الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة بدل أن تتخذ خطوات عملانية وذات مغزى في سياق إنجاح المفاوضات الجارية بفيينا، لجأت اليوم وبعد مجموعة من التحركات الإستعراضية المتمثلة في تحديد مهل إصطناعية وإثارة التوترات حول موضوع التوصل الى إتفاق جيد، واستخدام ذرائع سياسية وإعلامية بهدف الترويج للخلافات بين الكونغرس وحكومة جو بايدن حول المفاوضات، والإستمرار في نهج إلقاء اللوم على إيران من "إنها لا تغتنم الفرص"، فقد لجأت هذه الأطراف الى سيناريو جديدة لحقن الشعور بتفاؤل مزيف أيضاً وبالتالي رفع مستوى توقعات الشعب الإيراني من الحكومة حول نتائج المفاوضات الجارية في عاصمة النمسا.
ولا يخفى أن هؤلاء ومنذ بدء المفاوضات كرسوا جهدهم لتحويل ساحة التفاوض الى أداة ضغط على الفريق الإيراني المفاوض وإرغامه على القبول باتفاق "سيئ" أو "مؤقت".
في سياق متصل، إدعت الصحفية الامريكية "لورا روزين" عبر تقريرها الأخير المثير للجدل، من أن "الأسبوع القادم سيشهد التوصل الى إتفاق قد يحدد مصير المفاوضات"؛ وذلك بعد مزاعمها المفبركة بشأن "وجود تحركات أمنية بالقرب من مقر إقامة السفير الإيراني لدى النمسا"؛ على حد تعبيرها.
"لورا" كرّرت بدورها هواجس الغرب المصطنعة حيال "تقدم برنامج إيران النووي" وما تروّج له الترويكا الأوروبية حول "مخاطر النشاطات النووية الإيرانية على مسار التوصل الى اتفاق نهائي في فيينا".
ولا يخفى أن الغرب لم يتخلّ، بعد ستراتيجية "رفع مستوى التوقعات المطلبية للشعب الايراني حيال نتيجة المفاوضات"، عن محاولاته السابقة في تحديد مهل زمنية مفبركة للمفاوضات الجارية بين إيران ومجموعة 4+1، وقد إدعى في هذا السياق مؤخراً أن "نهاية شباط / فبراير الحالي، ستكون آخر فرصة لإنقاذ حياة الاتفاق النووي".
يأتي ذلك وسط إصرار إيران المستدام والثابت على ضرورة التوصل الى إتفاق جيد يمكن التعويل عليه وان هذا الاتفاق يعتمد فقط على اتخاذ قرارات سياسية من قبل واشنطن.
وبهذا، فإن أمريكا والأطراف الغربيين يغفلون هذه الحقيقة إن إلحاحهم على تحديد مهل زمنية استعراضية ومصطنعة للمفاوضات، لن يسفر ذلك سوى عن مزيد من الضغط عليهم، وليس ايران؛ بل سيؤثر الأمر سلباً على مصداقيتهم في ضوء تنصلهم المشهود عن اتخاذ القرارات السياسية المطلوبة في فيينا.
فالمطلوب من أمريكا، إذا ما كانت صادقة حقاً على موضوع التوصل اتفاق عبر المفاوضات بين إيران و4+1، التخلي عن سلوكها الإستعراضي والسياسي ومحاولتها إرضاء الكيان الصهيوني الذي يرفض أي اتفاق مع إيران أو استخدام أي حلول دبلوماسية في المنطقة، وتبادر الى اتخاذ القرارات المطلوبة وصولاً الى الاتفاق المنشود.
المستجدات على الساحة في فيينا، تشير الى ارتفاع وتيرة الجهود وحيوية النشاطات الهادفة الى حل الخلافات؛ والشاهد على ذلك اجتماع أعضاء الفرق الثلاث "رفع الحظر" و"القضايا النووية" و"الترتيبات التنفيذية"، أمس الجمعة، لمناقشة القضايا العالقة.
تغريدة رئيس الوفد الروسي المفاوض "ميخائيل أوليانوف" أكدت هذه الحقيقة، حيث كتب أن "الجهود المكثفة متواصلة في فيينا حول الاتفاق النووي".
وفي السياق نفسه، كان مسؤول السياسية الخارجية بالإتحاد الاوروبي "جوسيب بوريل" قد صرح خلال اجتماعه بالسفير الفرنسي لدى واشنطن، "نحن ماضون صوب حسم المراحل النهائية للمفاوضات".
الفريق الإيراني المفاوض لم يتخلّف عن هذه الجهود، بل هو الذي أعلن منذ بدء المفاوضات، أنه يشارك بحزم في هذه المباحثات ليضمن مصالح الشعب الإيراني؛ مؤكداً أنه لو ازدادت الأطراف الأخرى عزما على رفع الحظر وقبول الآليات والمبادرات التي تعتمدها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سيسهم ذلك في تقليص فترة التوصل الى الاتفاق المطلوب.
والجدير بالذكر هنا أيضاً، أنه ينبغي عقب التوصل الى اتفاق محتمل عبر المفاوضات الجارية بفيينا، تحديد فترة زمنية تجريبية للتحقق من الضمانات التي سيقدمها الغربيون بشأن تنفيذ التعهدات المنصوصة عليهم.
وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبد اللهيان"، كان قد صرح فيما يخص الضمانات: إن من أهم القضايا بالنسبة إلينا، هو بلوغ مرحلة يتم فيها، أولاً- بيع النفط الإيراني بسهولة من دون أي عراقيل، وثانياً – توديع عائدات النقد الأجنبي (المترتبة على تصدير الخام) في حسابات إيران المصرفية مع إمكانية الانتفاع من كافة المزايا الاقتصادية ذات الصلة.