وجهت السعودية "ضربة تحت الحزام" إلى جارتها وحليفتها الخليجية الإمارات في ظل الخلافات العلنية التي تشي بوجود حرب اقتصادية تنافسية، حيث إن قناتي العربية والعربية الحدث التابعتين للنظام السعودي أبلغتا موظفيهما هذا الأسبوع بخطط لبدء البث 12 ساعة يومياً من الرياض بحلول يناير/ كانون الثاني المقبل، ليضيف هذا الملف أزمة أخرى للعلاقات بين البلدين، والتي من ضمنها الحرب النفطية، والتنافس المحموم على اليمن، والعلاقة مع قطر وتركيا، وسباق التطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم.
وتأتي الخطوة السعودية التي ربما تستغرق ما يصل إلى عامين لاستكمال عملية النقل، لتزيد طين العلاقات مع الإمارات بلة، وتخرج الأمور عن السيطرة لأن العلاقة بين السعودية والإمارات لن تبقى كما كانت عليه طويلاً، وخاصة أن الإمارات ترغب بمنافسة السعودية في ملفات عدة بينما تقوم السعودية بسحب البساط من تحت الإمارات على مستوى الثقل التجاري، ومملكة آل سعود كما يعلم الجميع تعتبر نفسها القوة الضاربة وصاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي ولا يجوز لأحد منافستها.
وبالتزامن مع الحرب الاقتصادية الشعواء بين البلدين، ذكرت تقارير إخبارية أن مجموعة mbc الشهيرة، وهي أكبر شركة إعلامية في الشرق الأوسط، والشرق للأخبار، وهي قناة إخبارية تلفزيونية حديثة الإنشاء، ناقشتا داخلياً وكذلك خططا للانتقال إلى السعودية، وقد استحوذ النظام السعودي على الحصة الأكبر في مجموعة mbc عندما تحركت السلطات السعودية للاستيلاء على الأصول المالية التي تمت ملاحقتها في تحقيق لمكافحة الفساد عام 2018، فيما قالت mbc في بيان أن رئيس المجموعة الإعلامية أعلن في فبراير/ شباط 2020عن النية لإنشاء مقر جديد في الرياض سيشمل إنشاء مركز للأعمال والإنتاج.
ويشار إلى أن مقرات mbc والعربية والحدث تقع في مدينة دبي للإعلام، وهي الثقل الإعلامي بالإمارات والذي يضم مئات الشركات الإعلامية ومعظم مقراتها في الشرق الأوسط، وتسعى حكومة الرياض إلى إعادة تشكيل نفسها كمحور اقتصادي مختلف أي (مالي وسياحي)، لمنافسة الإمارات التي تنطلق بأقصى سرعة لاجتذاب المواهب والأموال الأجنبية، وإن قرار الرياض إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة خارج المملكة بدءاً من مطلع العام 2024، خير دليل على ذلك.
ورغم أن هذا الموضوع يشكل تحدياً كبيراً وصعباً لرجال الأعمال في الإمارات بعد عقود من العمل في دبي، لأن الأمر استغرق سنوات لجذب الشركات، تتطلع السعودية لانتزاع القوة الاقتصادية من الإمارات، بيد أن الأخيرة تأخذ على محمل الجد التهديد القادم من السعودية صاحبة أكبر اقتصاد عربي وأكبر مصدر للنفط في العالم، حيث إن الشركات الأجنبية تستخدم منذ سنوات الأراضي الإماراتية كنقطة انطلاق لعملياتها الإقليمية بما في ذلك السعودية.
خلاصة القول، بما أن الحليفتين المقربتين تتنافسان بشدة على جذب المستثمرين والشركات وتتبنيان خططاً مختلفة لتنويع اقتصاديهما لمرحلة ما بعد النفط، يتزايد تباعد مصالح البلدين وقوة علاقتيهما يوماً بعد آخر، إضافة إلى وجهات نظرهما حول قضايا عديدة في المنطقة مثل العلاقات مع "إسرائيل" وتركيا، وإن تقديم السعودية إعفاء كاملاً من الضرائب لمدة 50 عاماً للشركات التي تؤسس مقرات إقليمية في الرياض، بشرط توظيف سعوديين لما لا يقل عن 10 سنوات، وأفضلية محتملة في مناقصات وعقود الكيانات الحكومية، هو غيضٌ من فيض التنافس المحموم.
المصدر: الوقت