البث المباشر

كرامة واهتداء ببركة رقية بنت الحسين (عليها السلام )

الأحد 21 أكتوبر 2018 - 18:31 بتوقيت طهران

السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء تحية طيبة وأهلا بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نحدثكم فيها عن جميل عاقبة ناصري سيد الشهداء، عليه السلام والمهتدين به.. ونتبعها بحكاية مؤثرة عن عائلة مسيحية سورية اهتدت للدين الحق ببركة لطف من السيدة الشهيدة رقية بنت الحسين، عليهما السلام، تابعونا مشكورين..

ومشى موكب الحسين قليل العد

و الدر لايكون تلالا

بل حبوب قليلة تبهر الآفاق

لمعا، وتملأ الآصالا

إن تغيب في الرمل غر اللآلي

فلسوف الزمان يجلو الرمالا

يبعث الله مبصرين يلاشون

الدياجي، ويخنقون الضلالا

سيكون الدم الزكي لواء

لشعوب تحاول استقلالا


إخوتنا الأعزة الأطياب إن الإمام الحسين(عليه السلام) في شخصه وشخصيته وجود مبارك، فهو منار هداية.. حيا عاش بين الناس، وشهيدا علما في ساحة الطف يوم عاشوراء، وصاحب ضريح ومقام علوي في أرض كربلاء، وسيرة زاكية طاهرة نيرة، امتدت على طول التاريخ تهدي كل ذي ضمير حي، وكل نفس تتوق إلى الحرية والعدالة والإنسانية، وترفض الظلم والجور والفساد، وتهدي كذلك كل عقل يطالب بالحق، ويجهد في تثبيت الحقائق، ثم تثبيت المبادئ.


ولقد نهض سيد الشهداء أبو عبد الله الحسين(صلوات الله عليه) فهب أهل بيته وأصحابه ينصرونه، فهداهم ثم ضمهم إلى كنفه الحميم، فجنح بهم في ركبه الشريف إلى معراج كربلاء، ليسري بهم إلى مقام الشهادة العليا.


أيها الإخوة الأحبة.. ذكر المؤرخون أن الإمام الحسين(عليه السلام) لما عرف من أهل بيته وأصحابه صدق النية والإخلاص في المفاداة دونه، أوقفهم على غامض القضاء، حيث قال لهم: "إني غدا أقتل، وكلكم تقتلون معي، ولايبقى منكم أحد، حتى القاسم وعبدالله الرضيع، إلا ولدي علياً زين العابدين؛ لأن الله لم يقطع نسلي منه، وهو أبو أئمة ثمانية".
 

فقالوا بأجمعهم: الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشرفنا بالقتل معك. أولا نرضى أن نكون معك في درجتك يابن رسول الله؟! فدعا الحسين(عليه السلام) لهم بالخير، وكشف عن أبصارهم، فرأوا ما حباهم الله تبارك وتعالى من نعيم الجنان، وعرفهم منازلهم فيها.


تلك، أيها الإخوة الأكارم، حظوة كبرى أن تكون للمرء معية حسينية، يرافق فيها سيد شباب أهل الجنة، ويؤازره ويعاضده، ويمضي في ركبه، ويجاهد بأمره وإذنه وبين يديه، ثم يستشهد مرضيا عنه، فيؤبنه ولي الله، ثم يدفنه ولي الله، ثم يزوره أولياء الله! إنها للهداية السامقة الفاخرة، والعاقبة السعيدة الشامخة. فقد وقف الحسين(صلوات الله عليه) على تلك الأبدان المضرجة يتلوا عليها

"فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً"(سورة الأحزاب۲۳)، وهذه، أيها الإخوة المؤمنون، شهادة كبرى من إمام معصوم، وقد اعتصر قلبه المقدس حزنا عليهم، ثم دفنهم الإمام السجاد زين العابدين(عليه السلام) بيديه المباركتين، ثم توالى عليهم أئمة الحق والهدى (سلام الله عليهم) يزورونهم بتلك العبارات الممجدة، حتى ورد عن حجة الله الإمام المهدي الموعود(صلوات الله عليه) في قوله في زيارته العاشورية الشريفة، بعد السلام عليهم وتأبينهم ورثائهم واحدا واحدا: "السلام عليكم يا خير أنصار، السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، بوأكم الله مبوأ الأبرار. أشهد لقد كشف الله لكم الغطاء، ومهد لكم الوطاء، وأجزل لكم العطاء، وكنتم على الحق غير بطاء، وأنتم لنا فرطاء، ونحن لكم خلطاء في دار البقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
وهكذا، أيها الإخوة الأعزة، يقتل الأصحاب أولا، فيتقدم أهل بيت الحسين فيقتلون، حتى الطفل الرضيع، فيتقدم أبو عبد الله، فتكون الملحمة الإلهية العظمى، تبدأ فلا تنتهي، إذ هي ملحمة الهداية الكبرى، وهي لوحة الإمتحان العظيم الذي فاز فيه من اقتدى بالحسين، والتحق به وسلم لإماميته وولايته، واهتدى به، فعرج معه إلى ربه مرضيا، منتصرا فاتحا، شهيدا مكرما، قد فهم كلمة الإمام الحسين عليه السلام: "إنه من لحق بي استشهد، ومن تخلف عني لم يبلغ الفتح".
وهنالك، أيها الإخوة الأكارم، فصل كئيب هو الآخر، ذلك هو فصل الأسر الممض.. أسر النساء والأطفال، الأرامل واليتامى، في قصة مؤلمة أخرى، ولكنها هي الأخرى كانت ركبا ينشر الهداية الحسينية، فكان الأسرى، أسرى كربلاء، يمضون في طريق إيقاظ الناس وهم في ظل الإمام علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) معرفين بمظلومية الحسين، وبظالمية قتلة الحسين.
وكان للإمام زين العابدين، أعزتنا المؤمنين، خطبه واحتجاجاته، ومواقفه الهادية التي أيقظت الغافين، ونبهت الغافلين، وأعلمت الجاهلين، وهزت عروش الظالمين، كذلك هدت أجيالا من المسلمين. كذا، أيها الإخوة الأحبة، كانت للعقيلة المكرمة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين (عليه وعليها أفضل الصلاة والسلام) خطبها ومواقفها، ففي الوقت الذي دمغت الباطل وأهله، فتحت العيون والعقول على الحقائق الكبرى، فعرفت بالحسين، وهدت أجيالا بعد ذلك بالحسين.
مستمعينا الأفاضل.. وتتنوع مظاهر ومصاديق هداية الحسين وآل الحسين(عليه وعليهم السلام) للعالمين لتكون مراقدهم ومشاهدهم المشرفة مراكز للهداية فضلا عن كونها بيوت أذن الله أن ترفع لتكون محال إستجابة دعوات المتوسلين بأهلها إليه عزوجل.


