ومن عادة المسؤولين الايرانيين عند زيارتهم لبغداد يضمنون احدى فقراتها زيارة المرقدين الشريفين للامامين الكاظميين ، وهذا ما قام به رئيس القوة القصائية الايرانية آية الله السيد ابراهيم رئيسي وعند وصول موكبه الى مدينة الكاظمية المقدسة احتشد الآلاف من ابناء مدينة بغداد لأستقباله وهم يرددون هتاف "لا يمكن الفراق ايران والعراق" وشعارات اخرى ترحب به كأخ في بلده الثاني العراق.
ومن المهم الاشارة الى ان مثل هذه الظاهرة - الاستقبال الشعبي لمسؤول يزور العراق - ينفرد بها المسؤول الايراني دون غيره ، وهذا له دلالات لا يمكن تجاهلها.
فمن خلال هذه الفعالية الجماهيرية وما تتسم به من عفوية في التعبير عن ما يكنه الشعب العراقي من حب ووفاء للشقيق الايراني ، نستطيع ان نقول انها نتاج لروابط بين هذين الشعبين ذات جذور ضاربة في عمق التاريخ وممتدة الى ١٤٤٢ عاما ، ولا يمكن لأعداء الامة الاسلامية استئصالها ابدا.
فالعلاقة بين الشعب الايراني والشعب العراقي تستند على اسس مبدأية عقائدية ترتبط بالبقاء المطلق ، وهي أسمى من ان تكون مبنية على مصالح سياسية او اقتصادية او ما شاكل ذلك ، ومن هنا فهي تستمد ديموتها من الدائم الذي لا يزول ولا يفنى.
ولو عدنا الى تاريخ العلاقات الرسمية بين ايران والعراق نجدها مليئة بالتوترات وكأن هناك اصابع خفية تعمل من خلف الستار لإيجاد هذه الحالة دون أي مبرر عقلائي.
فالعلاقات بين طهران وبغداد في زمن الشاه محمد رضا بهلوي ومن قبله من ملوك ايران كانت تعيش حالة من التوتر بين حكومة الشاه وجميع الحكومات العراقية المتعاقبة ، وآخرها نظام البعث المنحل.
وبعد انتصار الثورة الاسلامية أمروا الديكتاتور صدام ـ وباعترافه ـ باشعال فتيل حرب دامت ثماني سنوات كان ضحيتها مئات الآلاف من ابناء الشعبين الايراني والعراقي ، والتي كان من اغراضها اسقاط الثورة الاسلامية اولاً ، وايجاد فجوة بين الشعبين تبقى آثارها لقرون.
إلا ان العلاقات الرسمية بين ايران والعراق ، وبالرغم من كل المحاولات الاستكبارية العدائية ، لم يكن لها ذلك الانعكاس المؤثر على علاقات هذين الشعبين ، والفضل في ذلك يعود الى العقيدة التي تتبنها الغالبية العظمى من ابناءهما والمتمثلة بالولاء المطلق لرسول الله وأهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين.
ومن هنا فلا يمكن لأي طرف ان يفت في عضد هذه الرابطة المتينة ، فكان الاستقبال الشعبي المنقطع النظير لرئيس القوة القضائية الايرانية آية الله السيد ابراهيم رئيسي يمثل صورة من صور التعبير الرائع لعمق العلاقة بين الشعبين الايراني والعراقي.
ونقول لأعداء ايران والعراق لقد سبقكم اسلافكم ومنذ اليوم الاول لتأسيس الدولة الاسلامية في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ كانوا يعملون على خلق الفتن في صفوف المسلمين ، ويضربون مرة على الوتر القبلي كما حاولوا مع الأوس والخزرج ، واخرى على المناطقي كما فعلوها بين الانصار والمهاجرين ، وثالثة على الوتر القومي كما سعوا لإيجادها بين المسلمين العرب وغير العرب....وبالتالي فشلت كل تلك الفتن وذهبت محاولاتهم ادراج الرياح.
ونصيحة مجانية - اذا كان اعداء ايران والعراق يقبلوها - طريقكم الوحيد للتفريق بين الايرانيين والعراقيين هو ان تفرقوا بين الامام علي بن موسى الرضا والامامين موسى الكاظم ومحمد الجواد - عليهم السلام - وإلا لن تستطيعوا تحقيق اغراضكم الخبيثة ، وسيذهب عليكم حسرات كل الذي تنفقونه في مخططاتكم الخبيثة.
﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ سورة الأنفال: الآية 30
جابر كرعاوي