البث المباشر

الاهتداء بالكرامات الحسينية والشيخ التستري

الأربعاء 24 أكتوبر 2018 - 15:17 بتوقيت طهران

السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله. تحية طيبة، على بركة الله نلتقيكم في لقاء آخر من هذا البرنامج ومع إضاءات وحكايات عن آثار الكرامات الحسينية في الهداية واهتداء الكثيرين إلى الحق على مر التاريخ ومنهم مؤلف كتاب الخصائص الحسينية آية الله الشيخ جعفر التستري الذي اهتدى إلى مراتب عالية من المعارف الحقة ببركة كرامة حسينية، تابعونا مشكورين.

إخوتنا الأعزة الأفاضل.. إن من أسباب التصديق عند كثير من الناس، ظهور المعجزة أوالكرامة ممن يدعي النبوة أوالوصاية.. ولكن يا ترى ما معنى المعجزة؟ وكيف عرفها العلماء يا ترى؟ …. قالوا: المعجزة في اصطلاح الدين والشرع - هي ذلك القول، أوالفعل، الذي يكون فوق مستوى القدرة البشرية، على نحو يهز عقول جميع العقلاء، ويحير أفكار العلماء.. حيث تصدر عن القدرة الإلهية، ثم لا يمكن لأحد من الخلق أن يأتي بمثلها أبدا .

أما الفرق بين المعجزة والكرامة، فقيل: إن الأمر الخارق للعادة، إن كان مقترنا بالتحدي فهو معجزة، وإلا فهو كرامة.. وكلاهما أمر إلهي. وتبقى المعجزة دليلا ربانيا لإتمام الحجة على الناس، وإثبات مقام النبوة والإمامة من باب اللطف الإلهي، ((ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، ووإن الله لسميع عليم)) فالمعجزة – أيها الإخوة الأعزة – تلك التي تظهر على أيدي الأنبياء والأوصياء، هي أثر من آثار قدرة الحق تبارك وتعالى، وهي وسيلة النبيين والمرسلين والوصيين، وعلامة بين الخالق والمخلوق، يعرف بها النبي من المتنبي، والوصي من مدعي الوصاية والخلافة بالغصب والكذب والإفتراء!
 

أيها الإخوة الأحبة.. لقد ذكرت كتب السيرة النبوية معاجز كثيرة للنبي المصطفى صلى الله عليه وآله، كذلك ذكرت كتب العقيدة والتاريخ معجزات وكرامات وفيرة لأئمة الحق والهدى من أهل بيت رسول الله.. علي وفاطمة والحسن والحسين..، والتسعة المعصومين من أبناء الإمام الحسين، صلوات الله عليهم أجمعين، فكانت علامات واضحة على أن لهم شؤونا من الشؤون عند الله جل وعلا، فأخبروا بالمغيبات، وتصرفوا بالمكونات، وحققوا الدعوات، وقضوا بذلك حاجات، كان منها هداية الناس، وتعريف الإمامة لهم في صورة المعجزة والكرامة.
 

روى الشريف المرتضى قدس الله سره عن محمد بن عمارة، عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام، عن أبيه الباقر، عن جده زين العابدين عليهما السلام، قال: (جاء أهل الكوفة إلى علي عليه السلام فشكوا إليه إمساك المطر وقالوا له: إستق لنا، فقال للحسين عليه السلام: (قم واستق)، فقام، وحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم دعا الله عزوجل بدعاء بليغ. قال الراوي: فلما فرغ الحسين عليه السلام من دعائه، حتى غاث الله غيثا ببركته عليه السلام، وأقبل أعرابي من بعض نواحي الكوفة يقول: تركت الأودية والآكام يموج بعضها في بعض!
 

تلك إحدى صور المعجزة الحسينية الشريفة وحالاتها، (وهنا لك) حالات أخرى، ومنها استجابة دعائه عليه السلام على أعداء الله تعالى.
من ذلك ما رواه الشيخ الصدوق عن عطاء السائب عن أخيه قال: شهدت يوم الحسين (أي يوم عاشوراء)، فأقبل رجل من تميم يقال له (عبد الله بن حوزة التميمي)، فصاح: يا حسين أبشر بالنار! فأجابه عليه السلام: (كذبت، بل أقدم على رب غفور كريم، وشفيع مطاع، وأنا من خير إلى خير، فمن أنت؟، قال: أنا ابن حوزة.