لاحظوا مثلا أيها الإخوة والأخوات الحادثة التالية، التي نشر خبرها العديد من المواقع الإسلامية وأعلنت عن اهتداء عائلة مسيحية سورية بكامل أفرادها إلى إلاسلام ومذهب أهل البيت النبوي(عليهم السلام) ببركة كرامة أظهرها الله عزوجل على يد السيدة الشهيدة مولاتنا رقية بنت الحسين(سلام الله عليه وعليها).
مستمعينا الأطياب.. ملخص هذه الحكاية التي حدثت سنة ۱٤۳۲ للهجرة هو أن طفلة لهذه العائلة المسيحية الدمشقية أصيبت بمرض عضال أقعدها وشلل حركتها وأخذت معاناتها ومعاناة أهلها خاصة والدتها تشتد يوما بعد آخر بسبب فشل المعالجات الطبية الكثيرة في منحها الشفاء حتى صرح الأطباء باليأس من إمكانية تحسن صحة هذه الطفلة وإنقاذها من الشلل بعد أن بلغ معضل إنهدام الخلايا إلى العصب الشوكي..
نزل كلام الأطباء كالصاعقة على قلب والدة الطفلة وتوسلت بالمسيح عيسى وأمه القديسة مريم(عليهما السلام)، والعجيب أنها وجدت إثر هذا التوسل من ينصحها من أهل بيتها بالذهاب إلى مرقد السيدة رقية بنت الحسين(سلام الله عليهما) لكي تحصل منها على شفاء ابنتها..
تعجبت الوالدة المسيحية من هذه النصيحة خاصة وأنها صدرت من رجل مسن من أقاربها محترم في عائلتها.. ولكن تعجبها لم يمنعها من التوسل بهذه الوسيلة.. فذهبت إلى السيدة رقية الأسيرة الشهيدة في قلب دمشق..

جلست الوالدة عند باب المرقد المشرف ولم تدخله خشية من أن لايسمح لها بذلك لكونها غير مسلمة.. وأخذتها سنة ونومة خفيفة عند باب مرقد عزيزة الحسين الشهيدة رقية لتراها(عليها السلام) في عالم الرؤيا الصادقة وكأنها تدخل دارهم وتتوجه نحو سرير طفلتهم المشلولة وتوقظها من نومها وتأخذ بيدها فتقوم لكي تلعب بمرح وسرور كباقي الأطفال!
وتنتبه الأم من نومها وقد امتلأ قلبها بالأمل والطمأنينة، وتسرع إلى بيتها وتطرق الباب بلهفة وعندما فتحت الباب تفجرت في عيونها دموع الفرح والشوق.. فقد شاهدت طفلتها وقد فتحت لها الباب وهي مستبشرة وخلفها والدها قد غمره السرور...

حدثت الطفلة أمها عما جرى.. وقالت: كنت نائمة عندما شعرت بطفلة قديسة توقظني بحنان، فتحت عيني فأبتسمت لي، وقالت: قومي إلى اللعب.. قلت لاأستطيع القيام.. فأخذت بيدي وسحبتني فقمت وأخذت أقفز فأبتسمت لي ثانية ثم غابت عني ووجدت والدي يحتضني بفرح! وقال الوالد: لقد شممت رائحة طيبة في بيتنا لم أشم بطيبها من قبل، دفعتني إلى إمعان النظر في أنحاء البيت بحثا عن مصدرها، ففوجئت أن قوة هذه كانت عند سرير طفلتنا..

فبقيت أنظر إليها فإذا بي أراها تفتح عينيها.. ثم تقوم على قدميها وتأخذ بالقفز بمرح.. وهنا أخبرت الوالدة زوجها بما رأته عند باب مرقد السيدة رقية بنت الحسين.. وأيقنت معه أن ابنتها قد فازت بالشفاء ببركتها..
وبالتالي علمت هذه العائلة أن هذه السيدة المظلومة هي من أهل الرحمة الإلهية.. فاهتدوا إلى الدين الحق ببركة ابنة الحسين السيدة رقية(عليهما السلام). أعزائنا مستمعي اذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، إلى هنا وتنتهي حلقة أخرى من برنامج(بالحسين اهتديت)، تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة