لم يكتفوا اذيال واشنطن في القول إن الحرب قادمة، وانما كشفوا بالتفاصيل من أين ستنطلق ومن الذي سيشارك فيها وما هي القطعات التي ستدك العراق، وما هي القواعد الأميركية التي ستقود المعركة، وأكدوا أن الانقلاب العسكري قادم في العراق لا محالة، خاصة اذا رفض البرلمان العراقي منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، بل أن الانقلاب العسكري سيقع أيضا حال منح الثقة للزرفي، فهو الذي سيقود هذا الانقلاب ويقضي على القوى السياسية والعسكرية المناوئة لأميركا.
هذه الترهات أطلقت في الأيام الأخيرة، ومن الواضح أن أحد أهدافها ايجاد الرعب والخوف في نفوس القوى العراقية حال رفضها تسلم الزرفي لرئاسة الوزراء، خاصة وأن بعض هذه القوى أعلنت بشكل صريح وواضح وشفاف انها لن تسمح بتولي الزرفي لرئاسة الوزراء.
أسباب عديدة تشير الى أن الادارة الاميركية لا تنوي شن حرب شاملة في العراق، وانما تسعى هي واذيالها الى ايجاد الخوف والرعب في نفوس العراقيين، من بين هذه الأسباب:
أولا: من يريد شن الحرب لا يتحدث عن تفاصيلها، وانما يتكتم بشدة على هذا الأمر ليكسب عنصر المفاجأة ويحقق اصابات أكثر وأكبر في خصمه، بينما نلاحظ هنا أن واشنطن واذيالها خاضوا في كل التفاصيل، ولم يبق الا تحديد ساعة الصفر.
ثانيا: احدى شعارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حملته الانتخابية هي اعادة الجنود الاميركيين في الخارج الى منازلهم، وبالفعل بدأ باعادتهم من افغانستان وسعى الى اعادتهم من سوريا الا أن بعض مساعديه وحلفائه منعوه من ذلك، كما انه يسعى الى اعادتهم من العراق، بل انه يحث الخطى لتحقيق ذلك خاصة بعد قرار البرلمان العراقي وكذلك توعد الفصائل العراقية بالانتقام لدماء الشهيدين سليماني والمهندس، غير انه لا يريد تصوير الامر وكأنه هرب من تهديد المقاومة العراقية وقرار البرلمان فلذلك يثير المخاوف في نفوس العراقيين ليقول لهم انه لا يزال له اليد الطولى في العراق.
ثالثا: من الغباء أن تعيد واشنطن تجربة سنوات 2003 الى 2011، فكانت سنوات صعبة للغاية على القوات الاميركية، فلم يكن يمر يوم الا وتنفذ المقاومة العراقية عملية ضد القوات الأميركية، الأمر الذي اضطرها في نهاية المطاف الى الانهزام من العراق بذريعة التوقيع على الاتفاقية المشتركة.
القوات الاميركية انهزمت على يد مجموعات صغيرة، لم تكن منظمة ولا مسلحة بالشكل المطلوب، خاصة وأن عملها السري كان يتطلب عدم تنظيمها وامتلاكها لاسلحة متطورة وفتاكة، بينما المعادون للوجود العسكري الأميركي اليوم أكثر من فصيل، وكل فصيل ينتمي اليه الآلاف من المقاتلين، ويمتلكون أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، فكيف ستواجه القوات الأميركية كل هؤلاء؟
الفصائل العراقية المجاهدة تنتظر انطلاق الشرارة الأولى للحرب الأميركية، لتجتث المشروع الأميركي بالكامل من العراق، والأمر آنذاك لن يقتصر على القوات والمصالح الأميركية في العراق وحسب وانما سيطال حتى السياسيين المحسوبين على هذا المشروع، لذلك فان أية حرب تشنها الادارة الأميركية ضد قوى المقاومة العراقية ستكون بمثابة اللعب بالنار، وتنطوي على تحديات واسعة، ومن المؤكد تنتهي لصالح المقاومة العراقية ليس على الصعيد العسكري وحسب وانما على الصعيد السياسي ايضا.
لا شك اننا ومع اقتراب موعد الانتخابات الاميركية، فانه ليس من المستبعد أن يتخذ ترامب قرارات متهورة بضرب مقرات الحشد الشعبي هنا وهناك، خاصة اذا أظهرت الاستطلاعات والمؤشرات حتمية هزيمته في الانتخابات، فانه ولكي يظهر بصورة البطل والمنقذ امام الاميركيين سيسعى الى اعادة هيبة وكرامة بلاده التي هدرت على ايدي الايرانيين بضربة عين الأسد واسقاط طائرة RQ المتطورة، وعلى ايدي العراقيين الذين اطلقوا الصواريخ على السفارة والقواعد الأميركية في العراق.
ولكن مع تورط الادارة الأميركية بمصيبة فايروس كورونا في الوقت الراهن فان شن الحرب الشاملة على العراق أو الانقلاب العسكري سيعد ضربا من الجنون، لذلك ما يجري حاليا نوع من الحرب النفسية لاعادة الثقة لنفوس الاميركيين واذيالهم ليس الا.