فرفع الحسين يديه حتى بان بياض أبطيه وقال: (اللهم حزه إلى النار!)، فغضب ابن حوزة وأقحم فرسه، وكان بينه وبين عسكر الحسين نهر، فسقط عن فرسه، إلا أن قدمه علقت بالركاب، فجاءت به فرسه حتى انقطعت قدمه وساقه وفخذه، وبقي جانبه الآخر معلقا بالركاب، وأخذت الفرس تضرب به كل حجر ومدر وشجر، وألقته في النار المشتعلة في الخندق، فاحترق بها وهلك ….فخر الحسين ساجدا شاكرا حامدا على إجابة دعائه، ثم إنه رفع صوته يقول: (اللهم إنا أهل بيت نبيك وذريته وقرابته، فاقصم من ظلمنا، وغصبنا حقنا، إنك سميع قريب). فقال له محمد بن الأشعث: أي قرابة بينك وبين محمد؟! فقال الحسين: (اللهم إن محمد بن الأشعث يقول: ليس بيني وبين محمد قرابة! اللهم أرني فيه هذا اليوم ذلا عاجلا). فاستجاب الله دعائه، إذ خرج محمد بن الأشعث من المعسكر، ونزل عن فرسه لقضاء حاجته، وإذا بعقرب أسود يضربه ضربة تركته متلوثا في ثيابه مما به، وهلك مخزيا لم يستر عورته!
 

قال مسروق بن وائل الحضرمي: كنت في أول الخيل التي تقدمت لحرب الحسين، لعلي أصيب رأس الحسين فأحظى به عند عبيد الله ابن زياد، فلما رأيت ما صنع بأبن حوزة، عرفت أن لأهل هذا البيت حرمة ومنزلة عند الله ، فتركت الناس وقلت: لا أقاتلهم فأكون في النار!
أجل، فقد أدركته هداية الحسين، ببركة إحدى معجزات الحسين.. صلوات الله وسلامه على سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين.
 

مستمعينا الأعزاء ومن الذين اهتدوا إلى دقائق المعارف الإلهية ببركة كرامة حسينية كريمة، المرجع الديني الزاهد والعارف الحسيني الورع آية الله الشيخ جعفر التستري مؤلف الكتاب القيم (الخصائص الحسينية)، نقرأ لكم حكاية طبق ما نقلها عنه المحدث المتتبع آية الله الميرزا النوري في كتابه دار السلام، حيث نقل عنه قوله: رضوان الله عليهما: لعدم تضلعي بالآثار المتعلقة بالمواعظ والمصائب كنت أكتفي بأخذ تفسير الصافي وأقرأ منه على المنبر في شهر رمضان والجمعات وكتاب روضة الشهداء في أيام المحرم …..

لم أكن ممن يمكنه الإنذار والإبكاء بما أودع في صدره.. واستمر حالي على ذلك إلى أن مضى علي عام وقرب شهر المحرم فقلت في نفسي: إلى متى لا أفارق الكتاب على المنبر.. أخذت أفكر حتى سئمت وأخذني المنام، فرأيت نفسي كأني بأرض كربلاء أيام عاشوراء، فدخلت فسطاط أبي عبد الله الحسين – عليه السلام –، وسلمت عليه، فقربني وقال لحبيب بن مظاهر: إن فلانا ضيفنا، أما الماء فلا يوجد عندنا منه شيء، وإنما يوجد دقيق وسمن، فقم واصنع طعاما له منهما..

ففعل وأكلت منه لقيمات وانتبهت من نومي وإذا أنا أهتدي إلى دقائق وإشارات في المصائب مما لم يسبقني إليها أحد، وبلغت غاية المرام...
كانت هذه مستمعينا الأفاضل حكاية اهتداء آية الله الشيخ التستري مؤلف كتاب الخصائص الحسينية إلى دقائق المعارف ببركة كرامة حسينية غراء.. وبها ننهي لقاء اليوم من برنامج (بالحسين اهتديت) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعاية الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة