الناس طعمة برسول الله يأكل الخبز والخل والزيت ويطعم الناس الخبز واللحم، حينما كان هو يأكل، يأكل شيئاً زهيداً في قيمته يسيراً في ثمنه ملا قيمة له حينما كان يطعم الاخرين يطعم اشياءاً غاليه. ويقول عمار بن ياسر سمعت رسول الله(ص) يقول: يا علي ان الله تعالى زينك بزينة لم يزين العباد هي زينة احب اليّ منها يا علي ان الله زينك بزينة لم يزين العباد بزينة هي احب اليه منها، زهدك فيها وبغضها اليك اي بغض الدنيا اليك فانت لا تحب الدنبا وانت زاهد فيها وحبب اليك الفقراء فرضيت بهم اتباعاً ورضوا بك اماماً. يا علي طوبى لمن احبك وصدق عليك والويل لمن ابغضك وكذب عليك اما من احبك وصدق عليك فاخوانك في دينك وشركائك في جنتك واما من ابغضك وكذب عليك فحقيق على الله يوم القيامة ان يقيمه مقام الكاذبين. وروي عن عمر بن العزيز الخليفة الاموي روى قوله: ما علمنا ان احداً كان في هذه الامة بعد النبي(ص)ازهد من علي بن ابي طالب(ع). اجل هكذا كان امير المؤمنين(ع) مع الدنيا ومع اشياءها الامام امير المؤمنين(ع) هكذا كان. ولكن ينطرح هنا سؤال: هل علينا ان نتبع الامام في هذه السيرة مئة بالمئة وهل يمكننا ذلك، ان القصة التالية تدل وتجيب على هذا السؤال، دخل الامام(ع) على احد اصحابه وهو العلاء بن زياد الحارثي يعوده وقد صار مريضاً فلما رأى سعة داره قال ما كنت تصنع في سعة هذا الدار في الدنيا لماذا هذه الدار الوسيعة الكبيرة جداً وهي اكبر من حاجتك اما انت اليها في الاخرة احوج، وبلى ان شئت بلغت بها الاخرة. الامام في البداية سأله لماذا هذه الدار الكبيرة انت في الاخرة احوج اليها ثم الامام حاد ثانية واعطاه درساً مهماً في هذا المجال قال: بلى ان شئت بلغت بها الاخرة تقري فيها الضيف وتصل بها الرحم وتخرج منها الحقوق فاذن انت بلغت بها الاخرة. فقال العلاء بن زياد الحارثي: يا امير المؤمنين اشكو اليك اخي عاصم بن زياد قال وما له قال لبس العباء وتخلى من الدنيا قال الامام(ع): عليّ به فلما جاء قال الامام له يا عدي نفسه اي يا عدو نفسه لقد استام بك الخبيث اي وسوس اليك الشيطان اما رحمت اهلك وولدك اترى الله احل لك الطيبات وهو يكره ان تأخذها انت اهون على الله من ذلك، قال يا امير المؤمنين هذا انت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك يعني انا اقتدي بك في هذا الزهد وفي هذا العمل قال له الامام: ويحك اني لست كأنك ان الله فرض على ائمة الحق ان يقدروا انفسهم بضعفة الناس كي لا يتبيغ بالفقير فقره، يعني انا حسابي يختلف عنك ان باعتباري قائد الامة ينبغي ان اعيش هذه الحياة البسيطة حتى لا يتغى الفقير اذا رأني وانا ارفل في النعم اما انت فعش عيشة متوسطه.اذن الدنيا اذا اريدت من اجل نفسها كانت مذمومة اما اذا طلبنا الدنيا من اجل الاخرة فلا اشكال، كما ان على القادة واجباً آخر يختلف ان واجب الامة واحادها. وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة